في تطور جديد على مسار إحياء العملية السياسية في اليمن، عقد رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام لقاءً مع المبعوث الأممي إلى اليمن، جرى خلاله بحث مسار السلام وما تضمنته خارطة الطريق المقدَّمة للأمم المتحدة والمتفق عليها مسبقًا مع الجانب السعودي برعاية سلطنة عُمان.

يمانيون / تحليل / خاص

وخلال اللقاء، أكد عبدالسلام على ضرورة استئناف العمل بتنفيذ بنود الخارطة، مشيرًا إلى أن الاستحقاقات الإنسانية تأتي في مقدمة أولوياتها، ومشدِّدًا على أنه لا يوجد أي مبرر للاستمرار في المماطلة أو تأجيل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، في إشارة إلى حالة الجمود التي تعتري الملف السياسي منذ أشهر.

تعكس تصريحات رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام ، ملامح مرحلة سياسية دقيقة تمر بها العملية التفاوضية، إذ تندرج هذه التصريحات ضمن سياق مزدوج يجمع بين الدفع باتجاه استئناف تنفيذ خارطة الطريق، وبين إعادة صياغة الموقف من المنظمات الدولية على ضوء التطورات الأمنية الأخيرة.
اللقاء لم يكن بروتوكوليًا، بل حمل دلالات سياسية وأمنية تؤشر إلى تحولات في حسابات صنعاء تجاه الأمم المتحدة والرياض على السواء.

 

مضمون التصريحات ومساراتها السياسية

أكد عبدالسلام خلال اللقاء أن وفد صنعاء بحث مع المبعوث الأممي خارطة الطريق المسلمة للأمم المتحدة والمتفق عليها مع الجانب السعودي برعاية سلطنة عُمان، مشددًا على ضرورة استئناف العمل على تنفيذها دون مماطلة.
هذا الموقف يعكس تمسك صنعاء بالإطار التوافقي السابق الذي تم التوصل إليه بوساطة عُمانية، ويُعيد التأكيد على أن أي مسار جديد لا بد أن ينطلق من تفاهمات تم تثبيتها مسبقًا، لا من طرح مبادرات بديلة.

يشير ذلك إلى أن صنعاء ترفض إعادة التفاوض من نقطة الصفر، وتطالب الأمم المتحدة بدور ضامن ومتابع لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فعلاً، خصوصًا في ما يتعلق بـ الاستحقاقات الإنسانية والاقتصادية كدفع الرواتب وفتح الموانئ والمطارات.
هذه النقطة تمثل جوهر موقف صنعاء التفاوضي، خصوصاً أن السعودية تماطل في التنفيذ بانتظار ترتيبات سياسية وأمنية جديدة على الأرض.

 

الإشارة إلى أن الاستحقاقات الإنسانية في مقدمة أولويات الخارطة، تكشف أن المعاناة الإنسانية هي ورقة صنعاء الأهم وهي ذات بعد سياسي، فصنعاء تسعى إلى تثبيت معادلة جديدة مفادها أن تحسين الوضع الإنساني ليس منّةً دولية، بل التزام متبادل يجب أن يسبق أي نقاش سياسي لاحق، بهذا، تحاول صنعاء نزع الطابع الفني عن الملف الإنساني وإحالته إلى إطار سيادي وحقوقي، بحيث تصبح إجراءات كرفع الحصار ودفع الرواتب وفتح الممرات مكونات أساسية لأي اتفاق وليس مجرد إجراءات بناء ثقة.

 

ملف العاملين في المنظمات .. بين الدفاع والهجوم

فيما يتعلق باحتجاز عدد من العاملين في المنظمات الدولية يشكل نقطة حساسة وفي ذلك أكد محمد عبدالسلام أن صنعاء لا ترى مصلحة في احتجاز أي شخص دون مسوغ، لكنه في الوقت ذاته قدّم رواية أمنية تفيد بأن الأجهزة المختصة تمتلك أدلة على تورط بعض العاملين في أنشطة تجسسية تحت غطاء العمل الإنساني.

هذه المكاشفة الصريحة والواضحة تهدف إلى تحقيق توازن بين طمأنة الأمم المتحدة من جهة، وتثبيت مشروعية الإجراءات الأمنية من جهة أخرى.
ومن خلال عرضه استعداد صنعاء لتقديم الوثائق والأدلة، يسعى وفد صنعاء إلى تقديم الواقع الصريح من قرارات الاحتجاز،كونها قرارات سيادية مبررة ومقرونة بالأدلة،  وتحويلها إلى ملف قانوني أمني خاضع للنقاش المؤسسي وليس السياسي، وهنا رسالة مزدوجة للأمم المتحدة من جهة أننا منفتحون على التعاون لكننا لن نسمح بانتهاك أمننا الداخلي، وللمنظمات الدولية من جهة أخرى أن استمرار عملكم مشروط بالالتزام بمهامكم الإنسانية فقط.

 

الأبعاد الإقليمية ودور عُمان

الإشارة  إلى رعاية سلطنة عُمان للاتفاق مع السعودية تحمل دلالة دبلوماسية مهمة، إذ تريد صنعاء تذكير جميع الأطراف بأن خارطة الطريق ليست وثيقة أممية مجردة، بل نتاج وساطة إقليمية شرعية، وهذا يمنحها بعدًا تفاوضيًا إضافيًا، لأن أي تراجع عن الخارطة قد يُفسر كإخلال باتفاق تم برعاية وسيط موثوق إقليميًا.

