دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة أسبوعه الثاني أمس الاثنين بعد فشل مجلس الشيوخ للمرة الخامسة في تمرير حزمة تمويل لإنهائه، دون أي مؤشر إلى قرب التوصل إلى اتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين بقيادة الرئيس دونالد ترامب الذي تباينت تصريحاته بشأن الأزمة.

وفي حوار مع "قناة نيوز ماكس"، قال ترامب "الديمقراطيون خاضعون لسيطرة اليساريين وهذا أمر سخيف وما كان ينبغي أبدا أن يغلقوا الحكومة في واحد من أنجح الاقتصادات التي عرفتها بلادنا على الإطلاق وللأسف هذا أثر على العديد من البرامج والخدمات التي يعتمد عليها الأميركيون وما كان ينبغي أن يحدث ذلك".

ورغم ذلك قال ترامب أيضا "يسعدني العمل مع الديمقراطيين بشأن سياساتهم الفاشلة في مجال الرعاية الصحية أو أي شيء آخر، ويجب على الديمقراطيين أولا السماح لحكومتنا بإعادة فتح أبوابها وأن يكون ذلك الليلة".

وفي وقت سابق صرح ترامب للصحفيين "نجري مفاوضات حاليا مع الديمقراطيين، وقد تؤدي إلى نتائج إيجابية للغاية وأنا أتحدث عن نتائج إيجابية فيما يتعلق بالرعاية الصحية".

تصويت وتباين

وجاءت تعليقات ترامب في الوقت الذي أجرى فيه مجلس الشيوخ تصويتين آخرين غير حاسمين أمس الاثنين، بشأن تمويل الحكومة الفدرالية. ولم يقترب أي من الإجراء الجمهوري أو الاقتراح الديمقراطي من الحصول على الأصوات الـ60 اللازمة للمضي قدما، واستغل كلا الحزبين معظم اليوم لتكثيف الضغط على الآخر لإنهاء الجمود.

ويشترط الديمقراطيون دعمهم لحزمة تمويل قصيرة الأجل بتمديد دعم الرعاية الصحية الذي يقلل من تكلفة الخطط المقدمة بموجب قانون الرعاية الصحية الميسرة، المعروف باسم "أوباما كير".

بينما يريد ترامب الحفاظ على مستويات الإنفاق الحالية ويهدد بإقالة العاملين الاتحاديين بشكل دائم إذا ظلت الحكومة مغلقة.

ترامب يتهم الديمقراطيين بالخضوع لسيطرة اليساريين (الأوروبية)نفي ديمقراطي

ونفى الزعيمان الديمقراطيان في الكونغرس، السيناتور تشاك شومر والنائب حكيم جيفريز، وجود أي مفاوضات مع ترامب.

إعلان

وقال جيفريز إن البيت الأبيض "أغلق أبوابه" منذ اجتماع الأسبوع الماضي. أما شومر فقال "ادعاء ترامب غير صحيح، ولكن إذا أصبح مستعدا أخيرا للعمل مع الديمقراطيين، فسنكون على طاولة المفاوضات".

وأضاف شومر أن فريقه مستعد للعمل مع الجمهوريين "لإعادة فتح الحكومة وإنهاء أزمة الرعاية الصحية التي تواجه عشرات الملايين من الأميركيين لكن الأمر يتطلب طرفين للتفاوض".

وفي وقت سابق أمس تشبث الطرفان بموقفهما. وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون: "لا يوجد ما نتفاوض عليه"، بينما أعلن جيفريز أن "الوقت قد حان" للتوصل إلى اتفاق بشأن الرعاية الصحية.

ويعتبر محللون أميركيون أن "الموقف المتشدد للديمقراطيين لحظة نادرة من النفوذ لحزب المعارضة في فترة يسيطر فيها ترامب وجمهوريون موالون له بشدة على جميع فروع الحكومة، حتى أن ترامب نفسه يُتهم "بالاستبداد لإحكام قبضته على السلطة".

وحسب وكالة أسوشيتد برس، فمن المستبعد أن يعقد مجلس النواب جلساته هذا الأسبوع، مما يجعل الاهتمام يتركز على مجلس الشيوخ ليتولى زمام المبادرة في أي اتفاق في الكونغرس.

وأفادت الوكالة بأنه حتى مع غياب المشرعين في مجلس النواب، يعقد القادة الجمهوريون والديمقراطيون إحاطات شبه يومية لصياغة حججهم والسعي إلى إلقاء اللوم على الآخرين في الإغلاق.

الإغلاق ألقى بظلاله على حركة الطيران في الولايات المتحدة حيث غادر مراقبو الحركة الجوية برج مطار هوليود بوربانك بكاليفورنيا (الفرنسية)اضطرابات اقتصادية

ويأتي هذا الجمود في وقت يشهد حالة من عدم اليقين الاقتصادي المقلق. فبينما استمر الاقتصاد الأميركي في النمو هذا العام، تباطأ التوظيف ولا يزال التضخم مرتفعا، حيث تسببت ضرائب الاستيراد التي فرضها الرئيس الجمهوري في سلسلة من الاضطرابات للشركات وأضرت بالثقة في قيادته.

