الأمم المتحدة تتلقى رسالة حازمة من صنعاء .. الالتزامات الإنسانية أولًا، والسيادة الأمنية غير قابلة للمساومة (تفاصيل)
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
في تطور جديد على مسار إحياء العملية السياسية في اليمن، عقد رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام لقاءً مع المبعوث الأممي إلى اليمن، جرى خلاله بحث مسار السلام وما تضمنته خارطة الطريق المقدَّمة للأمم المتحدة والمتفق عليها مسبقًا مع الجانب السعودي برعاية سلطنة عُمان.
يمانيون / تحليل / خاص
وخلال اللقاء، أكد عبدالسلام على ضرورة استئناف العمل بتنفيذ بنود الخارطة، مشيرًا إلى أن الاستحقاقات الإنسانية تأتي في مقدمة أولوياتها، ومشدِّدًا على أنه لا يوجد أي مبرر للاستمرار في المماطلة أو تأجيل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، في إشارة إلى حالة الجمود التي تعتري الملف السياسي منذ أشهر.
تعكس تصريحات رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام ، ملامح مرحلة سياسية دقيقة تمر بها العملية التفاوضية، إذ تندرج هذه التصريحات ضمن سياق مزدوج يجمع بين الدفع باتجاه استئناف تنفيذ خارطة الطريق، وبين إعادة صياغة الموقف من المنظمات الدولية على ضوء التطورات الأمنية الأخيرة.
اللقاء لم يكن بروتوكوليًا، بل حمل دلالات سياسية وأمنية تؤشر إلى تحولات في حسابات صنعاء تجاه الأمم المتحدة والرياض على السواء.
مضمون التصريحات ومساراتها السياسية
أكد عبدالسلام خلال اللقاء أن وفد صنعاء بحث مع المبعوث الأممي خارطة الطريق المسلمة للأمم المتحدة والمتفق عليها مع الجانب السعودي برعاية سلطنة عُمان، مشددًا على ضرورة استئناف العمل على تنفيذها دون مماطلة.
هذا الموقف يعكس تمسك صنعاء بالإطار التوافقي السابق الذي تم التوصل إليه بوساطة عُمانية، ويُعيد التأكيد على أن أي مسار جديد لا بد أن ينطلق من تفاهمات تم تثبيتها مسبقًا، لا من طرح مبادرات بديلة.
يشير ذلك إلى أن صنعاء ترفض إعادة التفاوض من نقطة الصفر، وتطالب الأمم المتحدة بدور ضامن ومتابع لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فعلاً، خصوصًا في ما يتعلق بـ الاستحقاقات الإنسانية والاقتصادية كدفع الرواتب وفتح الموانئ والمطارات.
هذه النقطة تمثل جوهر موقف صنعاء التفاوضي، خصوصاً أن السعودية تماطل في التنفيذ بانتظار ترتيبات سياسية وأمنية جديدة على الأرض.
الإشارة إلى أن الاستحقاقات الإنسانية في مقدمة أولويات الخارطة، تكشف أن المعاناة الإنسانية هي ورقة صنعاء الأهم وهي ذات بعد سياسي، فصنعاء تسعى إلى تثبيت معادلة جديدة مفادها أن تحسين الوضع الإنساني ليس منّةً دولية، بل التزام متبادل يجب أن يسبق أي نقاش سياسي لاحق، بهذا، تحاول صنعاء نزع الطابع الفني عن الملف الإنساني وإحالته إلى إطار سيادي وحقوقي، بحيث تصبح إجراءات كرفع الحصار ودفع الرواتب وفتح الممرات مكونات أساسية لأي اتفاق وليس مجرد إجراءات بناء ثقة.
ملف العاملين في المنظمات .. بين الدفاع والهجوم
فيما يتعلق باحتجاز عدد من العاملين في المنظمات الدولية يشكل نقطة حساسة وفي ذلك أكد محمد عبدالسلام أن صنعاء لا ترى مصلحة في احتجاز أي شخص دون مسوغ، لكنه في الوقت ذاته قدّم رواية أمنية تفيد بأن الأجهزة المختصة تمتلك أدلة على تورط بعض العاملين في أنشطة تجسسية تحت غطاء العمل الإنساني.
هذه المكاشفة الصريحة والواضحة تهدف إلى تحقيق توازن بين طمأنة الأمم المتحدة من جهة، وتثبيت مشروعية الإجراءات الأمنية من جهة أخرى.
