زهران ممداني.. عمدة نيويورك المسلم الملتحي .. عاش في القاهرة ويعاني فوبيا الأماكن المغلقة
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
في سابقةٍ غير مألوفة في تاريخ نيويورك، صعد الشاب زهران كوامي ممداني إلى قمة المشهد السياسي ليصبح أول مسلم وأول هندي الأصل يتولى منصب عمدة المدينة، في انتصارٍ فاجأ المؤسسة السياسية الأمريكية والإسرائيلية أيضا وأعاد تعريف معنى التنوّع في واحدة من أكثر مدن العالم تنوعًا.
لكن وراء هذا الفوز اللافت، تختبئ قصة إنسانية غير عادية لرجلٍ ملتحٍ متدينٍ، عاش فترة من شبابه في القاهرة، في شارع البستان، بوسط البلد، وما زال يعاني من فوبيا الأماكن المغلقة التي شكّلت ملامح شخصيته بقدر ما شكّل هو ملامح جيله السياسي الجديد، وفقا لما سرده عن نفسه في مقال سابق نشره على موقع الصحيفة المجلة الأدبية “بودوين أورينت” والتي تعتبر أقدم منشور أسبوعي أكاديمي في الولايات المتحدة.
ولد ممداني عام 1991 في كمبالا بأوغندا لأبٍ أكاديمي مسلم من أصول هندية هو المفكر المعروف محمود ممداني، وأمٍّ هندية هي المخرجة الشهيرة ميرا نير.
تنقّل بين القارات منذ طفولته: من إفريقيا إلى أمريكا، مرورًا بمصر التي تركت في نفسه أثرًا لا يمحى. فقد أقام لفترة في شارع البستان بوسط القاهرة، وكان يصفها في أحاديثه لاحقًا بأنها «المدينة التي تشبه الناس أكثر من أي مكان آخر».
ورغم حبه للقاهرة، فإن تلك الإقامة كشفت جانبًا خفيًا من شخصيته؛ إذ كان يعاني من خوفٍ شديد من الأماكن المغلقة؛ إذ يروي أحد المقربين أنه كان يصعد يوميًا ثمانية طوابق على قدميه ليتجنّب ركوب المصعد.
الفوبيا لم تمنعه من الحلم، بل جعلته أكثر قربًا من الناس، وأعمق فهمًا لهشاشتهم الإنسانية.
بعد تخرّجه في كلية «بودوين» بولاية مين الأمريكية، عمل مستشارًا في شؤون الإسكان لمساعدة العائلات الفقيرة والمهاجرين على مواجهة خطر الطرد، قبل أن يدخل عالم السياسة من بوابة العمل الميداني.
انتُخب عام 2020 عضوًا في مجلس ولاية نيويورك عن حي «أستوريا» في كوينز، وبرز بسرعة بخطابه القائم على العدالة الاجتماعية ودعم النقل العام المجاني ومكافحة ارتفاع الإيجارات.
وفي انتخابات 2025، قلب ممداني التوقعات رأسًا على عقب، حين تغلّب على الحاكم السابق أندرو كومو في سباق العمدة، ليصبح أصغر من تولى المنصب منذ أكثر من قرن، وأول عمدة مسلم في تاريخ المدينة.
ممداني، الذي يردد دومًا أن إيمانه هو بوصلته الأخلاقية، يقول إن السياسة بالنسبة له «امتداد للرحمة».
وبينما يستعد لدخول قاعة مكتبه في «سيتي هول» العام المقبل، يبدو أن الشاب الذي خاف من المصعد يومًا، أصبح الآن يصعد سلّم التاريخ بثباتٍ نادر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نيويورك القاهرة الولايات المتحدة كمبالا أوغندا أمريكا عمدة نيويورك الأماکن المغلقة زهران ممدانی عمدة نیویورک فی مجلس
إقرأ أيضاً:
«زهران ممداني» أول مسلم وأصغر عمدة في تاريخ نيويورك.. كيف علّق ترامب؟
فاز الديمقراطي الاشتراكي زهران ممداني، البالغ من العمر 34 عامًا، في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، ليصبح أول مسلم يتولى هذا المنصب وأصغر من يشغله في تاريخ المدينة، ووصفت وسائل الإعلام الأميركية هذا الفوز بأنه تحول تاريخي في قيادة أكبر المدن الأميركية.
