دولتان فقط لم تمنحا صوتيهما لخالد العناني في انتخابات اليونسكو.. تعرف عليهما
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
في إنجاز غير مسبوق للدبلوماسية والثقافة المصرية، فاز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بعد منافسة قوية مع الكونغولي إدوارد فيرمين ماتوكو، نائب المدير العام للعلاقات الخارجية بالمنظمة، ليصبح بذلك أول مصري وعربي وإفريقي يتولى هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1945.
55 صوتًا من أصل 57.. والدولتان اللتان لم تصوتا له
حصل العناني على 55 صوتًا من أصل 57 دولة من أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو، وهو أعلى عدد من الأصوات يحصل عليه مرشح في انتخابات تنافسية في تاريخ المنظمة.
وفي المقابل، حصل منافسه الكونغولي ماتوكو على صوت واحد فقط، بينما امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، لتكون بذلك دولتان فقط لم تمنحا صوتيهما للمرشح المصري.
يُعد الدكتور خالد العناني، البالغ من العمر 54 عامًا، أحد أبرز علماء المصريات في العالم، وصاحب إسهامات كبيرة في مجال التراث الثقافي والهوية الحضارية. حصل على درجة الدكتوراه في علم المصريات من جامعة باريس، وشغل مناصب أكاديمية بارزة في جامعة حلوان، إلى جانب عضويته في عدد من المجالس العلمية والثقافية الدولية.
ويُعرف العناني برؤيته المتوازنة التي تجمع بين العلم والإدارة، وباهتمامه العميق بتطوير السياسات الثقافية والتعليمية القائمة على المعرفة والابتكار.
شغل الدكتور خالد العناني منصب وزير السياحة والآثار في مصر من عام 2016 إلى عام 2022، وقاد خلال تلك الفترة طفرة نوعية في إدارة التراث المصري، شملت افتتاح مشروعات قومية كبرى أبرزها المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وتنظيم موكب المومياوات الملكية الذي أبهر العالم، إلى جانب تطوير المتاحف الإقليمية وإعادة افتتاح مواقع أثرية كانت مغلقة منذ عقود.
كما نجح في دمج قطاعي الآثار والسياحة تحت رؤية موحدة تربط بين التراث والتنمية، مما جعل التجربة المصرية نموذجًا يحتذى به في إدارة الثقافة كجزء من القوة الناعمة للدولة.
تميّز الدكتور العناني بقدرته على الربط بين الجانب الأكاديمي والعملي في عمله، وسعيه إلى بناء جسور تعاون مع المنظمات الدولية والهيئات الثقافية الكبرى.
ركز خلال مسيرته على تعزيز الشراكات الدولية في مجالات التعليم، وحماية التراث، والسياحة المستدامة، مؤمنًا بأن الثقافة ليست ترفًا، بل ركيزة أساسية للتنمية والسلام.
يأتي انتخاب الدكتور خالد العناني في وقت تواجه فيه اليونسكو تحديات معقدة، أبرزها حماية التراث في مناطق النزاع، وتعزيز التعليم الرقمي في الدول النامية، والدفاع عن حرية الإبداع في مواجهة التغيرات العالمية المتسارعة.
ويتطلع المجتمع الدولي إلى أن يقدم العناني رؤية جديدة تعيد التوازن بين الثقافة والتعليم، وتؤكد دور المنظمة في بناء جسور الحوار والتفاهم بين الشعوب.
انتصار للدبلوماسية المصرية وثقة عالمية في الكفاءة الوطنية
يُعد فوز الدكتور خالد العناني انتصارًا جديدًا للدبلوماسية المصرية التي نجحت في حشد دعم دولي واسع بفضل تحرك متكامل من وزارة الخارجية والسفارات المصرية بالخارج.
ويعكس هذا الفوز ثقة المجتمع الدولي في الكفاءة المصرية وقدرتها على قيادة واحدة من أهم المنظمات الثقافية في العالم.
وبذلك، تفتح مصر صفحة جديدة في تاريخ حضورها الثقافي والدبلوماسي، لتؤكد من جديد أن القوة الناعمة المصرية لا تزال قادرة على الوصول إلى قمة المؤسسات الدولية، وأن الثقافة المصرية، في يد قائدها الجديد، قادرة على أن تكون لسان العالم في الدفاع عن الهوية والإنسانية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خالد العناني الأمم المتحدة للتربية اليونسكو الولايات المتحدة الأمريكية عالم مصريات الدکتور خالد العنانی
إقرأ أيضاً:
«١٠ دلالات» لفوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو
فوز الدكتور خالد العناني بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو كأول مصري-عربي يتولى هذا المنصب، يمثل حدثًا تاريخيًا يتجاوز البعد الفردي إلى الرمزية الحضارية، تتويج لمسار ثقافي مصري طويل في خدمة التراث الإنساني، وإشارة إلى أن العالم يعيد الاعتراف بدور مصر والعرب كمصدر إشعاع معرفي وإنساني، لا كمجرد متلقٍ لثقافة الآخرين.