ومن خلال عرضه استعداد صنعاء لتقديم الوثائق والأدلة، يسعى وفد صنعاء إلى تقديم الواقع الصريح من قرارات الاحتجاز،كونها قرارات سيادية مبررة ومقرونة بالأدلة، وتحويلها إلى ملف قانوني أمني خاضع للنقاش المؤسسي وليس السياسي، وهنا رسالة مزدوجة للأمم المتحدة من جهة أننا منفتحون على التعاون لكننا لن نسمح بانتهاك أمننا الداخلي، وللمنظمات الدولية من جهة أخرى أن استمرار عملكم مشروط بالالتزام بمهامكم الإنسانية فقط.
الأبعاد الإقليمية ودور عُمان
الإشارة إلى رعاية سلطنة عُمان للاتفاق مع السعودية تحمل دلالة دبلوماسية مهمة، إذ تريد صنعاء تذكير جميع الأطراف بأن خارطة الطريق ليست وثيقة أممية مجردة، بل نتاج وساطة إقليمية شرعية، وهذا يمنحها بعدًا تفاوضيًا إضافيًا، لأن أي تراجع عن الخارطة قد يُفسر كإخلال باتفاق تم برعاية وسيط موثوق إقليميًا.
كما أن التأكيد على الدور العُماني يأتي في وقت تتراجع فيه فاعلية الأمم المتحدة كمحرك رئيسي في الملف اليمني، مما يشير إلى تمسك صنعاء بالمقاربة الإقليمية على حساب المسار الأممي التقليدي.
قراءة في الدلالات والرسائل
دعوة ضمنية للأمم المتحدة لتفعيل دورها الرقابي، مع تحميلها مسؤولية السكوت عن المماطلة في تنفيذ الخارطة، أي مطالبة بانتقال الأمم المتحدة من موقع المراقب إلى موقع الضامن.
وتأكيد على أن صنعاء ما زالت تعتبر الاتفاق قائمًا، وأن أي تعطيل لا يمكن تبريره سياسيًا أو إنسانيًا، ما يعني أن صنعاء تضع الرياض أمام اختبار المصداقية.
خاتمة
تصريحات محمد عبدالسلام تمثل مزيجًا من التطمين والإنذار، طمأنة للأمم المتحدة بأن صنعاء لا ترفض السلام، وإنذار بأنها لن تقبل استمرار المماطلة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، إنها رسالة سياسية محسوبة بعناية، تشير إلى أن صنعاء تسعى إلى تثبيت معادلة جديدة في المشهد اليمني تقوم على مبدأ الالتزامات الإنسانية أولًا، والسيادة الأمنية غير قابلة للمساومة.
وفي ظل المعادلات الإقليمية المتحركة، يبدو أن خارطة الطريق اليمنية تقف اليوم على مفترق حساس بين التفعيل والانهيار، وأن قدرة الأمم المتحدة على التعامل مع رسائل صنعاء بمرونة وحزم ستحدد إلى حد كبير شكل المرحلة المقبلة من مسار السلام في اليمن.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: محمد عبدالسلام للأمم المتحدة الأمم المتحدة خارطة الطریق وفد صنعاء أن صنعاء من جهة إلى أن
إقرأ أيضاً:
فرانس برس: 6 قتلى على الأقل في قصف استهدف مبنى للأمم المتحدة في السودان
كشف مصدر طبي لوكالة فرانس برس عن مقتل 6 مدنيين على الأقل، اليوم السبت، في قصف استهدف مبنى تابعًا للأمم المتحدة في كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، في جنوب السودان.
وعلّقت الحكومة السودانية، اليوم، على استهداف المنشأة الأممية المحمية، قائلًا إن هذا الأمر يمثل تصعيدًا خطيرًا يكشف عن استخفاف متعمد بالقانون الدولي.
وأدانت الحكومة بشدة الهجوم الجوي الذي نفذته ميليشيا الدعم السريع، داعية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حازمة تكفل حماية المنشآت الأممية ومحاسبة الجناة وفق القانون الدولي.
وأفاد شهود عيان بوقوع غارة بطائرة مسيّرة على مبنى الأمم المتحدة.
اقرأ أيضاًالمبعوث الخاص لـ النرويج إلى القرن الأفريقي: الوضع في السودان كارثي والفاشر تشهد جرائم مروعة
افتتاح مجمع خدمي متكامل بمساكن روضة السودان بالدقي
الأمم المتحدة: غزة لا تزال مكانا للخوف والسودان بات مكاناً للعنف