#فلتر_ماء يفضح #عجز_دولة!
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في زمنٍ تُحلّق فيه البشرية إلى المريخ وتبني مدنًا ذكية في قلب الصحراء، ما تزال قرية “البربيطة” في محافظة الطفيلة تبحث عن كوب ماء نظيف. مشهدٌ سورياليّ يختصر مأساة وطنٍ يتحدث عن النهضة والتقدّم، فيما يعجز عن توفير أبسط متطلبات الحياة. كيف لدولة في القرن الحادي والعشرين أن تُهزم أمام “فلتر” مياه لا تتجاوز قيمته عشرة آلاف دينار؟
إنها مأساة لا تُكتب بالحبر بل بالخذلان.
كيف يمكن لحكومةٍ أن تنفق الملايين على المؤتمرات والاحتفالات والديكورات الرسمية، بينما تترك أطفال البربيطة يمدّون أيديهم لا لطلب حقيبة مدرسية بل لجرعة ماء؟ أليس هذا هو قمة العبث؟ ما الذي نفعله إذن بكل تلك الخطط والاستراتيجيات والرؤى إذا كان المواطن ما زال يلهث وراء صهريج ماء كأنه يعيش في قرون الظلام؟
المفارقة المؤلمة أن الحل جاء من خارج الحدود. متبرّع عربي تحرّكه إنسانيته أكثر من أي مسؤول محليّ، حاول تقديم العون وتركيب نظام فلترة بسيط، لكن البيروقراطية الأردنية – كعادتها – خنقت الفكرة بوعدٍ ثم بتجاهلٍ ثم بالنسيان. حتى عندما مدّت شركة الفوسفات يدها لتكفّل الحل، كان المشهد أقرب إلى الفضيحة منه إلى الفخر. كيف لمؤسسة خاصة أن تتدخل لتفعل ما عجزت عنه دولة بأكملها؟
ما يجري في البربيطة ليس حادثة فردية، بل نموذجٌ مصغّر لوطنٍ اختلّت فيه المعايير. تُصرف الأموال بسخاء على قطاعاتٍ لا علاقة لها بالتنمية أو العدالة أو الكرامة الإنسانية، فيما يُترك التعليم والصحة والمياه في آخر الصف. دولة تُبذّر في الكماليات وتبخل في الضروريات، ثم تتساءل ببراءة عن أسباب الغضب الشعبي وانعدام الثقة.
لقد آن الأوان لنعترف: ما يحدث ليس «تقصيراً» بل إهانة وطنية. عندما يعجز النظام الإداري عن تأمين شربة ماء، فهو لا يعجز عن الإدارة فحسب، بل يفقد شرعية أخلاقية قائمة على احترام الإنسان وحقوقه الأساسية. الدولة التي تفشل في حماية كرامة مواطنيها لا يمكنها أن تدّعي التنمية، ولا أن تتحدث عن الإصلاح، لأنها فقدت جوهر وظيفتها الأولى: الإنسان.
المسألة أكبر من قرية عطشى؛ إنها اختبارٌ لضمير أمة بأكملها. من لا يسمع صرخة البربيطة اليوم، سيصحو غداً على عطشٍ أكبر يمتد إلى القيم والمؤسسات والكرامة الوطنية نفسها.
في النهاية، نقولها بوضوحٍ لا يحتمل التأويل: الأوطان لا تُبنى بالاستعراضات ولا بالشعارات المزيّفة، بل بالماء والتعليم والصحة والعدالة.
وحين يعجز الوطن عن توفير الماء، فكل حديثٍ عن التنمية مجرد ثرثرة فوق عطشٍ طويل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: عجز دولة
إقرأ أيضاً:
وزير التنمية الاجتماعية والأسرة لـ قنا: قمة التنمية الاجتماعية الثانية تجسد نهج دولة قطرفي ترسيخ قيم المساواة والتمكين
أكدت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزير التنمية الاجتماعية والأسرة، أن استضافة دولة قطر للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية لعام 2025 تعد امتدادا لنهج دولة قطر الراسخ في دعم الجهود الدولية لترسيخ قيم المساواة والتمكين، وتجسيدا لرؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، التي تضع الإنسان في صميم عملية التنمية بوصفه غايتها ومحورها الأساس.
وقالت سعادتها في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن هذه الاستضافة تمثل محطة تاريخية مهمة لتعزيز التعاون الدولي ومراجعة التقدم المحرز في تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، بما يسهم في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، ولا سيما تلك التي تعانيها الدول الأقل نموا في سعيها إلى القضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأضافت أن القمة التي تعقد بمركز قطر الوطني للمؤتمرات خلال الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر الجاري، تأتي بعد ثلاثة عقود من انعقاد النسخة لأولى منها في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، لتجدد التزام المجتمع الدولي بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة والمستدامة.
وأكدت سعادة وزير التنمية الاجتماعية والأسرة في سياق ذي صلة، أن دولة قطر تؤمن بدورها الإنساني ومسؤوليتها كشريك فاعل في صياغة حلول مبتكرة للتنمية، وبناء مجتمعات أكثر شمولا وإنصافا، من خلال تمكين الأسرة، وتعزيز الحماية الاجتماعية، ورعاية الفئات الأكثر احتياجا، انطلاقا من مبدأ "من الرعاية إلى التمكين".
وعبرت سعادتها في تصريحها عن ثقتها في أن مداولات القمة و"إعلان الدوحة" المرتقب سيسهمان في فتح آفاق جديدة للتعاون متعدد الأطراف، وترسيخ عالم أكثر عدلا وإنسانية، ينصف الإنسان ويصون كرامته في كل مكان.
يذكر أن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، تهدف من بين أمور أخرى، إلى إيجاد منصة دولية لتبادل التجارب والخبرات بين الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، وتنسيق الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقا لأجندة الأمم المتحدة 2030، مع التركيز على قضايا محورية للحد من الفقر، وتمكين المرأة والشباب، وتعزيز نظم الحماية الاجتماعية، ودعم المجتمعات الريفية، وبناء قدرات الأفراد والمؤسسات نحو تنمية أكثر شمولا واستدامة.