بيان الدم اليمني .. وثيقة صمود في وجه العدوان الثلاثي
تاريخ النشر: 8th, October 2025 GMT
في خضمّ التصعيد الإجرامي المتواصل على اليمن، صدر عن وزارة الصحة والبيئة بصنعاء في السابع من أكتوبر 2025، بيان رسمي يقدّم إحصائية شاملة لعدد الشهداء والجرحى من المدنيين اليمنيين، منذ بدء معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، التي ترافقت مع الإسناد اليمني المباشر للمقاومة الفلسطينية في غزة، ابتداءً من الرابع عشر من نوفمبر 2023، البيان وثّق ارتقاء 319 شهيدًا و1357 جريحًا، من بينهم أطفال ونساء، إلى جانب أضرار جسيمة لحقت بالقطاع الصحي جراء الاستهداف المباشر لمنشآته من قبل الطيران الأمريكي والبريطاني والصهيوني،
يمانيون / تقرير
لكن أهمية البيان لا تتوقف عند حدود الأرقام؛ بل يتعدّاها إلى كونه وثيقة وطنية ذات أبعاد سياسية وإنسانية واستراتيجية وإعلامية، إنه بيان يُراد به تثبيت الصمود اليمني، وترسيخ شرعية الموقف المناصر لفلسطين، وتحويل الخسائر إلى ذخيرة في معركة الوعي والتحدي، بل وتأكيد أن العدوان على اليمن لن ينجح في كسر إرادة المواجهة أو عزل اليمن عن محيطها القيمي والإقليمي.
الأرقام في خدمة الذاكرة الوطنية والمواجهة السياسية
من خلال التوثيق الدقيق لأعداد الشهداء والجرحى، وتفصيل الفئات المستهدفة، لا يسعى البيان فقط إلى استعراض نتائج العدوان، بل إلى تأريخ المعاناة وتحويلها إلى ذاكرة وطنية مشروعة، هذه الأرقام ليست مجرد بيانات عابرة؛ إنها توثيق للدم المسفوك ظلماً وعدواناً، ورسالة واضحة مفادها أن الشعب اليمني يدفع ثمناً باهظاً نتيجة موقفه الأخلاقي الداعم لغزة.
يمثّل هذا التوثيق أيضًا رداً ضمنياً على الرواية الغربية التي تسعى لتبرير الضربات ، في حين أن المعطيات اليمنية تُظهر استهدافًا مباشرًا للأطفال والنساء والمنشآت المدنية.
استهداف المنشآت الصحية
البيان لا يكتفي بتوثيق الأجساد المتضرّرة، بل يسلّط الضوء على محاولة شلّ قدرة اليمن على إنقاذ الأرواح، من خلال ضرب 7 منشآت صحية، منها مستشفى دُمر كلياً وآخرى جزئياً، ومراكز ومخازن صحية جرى تدميرها بشكل ممنهج.
هذا الجانب يحمل دلالة قانونية وإنسانية خطيرة؛ فهو يُظهر أن العدوان تجاوز ساحات القتال، ليطال قلب الحياة المدنية، ويجعل المرضى والجرحى بلا دواء أو رعاية.
في الوقت ذاته، يوفّر البيان أرضية حقوقية لتوثيق أدلة جرائم العدوان، وستبنى عليها ملفات قانونية ضمن مسارات المساءلة والمرافعة الإنسانية، التي لن ينساها أبناء الشعب اليمني ولن يتنازل عن حقه .
بدأ البيان بقوله تعالى : {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}، وهي ما يربط التضحيات بمشروع إيماني قيمي أوسع، يرجع الأمور إلى نصابها، فالقرآن الكريم هو المنهج الذي يتحرك به يمن الإيمان ، وبه توجه كل الوسائل التي تعزز الوعي الشعبي لتقديم التضحيات واتخاذ المواقف التي ترضي الله تعالى ،كما أنها إشارة رمزية إلى تحصين الجبهة الداخلية من الاختراق أو اليأس، خصوصاً مع طول أمد المعركة وارتفاع الكلفة الإنسانية.
