صراحة نيوز- بقلم : أ. لارا الخطيب

رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات

     

         يشارك الأردنُّ، إلى جانب دول العالم، في التاسع من تشرين الأول من كل عام، احتفالات اليوم العالمي للبريد الذي يمثّل الذكرى السنوية لتأسيس الاتحاد البريدي العالمي عام 1874م، إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من التعاون الدولي في تنظيم قطاع البريد، وتطوير خدماته، وتعزيز دوره الرائدِ في حياة الإنسان والمجتمع، حيث بقيالاتحادُ منذ تأسيسه إلى اليوم، ركيزةً أساسية في بناء شبكة بريدية متجانسة، تسعى إلى رفع جودة الخدمات، وتيسير التواصل بين الشعوب، وتوسيع آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

       ويمثّل الاحتفالُ بهذا اليوم مناسبةً سنويةً تتجاوز الطابع الاحتفاليّ التقليدي، لتكون محطةً عالميةً لإعادة التأمّل في جوهر قطاع البريد ودوره المتجدّد في حياة الإنسان، ففي ظل التحوّلات الرقمية المتسارعة التي تعيد رسم ملامح التواصل والخدمات في العالم، تبرزُالحاجة إلى الفهمِ الدقيق لمدى قدرة المجتمعات والدول على مواكبة هذا التحوّل، ومدى استعدادها لتسخير أدوات العصر الرقمي لخدمة الإنسان.

      ومن هنا، يأتي شعار هذا العام: “البريد في خدمة الإنسان: خدمة محلية، ونطاق عالمي“ ليُجسّد فلسفة البريد الحديثة، لا بوصفه مجرد وسيط لنقل الرسائل والطرود، بل شبكةً مجتمعية متجذّرة، وجسرًا يربط بين الإنسان وأدوات العصر، ويمنح المجتمعات، لا سيّمافي المناطق النائية، منفذًا حيويًا إلى الاقتصاد الرقميّ والخدمات الحكومية والمالية، وهو بذلك يسلّطُ الضوء على أحدِ التحدّيات التي تواجهُ العالمَ اليوم والمتمثّلِ في القدرة على تعميم الأثرِ الإيجابي للتقنية، وضمان ألا يبقى أحدٌ خارج دائرة الاستفادة من التحوّل الرقمي، وهو ما يجعل من البريد ركيزةً أساسية في تحقيق الشمول والعدالة الرقمية على المستوى العالمي.

        لقد جاء هذا التحوّل في فلسفة البريد نتيجة مسارٍ طويل من التغيّر والتكيّف؛ فمع تراجع الحاجة إلى الخدمات البريدية التقليدية بفعل الثورة الرقمية وتغيّر أنماط التواصل بين الناس، لم يتراجع دور القطاع أو ينحسر، بل أظهر قدرةً استثنائية على إعادة ابتكار أدواته وخدماته، مستثمرًا في التقنيات الحديثة ليطوّر أدوارًا جديدة أكثر أهمية، مثل تقديم الخدمات المالية، وإنجاز المعاملات الحكومية، ودعم التجارة الإلكترونية، وإيصال السلع والطرود، موسّعًا بذلك نطاق تأثيره ليشمل مختلف شرائح المجتمع، ويواكب متطلبات العصر الرقمي.

       وهكذا، لا يقتصر شعارُ هذا العام على إبراز البعد الإنساني العميق للخدمات البريدية؛ بل يؤكد في الوقت ذاته على ضرورة الاستثمار المستدام في تطوير البنية التحتية للقطاع، وتسريع وتيرة التحوّل الرقمي فيه، وتوسيع نطاق خدماته لتشمل الجميع دون استثناء، بما يرسّخ حضور البريد في قلب المجتمعات، ويعزّز قدرته على تلبية احتياجات الإنسان، ودعم تطلعاته نحو مستقبل أكثر عدالة وازدهارًا.

