في شباط/ فبراير 2023، أطلق مناصرو القضية الفلسيطينية (ونحن منهم)، حملة عالمية تحت عنوان "ميتا تحاصر فلسطين". جاءت هذه الحملة بعد قيود وسياسات مجحفة بحق الشعب الفلسطيني والمحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً بأن الشركة تمتلك كلا من انستغرام وواتساب وفيسبوك. وتمثّلت هذه السياسة في حجب كل منشور يحتوي مقاطع مصورة أو صوراً وحتى أي كلمات تتضمن أسماء وصور الشهداء ومشاهد إجرام الكيان الغاصب وغيرها، بحجة مخالفة معايير النشر وما يسمى "السياسات المجتمعية"؛ وذلك وفق أجندات واتفاقيات موقعة بين تلك الشركات وسلطات الكيان الغاصب منذ سنوات.



لا بل تعدت الشركة كل الحدود والمبادئ وقامت بإغلاق حسابات تدعم القضية الفلسطينية لمجرد إدراج هاشتاغ فلسطين أو القضية الفلسطينية أو أسماء الشهداء، والمثير للاهتمام أن هذا الحجب تم بصورة دائمة وليست مؤقتة.

بالطبع نحن في العراق لسنا مستثنين من هذه السياسات، ويبدو بأن عملية تقييد حرية الرأي والتعبير مشتركة مع أشقائنا الفلسطينيين، وتأتي عبر ضغوط من الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي الغاصب.

منذ العام 2019 مارست شبكات التواصل الاجتماعي في منصتي فيسبوك وتويتر قيوداً على حرية الرأي والتعبير في العراق، ومنعت المواقع العراقية الإخبارية أو حسابات الأشخاص والناشطين من توجيه أي انتقاد إلى الولايات المتحدة أو الكيان الصهيوني وجرائمه التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني. ولذلك ومع ظهور تطبيق تلغرام فقد أصبحت هذه المنصة ملجأً للعراقيين للتعبير عن آرائهم وتشكيل مجموعات كبيرة لتبادل الآراء أو تشكيل مجموعات إخبارية لنقل الأخبار بشكل سريع وآمن، كما استخدم العراقيون هذا البرنامج كمنصة للتدريس عن بعد واستخدمه التجار للترويج لبضائهم وفتح محلات لبيع المحصولات عبر الإنترنت.

وبعد الانتشار الواسع لهذا التطبيق قررت الولايات المتحدة أن تضغط على المسؤولين في العراق لحجب التطبيق ومنع عمله في العراق، وفي الحقيقة يأتي القرار الأمريكي نتيجة لأن التطبيق لا يخضع للقواعد الأمريكية ويسمح بنشر المحتوى العراقي دون رقابة وتغيير في هذا المحتوى.

من جهتهم فقد برر المسؤلون في العراق حظرهم التطبيق بالقول بأن التطبيق يهدد الأمن القومي العراقي وأن الدولة طلبت من إدارة تلغرام إغلاق مجموعات تسرب بيانات رسمية وبيانات شخصية. بالطبع عادت الحكومة العراقية لرفع الحظر عن التطبيق بعد أيام فقط، وذلك لأن هذا القرار أثار جدلاً واسعاً كما أنه تسبب بضرر اقتصادي واسع النطاق لأصحاب المحلات التي تبيع بضائعها عبر الانترنت.

وإذا ما أردنا أن نفهم ممارسات الولايات المتحدة في الحد من حرية الرأي والتعبير على مستوى أوسع، علينا العودة إلى التقارير الأخيرة التي تشير إلى أن شركة ميتا قامت بتقييد وصول المستخدمين إلى حسابات المواقع الإخبارية بنسبة تتجاوز 40 في المئة سنوياً. وهذا يعني أن المواقع الإخبارية التي تستخدم منصات ميتا لإيصال الأخبار إلى مستخدميها ومتابعيها قد تم تقييد الوصول إليها بشكل متعمد. وقد أشارت "سي إن إن" إلى هذه الحقائق بعد تواصلها مع ست مؤسسات إعلامية بارزة أكدت جميعها على تعرض حساباتها إلى تقييد الوصول.