كما يعكس البيان قدرة مؤسسات الدولة اليمنية على التوثيق، الرصد، والتنظيم حتى في ظروف الحرب، وهو ما يعزز الثقة الشعبية في قيادته وحكومته ، ويمنحها التفويض السياسي لاستمرار المواجهة.
كما يرسّخ الشرعية الوطنية القائمة على المقاومة، ويُعيد تشكيل الهوية اليمنية المعاصرة كهوية مُمانِعة، ترى في التضحية امتدادًا للهوية وللتاريخ والثقافة، لا عبئاً سياسياً.
من بيان إلى رسالة أُمّة
في جوهره، لا يمكن التعامل مع بيان وزارة الصحة على أنه مجرد تقرير عددي حول ضحايا العدوان؛ بل هو إعلان ديني وسياسي وإنساني ، يختزل فلسفة الصمود اليمني، ويقدّم نموذجًا في كيفية تحويل المأساة إلى منصة للتحدي، والألم إلى طاقة فعل.
في عالمٍ تُخنق فيه الأصوات وتُزيف فيه الروايات، تأتي هذه الوثيقة لتقول، إنّ الدماء التي تسيل في اليمن ليست صامتة، بل تنطق بلغة المقاومة، وتكتب تاريخًا جديدًا للمنطقة، حيث لا يعلو صوت فوق صوت من اختار أن يقول “لا” في وجه الطغيان، ولو كلّفه ذلك الشهادة ومهما كانت التضحيات.
نص بيان وزارة الصحة :
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}
إحصائية بعدد الشهداء والجرحى من المدنيين جراء العدوان الأمريكي والبريطاني والصهيوني منذ بداية الإسناد مع غزة منذ 14 نوفمبر 2023م حتي أكتوبر 2025م (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس )
● بلغ عدد الشهداء:( 319) شهيدًا
●وعدد الجرحى: ( 1357 ) جريحًا
منهم:
■ الأطفال:(38 )شهيدًا ،و(197 ) جريحًا
■ الإناث : (23)شهيدة، و(96) جريحة
■ الذكور : (258)شهيدًا،و(1064)جريحًا
● الاضرار التى لحقت بالقطاع الصحي منذ بداية إسناد غزة
حيث تم استهداف طيران العدو الأمريكي والبريطاني والصهيوني بالقصف المباشر للمنشأت الطبية من مستشفيات ومراكز ووحدات صحية ومخازن حيث بلغت (7 )منشأت
منها : مستشفى دمرت بشكل كلى و(4) بشكل جزئي
ومراكز ووحدات صحية ومخازن عدد( 2) دمرت بشكل كلي
*{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}**
** وزارة الصحة والبيئة-صنعاء الموافق 7 أكتوبر 2025م
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: وزارة الصحة شهید ا جریح ا
إقرأ أيضاً:
العداء السعوديّ المُستمرّ للشعب اليمني
منذ تأسيس السعوديّة، كان العداء تجاه اليمن جزءًا من سياسات المملكة الممنهجة والمُستمرّة عبر العقود.. فقد سعت الرياض منذ البداية إلى زعزعة الاستقرار اليمني والتحكم بمصيره السياسي والاقتصادي، مستغلةً نفوذها وثرواتها لدعم أدواتها وعملائها في الداخل اليمني لتحقيق مصالحها الخَاصَّة وأجندات القوى الغربية والإسرائيلية.
هذا العداء لم يكن وليد اللحظة، بل امتد منذ أَيَّـام الملك المؤسّس عبدالعزيز آل سعود، الذي وضع اللبنات الأولى للتدخل السعوديّ المباشر وغير المباشر في الشؤون اليمنية، من خلال دعم بعض المشايخ والوجهاء بالرواتب لضمان الولاء وتشجيع الانقسامات، ومنع أي تقدم تنموي حقيقي في اليمن، مثل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز، والتي كان يمكن أن تمنح اليمن استقلالًا اقتصاديًّا وقدرة على التنمية، إلا أن الرياض عملت على عرقلة هذه المشاريع لضمان تبعية الاقتصاد اليمني لأجندتها الإقليمية ومصالحها الشخصية.
