طرح محللون سياسيون وعسكريون إسرائيليون تساؤلات بشأن ما إذا كان الجيش الإسرائيلي يستخلص دروسا وعبرا من تجاربه في حرب غزة، مع تزايد الخسائر التي تكبدها جراء عمليات المقاومة وكمائنها المركبة في قطاع غزة.

ووفق ألموغ بوكير، مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12، فإن الجيش لا يستخلص العبر من أحداث وقعت مؤخرا وليس فقط في الأيام والأسابيع الأخيرة، مستدلا بمقتل 27 جنديا في قطاع غزة بعبوات ناسفة في الأسابيع الأخيرة.

وأكد نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ12، أن الإجراءات الميدانية التي اتخذها الجيش الإسرائيلي قبل الهجوم على بيت حانون شمالي القطاع لم تكن كافية لمنع كمين كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتكبد الجيش الإسرائيلي قتلى وجرحى في الأسابيع الأخيرة، إذ أصيب 70% من هؤلاء بانفجار عبوات ناسفة زرعتها المقاومة.

ويعد كمين بيت حانون من أدق ضربات المقاومة وكمائنها المركبة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ أدى إلى مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 14 جنديا آخرين.

وتشير التحقيقات الأولية الإسرائيلية إلى أن الكمين وقع أثناء تحرك كتيبتين لـ"تطهير المنطقة" عندما مرت قوة راجلة على طريق مفخخ، فانفجرت فيها عبوات ناسفة، وتبع ذلك إطلاق نار كثيف استهدف فرق الإنقاذ.

وتتطلب هذه الأرقام تفكيرا مختلفا على مستوى أساليب القتال واستخدام وسائل تكنولوجية -حسب دفوري- الذي تساءل ما الذي يبرر دخول قوات الجيش مشيا إلى الميدان، وما إذا كان هناك مشاكل يمكن حلها عن بعد بأساليب مختلفة.

في المقابل، حاول ألون بن ديفيد محلل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 تبرير عودة الجيش إلى بيت حانون بـ"الضرورة الأمنية"، مشيرا إلى أن المقاتلين الفلسطينيين يعودون إلى المنطقة بعد الانسحاب الإسرائيلي ويصبحون على بعد مئات الأمتار من بلدات غلاف غزة.

إعلان

وفي ضوء هذا المشهد، أعرب بن ديفيد عن قناعته بأن بيت حانون مشكلة يجب حلها، واصفا هذه المهمة بأنها صعبة التنفيذ ولم تستكمل بعد.

بدوره، قال كوبي مروم، وهو خبير في الأمن القومي الإسرائيلي والجبهة الشمالية، إن حماس في أفضل أحوالها بعد تنفيذها عملية أمنية محكمة، مما يلزمنا التفكير في حرب العصابات، مشبها ما يحدث بنموذج لبنان.

والثلاثاء الماضي، توعد أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام جيش الاحتلال بتكبيده خسائر يومية من شمال القطاع إلى جنوبه ضمن معركة استنزاف، واصفا كمين بيت حانون المركب بأنه "ضربة لهيبة جيش الاحتلال الهزيل ووحداته الأكثر إجراما في ميدان ظنه آمنا".

وأكد أبو عبيدة، أن القرار الأكثر غباء الذي يمكن أن يتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية– سيكون الإبقاء على قواته داخل قطاع غزة، ملمحا إلى أن المقاومة في غزة قد تتمكن قريبا من أسر جنود إسرائيليين.

وفي مؤشر واضح على تصاعد عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال، قُتل 39 جنديا وضابطا في قطاع غزة -وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"- منذ استئناف إسرائيل الحرب في 18 مارس/آذار الماضي، بعد تنصلها من اتفاق يناير/كانون الثاني 2025.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات بیت حانون قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

محللون: فيديو القسام يمس الكرامة الإسرائيلية ورسالة تفاوض بالنار

بات قطاع غزة على صفيح ساخن بعدما رفعت المقاومة من وتيرة عملياتها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتواصل فيه مفاوضات الدوحة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وبثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشاهد توثق محاولة أسر جندي إسرائيلي قبل قتله والاستحواذ على سلاحه في كمين مركب شرقي خان يونس (جنوبي قطاع غزة).

ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية فيديو القسام بأنه مرعب وصعب وغير مناسب لذوي القلوب الضعيفة، كما أنه يكذب رواية الإعلام الإسرائيلي، إذ لم يقاتل الجندي بشراسة بل فر من أرض المعركة، في حين اختار مقاتلو حماس ترك جثته وأخذ سلاحه فقط.

ويمس هذا الفيديو "الكرامة الوطنية الإسرائيلية" في ظل الأسطورة التي بناها جيش الاحتلال بشأن جنوده، مما يكسر الثقة بينه وبين المجتمع الإسرائيلي، وفق حديث الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث".

ويؤكد فيديو القسام أن ثمة حربا صعبة تدور في غزة رغم استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار، حسب المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مايكل فايفل.

