مهمة غامضة.. هل يمهّد بترايوس لمرحلة أمريكية مختلفة بالعراق؟
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
في زيارة لافتة وغير معلنة التفاصيل، أجرى المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بترايوس، جولة بين إقليم كردستان وبغداد، استمرت نحو أسبوع كامل، التقى خلالها كبار المسؤولين الأكراد، فيما غابت اللقاءات مع أركان الحكومة العراقية.
تواجد بترايوس في العراق أثار تساؤلات عدة حول أهدافه الخفية- في ظل إعادة التموضع الأمريكي بالمنطقة- خصوصا مع اقتصار لقاءاته على قادة سياسيين ومسؤولين محددين، وهذا فتح باب التأويل واسعا بشأن طبيعة الرسائل التي حملها ومغزى توقيت الزيارة؟
بترايوس، الذي يُعد من أبرز القادة المؤثرين في صياغة العقيدة الميدانية لواشنطن في العراق بعد عام 2003، قاد قوات بلاده بين عامي 2007 و2010 في أصعب مراحل الصراع الداخلي، وأشرف على تنفيذ استراتيجية "قوات الصحوات" لمواجهة تنظيم القاعدة آنذاك.
مهمة غامضة
رغم غموض أجندة الزيارة، لكن ملفي الأمن والطاقة كانا الأبرز خلال محادثات بترايوس مع مسؤولي إقليم كردستان، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، وكذلك خلال اجتماعه لاحقا في بغداد مع الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.
وشملت محادثات بترايوس أيضا، الدعوة إلى تعزيز التعاون الأمني بين واشنطن وبغداد في إطار الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد، فقد أكد الأخير استمرار دعم بلاده للعراق في مختلف المجالات، بما يعزز الأمن والاستقرار ويخدم المصالح المشتركة بين الجانبين.
وصرّح بترايوس خلال مقابلة مع "قناة 8" الكردية، الخميس الماضي، أن استقرار الأوضاع السياسية في العراق وإقليم كردستان من أولويات الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف أن "الهدف الذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيقه في العراق هو أن تعطي فرصة أخرى للعراق والعراقيين ومواطني ما بين النهرين لكي يعيشوا حياة سعيدة ومستقبلا مزدهرا".
ولفت بترايوس إلى أن الولايات المتحدة تأمل أن ترى مواطني العراق موحدين في فيما بينهم، لكي تتمكن من تقديم الدعم والمساعدة لهم، ليس فقط على الصعيد العسكري وإنما على المستوى الاقتصادي والثقافي وغيرها.
وأفاد بأن استقرار الأوضاع السياسية في العراق يصب في مصلحة الجميع ويجب على الحكومة العراقية أن تسيطر على جميع الأسلحة المنتشرة في العراق، وضرورة أن تكون الفصائل المسلحة تحت إمرتها، وذلك تجنبا لتكرار الأوضاع التي رأيناها سابقا.
وشدد الجنرال الأمريكي المتقاعد على ضرورة أن تتلقى الفصائل المسلحة في العراق الأوامر من الحكومة العراقية وليست من أية جهة أخرى، وأن الجميع يدرك تلك الحقيقة، في إشارة إلى قربها من إيران.
رؤية أمريكية
وبخصوص تفسير زيارة بترايوس وأهميتها، قال الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، إنه "ليس في كثير من الأحيان أن من يصنعون القرار الأمريكي يمتلكون عناوين رسمية، وإنما قد يتحركون في فضاء خارج الأطر الرسمية ويؤثرون بشكل مباشر في توازنات الردع لسياسة أمريكا العليا".
وأضاف الشريفي لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن مستقبل المنطقة قائم على نظام إقليمي جديد ينسجم مع النظام الدولي الجديد، وأن واحدة من هذه السمات هو الرهان على ما يطلق عليه اليوم: حقوق الأقليات، والنظم الفيدرالية اللامركزية".
ورأى الخبير العراقي أن "محور هذه المعادلة هو إقليم كردستان العراق الذي من الممكن أن يمتد إلى إقليم لأكراد سوريا، وأن هذين الإقليمين فيهما من الخطورة الشيء الكثير، لأنهم يدخلون في معادلة الأمن القومي الأمريكي ويجمعون بين بعد الحليف والطاقة".