ساهم هذا العداء السعوديّ عبر أدواتها وعملائها بشكل مباشر أَو غير مباشر في اغتيال عدد من القادة اليمنيين الوطنيين، ومن أبرزهم الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي وأخيه، حَيثُ كان الهدف من وراء هذه الاغتيالات وقف أي مشروع نهضوي أَو وطني يمكن أن يعزز وحدة واستقلال اليمن، سواء قبل الثورة اليمنية أَو بعدها.
ولم تتوقف سياسات السعوديّة عند هذا الحد، بل شنت حربًا عدوانية متواصلة على الشعب اليمني لمدة تسع سنوات، بزعم الحفاظ على العروبة ومحاربة التمدد الفارسي، بينما في الواقع تراجعت المملكة عن أي موقف عربي حين شن الاحتلال الإسرائيلي حربه العدوانية على غزة ولبنان، لتظهر للعالم أن شعارات العروبة لم تكن إلا غطاءً لأجندتها الخَاصَّة، بينما هدفها الحقيقي كان تدمير البنية التحتية والاقتصاد الوطني اليمني، والسيطرة على مقدرات الدولة عبر أدواتها المحلية، بما في ذلك الدعم السياسي والعسكري لجماعات الانتقالي في حضرموت والمهرة والمناطق الجنوبية، تحت ذرائع حماية مصالح اليمن أَو محاربة الإرهاب، في حين أن كُـلّ تدخلاتها كانت خدمةً لمصالح الغرب والكيان الصهيوني والاحتلال الأمريكي.
خلال هذه السنوات، ارتكبت المملكة حروبًا دموية طالت المدنيين الأبرياء، فقد تم اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصماد ورفاقه، وراح ضحيتها مئات الأطفال والنساء والشيوخ، كما قصفت المدارس والجامعات والمعاهد، وصالات الأعراس والمناسبات، وتضررت البنية التحتية بشكل واسع، من طرق وأسواق ومطارات، تاركةً آثارًا مدمّـرةً على المجتمع اليمني ومقدراته الاقتصادية والتعليمية والصحية.
ولم تتوقف السعوديّة عند هذا الحد، بل واصلت سياساتها العدائية لتمزيق النسيج اليمني، محاولةً تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، ودعم أدواتها من العملاء المحليين لتحقيق السيطرة على المحافظات، وهو ما يكشف بوضوح أن تدخلها لم يكن لمصلحة اليمن كما تزعم، بل لخدمة مصالحها الإقليمية وأجندات القوى الخارجية.
اليمنيون اليوم يعرفون حقيقة هذا العداء التاريخي، ويدركون أن ما قامت به السعوديّة عبر عملائها وأدواتها لم يكن إلا محاولةً لفرض الهيمنة والسيطرة، وإعاقة أي مشروع تنموي أَو سياسي مستقل، وأن كُـلّ روايات الدعم أَو الحماية كانت مُجَـرّد غطاءً لسياسات توسعية ونهب لمقدرات البلاد.
العداء السعوديّ المُستمرّ، منذ الملك المؤسّس وحتى اليوم، لم يكن ضد الحكومة اليمنية فحسب، بل ضد الشعب اليمني بأسره، مستهدفًا كُـلّ ما يشكل تهديدًا لمصالح الكيان الإسرائيلي والأمريكي المحتلّ وحلفائها في المنطقة، مع استمرار محاولاتها تقسيم اليمن وإضعاف قدراته الوطنية، لتبقى البلاد رهينةً للتدخلات الخارجية وخاضعةً لأجندات القوى الكبرى التي لا تهتم إلا بمصالح الاحتلال على حساب دماء وأرواح اليمنيين الأبرياء والأمة العربية.