محللون يكشفون لـRT السيناريوهات المحرجة لفرنسا وسفيرها واعتقاله في النيجر
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
أجمع محللون سياسيون على غرابة ما يجري في فرنسا ومواقفها بخصوص أحداث النيجر وخاصة في ما يتعلق بسلوكها بعد قرار القضاء النيجري طرد سفير باريس في نيامي وتجريده من صفته الدبلوماسية.
فأكد الباحث السياسي إسماعيل صبري مقلد لـRT، عدم فهمه معنى إصرار دولة مثل فرنسا - وهي من علّم العالم الدبلوماسية - على الإبقاء على سفيرها في النيجر وعدم استعادته أو استدعائه أو تنفيذ قرار إبعاده.
إحراج للسفير ووضعه في مواجهة السلطات
وأشار مقلد إلى أن ما يجري هو إحراج للسفير عبر وضعه في مواجهة سلطة حاكمة كانت هي من ناصبها العداء منذ اللحظة الأولى لوثوبها إلى السلطة، ولا تعترف بشرعيتها ولا بشرعية القرارات التي تصدر عنها، بل وتجاهر علنا باستعدادها للتدخل عسكريا لإسقاطها والتخلص منها، وكيف يُمكن أن تكون هذه أجواءَ علاقات سياسية ودية وطبيعية بين دولتين؟
وأكد مقلد أن ما يحدث شيء لم نسمع به إطلاقا من قبل، وكان على الرئيس الفرنسي إبمانويل ماكرون وحكومته أن يسألوا أنفسهم عمّا يُمكن لهذا السفير المطرود وغير المرغوب فيه أن يفعله بعد أن فقد اعتباره للمهمة التي تم إيفاده من أجلها، وبعد أن سحبت النيجر منه ومن عائلته حصانتهم الدبلوماسية وأصبحوا جميعا قيد الترحيل.. وأتصوّر أنهم يقبعون الآن حيث يتم احتجازهم وقد قطعت عنهم كل وسائل اتصالهم بالعالم الخارجي ومع دولتهم نفسها؟
واختتم: "ماذا سيفعل سفير هذا حاله، وهو لا يستطيع إجراء اتصال واحد مع أي قناة دبلوماسية أو حكومية في النيجر في مثل هذا المناخ العدائي من العلاقات بين الدولتين؟ وإلى متي سيظل منبوذا ومقاطَعا ومحاصرًا من قبل النيجر حكومة وشعبا؟، وكيف يمكن لحكومة مسؤولة أن تقبل ذلك على حساب كرامة سفيرها؟.
إقرأ المزيداستقلال بوجه استعماري
من جهته، أكد أستاذ التاريخ المعاصر أحمد الصاوي أن فرنسا لم تقدّر الأمور كما يجب وهي تعلن استقلال النيجر في أغسطس 1960 عندما اتخذت لسفارتها مبنى إدارياً يفصله عن سكن السفير شارع رئيسي في العاصمة نيامي.
وبالطبع، بحسب الصاوي، لم تكن هناك حاجة لمجرد التفكير في أن السفير الفرنسي يعمل خارج بلاده. فذاك الاستقلال عن فرنسا لم يكن ليعني شيئا يتجاوز واجهة بوجوه سمراء وعلم من 3 ألوان تخفي وراءها سلطات الاستعمار ذاتها.
إمكانية اعتقال السفير وترحيله
وأضاف: "اليوم وبعد إصرار باريس على عدم الاعتراف بسلطات الانقلاب الأخير ومن ثم رفض الامتثال لقرارها بطرد السفير الفرنسي، لا يستطيع السفير مغادرة المبنى الإداري للسفارة ليخلد إلى النوم في منزله. فهو بمجرد خروجه من بابها سيتعين عليه أن يمر على التراب الوطني للنيجر التي يحاصر جنودها السفارة بهدف إلقاء القبض عليه لترحيله بمجرد أن تطأ قدمه أرض النيجر".
إقرأ المزيديعيد الوجه الاستعماري القبيح لفرنسا
بدوره، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسن بديع إن إصرار فرنسا على بقاء سفيرها في النيجر ورفض قرار ثوار النيجر بطرده بل وتمسكها باستمرار قوات الاحتلال الفرنسي، وعلى مواصلة النهب المنظم لثروات النيجر وعدم الاستجابة لمطالب شعب وثوار النيجر، يؤكدان عودة الوجه الاستعماري القبيح لفرنسا واستعادة الذكريات المريرة لاحتلالها الجزائر العربية الإفريقية وعدم خروجها إلّا بالدم وبالنضال المسلّح. كما يؤكدان أن الاستعمار الفرنسي مثله مثل الأمريكي والبريطاني لا يخرج إلّا بالدم ويدخل القارة الإفريقية في حروب ومواجهات مسلحة ويكشف بوضوح الوجه القبيح للاستعمار.
