لجريدة عمان:
2025-12-10@13:07:48 GMT

صراع الشاشات والهوية العربية في زمن «نتفليكس»

تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT

استحواذ منصة البث المرئي العملاقة «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز ديسكفري» للإنتاج السينمائي مقابل 83 مليار دولار، لا يجب النظر إليه باعتباره صفقة عادية في سجل عمليات الدمج والشراء التي تشهدها صناعة الإعلام العالمية بين الحين والآخر.

هذا الاستحواذ بهذا المبلغ غير المسبوق يمثل، في تقديري، تحوّلًا ثقافيًا أكثر عمقًا واتساعًا من مجرد انتقال ملكية شركة إلى يد شركة أخرى، وإعادة توزيع قوى التأثير والهيمنة في العالم، وتوجيه مسار صناعة الترفيه نحو شكل جديد من الهيمنة الناعمة التي تمارسها المنصات الرقمية على الوعي واللغة والوجدان الجمعي لشعوب العالم، من خلال المحتوى السمعي والبصري الأكثر انتشارا وتأثيرا.

الصفقة التي أعلن عنها الجمعة الماضية، وجمعت بين منصة البثّ المرئي الرقمية الصاعدة وبين مؤسسة الإنتاج السينمائي التي تمتد جذورها لأكثر من مائة عام، تؤكد انتقال مركز الثقل الثقافي من التلفزيون التقليدي والسينما الكلاسيكية إلى منصات البث الرقمي العملاقة.

هذه المنصات لم تعد تكتفي بعرض المحتوى المرئي فقط، وتقوم إلى جانب ذلك بالمشاركة في إنتاجه وامتلاكه وتمويله والتحكم في وصوله للجمهور العالمي، الذي يُعاد تشكيله وفق نمط استهلاك سريع قد يضعف الهوية الوطنية ويحولها إلى هوية عالمية شديدة الاتساع والخطورة في الوقت نفسه.

شركة «نتفليكس» التي بدأت قبل عقدين من الزمن كخدمة تأجير أقراص فيديو ممغنطة «سي دي»، ثم تحولت إلى منصة بث تنافس القنوات التلفزيونية الفضائية، وأصبحت اليوم فاعلا إعلاميا مركزيا، ومؤسسة ثقافية كبرى تقود خدمات البث التليفزيوني التدفقي وتتحكم في الثقافة العالمية.

واقع الأمر أن استحواذ «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز» والشركات التابعة لها مثل شبكة «اتش بي أو» و «اتش بي أو ماكس» ، مع استثناء شبكة الأخبار العالمية «سي إن إن» التي سوف تنتقل إلى كيان منفصل، يندرج ضمن ما يمكن وصفه بأنه نموذج جديد من الهيمنة الإعلامية والثقافية من خلال السيطرة على مكتبات ضخمة من الأفلام والمسلسلات التي شكلت الذاكرة البصرية لأجيال كاملة.

وتكمن خطورة هذا التحوّل، في حرمان الجمهور من حقه في اختيار المحتوى التلفزيوني الذي يتعرض له، كما كان الأمر قبل سنوات، وإجباره على الاختيار من العروض التي تقدمها المنصة وما تقترحه خوارزمياتها، وما تدفعه إلى أعلى قوائم المشاهدة.

وهو ما يفسّر مخاوف صناع السينما ونقابات العاملين فيها، والمشرعين الأمريكيين من التحالف الجديد، مثل تراجع المنافسة، وإمكانية ارتفاع أسعار الاشتراك، وتقليص التنوع، فضلًا عن احتمال فقدان آلاف العاملين في هذه الصناعة وظائفهم، في ظل تضييق المساحات أمام شركات الإنتاج الأصغر أو الإنتاج المستقل الذي لا يملك التمويل الكافي.

هذا التحول في المشهد الإعلامي العالمي يبدو في ظاهره بعيدًا عنا في العالم العربي، لكن تأثيره يصل إلينا أسرع مما نتصور. فتضخم المنصات العالمية وتمركز حقوق البث في أيدي عدد قليل من الشركات والشبكات العملاقة يعني عمليًا أن الفضاء السمعي البصري العربي سوف يُعاد تشكيله وفق ما تنتجه الشركات الكبرى وليس وفق احتياجاتنا الثقافية.

