لماذا تخشى إسرائيل من الدور التركي الجديد في غزة؟
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
أنقرة – الوكالات
أثار الحضور التركي المتنامي في ملف غزة قلقاً متزايداً داخل الأوساط الإسرائيلية، في ظل الدور الذي لعبته أنقرة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، إلى جانب قطر ومصر، وما تبعه من إشادات أميركية متكررة بدور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويرى محللون إسرائيليون أن تركيا لم تعد مجرّد وسيط عابر، بل تحوّلت إلى "لاعب رئيسي وأحد مهندسي النظام الجديد" في المنطقة، وفق توصيف عوديد عيلام، الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في الموساد.
ويعزو مراقبون هذا التحوّل إلى التفاهم المتنامي بين أنقرة وواشنطن، لاسيما بين الرئيسين أردوغان ودونالد ترامب، وهو ما تعتبره تل أبيب مصدر قلق إستراتيجي قد يغيّر موازين القوى في مرحلة ما بعد الحرب.
وتتخوف إسرائيل من أن يشمل الدور التركي المقبل الإشراف على الأمن وإعادة الإعمار في غزة، إلى جانب المساهمة في تشكيل الإدارة المدنية الجديدة للقطاع، الأمر الذي قد يعيد لتركيا موطئ قدم سياسي وعسكري في المنطقة بعد غياب دام أكثر من قرن.
وتقول نوا لازيمي، الباحثة في معهد ميسغاف للأمن القومي، إن إشراك تركيا في اتفاق غزة يعني الاعتراف بها كقوة سنية إقليمية مؤثرة لا يمكن تجاوزها في أي تسوية سياسية تخص القضية الفلسطينية.
ويرى محللون أن الفارق بين الوجود التركي والإيراني في المنطقة يكمن في القبول الشعبي النسبي الذي تحظى به أنقرة، مقارنة برفض عربي واسع للنفوذ الإيراني بسبب خلافات مذهبية وتدخلات عسكرية في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
وتعدّ حماية قطاع غزة وسكانه وبقاء المقاومة إحدى ركائز الإستراتيجية التركية، وفق ما يراه مراقبون. فأنقرة تعتبر المقاومة الفلسطينية "خط دفاع متقدم عن الأناضول"، كما شبّه أردوغان سابقاً مقاتليها بـ"قوات المقاومة الوطنية" التي خاضت حرب الاستقلال التركية.
ويخشى الإسرائيليون أن تسعى تركيا –في حال وجودها داخل غزة– إلى إعادة بناء بنية المقاومة بدلاً من تفكيكها، مستلهمةً تجربتها السابقة في سوريا عندما حالت دون انهيار المعارضة المسلحة عبر اتفاقات خفض التصعيد.
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى احتمال مشاركة قوات تركية ضمن القوة الدولية المكلفة بتنفيذ اتفاق غزة، وهو ما تعتبره تل أبيب تطوراً مقلقاً على حدودها الجنوبية.
ويقول الخبير الأمني الإسرائيلي إيلي كارمون إن تركيا "أقوى عسكرياً من إيران"، مذكّراً بأنها تفرض قيوداً على التعاون الاقتصادي والعسكري مع إسرائيل، وتنسق مع ليبيا ومصر لإعادة رسم الحدود البحرية، ما يحدّ من حركة تل أبيب في شرق المتوسط.
وقد برز التوتر بوضوح في قمة شرم الشيخ للسلام، حين رفض أردوغان مشاركة نتنياهو، وهدد بالانسحاب ما لم تُستبعد إسرائيل من الجلسة الافتتاحية.
وتعتمد تركيا في استراتيجيتها على بناء تحالفات عربية وإسلامية، أبرزها التنسيق الثلاثي مع قطر ومصر في مفاوضات وقف إطلاق النار، إلى جانب دور فاعل داخل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
ويصف عوديد عيلام هذا التحرك بأنه امتداد لسياسة أنقرة الهادفة إلى تعزيز قوتها البحرية وتوسيع نفوذها الإقليمي عبر الشراكات والتدريبات العسكرية المشتركة، خصوصاً مع القاهرة.
ويرى محللون أن التقارب التركي المصري يمثل واحداً من أكثر الملفات إزعاجاً لتل أبيب، التي تخشى من تحوله إلى محور إقليمي قادر على تقييد نفوذها في غزة وشرق المتوسط.
وتطمح أنقرة إلى استثمار نجاحها الدبلوماسي في غزة لتعزيز نفوذها في ملفات إقليمية أخرى، خاصة في سوريا، حيث تسعى إلى إنهاء تهديدات قوات سوريا الديمقراطية وإعادة ضبط التوازنات شمال البلاد.
ويحذر مراقبون إسرائيليون من أن تعافي الدولة السورية بدعم تركي قد يشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل، في ظل تزايد التعاون الأمني بين دمشق وأنقرة.