وقال: "هذا ما يتطلب وحدة إفريقية ترفض التدخل الاستعماري وتتضامن مع شعب النيجر، وأيضا ضرورة تعديل وتغيير موقف الاتحاد الإفريقي من رفض التغيير في النيجر إلى التضامن الكامل مع شعب النيجر لأن الواجب الأول للاتحاد الإفريقي الدفاع عن المصالح الإفريقية وليس الدفاع عن النهب الاستعماري من قبل دول الغرب لثروات إفريقيا كما على المجتمع الدولي أن يتدخل لإجلاء القوات الفرنسية، وليس لمجرد طرد السفير الفرنسي".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا إيمانويل ماكرون أخبار النيجر أزمة دبلوماسية إفريقيا إيكواس باريس نيامي السفیر الفرنسی فی النیجر
إقرأ أيضاً:
ما أهداف الحملة الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية ضد فنزويلا؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا عن غلق المجال الجوي فوق فنزويلا. جاء ذلك في رسالة تحذير نشرها على موقعه للتواصل الاجتماعي. وقد أثار هذا الفعل الكثير من التكهنات حول ما الذي سوف يحصل لاحقا، خاصة أن هناك حشودا عسكرية أمريكية بدأت في الكاريبي منذ أغسطس/ آب الماضي، حيث نشرت الولايات المتحدة قوات بحرية وجوية، بما في ذلك غواصة تعمل بالطاقة النووية، وحاملات طائرات، وسفن هجومية برمائية، وإنزال 15 ألف جندي قبالة السواحل الفنزولية. كما شهدت قواعدها في المنطقة نشر طائرات أف 35، وتغطية المجال الجوي بطائرات تجسس.
يُذكر أن واشنطن كانت قد نفذت ضربات جوية، على أكثر من 20 سفينة تابعة لفنزويلا في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ في بداية سبتمبر/أيلول الماضي، قالت إنها تشتبه في تهريبها للمخدرات إلى أمريكا، لكن من دون تقديم أي دليل يؤكد هذه التهمة، وقد أسفر ذلك عن مقتل أكثر من 80 شخصا. لقد بينت الولايات المتحدة الأمريكية، أن الهدف من هذا الانتشار العسكري واسع النطاق، هو الحد من تهريب المخدرات والبشر إلى أراضيها.
في حين ذهبت بعض الأقوال إلى أن الهدف من الانتشار العسكري، هو الإطاحة بالرئيس الفنزولي نيكولاس مادورو والاستيلاء على بلاده، من خلال سيناريو يقوم على دفع بعض المعارضة الفنزولية للنزول الى الشارع، والمطالبة بتغيير السياسة المعادية للولايات المتحدة، والتعاون معها في وقف عمليات تهريب المخدرات، ثم إثارة الاضطرابات في داخل فنزويلا بشكل كبير، وصولا إلى إسقاط النظام السياسي بمساعدة واشنطن، ومن دون الدخول في حالة حرب. وتستند هذه الأقوال إلى بعض التصريحات الأمريكية، التي تعتبر أن فنزويلا تقوم بكل ما يزعج الولايات المتحدة، وأنها تموضعت بوضع معادٍ لواشنطن، ودخلت في أحلاف واتفاقات مع دول معادية للولايات المتحدة، ولا يظهر أي تغيير ملموس لهذا التوجه، وعليه فقد حان الوقت لمزيد من الضغط لدفع الشعب الفنزولي لإسقاط النظام.
إن تحليل السياسات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب يُشير بوضوح، إلى أن جزءا كبيرا من تحركات البيت الأبيض، مرتبط بشخصية الرئيس نفسه، حيث إن قناعاته الشخصية تغلب على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، كما إن حاشيته يجارونه في ذلك، خاصة ماركو روبيو وزير خارجيته، فروبيو لديه فكر صقوري تجاه كل دول أمريكا اللاتينية، خاصة كوبا وفنزويلا، ويعتقد أنه لا بد من الضغط بشكل كبير جدا على هذه الدول، وعليه، حتى لو تم التعامل مع الإدعاءات الأمريكية بمنطقية، فسنجد أنها ليست مُقنعة بما فيه الكفاية. فتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة يأتي بالدرجة الأولى من المكسيك وكولومبيا، اللتين هما من أكبر الموردين لهذه المادة، إذن لماذا يتم التركيز على فنزويلا؟
يبدو أن هناك عوامل جيوسياسية هي المُحرك للتوجه الترامبي ضد فنزويلا. فالولايات المتحدة الأمريكية اليوم منخرطة في حرب باردة مع الصين، وهذه الأخيرة لديها علاقات قوية مع فنزويلا، كما هناك ما يشبه التحالف الصيني الروسي في التعامل مع دول أمريكا اللاتينية، كذلك تأتي علاقة فنزويلا وإيران عاملا آخر، ولكن يبدو أن العامل الأهم في هذا التحرك الأمريكي ضد فنزويلا هو المعادن الثمينة. فترامب يرى أنه يجب الحصول على هذه المعادن أينما وُجدت، كي يتخلص من المساومة الصينية في هذا الجانب.