ووفق النتائج الأولية الصادرة عن مجلس انتخابات مدينة نيويورك، وبعد فرز أكثر من ثلثي الأصوات، حصل ممداني على 51.5% من الأصوات، متقدمًا على الحاكم الديمقراطي السابق أندرو كومو الذي حصل على نحو 40%، فيما جاء المرشح الجمهوري كورتيس سلوى في المرتبة الأخيرة بنسبة 8%، وقد تجاوزت نسبة المشاركة مليوني ناخب، وهي الأعلى منذ عام 1969، ما يعكس الاهتمام الشعبي الكبير بالسباق الانتخابي.
ويُعدّ فوز ممداني، الذي ينتمي إلى الجناح اليساري التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، إشارة إلى تغير سياسي وجيلي واضح في المدينة التي لطالما شكلت مرآة للتوجهات الوطنية في الولايات المتحدة.
وطرح ممداني برنامجًا انتخابيًا طموحًا يتضمن تجميد الإيجارات لما يقرب من مليون شقة، وتوفير المواصلات العامة مجانًا، وتوسيع برامج رعاية الأطفال، إلى جانب إصلاحات تهدف إلى تعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
وقال ممداني في خطاب النصر أمام مؤيديه: “إذا كان هناك من يستطيع أن يظهر لأمة خانها دونالد ترامب طريقة هزيمته، فهي المدينة التي أوصلته إلى ما هو عليه”، مضيفًا أن “نيويورك ستكون النور في هذا الوقت من الظلام السياسي”.
وأكد أنه سيكون “عمدة الطبقة العاملة”، متعهدًا بمعالجة قضايا تكاليف المعيشة، والنقل العام، والإسكان، والعدالة الاجتماعية.
ويعتبر ممداني من أبرز ممثلي التيار التقدمي المعارض للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي شنّ حملة انتقادات حادة ضده، وكتب على منصته “تروث سوشيال”: “أي شخص يهودي يصوّت لزهران ممداني… هو شخص غبي!”، مضيفًا أن ممداني “يكره اليهود” بسبب دعمه القوي للقضية الفلسطينية.
وأكد ممداني خلال حملته رفضه القاطع لمعاداة السامية وسعيه لطمأنة المجتمع اليهودي، مع تمسكه بمواقفه بشأن العدالة في الشرق الأوسط.
وكان ترامب قد هدد بحرمان مدينة نيويورك من التمويل الفيدرالي في حال فوز ممداني، قائلاً إنه لن يقدّم سوى “الحد الأدنى من الدعم” للمدينة.
وبعد إعلان النتائج، علّق ترامب على خسائر حزبه في الانتخابات المحلية بأن السبب يعود إلى “الإغلاق الحكومي” وغياب اسمه عن أوراق الاقتراع.
ممداني، المولود في أوغندا لعائلة مثقفة من أصول هندية، هاجر إلى الولايات المتحدة في سن السابعة، وحصل على الجنسية الأميركية عام 2018، وبدأ مسيرته السياسية ناشطًا في القضايا الاجتماعية، وانتُخب لاحقًا عضوًا في مجلس ولاية نيويورك قبل أن يترشح لرئاسة البلدية، ووصفه ترامب خلال الحملة بأنه “شيوعي”، فيما اعتبره مراقبون نموذجًا لجيل جديد من الساسة الأميركيين ذوي الخلفيات المهاجرة.
ويرى محللون أن هذا الفوز سيكون له صدى واسع داخل الحزب الديمقراطي الذي يعاني من انقسامات بين جناحه الوسطي والتيار التقدمي، وقد يعيد رسم المشهد السياسي في البلاد قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة عام 2026.
وفي سياق متصل، اكتسح الحزب الديمقراطي ثلاثة سباقات انتخابية رئيسية في أول انتخابات تُجرى منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، إذ فازت الديمقراطيتان أبيغيل سبانبرغر وميكي شيريل في انتخابات حكام ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي بفوارق كبيرة. ويرى مراقبون أن هذه النتائج تمثل دفعة قوية للديمقراطيين في مواجهة إدارة ترامب.
في المقابل، اعتبر ترامب أن خسائر الجمهوريين سببها عدم وجوده على ورقة الاقتراع واستمرار الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، فيما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن 57% من الأميركيين لا يوافقون على أدائه حتى الآن.
وسيتولى زهران ممداني مهامه رسميًا في الأول من يناير المقبل، ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ مدينة نيويورك، التي توصف بأنها العاصمة الاقتصادية للعالم، تحت قيادة أول عمدة مسلم وأصغر من يتولى المنصب في تاريخها الحديث.