وبحسب الشريفي، فإنه "مقرر أن تتشكل معابر طاقة جغرافية بين إقليم كردستان العراق، ومناطق أكراد سوريا وصولا إلى حوض البحر الأبيض المتوسط كجزء من منظمة غاز شرق المتوسط، وأن هذه المنظمة ستحدد أمن الطاقة لأوروبا".
وأشار إلى أن "هذه المعادلة بالتحديد هي التي تجعل الولايات المتحدة، تضغط على الحكومة في العراق، من أجل تحسين علاقتها مع إقليم كردستان، إدراكا منها أن هذه النظم الإقليمية ستشكل فاعلا شرق أوسطيا يجب أن يُحترم، وتقبل الدول بخيار اللامركزية مقابل المركزية".
وعن تحديد زيارة بترايوس إلى الأكراد في العراق، رأى الشريفي أن "رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني هو الشخصية الأكثر نضجا في قراءة أفق عابر للحدود في الإستراتيجية العراقية، لذلك ممكن أن يحدد البوصلة في قابل الأيام".
ولفت إلى أن البارزاني هو "اللاعب الفاعل والأساسي في العراق ولديه رؤية بعيدة، لأنه يرى في الطاقة بأنها مورد اقتصادي يخضع للعرض والطلب، وليس قابل للأدلجة مع الدول، بالتالي تكون الموارد لتحقيق الازدهار والرفاه، وهذه هي الضمانة للأمن والسلام والرفاه الاجتماعي".
وعزا الشريفي أسباب عدم لقاء بترايوس أي شخصية حكومية بمن فيها رئيس الوزراء، إلى أن "الولايات المتحدة ترى أن حكومة السوداني ومن التحق بها من الإطار التنسيقي (الشيعي) لم تعد مؤهلة للرهان، بالتالي جعلوه خارج حساباتهم المقبلة".
وتابع: "كل التوقعات تشي بأن المنظومة الحكومية المقبلة في العراق ستأتي برجال يرتقون في وعيهم السياسي وقراءة التوازنات الدولية والإقليمية وانعكاسها محليا في العراق، بما ينسجم مع رؤية مسعود البارزاني".
"زيارة استكشافية"
وعلى الصعيد ذاته، قال الكاتب والمحلل السياسي، هلال العبيدي، إن الزيارة لم تُكشف تفاصيلها إعلاميا، ولا تحمل طابعا رسميا، لكن طبيعة عمل بترايوس السابقة كرئيس لجهاز الاستخبارات وقائد للقوات الأمريكية في العراق، تؤكد أهميتها وأبعادها السياسية والأمنية.
وأوضح العبيدي لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة مهتمة جدا في قضية العراق، خصوصا أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغييرات، وبالتالي فإن هذا البلد يدخل ضمن حسابات هذا التغيير، وأن واشنطن تمارس أنواع متعددة من الضغوط عليه".
ولم يستبعد الخبير العراقي أن تكون الزيارة بدفع من "قوى الدولة الخفية" في الولايات المتحدة الأمريكية، لإيصال رسائل أو لاستكشاف معلومات وبحث بعض سياسات واشنطن في العراق والمنطقة.
وأكد العبيدي أن "زيارة بترايوس في الوقت الحالي وتحذيراته خلال تصريحات مع وسائل إعلام محلية عراقية من انتشار السلاح خارج إطار الدولة العراقية، وتناوله لأهمية ملف الطاقة في العراق، يرسم ملامح أهم الملفات التي يكون قد بحثها مع المسؤولين والسياسيين الذين التقاهم".
ورأى الكاتب العراقي أن "الزيارة لا تُعد تدخلا مباشرا للولايات المتحدة الأمريكية في العراق بقدر ما أنها تمثل تحريكا للقوى الناعمة، وذلك عن طريق إرسال شخصيات خارج النطاق الرسمي، وهي بلا شك يمكن أن تؤثر في قرارات واشنطن المقبلة".
وفي هذه النقطة، قال الخبير الأمني العراقي، أحمد التميمي، خلال تصريحات وسائل إعلام محلية، إن زيارة بترايوس تأتي "في إطارٍ استكشافي استخباري"، والتي يهدف من خلالها للاطلاع على واقع الأمن ومواقف الدولة من الملفات الإقليمية الحساسة.