ويختتم المحلل الإسرائيلي شاي غال قائلاً إن "المرحلة المقبلة ليست عسكرية بل معرفية، تحاول إسرائيل فرض واقع جديد قبل أن تعيد أنقرة والدوحة صياغته بلغة حماس".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سفير أنقرة بالقاهرة: أكثر من 10 آلاف طالب مصري يدرسون في تركيا
نظمت السفارة التركية بالقاهرة اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025، فعالية تعريفية لزيادة عدد الطلاب المصريين المشاركين في برنامج التبادل الطلابي في الجامعات التركية ضمن برنامج إيراسموس+ التابع للاتحاد الأوروبي.
حضر البرنامج التعريفي كلٌّ من رئاسة شؤون الأتراك في الخارج والمجتمعات ذات الصلة، وهي الجهة الرئيسية التي تُقدّم منحًا دراسية للطلاب الأجانب في تركيا؛ والمستشار التعليمي بالسفارة التركية في القاهرة؛ ومركز يونس أمره الثقافي التركي بالقاهرة؛ وحوالي 400 أكاديمي وطلاب وصحفيين وشخصيات بارزة على مواقع التواصل الاجتماعي من مصر.
وبحسب البيان الصادر عن السفارة التركية بالقاهرة، تضمن البرنامج سلسلة من الفعاليات الثقافية، منها معرض للصور الفوتوغرافية، ومعرض للرسم على الرخام، وتقديم القهوة التركية، وعرض للرماية، بالإضافة إلى مقطوعات موسيقية تركية، وحفل موسيقي على الدفوف للطالب المصري محمود إروغلو.
في كلمته خلال الفعالية، صرّح السفير التركي في القاهرة، صالح موطلو شن، بأن تركيا تضم أكثر من 200 جامعة حكومية وخاصة، مشيرا إلى أن هذه الجامعات تتمتع بتنوع كبير في الإمكانيات في جميع مجالات الدراسة تقريبًا، وأعرب عن تشجيعه للطلاب المصريين على التقدم للدراسة في الجامعات التركية.
صرح شن بأن أكثر من 10,000 طالب مصري يدرسون حاليًا في الجامعات التركية، وأضاف أن هدف تركيا هو زيادة هذا العدد إلى 20,000 طالب على المدى المتوسط.
كما أكد السفير شن، خلال لقاءاته المختلفة مع رؤساء الجامعات وممثليها في تركيا، أن مواهب الطلاب المصريين وذكاءهم تحظى بتقدير خاص بين الطلاب من جميع أنحاء العالم.
وصرح بأن السفارة تتوقع من الطلاب المصريين دعم وتشجيع دراسة المزيد منهم في الجامعات التركية.
وأشار شن إلى أن أكثر من 300 ألف طالب أجنبي يدرسون حاليًا في الجامعات التركية، معربا عن أمله في أن يكون 30 ألفًا من هذا العدد من الطلاب المصريين، خاصة وأن مصر، بعدد سكانها البالغ 115 مليون نسمة، قادرة على تحقيق هذا الرقم بسهولة.
ولفت شن إلى اهتمام الطلاب المصريين الكبير بتعلم اللغة التركية، وأن تركيا تُصنّف من بين أفضل دول العالم من حيث عدد كليات الدراسات التركية خارج تركيا، مما يُبرز الروابط الثقافية والاجتماعية والتاريخية والتشابهات بين البلدين.
وصرح بأن تركيا تهدف إلى توسيع نطاق تعلم اللغة التركية في مصر، وإرسال أعضاء هيئة التدريس ومدرسين للغة التركية إلى أقسام الدراسات التركية في مصر خلال الفترة المقبلة.
وفي كلمته، أشار السفير شن إلى أن تعلم اللغة التركية والدراسة في تركيا يمكن أن يوفر ميزة للطلاب في مصر من حيث فرص العمل، وأكد أن الطلاب الذين يدرسون في تركيا، وخاصة في المجالات التقنية، سيكونون قادرين على إيجاد فرص عمل بسهولة أكبر بفضل التوسع المستمر للاستثمارات التركية في مصر.
كما تطرق إلى "قمة شرم الشيخ للسلام"، التي استضافها الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقال انها شكّلت نقطة تحول تاريخية لمصر والمنطقة والعالم.
وأكد أن القمة حققت نجاحًا باهرًا من جميع النواحي، سواء من حيث المحتوى أو المشاركة، كما أنها تُعدّ إنجازًا تاريخيًا.
أكد شن أن إعلان السلام، الذي وقّعه رؤساء أربع دول في القمة، الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر وتركيا، بالغ الأهمية لحقن دماء الفلسطينيين، واستمرار وقف إطلاق النار، واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية، وتحقيق حل الدولتين.
وأوضح شن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد في تصريحاته أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم لضمان توفير الظروف الإنسانية اللازمة وتمكن فلسطين من النهوض من جديد.