من سيلحق بكندا... في التعامل بالمثل مع ترامب؟
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
تطرّق مارك كارني، رئيس وزراء كندا، بصراحة خلال الأيام الثلاثة الماضية، إلى أزمة انعدام الثقة التي تعيشها علاقات بلاده مع «جارتها» الكبرى الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المتحمّس جداً لـ«حرب» التعرفات الجمركية التي يشنّها على القوى الاقتصادية الكبرى، قد قرّر، بالأمس، إنهاء المفاوضات التجارية بين بلاده وكندا.
الواقع أن إجراءات ترمب «الحمائية» هذه باتت تُفرض على كل القوى الاقتصادية الكبرى العالمية - حليفةً كانت أم منافسة - بهدف معالجة أزمات البنيوية المتراكمة في الاقتصاد الأميركي. والقصد هنا استخدام «قوة العضلات» السياسية الأميركية لتعويض قلة كفاءتها الاقتصادية.
كل قادة العالم باتوا متيقّنين من هذا الأمر.
الكل توصّلوا إلى رسم صورة دقيقة لشخصية «سيد» البيت الأبيض، ومعظمهم يحاول - ما أمكن - التعايش مع حقيقة ليس بمقدوره تغييرها، ولو كان يتمنى ذلك. إذ إن المسألة تعود إلى المواطن الأميركي الذي هو صاحب القرار. فهو الذي ينتخب، وهو الذي يعترض، وهو الذي يكافئ، وهو الذي يحاسب... فيفوّض أو يعزل!
وبالتالي، حسْب قادة العالم، في هذه الأثناء، التعامل بهدوء مع ترمب، وبالحد الأدنى من الإشكاليات... طالما ظل هذا ممكناً.
سياسات ترمب في «المسرح الأوروبي»، مثلاً، تثير مخاوف دول غربية عدة منذ بعض الوقت، بسبب مواقف الرئيس الأميركي من القيادة الروسية، وخاصة إزاء أوكرانيا. وأيضاً «العلاقات الأطلسية»، وفق كوكبة من المهتمين، ليست في أفضل حالاتها بينما يستعين عقلاء أوروبا الأطلسيون في قضاء حاجاتهم بالكتمان!
أميركا اللاتينية أيضاً، تتابع بقلق، هذه الأيام، تهديدات واشنطن الصدامية لكل من فنزويلا وكولومبيا، بينما رصدت 40 مليار دولار لإنقاذ تجربة الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلاي... وهذا وسط استمرار فترة الإغلاق الحكومي الأميركي!
وفي شرق آسيا، أيضاً، لا يخلو الوضع من التوتر في غياب نهج واضح المعالم عند إدارة ترمب إزاء الصين. وهذا، مع أن ثمة مَن يشير إلى أن «المواجهة» بين واشنطن وبكين حيال تايوان لا تبدو مستعجلة، وسط انهماك العملاقين الأميركي والصيني في سباق التقنيات التطبيقية وحرب السايبرانيات العالية... والتمدّد الحثيث في رياح الدنيا الأربعة.
وما دمنا في آسيا، لماذا ننسى جنوب القارة وغربها؟ ألم تذّكرنا العمليات العسكرية عبر الحدود الباكستانية - الأفغانستانية بوجود «نار تحت الرماد»؟ وماذا عن قنبلة العداء النووي الموقوتة بين الهند وباكستان... ودور قوى اليمين المتشدد النافذة في القوتين النوويتين المتعاديتين منذ 1947، بما فيها «أوليغارشيي» الهند المليارديرات من داعمي رئيس الوزراء ناريندرا مودي؟ بل، كيف ستكون تداعيات مزاجية سياسات ترمب، وتعرفاته الجمركية، مع التسابق الهندي – الصيني باتجاه أسواق الغرب؟
ولكن، فيما يخصّنا نحن أهل غرب آسيا، أزعم أن مزاجية واشنطن ذهبت بعيداً جداً في إرباك المشهد، بين الرؤية الاستراتيجية – حتى في غياب المبادئ ودروس التاريخ – والتسويات التكتيكية التي يستسيغ الرئيس ترمب عدّها «صفقات».
إذ اليوم لا تلوح في الأفق معالم رؤية استراتيجية حقيقية لمستقبل منطقتنا الممتدة من إيران إلى ليبيا والسودان. ولا يبدو فعلياً – باستثناء كلام «رفع العتب» – وجود روادع جدّية لأطماع اليمين التوراتي الإسرائيلي، وهذا بينما «تُختم» جراح الكيانات العربية الهشّة قبل الالتئام أو إكمال العلاج الشافي:
فلا الانتخابات العامة في العراق تعِد بالكثير طالما بقيت العلاقات الأميركية – الإيرانية في حالة «لا حرب ولا سلم».
ولا سوريا استعادت أنفاسها ونفْسَها... ومعها، وعيها لهويّتها ودورها عربياً وإقليمياً. ولا لبنان في وضع يسهّل له الإذعان لإملاءات موفدي واشنطن من دون حرب، بل حروب أهلية مدمّرة.