وبحسب قوله، فإن توقيت الزيارة يحمل رسائل دقيقة، كونها تتزامن مع تصاعد الخطاب الأمريكي تجاه إيران، والتغيرات المتسارعة في الساحة السورية بعد التقارب الإقليمي الأخير، فضلا عن النقاشات الجارية داخل الإدارة الأمريكية حول مستقبل الوجود العسكري في العراق.
وبدأت القوات الأمريكية- المنضوية ضمن التحالف الدولي- أولى مراحل الانسحاب من العراق باتجاه إقليم كردستان وقاعدة التنف في الأراضي السورية، في 11 آب/ أغسطس الماضي، وذلك قبل شهر ونصف من الموعد المتفق عليه بين واشنطن وبغداد.
وفي مطلع أيلول/ سبتمبر 2024، توصلت واشنطن وبغداد إلى تفاهم بشأن خطة لانسحاب قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق، وأنها تنص على خروج مئات من قوات التحالف بحلول 25 أيلول عام 2025، والبقية بحلول نهاية العام التالي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ديفيد بترايوس الأكراد العراقية العراق الأكراد ديفيد بترايوس زيارة غامضة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمریکیة إقلیم کردستان فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
رحمة بالعراق… يا مفوضية الانتخابات غير المستقلة
آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:29 ص
بقلم:علي الكاش
أقول: في الانتخابات البرلمانية غالبا ما ينتصر حزب الثعالب على حزب الأسود في حصد اصوات الناخبين. من المؤسف حقا ان كثير من الناخبين يشبهون الحمير، حيث يمتطيهم المرشحون لغاية الوصول الى البرلمان وبعدها يتركونهم لشأنهم.
لكن هل انتهت مرحلة النهيق الانتخابي، وبدأت مرحلة الزئير الانتخابي؟ الحقيقة هي انه بهمة الجهلة والفاسدين والطائفيين والمال السياسي، فاز الفاسدون، وخسر المواطنون، فازت القوى الفاسدة، وخسر الشعب اللامبالي. ولات ساعة مندم.
هل تذكرون فتوى المرجع الشيعي محمد اليعقوبي في الانتخابات الأخيرة” من لا ينتخب السيد نوري المالكي فهو آثم شرعا، وتحرم عليه زوجته”، بفتوى سبق ان افتى بها كبار مراجع الشيعة عام 1922 ، كأن الزمن لم يتغير، تغيرت الوجوه والعقدة ثابتة. خلال الاحتلال البريطاني للعراق اوعز وزير الداخلية عبد المحسن السعدون في 20/10/1922 للمحافظين المباشرة بالتحضير لانتخابات الجمعية الدستورية. ووصفها المجتهدون بأنها ” حكم بالإعدام على الأمة الاسلامية” وفي 5/10 منه افتى أبو الحسن الاصفهاني ومهدي الخالصي وحسين النائيني بعدم شرعية الانتخابات وتكفير من يشارك فيها. جاء في فتوى الخالصي” قد حكمنا بحرمة الانتخابات. والمشارك فيها يعتبر معادي لله ورسوله وأئمة المسلمين، ولا يدفن في مقابر المسلمين”. كما تضمنت فتوى الاصفهاني أمور غريبة ” أي مسلم يشارك فيها تحرم عليه زوجته ويمنع من دخول الحمامات العامة وينبذه سائر المسلمين”. نفس المأساة تكررت مع انتخابات العراق عام 2005 للمزيد راجع ( M.M AL Adhami/ The election for the Constituent Assembly in Iraq 1922 /1924 ).
لا شك ان السكوت على الفساد يا مراجع الدين ليس من الفضائل، فهو يعني اما مشاركة الفاسدين، او الرضا عنهم، وكلاهما أمر من الآخر، كأنما اصبح الفساد مقدسا في عرفكم، فتلتزموا الصمت اتجاهه، في مخالفة صريحة لشرع الله. قال تعالى في سورة آل عمران/104(( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )).هؤلاء المراجع الدينية ـ السياسية ينطبق عليهم قول ابْن لنكك الْبَصْرِيّ:
لَا تخدعنك اللحى وَلَا الصُّور تِسْعَة اعشار من ترى بقر
تراهـــــــم كالسحاب منتشرا وَلَيْسَ فِيهِ لطَالب مطر
(يتيمة الدهر).