ولا شك أن المحتوى التلفزيوني الأجنبي فائق الجودة والتكلفة الذي يحاصرنا من كل جانب ويقتحم شاشات الهواتف المحمولة والمنازل، وحتى السيارات يضع الإنتاج التلفزيوني والسينمائي العربي أمام تحد قاس وأزمة حقيقية، ويحتاج جهدا مضاعفا لكي يظهر وينافس ويشاهد، خاصة في ظل ضعف التمويل وغياب البنية الإنتاجية التحتية الشاملة القادرة على حماية هذا الإنتاج ومنحه القدرة على الانتشار عالميًا.

في ظل هذا التمدد السريع لمنصات البث الرقمية، يصبح من المشروع أن نسأل أنفسنا: ماذا يتبقى من الخصوصية الثقافية العربية إذا كان معظم ما يشاهده الشباب العربي أُنتج في بيئات ثقافية مختلفة؟ وكيف يمكن أن نحافظ على القيم المحلية في ظل التدفق غير المحدود لحكايات غربية مصنوعة بميزانيات ضخمة، وحرفية عالية وجودة من الصعب منافستها؟

في تقديري أن الأمر لم يعد مجرد صراع حضاري تقليدي بين ثقافة وأخرى، وتحول إلى صراع «هويات»، وسباق محموم على استعمار الذاكرة البصرية للشعوب، والسيطرة على الصورة التي ترى بها نفسها وتدرك بها العالم.

فالخيال الذي يُصنع في «هوليوود»، ويُضَخّ بكميات هائلة ونسخ مترجمة ومدبلجة عبر المنصات العملاقة مثل «نتفليكس»، لم يعد يحتاج تصريحا أو موافقات للبث، ويحتاج فقط اشتراكا شهريا لا يتعدى الريالات الخمسة ليصل إلى كل أفراد الأسرة؛ لكي يؤثر في اهتمامات ومعارف واتجاهات وربما قيم ومعتقدات وقناعات الجمهور العربي.

مع كل اندماج مشابه لصفقة «نتفليكس» الأخيرة، تتراجع الثقافات المحلية خطوة نحو الوراء لحساب الثقافة الغربية المهيمنة. هذا التراجع سوف يستمر ويتسع إذا ظلت أوضاعنا الإعلامية كما هي دون تغيير، ودون أن يكون لدينا رؤية استراتيجية للحفاظ على الهوية والثقافة العربية من خلال إنتاج مرئي قوي.

في هذا التوقيت الحرج علينا أن نتخذ خطوات للأمام. وأول هذه الخطوات تتمثل في إدراك الحجم الحقيقي للمشكلة وتداعياتها التي ربما تكون كارثية على الأجيال القادمة، وبعد ذلك يمكن التفكير في بدائل ومنصات تليفزيونية وسينمائية عربية رقمية قوية قادرة على المنافسة وإعادة الجمهور إلى الشاشات الوطنية، خاصة ونحن نملك رصيدا تاريخًيا كبيرا، وآداب وفنون ثرية، ومكتبات جيدة من المنتجات الدرامية العربية التي كانت مزدهرة في عقود سابقة. نحتاج إلى صناعة تليفزيونية تقوم على سلاسل إنتاج متكاملة، من الكتابة والتمويل والتصوير إلى التوزيع والتسويق والبث.

هذه الصناعة تحتاج مؤسسات قوية وصناديق دعم وإرادة سياسية وثقافية جادة.

رغم هيمنة «نتفليكس» وأخواتها على سوق البث التلفزيوني، تبقي الفرصة قائمة. العالم اليوم يبحث عن قصص جديدة وهويات وثقافات مختلفة، والمنصات الكبرى تحتاج إلى محتوى يثري مكتباتها ويبرز تنوعها. وقد رأينا كيف أثبتت بعض الأعمال الدرامية العربية قدرتها على الانتشار العالمي، ولاقت رواجًا واسعًا خارج حدودها حين حصلت على فرص عادلة.

المشكلة ليست في مواجهة «نتفليكس» أو منع بثها فقد أصبح هذا الأمر مستحيلا. المشكلة كيف نواجه الغزو الثقافي القادم عبر هذه المنصة وغيرها؟ والحل في اعتقادي في قيام تحالفات إنتاج فنية عربية، وسن تشريعات تسهّل الاستثمار الثقافي للحفاظ على الأمن الثقافي والوعي الجمعي للأمة العربية.

