من أبو قير إلى محطة مصر.. مترو الإسكندرية يرسم ملامح جديدة للنقل في عروس البحر المتوسط
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
أكد الدكتور إسلام أبو النجا، أستاذ هندسة الطرق، أن مشروع مترو الإسكندرية يمثل نقلة نوعية كبرى في منظومة النقل داخل المدينة، ليس فقط على مستوى البنية التحتية ولكن في طريقة تفكير الدولة تجاه النقل الحضري المستدام.
وقال أبو النجا إن ما تشهده الإسكندرية اليوم من أعمال في مشروع المترو يعكس رؤية متكاملة لتطوير منظومة النقل الجماعي تعتمد على تقنيات حديثة وصديقة للبيئة، وتتماشى مع توجهات الدولة نحو التحول إلى النقل الأخضر المستدام.
وأوضح الدكتور أبو النجا أن المشروع الذي يمتد على طول 21.7 كيلومتر من محطة أبو قير حتى محطة مصر، مروراً بعدد 20 محطة، سيغير خريطة الحركة اليومية داخل المدينة، حيث سيؤدي إلى تخفيف الضغط المروري الكبير على الطرق السطحية، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وأشار إلى أن التكامل بين المترو ووسائل النقل الأخرى مثل ترام الرمل وسكك حديد القاهرة الإسكندرية، سيخلق شبكة نقل ذكية ومترابطة تسهل حركة المواطنين وتوفر الوقت والجهد، مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي وحركة السياحة داخل المدينة الساحلية.
نقلة بيئية وتقنية في وسائل النقلوأضاف أستاذ هندسة الطرق أن اعتماد المترو على الطاقة الكهربائية النظيفة خطوة مهمة في الاتجاه نحو خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق رؤية الدولة في تقليل التلوث البيئي داخل المدن الكبرى.
كما أن إلغاء المزلقانات والمعابر العشوائية سيساهم في رفع مستويات الأمان والسلامة المرورية، ويقلل الحوادث الناتجة عن التقاطعات والمزلقانات المفتوحة.
واوضاح الدكتور أبو النجا أن المشروع سيساهم في تخفيض زمن الرحلة من 50 إلى 25 دقيقة فقط، إضافة إلى زيادة القدرة الاستيعابية للركاب لتصل إلى نحو 60 ألف راكب في الساعة لكل اتجاه، وهو ما سيحدث تحولاً كبيراً في سهولة التنقل داخل المدينة.
رؤية مستقبلية تربط الإسكندرية بالمطار والقطار السريعواعتبر أن المرحلتين الثانية والثالثة من المشروع، اللتين تمتدان حتى مطار برج العرب، ستجعلان من الإسكندرية نموذجاً يحتذى به في الربط بين النقل المحلي والإقليمي والدولي، إذ ستربط المدينة بشبكة القطار السريع والمطار، ما يعزز مكانتها كعاصمة اقتصادية وسياحية على البحر المتوسط.
اختتم الدكتور إسلام أبو النجا تصريحه بالتأكيد على أن مترو الإسكندرية ليس مجرد مشروع نقل جماعي، بل مشروع تنموي شامل يعيد رسم ملامح المدينة ويواكب التطور العالمي في أنظمة النقل الحديثة، مضيفاً أن “الإسكندرية خلال السنوات القادمة ستشهد تحولاً حضارياً جذرياً في شكل التنقل ومستوى الخدمات العامة، بما يليق بمكانتها التاريخية والاقتصادية.”
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مترو الإسكندرية المترو القاهرة الطرق مترو الإسکندریة داخل المدینة أبو النجا
إقرأ أيضاً:
نفق تحت البحر الأبيض المتوسط يربط أسبانيا بالمغرب.. هذه تفاصيله
نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرًا سلطت من خلاله الضوء على مشروع النفق تحت البحر الأبيض المتوسط كحلقة وصل بين أفريقيا وأوروبا، مع التركيز على التحديات التقنية والسياسية واللوجستية ودوره في تعزيز البنية التحتية والروابط بين القارتين.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المشروع الذي يربط أفريقيا بأوروبا عبر مضيق جبل طارق لا يزال قيد الدراسة من طرف مكتب دراسات وشركة ألمانية مختصة، لكنه قد يصبح أحد أهم ابتكارات القرن الحادي والعشرين.
وتضيف المجلة أن عالم البحار الشهير جاك إيف كوستو كان قد استكشف قاع البحر في خمسينيات القرن الماضي لدراسة إمكانية إنشاء نفق مماثل.
