لقاء القادة الحكماء
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
محمد بن رامس الرواس
تاريخ العلاقات العُمانية- التركية يُكتب اليوم بمدادٍ جديد عنوانه الحكمة والاعتدال وفق رؤية مُشتركة طموحة، إذ إنَّ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- وفخامة رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، قائدان يؤمنان بأن المستقبل يُصنع بالسلام لا بالصدام، بالعقل لا بالانفعال، بالحوار لا بالقتال.
من مسقط إلى أنقرة، تمتد جسورٌ من الثقة والرؤية المشتركة التي تُعبِّر عن ائتلاف يؤمن بأنّ التوازن هو أرقى أشكال القوة، وأنّ دبلوماسية الحكمة هي الطريق الأقصر نحو سلامٍ يدوم وازدهارٍ يشمل الجميع.
إنَّ علاقات سلطنة عُمان والجمهورية التركية ليست وليدة اللحظة؛ فالتاريخ سجل تواصلًا قديمًا بين العُمانيين والعثمانيين عبر طرق التجارة البحرية في المحيط الهندي والبحر الأحمر، وهذه الروابط التاريخية منحت العلاقة الحالية عمقا حضاريا وثقافيا واقتصاديا، تسنده ذاكرة تاريخية مشتركة قوامها الإيمان بالتسامح والانفتاح وحسن المعاملة.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1973، مضت الشراكة في تصاعد مستمر حتى بلغت في عهد السلطان هيثم مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، ولقد جاءت زيارته الرسمية إلى أنقرة لتؤكد أنَّ البلدين لا يجمعهما الماضي فقط؛ بل يجمعهما أيضًا طموح المستقبل، حيث وُقعت اتفاقيات تعزز الاستثمار والتبادل التجاري والتعاون في مجالات الطاقة واللوجستيات والتعليم.
ومنذ تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم عام 2020، حرص جلالته على ترسيخ السياسة العُمانية الراسخة الجذور والقائمة على الحياد الإيجابي، والوساطة العاقلة، ومدّ الجسور بين الفرقاء، وفي المقابل يتبنّى الرئيس أردوغان سياسة خارجية تسعى إلى تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والتضامن الإنساني، خاصةً في القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
هذا الالتقاء في الرؤية يجعل من العلاقات العُمانية- التركية أنموذجًا مميزًا في المنطقة، فكلا القائدين يدرك أن بناء النفوذ الحقيقي لا يكون عبر الصراع؛ بل عبر القدرة على جمع المختلفين على طاولة الحوار، وصياغة لغة مشتركة تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون.
إن ما يجمع جلالة السلطان والرئيس أردوغان ليس فقط المصالح المشتركة؛ بل فلسفة متقاربة في إدارة الأزمات، فهما يؤمنان بأن الاعتدال لا يعني الضعف، وإنما هو أعلى درجات القوة؛ لأنه يقوم على الثقة بالنفس والقدرة على التوازن بين المبادئ والمصالح.
وسلطنة عُمان أنموذج في الوساطة الهادئة، تساهم في تقريب وجهات النظر الإقليمية وتعمل على تخفيف التوترات في المنطقة، وفي المقابل، تمارس تركيا دبلوماسية فعّالة ذات أفق إنساني، تُوازِن بين دورها الإقليمي والتزاماتها تجاه العالم الإسلامي.
اللافت في العلاقة بين مسقط وأنقرة أنها لم تقف عند الملفات السياسية؛ بل امتدت إلى الثقافة والتعليم والسياحة والاستثمار؛ فالشركات التركية تُسهم في مشاريع البنية الأساسية في السلطنة، في حين تمثل عُمان بوابة لتركيا إلى أسواق الخليج والمحيط الهندي. كما تتقاطع الرؤى في دعم الحوار بين الأديان والثقافات، ومساندة الجهود الدولية لحفظ السلام.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
طوفان أرهورمان يفوز بالانتخابات الرئاسية في قبرص التركية
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في "جمهورية شمال قبرص التركية" اليوم الأحد فوز رئيس الحزب الجمهوري التركي طوفان أرهورمان بالانتخابات الرئاسية على منافسه الرئيس الحالي أرسين تتار، وفق نتائج غير نهائية.
وينتمي أرهورمان إلى يسار الوسط الذي يفضل تجديد المفاوضات بشأن تسوية اتحادية مع القبارصة اليونانيين برعاية الأمم المتحدة، فيما يعرف عن الرئيس تتار تأييده حل الدولتين.
ويرفض القبارصة اليونانيون موقف تتار المؤيد لحل الدولتين، بينما تشهد محادثات السلام جمودا منذ عام 2017.
وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات بيرتان أوزرداغ -في تصريح صحفي- إن أرهورمان، فاز في سباق الانتخابات الرئاسية بحصوله على 62.76% من أصوات الناخبين، مقابل 35.81% لأرسين تتار.
وشدد أرهورمان عقب إعلان فوزه بالانتخابات أن "السياسة الخارجية سننتهجها بالتشاور مع تركيا بالتأكيد".
كما علق جودت يلماز، نائب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على نتائج الانتخابات قائلا إنها أظهرت نضج جمهورية قبرص التركية على مستوى الدولة والناخبين، مؤكدا أن أنقرة ستواصل الوقوف بجانبها "باعتبار تركيا وطنا أُمًّا ودولة ضامنة".
وتوجه الناخبون في وقت سابق صباح اليوم إلى صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية يُنظر إليها على أنها اختبار لإمكانية إحياء المحادثات الرامية إلى إعادة توحيد الجزيرة المقسمة.
وأقامت اللجنة العليا للانتخابات 777 صندوق اقتراع، يدلي فيها 218 ألفا و313 ناخبا بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد.
وبحسب دستور جمهورية شمالي قبرص التركية، يتعين على المرشح أن يحصل على الغالبية المطلقة من الأصوات الصحيحة للفوز بالرئاسة.
وقبرص جزيرة صغيرة متنازع تاريخيا على هويتها وتبعيتها بين تركيا واليونان، يدور على أرضها صراع سياسي بين المكونين الرئيسيين لسكان الجزيرة، وهما القبارصة ذوو الأصول اليونانية والقبارصة ذوو الأصول التركية.
إعلانوتتألف الجزيرة الآن من دولتين مستقلتين، إحداهما معترف بها وعضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وهي الجمهورية القبرصية وعاصمتها نيقوسيا، ومقامة على 65% من مساحة الجزيرة، والثانية مستقلة لكن غير معترف بها سوى من تركيا وتسمى "جمهورية شمالي قبرص التركية" ومقامة على 35% من مساحة الجزيرة.
ورغم جهود الأمم المتحدة، فإن الحل لا يزال بعيد المنال، حيث يتمسك القبارصة اليونانيون بالنظام الفدرالي، في المقابل تصر أنقرة والقبارصة الأتراك على حل الدولتين.