أمين البحوث الإسلامية: استقرار الأسرة ونهضتها هو قيام لوطن بأكمله
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن العناية بالأسرة باعتبارها وحدة بناء المجتمع مسئولية كل فرد من أفراد هذا المجتمع لأن قيام الأسرة ونهضتها واستقرارها هو قيام لوطن بأكمله، ومن هنا فإن التعامل مع الأسرة ينبغي أن يكون أولوية قصوى لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة.
وأضاف الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية- في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - أن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يعتني بشئون الأسرة عناية خاصة من خلال التوجيه بتنفيذ مجموعة من الأنشطة التي تحقق الوعي العام لكل أفراد هذه الأسرة.
وأوضح أنه على مستوى مجمع البحوث الإسلامية باعتباره القطاع الذي يعني بجانب الدعوة والتوعية فإن خطته الدورية تقوم على التواصل المباشر والإلكتروني مع جميع أفراد الأسرة بدءًا من أهم أعضاءها وهما الأب والأم، ثم شبابها وفتياتها من خلال برامج توعية متخصصة تهم كل فئة بمفردها.
وأشار عياد إلى أن مجمع البحوث أطلق الكثير من المبادرات المجتمعية المهمة التي تخدم الأسرة المصرية وتحقق لها عيشة مستقرة، ومنها مبادرة «لتسكنوا إليها» لتيسير تكلفة الزواج ودعم عملية بناء الأسرة في مهدها على الوفاق والتآلف، كما أن المجمع ينفذ من خلال وعاظه وواعظاته حملات توعية مباشرة تتعلق بحياة الأسرة واهتماماتها المباشرة في جميع محافظات الدولة، وتستهدف الخروج بنتائج إيجابية تنعكس على الاستقرار المجتمعي العام وتحقق صالح الوطن وأهله.
وبيّن الأمين العام أنه على مستوى الإصدارات العلمية فإن المجمع يهتم اهتماما خاصا بتثقيف الأسرة ومواجهة مشكلاتها، ويقدم في هذا الشأن مجموعة من الإصدارات العلمية التي تهتم بالتفكك الأسري، وذلك من خلال هدي الرسول في بناء الأسرة، وغير ذلك من إصدارات لكبار العلماء في الأزهر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأسرة المجتمع الأزهر البحوث الإسلامیة من خلال
إقرأ أيضاً:
بين الجَغِم والبلّ: خرائط الموت التي ترسمها الجبهة الإسلامية على أجسادنا
إبراهيم برسي
في بلادٍ تكسّرت فيها البوصلات، ولم يتبقَّ للناس سوى البكاء على ما لا يُبكى عليه، وجدنا أنفسنا في زمنٍ تُحكمه مفردتان فقط: “الجَغِم والبلّ”. ليستا مجازًا، بل تقنية للقتل الشعبي، تُمارَس في وضح النهار، ويباركها العقل المغسول تحت إيقاع أناشيد الحرب.
“الجَغِم” لم يعد فعلاً بدائيًا لشخص يبتلع ما ليس له، بل تحوّل إلى ماكينة مؤسسية تلتهم الذهب، والنفط، والموتى، وتُنتج بلاغات وفتاوى.
أما “البلّ”، فقد صار طقسًا شعبيًا لإضفاء الشرعية على هذا الجشع. كلمة تُقال بصوت خافت، لكنها تحمل في طيّاتها استسلامًا جماعيًا. كأنك تقول: دع الأمر للقدر، فالعدو دائمًا هو الآخر، والحرب دائمًا هي الحل.
تقول عالمة النفس الفرنسية ماري فرانس هيريجوين:
“الأنظمة السلطوية لا تحتاج لإقناعك، بل فقط لإرباكك، لتخلق مساحة ذهنية تُمكِّنها من غرس أفكارها كحقائق.”
وهذا بالضبط ما فعلته الجبهة الإسلامية حين تسلّلت إلى المؤسسة العسكرية، لا كضيف، بل كمضيفٍ أعاد تعريف معنى الوطن، والعدو، والموت.
في بورتسودان، تُدار الدولة من ثكنة عسكرية، ويُحكم البلد عبر فتاوى القهاوي.
في نيالا، يُدفن الموتى دون أسماء.
في الفاشر، صارت المقابر أكبر من المدارس.
في أم درمان، تُخفي العائلات أبناءها لا من العدو، بل من الجيش.