وتوصل جاك إيف كوستو الى استنتاج مفاده وجود ممر بحري تحت الماء يربط بين مستغانم في الجزائر وقرطاجنة في أسبانيا، وهي فرضية سبق أن درستها مكاتب الدراسات منذ زمن بعيد. وبعد مرور سبعين عامًا، يبدو أن إمكانية تنفيذ مثل هذا المشروع أصبحت واردة، مع توقع إنجازه بين سنتي 2035 و 2040.
في الوقت الحالي، لا يزال المشروع في طور الدراسات التي خصصت لها الحكومة المغربية والإسبانية موارد محدودة تقدر بعدة ملايين يورو.
بنية تحتية ضخمة
وذكرت الصحيفة أنه في بلد يشتهر بمشاريعه الضخمة في مجال البنية التحتية، قد يبدو مشروع النفق المغربي الإسباني طموحًا إلى حد بعيد، خاصة في ظل الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدة مدن، والتي طالب فيها الشباب بتوفير خدمات عامة لائقة وخلق مواطن عمل.
ومع ذلك، يندرج المشروع في سياق المشاريع الكبرى السابقة في المغرب، مثل ميناء طنجة المتوسط والمنطقة الصناعية المحيطة به، والتي وفرت آلاف الوظائف والسكك الحديدية عالية السرعة والحقول الضخمة للألواح الشمسية، إضافة إلى مشاريع استثمارية بالمليارات في الصحراء الغربية.
ويستعد المغرب لاستضافة كأس الأمم الأفريقية في كانون الأول/ ديسمبر القادم، ويخطط للمشاركة في تنظيم كأس العالم بالتعاون مع أسبانيا والبرتغال بحلول عام 2030، ما يعكس طموحه في وضع نفسه على خريطة المشاريع الكبرى عالمياً.
ومن المقرر إنشاء ستة ملاعب، من بينها أكبر ملعب في العالم، ملعب محمد السادس بسعة 130 ألف متفرج، والذي يأخذ تصميمه شكل خيمة بدوية.
وأثار افتتاح ملعب مولاي رشيد في الرباط في أيلول/ سبتمبر الماضي غضب الشباب واستياء الأجيال الأكبر سنًا. ففي أقل من عامين، تم تحويل ملعب قائم بسعة 67 ألف متفرج إلى ما وصف بـ "جوهرة معمارية" حديثة جدًا، بينما لا يزال مشروع إنشاء مستشفى يضم 48 سريرًا أُقر في 2018 حبرًا على ورق.
مشروع عند تقاطع التكنولوجيا والدبلوماسية
وذكرت المجلة أن النفق تحت البحر الأبيض المتوسط يمثل مشروعًا استثنائيًا يسعى لأن يكون حلقة دائمة تربط بين قارتي أوروبا وأفريقيا، عبر خط سكك حديدية يربط جنوب أوروبا بشمال أفريقيا.
ويواجه المشروع تحديات متعددة، بدءًا من الجوانب التقنية والتكنولوجية لضمان استدامة البنية التحتية وكفاءتها على المدى الطويل، مرورًا بالبُعد الإقليمي، حيث قد تنظر الجزائر بريبة إلى اتصال عدوها التقليدي بدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التحديات السياسية، إذ يواجه المشروع معارضة من اليمين المتطرف الأوروبي الذي يخشى أن يؤدي إلى تصاعد الهجرة غير الشرعية.
ومع ذلك، تشير التجارب السابقة مثل نفق المانش إلى أن مثل هذه الأنفاق لا تُستغل عادة في الهجرة غير القانونية، وأن المهاجرين الذين يتوجهون إلى إنجلترا يواصلون رحلاتهم بشكل رئيسي عبر الطرق البحرية، ما يقلل من صحة المخاوف الأمنية والسياسية المتعلقة بالنفق.
في حال تحقق مشروع النفق تحت البحر الأبيض المتوسط، فسيكون مرتبطًا بشبكة تكنولوجية متقدمة تحت مياه البحر، حيث تتوفر بالفعل بنية تحتية متنوعة تصل إلى أعماق كبيرة. ففي الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تم غمر الكابل البحري المعروف باسم "ميدوسا"، ليربط مدينة بنزرت شمال تونس بمرسيليا الفرنسية، وذلك بواسطة سفن شركة أورانج المكلفة بالبنية التحتية، والتي وضعت الكابل على أعماق تصل إلى ثلاثة آلاف متر. ويُشكل هذا الكابل جزءًا من شبكة تمتد على ثمانية آلاف كيلومتر في البحر الأبيض المتوسط، موفّرًا خدمة إنترنت فائقة لجميع الدول المطلة على الساحل المتوسطي.
وفي ختام التقرير تقول المجلة إنه بعد أن ربطت هذه الألياف القارات رقميًا، يطرح مشروع النفق نفسه كفرصة لإعادة تأكيد الروابط بين إفريقيا وأوروبا وتعزيز التواصل بين القارتين بشكل ملموس وفعلي.