كما أن التأكيد على الدور العُماني يأتي في وقت تتراجع فيه فاعلية الأمم المتحدة كمحرك رئيسي في الملف اليمني، مما يشير إلى تمسك صنعاء بالمقاربة الإقليمية على حساب المسار الأممي التقليدي.

 

قراءة في الدلالات والرسائل
دعوة ضمنية للأمم المتحدة لتفعيل دورها الرقابي، مع تحميلها مسؤولية السكوت عن المماطلة في تنفيذ الخارطة، أي مطالبة بانتقال الأمم المتحدة من موقع المراقب إلى موقع الضامن.

وتأكيد على أن صنعاء ما زالت تعتبر الاتفاق قائمًا، وأن أي تعطيل لا يمكن تبريره سياسيًا أو إنسانيًا، ما يعني أن صنعاء تضع الرياض أمام اختبار المصداقية.

 

خاتمة

تصريحات محمد عبدالسلام تمثل مزيجًا من التطمين والإنذار، طمأنة للأمم المتحدة بأن صنعاء لا ترفض السلام، وإنذار بأنها لن تقبل استمرار المماطلة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، إنها رسالة سياسية محسوبة بعناية، تشير إلى أن صنعاء تسعى إلى تثبيت معادلة جديدة في المشهد اليمني تقوم على مبدأ الالتزامات الإنسانية أولًا، والسيادة الأمنية غير قابلة للمساومة.

وفي ظل المعادلات الإقليمية المتحركة، يبدو أن خارطة الطريق اليمنية تقف اليوم على مفترق حساس بين التفعيل والانهيار، وأن قدرة الأمم المتحدة على التعامل مع رسائل صنعاء بمرونة وحزم ستحدد إلى حد كبير شكل المرحلة المقبلة من مسار السلام في اليمن.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: محمد عبدالسلام للأمم المتحدة الأمم المتحدة خارطة الطریق وفد صنعاء أن صنعاء من جهة إلى أن

إقرأ أيضاً:

غوتيريش يطالب بمحاسبة المسؤولين عن قصف مقر «يونيسفا» بكادقلي

أنطونيو غوتيريش أكد أن الهجمات التي تستهدف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قد ترقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الدولي.

التغيير: وكالات

أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة، الهجمات المروّعة بالطائرات المسيّرة التي استهدفت قاعدة كادقلي في السودان، السبت، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين بجراح- جميعهم من أفراد الكتيبة البنغلاديشية لحفظ السلام التي تخدم في قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا).

وكان الجيش السوداني اتهم قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجوم الذي استهدف مقراً أممياً في كادقلي بمسيرة انتحارية وثلاثة صواريخ، ما أدى لمقتل أفراد من كتيبة بنغلاديش، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الانتهاكات التي تقع على الأرض.

ونبه الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان أصدره، السبت، إلى أن “الهجمات التي تستهدف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قد ترقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الدولي”.

وتقدم الأمين العام بخالص وأحرّ التعازي إلى حكومة بنغلاديش، وإلى عائلات الضحايا. وتمنى الشفاء العاجل للمصابين، مؤكدا أنه يتم تقديم الدعم لحفظة السلام الذين أصيبوا بجراح قبل إجلائهم.

وذكّر غوتيريش جميع أطراف النزاع في السودان بالتزامهم بحماية موظفي الأمم المتحدة والمدنيين، وقال إن الهجمات التي استهدفت قوات حفظ السلام في جنوب كردفان اليوم “غير مبررة، ولا بد من محاسبة المسؤولين عنها”.

كما أعرِب عن تضامنه مع الآلاف من حفظة السلام الذين يواصلون الخدمة تحت الراية الزرقاء في أخطر البيئات.

وكرر الأمين العام دعوته للأطراف المتحاربة للاتفاق على وقف فوري للأعمال العدائية واستئناف المحادثات للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار “وعملية سياسية شاملة وجامعة ومملوكة للسودانيين”.

الوسومأنطونيو غوتيريش الأمم المتحدة الأمين العام للأمم المتحدة القانون الدولي جرائم حرب جنوب كردفان قوات حفظ السلام قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا) كادقلي كتيبة بنغلاديش

مقالات مشابهة

  • تيتيه: الحوار ركيزة في خارطة الطريق الأممية لتوسيع المشاركة الوطنية
  • انطلاق فعاليات منتدى تحالف الأمم المتحده للحضارات بالرياص
  • غوتيريش يطالب بمحاسبة المسؤولين عن قصف مقر «يونيسفا» بكادقلي
  • قتلى في هجوم استهدف مبنى للأمم المتحدة بالسودان
  • فرانس برس: 6 قتلى على الأقل في قصف استهدف مبنى للأمم المتحدة في السودان
  • وزير الخارجية يلتقي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية
  • غوتيريش والصفدي يبحثان دعم الأونروا في ظل الكارثة الإنسانية بغزة
  • الأمم المتحدة تختار (برهم صالح) ليكون مفوضا لشؤون اللاجئين
  • الإمارات تؤكد الالتزام بمواصلة العمل لمواجهة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة
  • الصفدي وغوتيريش يؤكدان دعم الأردن المستمر لوكالة “الأونروا” في مواجهة الأزمة الإنسانية في غزة