ما من شك بأنّ وسائل التواصل الاجتماعي كشركة ميتا التي تدير كلا من تطبيق فيسبوك وانستغرام وواتساب أصبحت تقييد المحتوى العراقي والفلسطيني على حد سواء، وهي تمارس قيوداً خطيرة على حرية الرأي والتعبير بضغط أمريكي-إسرائيلي. وأما عن حظر تلغرام وإعادة السماح له بالعمل في العراق فقد أعاد مجدداً النقاش حول الدور الأمريكي المتصاعد في العراق، وكيف أن هذا الدور يهدف لمنع توجيه انتقادات لسياسات أو تحركات الولايات المتحدة في العراق أو خارجها. المسألة لا تتعلق بالأمن القومي أو غيره من المسائل، بل هي تتعلق بمنع هذا التطبيق من العمل في العراق لأنه لا يرضخ للتعلميات والقواعد الأمريكية. تأتي هذه التحركات في الوقت الذي يمر العالم في مرحلة إمكانية الوصول الحر للمعلومات وحماية المعلومات والتفاصيل الشخصية للمستخدمين.

twitter.com/fatimaaljubour

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين التواصل الاجتماعي العراق العراق فلسطين التواصل الاجتماعي حرية التعبير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة أفكار صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حریة الرأی والتعبیر الولایات المتحدة فی العراق

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله

انتقدت الولايات المتحدة إفراج فرنسا عن المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله بعد اعتقال دام نحو 41 عاما.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إن الولايات المتحدة تعارض إطلاق الحكومة الفرنسية سراح جورج عبد الله وترحيله إلى لبنان.

واعتبرت بروس أن "إطلاق سراحه يهدد سلامة الدبلوماسيين الأميركيين في الخارج، ويمثل ظلما فادحا للضحيتين وعائلات القتيلين. ستواصل الولايات المتحدة دعمها لتحقيق العدالة في هذه القضية".

وغادر جورج عبد الله العضو السابق في تنظيم الفصائل المسلحة الثورية في لبنان سجنا في جنوب غرب فرنسا أمس الجمعة، ووصل لاحقا إلى مسقط رأسه في لبنان.

يذكر أنه حُكم على عبد الله البالغ حاليا 74 عاما، سنة 1987 بالسجن مدى الحياة بتهمة الضلوع في اغتيال دبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي عام 1982.

ولم يقر عبد الله بضلوعه في عمليتي الاغتيال اللتين صنفهما في خانة أعمال "المقاومة ضد القمع الإسرائيلي والأميركي" في سياق الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978.

ورغم أن جورج عبد الله كان مؤهلا للإفراج المشروط منذ عام 1999، فإن طلباته السابقة رُفضت لأن الولايات المتحدة، وهي طرف مدني في القضية، كانت تعارض باستمرار خروجه من السجن.

ولكن محكمة استئناف فرنسية أمرت الأسبوع الماضي بالإفراج عن عبد الله بشرط مغادرته الأراضي الفرنسية وعدم عودته إليها.

مقالات مشابهة

  • سي إن إن: الولايات المتحدة خسرت ربع صواريخها في الحرب مع إيران
  • المملكة وفلسطين.. مبادرات تاريخية وثوابت سياسية تُرسّخ الحقوق المشروعة
  • سي إن إن:الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل مع إيران
  • ارتفاع أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
  • لماذا تراجع سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة هذا العام؟
  • انتخابات فاشلة مزورة لتدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • إصابة 14 شخصاً في حادث طعن في الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله
  • الجوع يواصل حصد الأرواح في غزة.. وإسرائيل تسمح للدول الأجنبية بإسقاط المساعدات جواً في القطاع