حين نتحدث عن المستقبل، فإن الزمن، كما يقال، لا ينتظر المترددين والمهمشين. وخلال السنوات القليلة القادمة قد نشهد اندماجات إعلامية أكبر قد تركز الثقافة العالمية كلها في يد ثلاث أو أربع منصات رقمية عملاقة فقط.

وإذا لم يتحرك العالم العربي الآن، فقد نجد أنفسنا في موقع المستهلك الأبدي للمنتج الثقافي الغربي. الأخطر أن ذلك يحدث دون ضجيج وبصمت ناعم تتسلل من خلاله الدراما التلفزيونية والأفلام السينمائية والأغاني والرسوم المتحركة.

يبدأ الأمر بمشاهدة واسعة للمحتوى العالمي، ثم يتحول مع الوقت إلى تطبيع ثقافي وجمالي ولغوي، يقلص المساحات المخصصة للثقافة المحلية في العقل الجمعي العربي، ويضعف الثقة في الذات الإبداعية العربية.

إن استحواذ «نتفليكس» على «وارنر براذرز» في صفقة تفوق ميزانيات بعض الدول، لم يبتلع شركة فقط، وكشف موقعنا الحقيقي في ساحة إعلامية عالمية جديدة تقوم على الإنتاج الضخم والتوزيع العابر للحدود والتأثير التراكمي طويل المدى.

والسؤال الذي يجب ألا يغيب عن أذهاننا هو: هل نترك المنصات العالمية تشكل وعي شعوبنا كما تشاء؟ أم نبدأ اليوم بتأسيس منصات وصناعات ومختبرات إبداع محلية قادرة على حمل صوتنا ورواية القصة من وجهة نظرنا، وقبل أن تتآكل هويتنا العربية؟

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

المشروع الإسلامي وتحديات العصر الحديث: استعادة الذات والهوية

أولا: مدخل فلسفي إلى سؤال المشروع الإسلامي

لسنا أمام سؤال فقهيّ جزئي، ولا أمام معركة هوية فحسب، بل أمام قلقٍ معرفي عميق: هل المشروع الإسلامي اليوم فكرة حيّة قادرة على تشكيل المستقبل؟ أم مجرّد حنين معلَّق بين كتب التراث وشعارات الحركات؟

هل أزمتنا أزمة نص؟ أم أزمة تطبيق؟ أم أعمق من ذلك: أزمة وعي فقد القدرة على رؤية الإسلام بما هو أكثر من "هوية دفاعية" أو "برنامج حزب"؟

ويُطرَح كثيرا -وبطريقة تُضلّل أحيانا- سؤال حول طبيعة المشروع الإسلامي: هل هو دولة؟ أم حضارة؟ أم حركة تحرّر طويلة المدى؟

المشكلة ليست في الإجابة، بل في السؤال نفسه؛ فالعقل الذي يصنع السؤال هو الذي يحدد مسار التفكير. كثيرٌ من الأسئلة المفروضة على الحركات الفكرية ليست نابعة من صميم تجربتها، بل من تصوّرات خارجية تريد حصرها في قوالب ضيّقة، وحين تُحبس الفكرة داخل سؤال غير منسجم مع واقعها، تفقد قدرتها على الحياة.

عندما نتحدث عن "المشروع الإسلامي" نخلط -من حيث لا نشعر- بين ثلاثة مستويات متمايزة:

1. الإسلام كدين: إيمان، وعبادة، وأخلاق، وعلاقة بالله، ومعنى للوجود.

2. الإسلام السياسي: تجربة حديثة لحركات وتنظيمات وبرامج انتخابية تعاملت -بدرجات متفاوتة- مع صدمة الدولة الحديثة والاستعمار والعلمنة.

3. المشروع الإسلامي: أفق حضاري طويل المدى، ورؤية للإنسان والمجتمع والعدل والمعرفة والزمن، ولعلاقة الأمة بالعالم.

الإشكال أنّ جزءا كبيرا من خطابنا المعاصر اختزل الإسلام في شعار دعوي يعد بكل شيء دون أن يغيّر شيئا في البنية العميقة للمجتمع، بينما نحن بحاجة إلى دمج سليم وواعٍ بين الإسلام كهوية شعورية: "أنا مسلم"، والإسلام كمنظومة قيم: العدل، الأمانة، الحرية، التكافل، والإسلام كإطار حضاري يرى العالم من زاوية مختلفة عن الرأسمالية المتوحشة أو القومية المنغلقة.