       وعلى المستوى الوطني، ظلّت الخدماتُ البريديةُ في صميم أولويات الدولة الأردنية منذ نشأتها؛ إذ بادرت الحكومة مع تأسيس الإمارة، إلى إنشاء أول دائرة للبرق والبريد عام 1921، واضعة بذلك الأساس لتنظيم هذا القطاع الحيوي وتطويره بما يواكب تطلعات المجتمع الأردني، ومنذ ذلك الوقت واصل البريد الأردني مسيرته في التحديث والتطوير، متفاعلًا مع التحولات التي شهدتها المملكة في شتى المجالات، حتى غدا اليوم نموذجًا في القدرة على التكيّف والابتكار. ويتجلّى هذا النهج بوضوح في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظّم، الذي يقود مسيرة التطوير الوطني برؤية استشرافية، ويولي قطاع البريد عنايةً خاصة ضمن منظومة التشريعات المحفّزة، والدعم الحكومي المتواصل للمبادرات الريادية، والاستثمار في الطاقات الشابة المؤهلة، بما يُعزّزُ مكانة البريد كرافد للتنمية الشاملة، وجسر يربط المواطن بمستجدات العصر.

        وفي مثل هذا السياق، يبرز الدور التنظيمي الذي تنهضُ به هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، بوصفها الجهة المعنية بضمان توفير بيئة داعمة لتطور قطاع البريد ونموّه؛ إذ تحرص الهيئة على تهيئة المناخ الملائم للاستثمار والابتكار في الخدمات البريدية، وتشجيع المبادرات التي تدعم الشمول الرقمي، وتوسّع نطاق الاستفادة من الخدمات البريدية الحديثة ورفع جودتها، مواصلةً جهودها لضمان أن يبقى البريد عنصرًا فاعلًا في التنمية الوطنية، ومكوّنًا أساسيًا في منظومة الخدمات الشاملة التي تلبي احتياجات المجتمع وتواكب متطلبات العصر.

      وفي إطار جهودها المتواصلة لتطوير قطاع البريد وتعزيز دوره في دعم الاقتصاد الوطني والتجارة الإلكترونية أطلقت الهيئة مبادرة رائدة إقليميًا تهدف إلى تحفيز الشباب الجامعي على الابتكار في تقديم خدمات بريدية متطورة وتعزيز وعيهم بدور أهمية قطاع البريد ، وفتحآفاق جديدة أمامهم في مجالات الريادة والابتكار ، وذلك من خلالبرامج تدريبية تفاعلية وزيارات ميدانية، ولقاءات مع خبراء الصناعةالبريدية ، بالإضافة إلى تعزيز الريادة والابتكار لخدمات البريد(التوصيل) المقدمة ، وخلق فرص عمل ناشئة في القطاع البريديوبخاصة في ظل النمو المتسارع لقطاع التجارة الإلكترونية ، بالإضافة إلى تعزيز الممارسات الخضراء الصديقة للبيئة في نماذج الأعمالالمبتكرة في قطاع البريد من أجل تمكين الطلبة من استكشاف الفرصالمهنية والريادية في القطاع البريدي وتحفيزهم على إطلاق مشاريعخضراء مستدامة في القطاع البريدي وذلك من ذلك تنفيذ عدة برامجفي الجامعات الأردنية وهي: برنامج “اسأل الخبير البريدي“ ، وبرنامجمشروعي الريادي ، وبرنامج اليوم الوظيفي .

       وأخيرًا، فإنّ اليوم العالمي للبريد مناسبةٌ لتجديد الالتزام برسالة البريد الإنسانية، وتأكيد دوره في خدمة الإنسان محليًا وعالميًا، بوصفه جسرًا للتواصل، وبوابة للفرص، وركيزة للتنمية المستدامة، في عالم لا يزال في أمسّ الحاجة إلى مزيد من العدالة والشمول والإنصاف.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام خدمة الإنسان قطاع البرید التحو ل

إقرأ أيضاً:

لقاء تشاوري في الحديدة لتعزيز حقوق الإنسان تزامناً مع اليوم العالمي

الثورة نت /..

ناقش لقاء تشاوري بمحافظة الحديدة، اليوم، نظمه مكتب الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالمحافظة، سبل تعزيز حماية حقوق الإنسان ودعم أنشطة فرع الهيئة، تزامناً مع الذكرى الـ77 لليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وفي اللقاء أشار وكيل المحافظة لشؤون الخدمات محمد حليصي إلى اهتمام قيادة السلطة المحلية بالجانب الإنساني وحقوق الإنسان، انطلاقاً من المكانة التي أولاها الله تعالى للإنسان قبل أن تُجسّد في المواثيق والقوانين الدولية، مؤكداً أن هذا الاهتمام يتجلى في دعم المؤسسات المعنية بالحقوق والحريات وفي مقدمتها الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفروعها.