في الوقت نفسه، هناك إدراك بأن عجز الميزانية السنوي الذي يقارب تريليوني دولار غير مستدام ماليا.

وترى إدارة ترامب في الإغلاق فرصة لممارسة سلطة أكبر على الميزانية، حيث قال العديد من المسؤولين إنهم سيوفرون المال مع تسريح العمال مؤقتا من خلال فرض تخفيضات دائمة في الوظائف على آلاف الموظفين الحكوميين، وهو تكتيك لم يُستخدم من قبل.

وألمح ترامب ليلة الأحد الماضي إلى أن عمليات تسريح العمال جارية بالفعل، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت قالت إن ترامب كان يتحدث عن تسريحات مؤقتة، مضيفة أن تسريح العمال لا يزال مخططا له إذا استمر الإغلاق، وقد تصاعد الحديث عن تسريح العمال بشكل كبير.

من جهته، قال كيفن هاسيت المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض إنه "لا يزال يرى فرصة لتراجع الديمقراطيين عن موقفهم، مما يجنب الولايات المتحدة إغلاقا حكوميا مكلفا وتسريحا للموظفين، وهو ما هدد به مدير إدارة الميزانية في البيت الأبيض راسل فوت".

ويُرتقب حجب رواتب مئات الآلاف من موظفي القطاع العام ابتداء من يوم الجمعة المقبل، في حين تتوقف رواتب العسكريين اعتبارا من 15 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.

ومع دخول الشلل في الوكالات الفدرالية أسبوعه الثاني أمس، أفاد عدد من الخبراء الإستراتيجيين الذين ما زالوا يتذكرون خلافات سابقة، بأن أحدث خلاف بين الرئيس دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين سيطول.

إعلان

يذكر أن الولايات المتحدة شهدت أطول فترة إغلاق في تاريخها في ولاية ترامب الأولى بين العامين 2018 و2019 عندما توقفت الوكالات الفدرالية عن العمل لمدة 5 أسابيع، وكلّف الاقتصاد 11 مليار دولار في الأمد القصير، بحسب مكتب الكونغرس للموازنة، ولم يتم استرداد مبلغ قدره 3 مليارات دولار.

ويكثّف ترامب هذه المرة الضغط عبر تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام. ويرى المراقبون أن "إدارة ترامب ترى أن لديها تفويضا غير محدود وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة الرعایة الصحیة تسریح العمال

إقرأ أيضاً:

أزمة ميزانية أمريكا.. إغلاق الحكومة يكلف الاقتصاد مليارات أسبوعياً

رفض مجلس الشيوخ الأمريكي، بأغلبية 50 صوتًا مقابل 45، مشروع قانون تمويل الحكومة الذي قدمه الديمقراطيون، والذي كان يتضمن أحكامًا تتعلق بالرعاية الصحية، ليستمر الإغلاق الحكومي الذي بدأ في الأول من أكتوبر مع انطلاق العام المالي الجديد دون اعتماد ميزانية.

كان من المفترض أن يسمح التصويت بنظر مشروع قانون لتمويل الحكومة حتى 31 أكتوبر، بما في ذلك تمديد إعانات قانون الرعاية الصحية، إلا أن أقل من 60 عضوًا صوّتوا لصالح المشروع، مما حال دون تجاوزه عقبة إجرائية. وفي الوقت نفسه، سينظر مجلس الشيوخ في مشروع قانون جمهوري مماثل لإعادة فتح الوكالات الفيدرالية مؤقتًا.

من جانبه، صرح الرئيس دونالد ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” بأنه مستعد للعمل مع الديمقراطيين على كافة القضايا، شرط استئناف عمل الحكومة أولًا، مشددًا على أن الديمقراطيين أغلقوا الحكومة في ظل واحد من أنجح الاقتصاديات الأمريكية، مؤثرين على برامج وخدمات يعتمد عليها المواطنون.

وأضاف أن استمرار الإغلاق قد يؤدي إلى خسائر في الناتج المحلي تصل إلى 15 مليار دولار أسبوعيًا، وفق تقديرات المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض.

واتهم زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، البيت الأبيض بعدم التواصل مع الحزب لإنهاء الإغلاق، مؤكّدًا أن الإدارة لم تتواصل منذ اجتماع المكتب البيضاوي يوم الاثنين الماضي، في حين يصر الجمهوريون على موقفهم ويطالبون الديمقراطيين بالرضوخ قبل أي مفاوضات.

مقالات مشابهة

  • الإغلاق الحكومي يتسبب في خلل منظومة الطيران داخل الولايات المتحدة
  • أزمة ميزانية أمريكا.. إغلاق الحكومة يكلف الاقتصاد مليارات أسبوعياً
  • ترامب يعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد
  • البيت الأبيض: لا تسريح للعاملين بعد بسبب الإغلاق
  • ترامب: يسعدني العمل مع الديمقراطيين بشأن الرعاية الصحية
  • ماذا حدث خلال الأسبوع الأول من الإغلاق الحكومي الأمريكي؟
  • استمرار الإغلاق الحكومي بأميركا ورواتب العسكريين تتوقف منتصف الشهر
  • محللون: الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة قد يتواصل لأسابيع
  • كم تخسر أميركا بسبب الإغلاق الحكومي؟