يأتي هذا الفوز في لحظة دولية دقيقة، تتقاطع فيها الأزمات الثقافية والتعليمية مع التوتر السياسي والتكنولوجي، لذلك، فإن اختيار شخصية وازنة ذات خلفية أثرية وسياحية، يؤكد أن حماية التراث والهوية من شروط التنمية والاستقرار وبناء المستقبل المشترك بين الشعوب.
هذا الانتصار الدبلوماسي لمصر والعالم العربي يؤكد قدرة المنطقة على المنافسة في مؤسسات القرار الدولي، بعد عقود من التمثيل المحدود، كما أنه ثمرة تحرك عربي إفريقي منسق دعم المرشح المصري، في إشارة إلى أن الكتلة الجنوبية بدأت تستعيد ثقتها بنفسها وتسعى إلى تصحيح اختلال التوازن في النظام الدولي.
شخصية العناني تضيف بُعدًا خاصًا لهذا الحدث، بحكم خبراته المتراكمة، ما يجعله قريبًا من ركائز رسالة اليونسكو، كما أن خبرته التنفيذية كوزير سابق للسياحة والآثار تمنحه قدرة على الربط بين التراث والتنمية المستدامة، وبين الأصالة والحداثة، وهي معادلة تحتاجها المنظمة في هذه المرحلة.
تواجه اليونسكو منذ سنوات تحديات تمويلية وسياسية معقدة، بعد انسحاب بعض الدول وتقليص المساهمات، ويُنتظر من العناني أن يطرح رؤية جديدة لإدارة الموارد وتنويع مصادر التمويل، بما يضمن استقلال القرار الثقافي عن الضغوط السياسية، ويحافظ على حيادية المنظمة كمظلة دولية لحماية التعليم والعلوم والثقافة.
سيكون من أهم مهامه أيضًا إعادة تعريف أولويات المنظمة لتواكب التحولات الكبرى: الذكاء الاصطناعي، التحول الرقمي، التغير المناخي، وتحديات الهوية في عصر العولمة. فاليونسكو لم تعد فقط حارسة للآثار أو المناهج التعليمية، بل لاعبًا محوريًا في صياغة أخلاقيات التكنولوجيا وحماية الذاكرة الإنسانية من التزييف والنسيان.
من المتوقع أن يمنح فوز العناني دفعة قوية للمشروعات الثقافية في الشرق الأوسط وإفريقيا، خاصة في مجالات التعليم الأساسي وحماية التراث في مناطق النزاع، كما قد يفتح الباب أمام تعاون أعمق بين الدول العربية في مجال الثقافة الرقمية، وتوثيق التراث غير المادي، بما يعيد للمنطقة حضورها الإيجابي في المنصات الأممية.
على المستوى الرمزي، يعيد هذا الحدث الاعتبار لفكرة «العالمية من بوابة المحلية»، فاختيار شخصية مصرية لتقود مؤسسة أممية يعني أن الهوية الوطنية لا تتناقض مع الانفتاح الكوني، بل تشكّل رافعة له. إنها لحظة تأكيد أن الثقافة العربية قادرة على تقديم رؤية إنسانية جامعة، تتجاوز الصور النمطية والخطابات المتوترة.
لكن النجاح في هذه المهمة لن يكون سهلاً، فالعناني سيواجه شبكة مصالح متشابكة داخل المنظمة وخارجها، وضغوطًا من القوى الكبرى التي ترى في اليونسكو ساحة نفوذ ناعمة. التحدي الحقيقي سيكون الحفاظ على التوازن بين الاستقلال المؤسسي ومتطلبات التعاون الدولي، دون الانزلاق إلى منطق الاصطفاف السياسي أو الإملاء المالي.
من وجهة نظري، فوز خالد العناني، بهذا المنصب المهم، محطة مفصلية في علاقة العرب بالمؤسسات الدولية، اختبار لقدرتنا على الانتقال من موقع المتفرج إلى صانع القرار، ومن الدفاع عن التراث إلى صياغة مستقبل الثقافة والمعرفة، وقد يكون نجاحه بداية لعصر جديد، تُسمع فيه اللغة العربية في قلب القرارات الأممية.