وأخيراً لا آخراً، في فلسطين - غزة، وأيضاً في فلسطين - الضفة، من المشكوك فيه حقاً أن يكون لدى واشنطن رغبة حقيقية في إعادة بناء دمار واسع... يُقال إنه كان «مطلوباً»، بل و«مخطّطاً له»، قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023!
«العلاقة الخاصة» بين بلاده والولايات المتحدة تحوّلت من تحالف إلى عبء
هذا هو عالم اليوم... من دون أوهام.
رئيس الوزراء الكندي كارني، قال للمراسلين، لدى بدئه جولته الآسيوية التي تشمل حضور قمتين، ما معناه أن «العلاقة الخاصة» بين بلاده والولايات المتحدة تحوّلت من تحالف إلى عبء. وأردف بصراحة أن كندا جاهزة لاستئناف مفاوضات التجارة مع واشنطن «ولكن، حين تكون الأخيرة جاهزة ومستعدة».
وتابع أن كندا «لا تستطيع التحكّم في سياستها التجارية» مع «جارتها» العظمى، بينما تفرض الأخيرة رسوماً على الجميع، قبل أن يلمح - والقصد هنا واضح - إلى خياراته البديلة، فيقول إن كندا قادرة على إدارة شراكات وفرص جديدة، بما في ذلك مع «عمالقة الاقتصاد في آسيا». ثم إنه سبق لكارني القول في مارس (آذار) الماضي، منذ اتضاح معالم سياسة واشنطن الاقتصادية، إن العلاقات التقليدية القائمة على تعميق التكامل الاقتصادي بين كندا والولايات المتحدة «انتهت»، وبات على بلاده إعادة تشكيل ملامح اقتصادها بشكل جذري.
ختاماً، وللتذكير فقط، كارني ليس شخصية «عالم - ثالثية» معادية لواشنطن، ولا هو سياسي ثوري راديكالي، بل رجل أعمال ومصرفي محترف، ومسيحي أبيض من أصول آيرلندية، تخرّج في جامعتي هارفارد (البكالوريوس) وأوكسفورد (الماجستير والدكتوراه) العالميتين الراقيتين... وسبق له أن كان رئيساً لبنك إنجلترا المركزي.
الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه كندا البيت الأبيض العربية العرب كندا البيت الأبيض ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: إبعاد توني بلير من “مجلس السلام” الذي اقترحه ترامب بشأن غزة
#سواليف
أفادت صحيفة فايننشال تايمز أن الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب استبعد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق #توني_بلير من “ #مجلس_السلام ” المقترح لقطاع #غزة، وذلك عقب #اعتراضات من عدة #دول_عربية وإسلامية.
وكان بلير الشخصية الوحيدة التي كشف عنها ترامب عند إعلانه خطته المكوّنة من 20 بندًا لإنهاء الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة #حماس أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، وقد وصف بلير خطة ترامب بأنها “جريئة وذكية”، معربًا عن استعداده للعمل ضمن المجلس.
إلا أن دولًا عربية وإسلامية أبدت تحفظات حيال مشاركة بلير، على خلفية فقدانه المصداقية في المنطقة بسبب دعمه #غزو_العراق عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة، كما أن بلير، الذي شغل منصب مبعوث للشرق الأوسط بعد مغادرته رئاسة الوزراء عام 2007، كان يعمل على تصورات خاصة لإعادة الإعمار وإدارة غزة لأكثر من عام بصفة شخصية.
مقالات ذات صلة ينال فريحات: مطلب زيادة الرواتب ليس خياليا 2025/12/08ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين من بلير أنه لن يكون عضوًا في “مجلس السلام”، لكنه متوقع أن ينضم بدلًا من ذلك إلى “اللجنة التنفيذية” إلى جانب جاريد كوشنر صهر ترامب، والمبعوث ستيف ويتكوف، إضافة إلى مسؤولين كبار من دول عربية وغربية.
ووفقاً للصحيفة فستكون مهمة هذه اللجنة التنسيق بين “مجلس السلام” ولجنة فلسطينية تكنوقراطية ستتولى إدارة شؤون القطاع اليومية.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه “اللجنة التنفيذية” لم تكن واردة أصلًا في خطة غزة، وتمت إضافتها مؤخرًا في إطار إعادة تشكيل آلية العمل المقترحة.
وتزامن تعثر خطة ترامب مع استمرار الهدنة الهشة المعلنة قبل أكثر من شهرين، وقد نقلت صحيفة ذا ناشيونال عن خبيرة في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قولها إن الاحتلال الإسرائيلي يستغل الهدنة لـ”مواصلة التطهير العرقي للفلسطينيين”.
وقالت المقررة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، خلال مشاركتها في منتدى الدوحة بقطر، إن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى لـ“سحق” حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وكان ترامب قد تعهّد عند إعلانه خطته بالكشف عن قادة دول سيشكلون بقية أعضاء “مجلس السلام” خلال “الأيام المقبلة”، إلا أنه لم تُسجَّل أي تعيينات جديدة حتى الآن.