بدون هذا الدمج، وداخل مشروع إيجابي واقعي، يتحول "المشروع الإسلامي" إلى كلمة جميلة تُستعمل في كل اتجاه دون مضمون حقيقي.

التجارب الكبرى في التاريخ لم تولد من الشعارات، بل من الأزمات: القومية من جرح الهزيمة، والاشتراكية من الفقر والظلم، والليبرالية من الاستبداد، والوجودية من اغتراب الإنسان.

والمشروع الإسلامي لن يُبعث من جديد إلا إذا التقط أزمة الانسان اليوم. كل مشروع حضاري يمكن أن يتحول إلى بنية جامدة إذا جمد الزمن داخله، فالعالم -رغم أزماته- يطور أفكاره باستمرار، بينما يخشى كثير من الإسلاميين الزمن، وكأن دخوله خطر على الدين نفسه.

لذلك تصبح استعادة حرية السؤال شرطا لبقاء المشروع: كسر الثنائية الزائفة بين "الأسئلة المقبولة" و"الاتهام بالخروج عن الإجماع".

الحضارة هي الإنسان حين يتفاعل مع العالم بكل أبعاده: والفكر، والروح، والمادة، والواقع. وبدون هذا التفاعل، تصبح الفكرة مجرد ذكرى جميلة.. لا تصنع حياة.

فحياة الحضارة أو موتها مرهونان بمدى تفاعلنا معها فعلا لا وصفا: قولا وعملا، كتابة وتطبيقا، نقدا وتجريبا. كل ما نعرفه عن الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة جاء من محاولات تطبيق وتطوير أفكارهم بما يناسب مجتمعاتهم.

هنا نصل إلى جوهرٍ بالغ الأهمية: الفكرة لا تموت حين تُهزم سياسيا، بل حين تفقد القدرة على أن تسأل، والمشروع الإسلامي لا يحتاج إلى مزيد من الشعارات، بل إلى أن يستعيد حقه الطبيعي في أن يسأل، ويتفاعل، ويدخل العصر دون خوف من العصر. فالفكرة التي تخاف العالم لا يمكن أن تغيّره.

ثانيا: سياق القرن.. من الجغرافيا الممزقة إلى الترامبية الإمبراطورية

لإقامة مشروع حضاري لا يكفي أن نملك الفكرة والوعي والطاقة الأخلاقية، لا بد من دولة تحمي هذا المشروع وتمنحه أدوات القوة؛ لا لتحتكرها، بل لتحرس الفضاء الذي ينمو فيه.

الغرب لم يقم دولا قومية فقط، بل نسج حولها منظومة حضارية واحدة: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كتلتان للأمن والاقتصاد والقيم الليبرالية، وخطاب عالمي عن الحرية وحقوق الإنسان. تعمل هذه المنظومة كـ"دولة حضارية موسعة" تحرس مشروعا واحدا: استدامة التفوق الغربي.

في المقابل يُطلب من المشروع الإسلامي أن يعيش بلا وحدة وطنية حقيقية، بلا دولة تحمي استقلال القرار، بلا كتلة حضارية متكاملة.. ثم يُحاسَب على عجزه عن النهوض. الدولة هنا ليست النهاية، بل محطةٌ في طريق طويل.

من 1900 إلى 2025 تحرك المشروع الإسلامي فوق أرض تتشقّق بلا توقف: استعمار، إسقاط الخلافة، الدول القُطرية، الهزائم، صعود الأنظمة الشمولية، الانقلابات، النيوليبرالية، الربيع العربي، الثورات المضادة، وحروب لا تنتهي.. وصولا إلى اللحظة الراهنة التي تكتنفها ترامبية عالمية تُكرّس القوة الفجّة وتكشف هشاشة القانون الدولي.

هذا ليس سردا تاريخيا، بل تعريفٌ للسياق الذي يتحرك فيه المشروع الإسلامي: داخل شبكة معقّدة من القوى والفرص والتهديدات. فهناك قوى هائلة أعادت تشكيل معنى الدين، وموقع الإنسان، وحدود الممكن السياسي. وفي هذا العالم لم يعد الدين مجرد عقيدة، بل أصبح هوية ورمزا ومساحةَ انتماء نفسي، وأحيانا وسيلة للنجاة من التيه.