بلائنا من مفوضية انتخابات غير مستقلة
قال علي بن أبي طالب” لا يصلح لكم يا أهل العراق إلّا من أخزاكم، وأخزاه الله”. (ربيع الأبرار). أليس هذا هو حال العراق اليوم؟
لا بد ان يسأل العراقي نفسه:
اولا: هل المفوضية العليا للانتخابات مستقلة فعلا؟ وهل مجلس ادارتها وبقية موظفيها مستقلون عن الأحزاب الحاكمة؟هل أثبتوا نزاهتهم ومصداقيتهم في الانتخابات السابقة؟ وهل تخلصوا من نفوذ الكتل الحاكمة؟هل توجد ضمانات حقيقية بأنهم سيكونون نزيهين هذه المرة، والمرات القادمة؟
لتوضيح الأمر أكثر، هل العامل سيعمل بالضد من ربٌ العمل، ولا يستمع لأوامره وتوجيهاته؟ هل سيعمل ضد مصلحة ربٌ عمله ويجرؤ على ذلك؟ وكيف ستكون النتيجة لو افترضنا جدلا، انه سيعمل لصالح نفسه، وليس ربٌ العمل؟ ذكر أَعْرَابِي رجلا بقلة الْحيَاء فَقَالَ: لَو دقَّتْ بِوَجْهِهِ الْحِجَارَة لرضها وَلَو خلا بِالْكَعْبَةِ لسرقها”. (نثر الدر في المحاضر/ا6). هذه هي حقيقة المفوضية العليا للانتخابات المسيسة، فهي الناطق بلسان الباطل، وهي من مخلفات نظام المحاصصة المدمر.
ثانيا: هل القوى السياسية تحترم صوت الناخب، بل هل تحترم نصوص الدستور المتعلقة بالانتخابات، علما انها هي من وضعت تلك النصوص؟ التجارب السابقة أثبت العكس، عندما فاز أياد علاوي في انتخابات عام 2010، رفضت ايران توليه رئاسة الوزراء، وفي لعبة هزيلة من قبل قاضي القضاة مدحت المحمود (المذموم) تحولت الرئاسة الى نوري المالكي، وفي الانتخابات التي تلتها عام 2014 فاز المالكي بأكثرية الاصوات في عملية تزوير لا مثيل لها في التأريخ القريب، ومع هذا تم إيقاظ حيدر العبادي من نومه، وقيل له “مبروك! أصبحت رئيسا لوزراء العراق”، والرجل بقي لوهلة يفرك عينية ليتأكد بأن الأمر ليس حلما، بل حقيقة. في الانتخابات الأخيرة فاز محمد شياع السوداني في عدد الأصوات، لكن شبح القاضي الولائي مدحت المحمود ما زال جاثما على صدر البرلمان من خلال تفسيره الكتلة الفائزة، فتحول النصر الى هزيمة، وتقلد السيف الاطار التنسيقي الشيعي عبر التحايل المتناغم والتخادم ما بين المفوضة العليا للانتخابات والقضاء المسيس، تحت ظلال الميليشيات المسلحة والمال السياسي الذي يفترض فيه ان تخضع الأحزاب السياسية الى قانون الأحزاب حول مصدر أموالها. ناهيك عن ان الدستور لا يسمح بامتلاك الأحزاب اذرع سياسية عند دخولها الانتخابات، لكن بذكاء الثعلب، ادعت تلك الأحزاب انها انفصلت عن الفصائل المسلحة، مع ان تلك الفصائل تأتمر بأمرة رؤساء الأحزاب وليس القائد العام للقوات المسلحة.
افرزت الانتخابات الأخيرة ما يقارب (100) برلماني جديد يقلدون الولي الفقيه في ايران، ولا نفهم كيف بارك ممثل الرئيس الأمريكي سافايا نتائج الانتخابات، وهو الذي صرح مرارا بأنه سيعمل على تقليص او انهاء النفوذ الإيراني في العراق!وصل الأمر من البشاعة بأن لجنة ثلاثية تتألف من الولائيين وهم عمار الحكيم (تيار الحكمة)، وهمام حمودي (المجلس الإسلامي)، وعبد الستار الفريجي (حزب الفضيلة) يقررون من يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء، اما أصوات الناخبين فقد رميت في مكب النفايات، ولا حيلة لمن صوت الا الصمت والحيرة، على ماذا اذن جرت الانتخابات طالما ان اللجنة الولائية هي من تختار رئيس مجلس الوزراء؟ بمعنى ان الأمر لا يخرج عن ايدي الولي الفقيه في ايران.