ومن هذا المنطلق، تبرز مخاوف في إسرائيل بعد هدنة الـ60 يوما المفترضة من أن تعيد حماس ترميم قواتها وتستعيد قدراتها العسكرية، مما قد يعرقل سير مفاوضات وقف الحرب.

أما عسكريا، لم تنجح الإستراتيجية التي أتى بها رئيس الأركان الجديد إيال زامير، إذ زادت عمليات المقاومة بوتيرة دموية أعلى وخسائر بشرية أكثر.

ويعني هذا أن جيش الاحتلال لم يأخذ إرادة القتال في عين الاعتبار، وفق الخبير العسكري إلياس حنا، بعدما استطاعت المقاومة التأقلم وإنتاج قيادات جديدة ذات خبرة.

رسالة تفاوض بالنار

وكذلك، يأتي تصاعد عمليات المقاومة في سياق حرب استنزاف، إذ زادت وتيرتها بعد وقف حرب إيران، في رسالة مفادها بأن غزة ستبقى عقدة وثقبا ينزف بذاكرة المجتمع الإسرائيلي، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة.

إعلان

وتمثل هذه العمليات أيضا رسالة تفاوض بالنار، ومستوى عاليا من الضغط العسكري ينعكس على طاولة المفاوضات، وكذلك على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.

وبناء على هذا الوضع، لا يوجد خيار أمام إسرائيل سوى إيقاف عدوانها والانسحاب بعد فشل المقاربة العسكرية، في حين هناك خبث وسوء نية واضح لدى نتنياهو المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب في غزة.

ويشير الحيلة إلى أحدث تصريحات نتنياهو التي حذر فيها من العودة للقتال "إذا لم يتم نزع سلاح حماس وتفكيك الحركة خلال فترة 60 يوما".

بقاء أم انسحاب؟

وأعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن ما تقوم به المقاومة له أبعاد مختلفة في مرحلة ما بعد نهاية الحرب تتعلق بمصير المقاومة وسلاحها والقيادات السياسية والعسكرية.

ويؤكد حنا أن رفض المقاومة قبول خرائط جديدة للانسحاب الإسرائيلي يشير إلى أن المرحلة المقبلة سيكون فيها القتال دمويا والثمن مرتفعا.

ويعني بقاء جيش الاحتلال في محور موراغ جنوبا أنه "قادر على البدء من حيث انتهى بعد هدنة الـ60 يوما"، في حين تريد المقاومة انسحابه للعمل على مساحة أكبر وتكبيد إسرائيل أثمانا كبرى، فضلا عن إمكانية الحصول على استعلام تكتيكي تحضيرا للفترة المقبلة.

أما سياسيا، لا يريد نتنياهو التعهد بالانسحاب من قطاع غزة وليس وقف الحرب، إذ يعتقد بأن هذه ورقة ضغط قوية على حماس، وفق مصطفى، كما أن عدم الانسحاب يمكن إسرائيل من الاحتفاظ بمنطقة تبني فيها ما تسمى بـ"مدينة إنسانية"، مما يبقي فكرة التهجير قائمة.

في المقابل، لا يريد جيش الاحتلال هذه المنطقة لكونها مكلفة ماديا، كما أنه لا يستطيع تنفيذها، وتحوله عمليا إلى شرطة مدنية في غزة، وتؤكد غياب أي أفق سياسي وإستراتيجي للحكومة الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن كلفة إنشاء "المدينة الإنسانية" بغزة تقدر بـ20 مليار شيكل (6 مليارات دولار)، مما يعادل نصف ميزانية وزارة الدفاع.

وبين هذا وذاك، يحاول زامير رسم صورة نصر رقمية، مع رسالة مبطنة مفادها بأنها لا يمكن تحقيق أهداف إسرائيل بتدمير حماس ونزع سلاحها، مع ضرورة الذهاب للحل السياسي كأفضل خيار لكي يرتاح الجيش ويعيد بناء نفسه وذخيرته، حسب حنا.

مقالات مشابهة

  • محللون إسرائيليون: لم ننتصر في غزة والقضاء على حماس يحتاج سنوات
  • غزة.. ارتفاع قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 890 جندياً
  • حجم خسائر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
  • محللون: فيديو القسام يمس الكرامة الإسرائيلية ورسالة تفاوض بالنار
  • كيف تكسر كتائب القسام تفوق الجيش الإسرائيلي بنمط قتالي غير متناظر؟
  • الجيش الإسرائيلي يعلن عن مقتل جندي في محاولة أسر نفذتها حماس جنوب غزة
  • فيديو إسرائيلي يوثق كمين القسام المركب في بيت حانون
  • الجيش الإسرائيلي يعترف بمقتل جندي في غزة خلال محاولة أسره
  • بالصور: الجيش الإسرائيلي يعلن بدء تطويق بيت حانون شمال قطاع غزة