في عالم سريع ومفتوح، يتحول الإيمان عند كثير من الشباب من يقين إلى سؤال، ومن سؤال إلى تيه، ومن تيه إلى بحث جديد. يكاد التحول الديني اليوم يكون مرآة دقيقة لقلق الإنسان المعاصر.

وأكثر ما يكشف عمق الأزمة هو لغة الشباب أنفسهم: لغة مباشرة، بلا تكلّف، تُظهر تداخل المفاهيم وغياب المرجعية: "أنا مسلم ثقافيا، لكن مش متأكد إني أؤمن بالله".. "أحاول أكون إنسانا جيدا.. مش مهم شوية آكل خنزير".. "فقدت إيماني في الصف الثالث لما اكتشفت أن حصة الدين كانت عن دين واحد فقط".

هذا ليس فقط ضعف إيمان، بل تحول عميق في علاقة الأجيال بالدين: الإسلام كاسم، كهويّة عائلية، كأخلاق عامة منزوعة المرجعية.. ومشروع إسلامي شبه غائب عن المخيلة.

هكذا نجد أنماطا جديدة لهذه العلاقة: التدين الانتقائي، الإلحاد الدفاعي، اللاأدرية، الروحانية الفردانية، وفصل الدين عن المجال العام. هذا في الغرب بشكل كبير، أما في عالمنا العربي فتنشأ صراعات أخرى: دعوات لفصل السياسة عن الدين تجعل الدين بلا سلطة، بلا مشروع.. لنجد أنفسنا أمام عقلية سجالية تحكم المشهد الإسلامي ما بين: سلفية تلغي إعمال العقل، واتّباع منبهر بالغرب يجعل العقل إلها، وبين التأليه والتعطيل يُجمد الفكر، ويُتم وأد العقل النقدي الذي يملك أن يقترح مشروعا معاصرا بلا خوف أو عقدة نقص.

أزمة الخطاب الديني في عصر الشبكات:

يتراجع الخطاب الوعظي التقليدي لأنه يتحدث بلغة الماضي إلى إنسان يعيش في زمن آخر.. شاب يقاتل اكتئابا لا تفيده خطبة عن الصبر.. فتاة تواجه عالم الصورة والجسد فلا تكفيها قائمة محاذير.. جيل يعيش في فضاء مفتوح يسبق فيه السؤال كل إجابة جاهزة.

السؤال اليوم ليس: هل نحتاج خطابا دينيا؟ بل: أي خطاب نحتاج؟ هل نحتاج خطابا يجلد الأسئلة، أم يحتضنها؟ خطابا يطارد الشك، أم يحوله إلى بداية بحث؟ خطابا يهرب من العصر، أم يدخل إليه ليطهّره لا ليستسلم له؟

وختاما:

بدون تجديد جذري، سيظل المشروع الإسلامي هشّا، غامضا، عاطفيا.. لا مشروعا حضاريا يشارك الأجيال بناء الغد.

مقالات مشابهة

  • 24 شركة ناشئة بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه تقدم حلولًا نوعية لاحتياجات قطاع المياه
  • ذكرى رحيل يحيى حقي .. أيقونة الأدب العربي التي لا تغيب
  • العربية للتصنيع: وقعنا عقد شراء مع شركة داسو الفرنسية لأول قطعتين من الطائرة الفالكون
  • ترامب يزيد الغموض حول استحواذ نتفليكس على وارنر براذرز ديسكفري
  • المشروع الإسلامي وتحديات العصر الحديث: استعادة الذات والهوية
  • بهدف تطوير القطاع في الوطن العربي.. المنظمة العربية للسياحة تطلق مبادرة “المقاصد السياحية الشاملة والمستدامة 2030”
  • عاجل- رئيس الوزراء: مصر ملتزمة بدعم الأمن الغذائي العربي والأفريقي وتعزيز التعاون الإقليمي
  • وزير النفط يبحث تعزيز الإنتاج وتطوير الحقول مع شركة «أو إم في»  النمساوية
  • برج السرطان.. حظك اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025: ابتعد عن الشاشات