كذلك هناك نقطة مهمة تُفسر الضغوط الأمريكية على الكثير من الدول، وهي أن ترامب ومنذ ولايته الأولى تشكلت لديه قناعة، بأن الضغط إلى أقصى الحدود سوف يؤدي إلى تغيير سياسات الدول بما يتلاءم ومصالحه، وهذا يُجنبه اتخاذ قرار المواجهة العسكرية الذي لا يريده، وحتى لو اضطر للدخول في المواجهة العسكرية، فهو يحسب كيف ستكون ومتى ينتهي منها، كما حدث مع إيران مؤخرا. أما بالنسبة لفنزويلا فهو يعرف جيدا أن اللعبة العسكرية معها لن تكون سهلة على الإطلاق، فالحرب في هذه الساحة لن تكون حربا كلاسيكية، بل حرب عصابات ومادورو لديه أنصار داخل البلاد وفي محيطها، كما أن الجيش الفنزولي يؤيده بشكل كبير.
أفعال عنجهية تبين بوضوح كيف أن القوة قد تسيّدت على القانون الدولي
يقينا أن التحرك بهذا الشكل الضاغط على فنزويلا سيؤدي إلى حالة اضطراب داخل دول أمريكا اللاتينية، والكل سيفكر بأنه ربما سيكون الثاني أو الثالث بعد فنزويلا على أجندة ترامب الابتزازية، فالولايات المتحدة لا تخفي عداءها ضد هذه الدول، بل تعلن ذلك صراحة وبوضوح. وهي وأحزاب اليسار التي وصلت إلى سدة الحكم في دول أمريكا اللاتينية في حالة تنافر سياسي كبير، خاصة أن الولايات المتحدة تساند بعض اليمينيين الذين وصلوا للسلطة، مثل الرئيس الأرجنتيني السابق، الذي ضغطت الولايات المتحدة من أجل عدم محاكمته. بالتالي لا شك في أن هناك مخاوف من الأحزاب اليسارية أن تدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة، فمنذ بداية التسعينيات وبعد نهاية الحرب الباردة، تغيرت السياسة الأمريكية من التدخل العسكري المباشر في هذه الدول، إلى المعارضة السياسية وسياسة أقصى الضغوط. وهذه السياسة سمحت للكثير من الأحزاب اليسارية في أمريكا اللاتينية بالوصول إلى السلطة، مثل البرازيل والأرجنتين وكولومبيا وغيرها.
كما أنها جعلت منها أحزابا فاعلة في الحياة السياسية، وصوتها عاليا في معاداة واشنطن، لكن من دون أن تدفع تلك الضريبة التي كانت تدفعها في السبعينيات، حيث كانت الولايات المتحدة تتدخل في هذه الدول وتغير أنظمتها السياسية كما تشاء وكيفما تشاء.
إن إعطاء رئيس أكبر دولة في العالم وأعظم قوة عسكرية، الحق لنفسه بإغلاق المجال الجوي لدولة أخرى، ومحاصرتها من كل الجوانب بالقوة العسكرية، ليس له أي أساس قانوني يمكن الاستناد إليه، بل هي أفعال عنجهية تبين بوضوح كيف أن القوة قد تسيّدت على القانون الدولي في الوقت الحاضر.
فمنظمة مكافحة المُخدرات سبق وقالت في تقارير أمريكية، إن فنزويلا خالية من زراعة المخدرات. وعليه يتضح بأن السيطرة على الثروات باتت هي الشغل الشاغل لساكن البيت الأبيض، خاصة أن النفط والمعادن الثمينة والذهب، الذي مخزونه في فنزويلا، يحتل أهمية أكبر من النفط، كلها موجودة في هذه الدولة. وإذا كان هنالك من يؤيد ترامب من حاشيته، فإنه أيضا يواجه معارضة أمريكية لهذه السياسة تجاه فنزويلا. فقد قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، إن تصرفات الرئيس المتهورة تدفع أمريكا نحو حرب خارجية مُكلفة مرة أخرى. كما تعرّض لانتقادات بسبب التدخل السياسي في هندوراس. لكن يبدو أن عقلية التاجر تسيطر عليه تماما.
القدس العربي