ولفهم ما نحن فيه، لا بد أن نتذكّر ما حدث في رواندا عام 1994.
حينها، لم يكن السلاح هو المشكلة، بل الكلمة. في راديو “ميل كولين”، كانت الأغاني الشعبية تُغنّى، ثم تتبعها دعوة صريحة:
“اقطعوا التوتسي كالأنشاب.”
هكذا تبدأ المجازر: بمصطلحات تبدو عفوية، بعبارات يُردّدها الناس دون إدراك، ثم ينفجر العنف.
“بلّ بس”، اليوم، تُشبه تمامًا تلك العبارات. تُفتح بها أبواب الجحيم، وتُشرعن بها مجازر لا تُشبه المجازر، بل تُشبه النشيد الوطني بصيغة جنائزية.
يقول أنطونيو غرامشي:
“الهيمنة لا تتحقق بالعنف وحده، بل بالموافقة الصامتة للمقهورين.”
وهذه الموافقة هي ما تفعله الجبهة الإسلامية كل يوم، حين تحوّل المواطن إلى “متلقٍ”، ثم إلى “مُبرِّر”، ثم إلى “جلّاد”، باسم الدولة أو الدين أو القبيلة.
أما الذين يجغمون بالفعل، فهم ليسوا على الجبهات، بل في البنوك، في دبي، في أنقرة، في الدوحة، وفي القاهرة.
يجغمون العقود، والشركات، والذهب، والمستقبل.
يحرقون البلاد، ثم يتهمون المواطن بأنه لم “يبلّ بما فيه الكفاية”.
هل هذا وطنٌ أم مسرح عمليات؟
هل هذه حربٌ أم إعادة تموضع للجبهة تحت رايات جديدة؟
هل ما زلنا بشرًا، أم مجرّد وقود بين “الجَغِم والبلّ”؟
لكننا نعرف.
نعرف أن الجبهة لا تحارب لتنتصر، بل لتحكم.
وأن المواطن لا يموت فقط، بل يُعاد إنتاجه كأداة للقتل.
نعرف أن “الجَغِم” صار مصيرًا، و ”البلّ” صار عقيدة.
لكننا، رغم كل شيء، نعرف.
ومن يعرف، لا ينجو بالمعرفة… بل يُساق بها إلى النفي.
أشد أنواع الغسيل دموية، ليس ذاك الذي يُبيّض القميص، بل الذي يُغطّي الجريمة بلون الراية.
وحين تتدفق الأكاذيب من الشاشات إلى الدماغ، يتحوّل المواطن إلى جندي دون أن يرتدي الزي العسكري.
يضحّي بابنه، ويصفّق لمن نهب راتبه، ويقولها دون تفكير:
“بلّ بس… نحنا في معركة وجود وكرامة.”
تستعيد ذاكرتنا نموذج سيراليون، حيث تحوّل الأطفال إلى قتلة باسم “الوطن”.
تقول الباحثة الكندية نومي كلاين:
“حين يُعاد تعريف العنف كضرورة أخلاقية، تنهار البنية النفسية للإنسان، ويصبح القتل فعلَ طمأنينة.”
وهذا ما نراه:
مواطنون يتعاملون مع الحرب كأنها زواج مقدّس، ومع الموت كأنه استثمار مضمون في سوق الوطنية.
في “الخوي والنهود”، لم يعد الناس يتساءلون عمّن هو على حق، بل عمّن لا يزال على قيد الحياة.
في “دنقلا وكسلا”، لا يُسأل الأب عن حلم ابنه، بل عن موقعه على الخارطة:
في الجيش؟ في الدعم؟ أم في المقابر؟
السودان اليوم ليس بلدًا، بل سجن مفتوح يدور فيه الحارس والضحية في حلقة “بلّ وجَغِم”، بين رصاصتين، ورايتين، وبيانين.
نحن الذين كُتب علينا أن نعيش بين “الجَغِم والبلّ”، لا نملك حتى ترف الصمت.
لأن الصمت نفسه صار مشاركة في الجريمة.
لأن “البلّ” اليوم يعني أنك قبلت أن تُمحى،
و ”الجَغِم” يعني أنك صرت جزءًا من ماكينة المحو.
وحدهم الذين لا يبلّون ولا يجغمون، من يكتبون بأجسادهم معنى الوطن.
أما الباقون، فقد اختاروا شكلهم في الجنازة: بين قاتلٍ يبتسم، ومبرّرٍ يبرّر، وجثةٍ تصفّق في الغياب.