ثالثا: الغرض من الانتخابات في الأنظمة البرلمانية في كل دول العالم ـ ما عدا الأنظمة الدكتاتورية ـ هو اختيار مجلس النواب القادم، الذي سيتولى بدوره اختيار الحكومة، وبالتالي رئيس الجمهورية، بمعنى ان الرئاسات الثلاث ستعتمد على أصوات الناخبين فقط! لذا قيل بأن الشعب مصدر السلطات. لكن في العراق تحت مقصلة الديمقراطية حددت رئاسة البرلمان لأهل السنة، ورئيس مجلس الوزراء حصة الشيعة، ورئاسة الجمهورية حصة الأكراد، وهذا عرف ساد، وليس هناك نصا في الدستور يتضمنه، بمعنى انه لا يوجد أي دور لصوت الناخب في عملية الاختيار، فإن شارك أو رفض المشاركة فالأمر سيان. المحاصصة هي التي تفرض الأمر الواقع، وليس أصوات الناخبين التي لا قيمة لها.
رابعا: لا يمكن تناسي الدور الإيراني الذي مارس ضغوطا على المفوضية من اجل زيادة مقاعد الميليشيات المسلحة، فالأحزاب الولائية تصاعدت مقاعدها بشكل لا يعقله حتى المجانين، من مقعدين الى ما يقارب (20) مقعدا دون ان تجد أي سبب معقول يبرر هذا الأمر، فهل كان مثلا أداء عصائب اهل الحق وحزب الله العراقي وبقية الميليشيات عند حسن ظن العراقيين؟ كان يفترض على مبعوث الرئيس الأمريكي سافايا ان يهنئ الخامنئي على فوز مقلديه النواب الولائيين في البرلمان العراق، وليس الحكومة العراقية.
هناك قول مأثور في النرويج (.( Søppel inn, søppel ut.
ترجمته” القمامة تدخل والقمامة تخرج” وهذا ينطبق على البرلمان العراقي، كلهم قمامة من رئيس البرلمان ونوابه الى الأعضاء، كأن البرلمان مكب نفايات.
هل نشحن ذاكرة الشعب العراقي ونذكره بتصريح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في 26/3/2108، حيث ذكر” إن الإمام علي خامئني ابلغني هاتفيا مساء أمس بأن رئاسة الوزراء ستكون من حصتي في الانتخابات القادمة، وان خامئني قد أخبره من خلال الاتصال بأحد وكلاء الإمام المهدي الغائب، بأن نوري المالكي هو من سيشكل الحكومة القادمة وسيحصد اعلى الأصوات، وانه سيعمل بكل ما بوسعه لجعل العراق من افضل دول العالم في الخدمات واحترام حقوق الإنسان وصيانة كرامته”. بدلا من جعل العراق من افضل دول العالم جعله في المؤخرة وسلم ثلث أراضي العراق الى تنظيم داعش الإرهابي.
الخلاصة
كانت الانتخابات الحالية بمثابة الفرصة الأخيرة التي يمكن أن نثبت فيها للعالم وقبله نثبت لأنفسنا بأننا شعب واعي ومثقف يحب وطنه ويستفيد من الدروس والتجارب السابقة.شعب عصامي يستحق الحياة الكريمة لا يراهن على نفسه ولا على مستقبل الأجيال القادمة.شعب يستلهم الحكمة معززة بالعزيمة ليقرر ويختار مصيره بيده وليس بأوامر خارجية.شعب لا يضع الحبل حول رقبته ويستأذن الجلاد بخشوع ليتفضل بإعدامه!شعب لا ينسى من. أساء له وبدد أحلامه بنوايا شريرة، وحول مع سبق الإصرار والترصد الفردوس الأرضي إلى جهنمالعاقبة لنا وعلينا، وسنجني ثمارها هذه المرة، والمُرة قريبا، ولات ساعة مندم حري بالعراقيين ان يتذكروا قول السيوطي” لا تكن ممن يلعن إبليس في العلانية، ويواليه في السر”. (الكنز المدفون).