ولفت إلى حجم التحديات الراهنة الناتجة عن استمرار العدوان والحصار، وما يرافقهما من مؤامرات ومخططات لمحاولة اقلاق السكينة العامة عبر تجنيد الجواسيس والعناصر التخريبية، مشيراً إلى خطورة الاعترافات التي أدلى بها مؤخراً عدد من العناصر التي ضبطتها أجهزة الأمن، وما كشفته من حجم الاستهداف الممنهج لليمن وأمنه واستقراره.

ونوه الوكيل بدور الأجهزة الأمنية وما تبذله من جهود لحماية المجتمع وترسيخ الردع بحق كل من تسول له نفسه المساس بأمن اليمن أو التجسس والإضرار بالمصلحة العامة، داعياً العاملين في مجال حقوق الإنسان إلى تعزيز الشراكة مع الجهات الرسمية والتعامل المسؤول مع أي معلومات أو تحركات مشبوهة بما يسهم في حماية المجتمع.

وتطرّق حليصي إلى أهمية الدور المناط بمكتب الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في الحديدة في رصد وتوثيق الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي بحق أبناء المحافظة، وإعداد التقارير ورفعها للجهات القضائية المختصة تمهيداً لإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم حرب لا تسقط بالتقادم.

من جانبه، تطرق الوكيل المساعد لشؤون المحافظات في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وليد ردمان إلى صمود أبناء محافظة الحديدة التي تُعدّ من أكثر المحافظات تضرراً جراء العدوان والحصار، موضحاً أن ذلك يزيد من حجم المسؤولية المشتركة في تعزيز حماية حقوق الإنسان والدفاع عن كرامة المواطن.

وأكد حرص قيادتي وزارة العدل وحقوق الإنسان والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان على استمرار دعم فروع الهيئة في عموم المحافظات، وتمكينها من أداء دورها الإنساني والرقابي بما يسهم في خدمة المواطنين والمصلحة العامة للبلاد.

وأشار ردمان إلى أن انعقاد اللقاء بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان يمثّل محطة للتوقف أمام القيم والمبادئ التي يجسدها هذا اليوم، واستعراض حجم الانتهاكات والتحديات التي يواجهها الإنسان اليمني من حصار وقيود على وصول المساعدات وأوضاع إنسانية قاسية، لاسيما في المحافظات الأكثر تضرراً وفي مقدمتها الحديدة.

وأوضح أن مكتب الهيئة في المحافظة يتحمل مسؤولية كبيرة في مجالات الرصد والتوثيق والمتابعة لإيصال صوت المواطن وحقوقه إلى الجهات المختصة، مؤكداً استمرار قطاع الفروع في بذل الجهود لتعزيز قدرات الفرع وتفعيل الشراكة والتنسيق مع السلطة المحلية والجهات الرسمية ذات العلاقة.

وثمن الوكيل المساعد تعاون قيادة محافظة الحديدة المستمر مع مكتب الهيئة، وما قدمته من دعم وتسهيلات، وفي مقدمتها توفير مقر ملائم يسهم في رفع كفاءة الأداء، معتبراً ذلك تأكيداً لحرص القيادة المحلية على تعزيز العمل المؤسسي وخدمة المواطنين.

تخلل اللقاء، الذي حضره مدير مكتب الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالمحافظة حسن درويش، نقاشات ومداخلات من العاملين حول متطلبات تطوير الأداء والصعوبات التي تواجه العمل الحقوقي وسبل دراستها ووضع المعالجات المناسبة لها.

مقالات مشابهة

  • كرامي من جامعة المدينة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: حمايتها أساس الاستقرار وبناء الدولة
  • “الأغذية العالمي”: نازحو غزة يواجهون شتاءً قاسيًا ويجب الإسراع في توفير احتياجاتهم الأساسية
  • ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر
  • مجلس النواب يصوّت اليوم على “موازنة 2026”
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما هو وضعها في تونس؟
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. أي وضع حقوقي في تونس؟
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. والسودان في قلب الكارثة
  • لقاء تشاوري في الحديدة لتعزيز حقوق الإنسان تزامناً مع اليوم العالمي
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. مرصد عراقي يطالب بإعادة تعريف مصطلحات سياسية مبهمة
  • اليمن يُحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان بفعالية خطابية