بوابة الوفد:
2025-11-23@13:59:29 GMT

أهمية تعامل المسلم بالتسامح والرحمة مع غيره

تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT

الرحمة.. أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، واقتداءً بالنبي صلى الله عيه وآله وسلم فيجب على كل مسلمٍ أن يتعامل مع المسلم وغير المسلم بالرحمة، وليست هذه الرحمةُ مجردَ تعاليم نظرية، أو تطلعاتٍ فلسفيةً؛ بل هي منهجُ حياةٍ يدعو إلى السلام والتسامح، وواقعٌ تطبيقيّ يجسِّد مظاهر التعايش الديني.

أهمية الرحمة في الشريعة الإسلامية:

قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".

وكانت الرحمة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامةً شاملةً للعالمين جميعًا؛ لا تختص بعرق دون عرق، ولا بلون على لون، ولا بدين عن دين، بل كانت رحمة لكل البشر، وكان يأمر الناس بذلك، ويجعل دخول الجنة موقوفًا على ذلك:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ»، قلنا: كلُّنا رحيمٌ يا رسول الله، قال: «لَيْسَتِ الرَّحْمَةُ أَنْ يَرْحَمَ أَحَدُكُمْ خَاصَّتَهُ؛ حَتَّى يَرْحَمَ الْعَامَّةَ، وَيَتَوَجَّعَ لِلْعَامَّةِ» رواه عَبدُ بنُ حُمَيد في "مسنده".

التسامح والرحمة:

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ»، قلنا: يا رسول الله، فكلُّنا رحيمٌ، قال: «لَيْسَ الَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ خَاصَّةً، وَلَكِنِ الَّذِي يَرْحَمُ النَّاسَ عَامَّةً» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

ولم تكن هذه الرحمة مجردَ تعاليم نظرية، أو تطلعاتٍ فلسفيةً؛ بل كانت -كسائر خصاله وأخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم- منهجَ حياةٍ يدعو إلى السلام والتسامح، وسيرةً سلوكية حيةً ترسِّخ منظومة القيم، وواقعًا تطبيقيًّا يجسِّد مظاهر التعايش الديني.

وجاء ذلك واضحًا جليًّا في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله الكريم مع صبره على أذى المنافقين وعفوه؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ رضي الله عنه، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ. متفق عليه.


أهمية الرحمة
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قاعدَيْن بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض؛ أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي! فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» متفق عليه.

ومن مظاهر رحمته ومسامحته صلى الله عليه وآله وسلم: أن كل معاركه وغزواته لم تكن اعتداءً، بل كانت لردع العدوان وصد الطغيان، ومما يدل على ذلك: حُسن معاملته للأسرى ورفقه بهم، رغم قتالهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإرادتهم قتله صلى الله عليه وآله وسلم وقتلَ مَن معه مِن المسلمين؛ فحافظ بذلك على كرامة الإنسان في الحرب كما حافظ عليها في السِّلم، حتى جعل الإسلامُ إطعامَ الأسير من أقرب القربات، الواقية من الشرور والآفات، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ۝ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ۝ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ۝ فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: 8-11].

فلما أطلق النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ثُمامة بن أثال رضي الله عنه وأسلم وحَسُنَ إسلامُه، ثم خرج معتمرًا، فلما قدم مكة، قالوا: أصبوت يا ثمام؟ فقال: لا، ولكني اتبعت خير الدين، دين محمد، ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئًا، وأخذ الله قريشًا بالقحط والجوع حتى أكلوا الميتة والكلاب، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله والرحم! فكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الميرة-أي الطَّعامَ من الحبِّ والقوت وما يدخره الإنسان-، ففعل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرحمة الرحمة بالفقراء الرحمة والتسامح اهمية الرحمة فضل الرحمة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ی صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله رضی الله عنه

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الصبر خُلقٌ رفيع لا ينبع إلا من قلب رحيم.. ويمحو الذنوب ويهدي القلوب

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه مع قيمة الصبر وهى قيمةٍ لا تتأتى إلا من قلبٍ رحيم ، والصبر قيمة عالية أمرنا الله بها ورسوله قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} وقال تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} وقال تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} أمرٌ بالصبر، ومدحٌ للصبر.

واستشهد جمعة، بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن صهيب رضي الله تعالى عنه قال :  قال رسول ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» كيف هذا؟ «إن أصابته سراء» -شيء يسر الخاطر- « شكر » -شكر ربه، وحمد ربه- « فكان خيرًا له ،وإن أصابته ضراء » -يعني نزلت به مصيبة أو كارثة- « صبر فكان خيرًا له» أخرجه مسلم.

دعاء للميت في جمادى الآخرة.. يجعل قبره روضة من رياض الجنةدعاء أول يوم فى شهر جمادى الآخرة.. كلمات تفتح لك الأبواب المغلقة

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم» دين دعوة، دين خُلطة، دين اجتماعي، أنت مؤمن وتريد أن تعزل نفسك عن نفسك، وأن تكفي خيرك شرك هذا شئ جيد ، ولكن أحسن منك هو من يصبر على الناس، ويخدم الناس، والناس لا تُقدِّر له هذا، لكنه يستمر في العطاء وهكذا؛ فالصبر مهم.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها، وعن أبيها المبارك أنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «ما من مصيبةٍ يصاب بها المسلم إلا كفر بها ربنا عنه حتى الشوكة يُشاكها» يعني وأنت في الطريق فدخلت في قدمك شوكة ؛هذه الشوكة إذا صبرت عليها، وعلى ألمها تاخد أجر.
والنبي ﷺ نهانا أن نسأل الصبر إلا إذا نزلت المصيبة؛ فقد سمع أحدهم وهو يدعو "اللهم أنزل عليَّ الصبر"؛ فقال: «سألت الله البلاء» إذا نزل البلاء فاسأله الصبر، وإذا لم ينزل البلاء فاسأله أن يصرف عنا السوء بما شاء، وكيف شاء.

وللصبر فوائده عظيمة فيه ضبطٌ للنفس عن مساوئ الأخلاق، والرعونة، والطيش، وفيه تسليم ورضا لله سبحانه وتعالى؛ ولذلك فهو يهدي القلب ولا يكون إلا من قلبٍ رحيم.

طباعة شارك الصبر الصبر قيمة عالية أمرنا الله بها ورسوله واستعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين كيف نصبر على الابتلاء

مقالات مشابهة

  • فتاوى تشغل الأذهان| مواضع سجود التلاوة في القرآن.. تحذير من 3 أفعال شائعة مع الكلاب والقطط.. هل المال المخصص لبناء منزل عليه زكاة ؟
  • «الأزهري»: دار الإفتاء المصرية تستند إلى إرث علمي عميق يمتد منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • كيف تكفّر الذنب؟ .. علي جمعة: اتبع وصية النبي وامحُه بهذه الحسنة
  • حكم الصلاة على النبي في الميكرفون آخر الأذان.. الإفتاء تجيب
  • علي جمعة: الصبر خُلقٌ رفيع لا ينبع إلا من قلب رحيم.. ويمحو الذنوب ويهدي القلوب
  • الورد في القرآن.. فضله وكيفية الانتظام عليه؟
  • حسام موافي: المسلم الذي يشبع بكثرة يغضب الله عليه .. فيديو
  • حكم ارتداء الساعة ذات العقارب الذهبية للرجال.. الإفتاء تجيب
  • حكم خلع الزوجة الحجاب طاعة لزوجها.. الإفتاء تجيب