سفر قداسة البابا تواضروس الثاني إلى النمسا لمتابعة حالته الصحية ليس مجرد رحلة علاجية عابرة، بل حدث روحي ووطني تنصهر فيه محبّة الشعب وصلوات الكنيسة مع قيمة ومكانة رجل استثنائي يحمل في قلبه وطنًا كاملًا، فالكنيسة بكل هيئاتها ترفع صلواتها، والمصريون جميعًا يرسلون من أعماق قلوبهم دعاءً صادقًا أن يعود راعيهم الأبوي إلى أرض مصر سالمًا معافى ليكمل رسالته النقية.
قداسة البابا، الذي يزور ڤيينا بانتظام منذ أكثر من سبعة عشر عامًا، يمتلك ملفًا طبيًا دقيقًا في أحد أهم المراكز الطبية الأوروبية، لكنه حتى في رحلاته العلاجية لا يترك رسالته الروحية لحظة واحدة. من هناك، يواصل اجتماعاته، ويرعى أبناءه، ويظل حاضرًا في قلوب الملايين الذين يرونه أبًا ومرشدًا وركنًا راسخًا من أركان السلام الداخلي.
ومكانة البابا في وجدان المصريين لا تُقاس بمقاييس بشرية، فهو الحكيم الهادئ الذي يزرع الطمأنينة، والراعي الذي يضيء الطريق في زمن يحتاج إلى الكلمة الطيبة والروح العميقة. وليس غريبًا أن يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي بصوت يحمل صدقًا ووفاءً: «إنتو ما تعرفوش أنا بحب قداسة البابا وبقدّره إزاي… خلّوا بالكم منه». إنها شهادة وطنية صادقة تلخص العلاقة الأصيلة بين الدولة والكنيسة، وتؤكد أن مصر تحمي أبناءها جميعًا دون استثناء.
وفي الوقت الذي يتابع فيه البابا علاجه، لا يتوقف الإعلام الخارجي عن فبركة روايات مزيفة حول أوضاع الأقباط في مصر، لكنه في كل زيارة خارجية - سواء للنمسا أو غيرها - لا يفوّت فرصة لتفنيد هذه الادعاءات والرد على الأكاذيب بحكمة وهدوء. يشرح للغرب حقيقة ما يجري على أرض مصر: دولة قوية، عادلة، تحمي حرية العبادة، وتدعم الكنائس، وتقنن أوضاعها، وتضع مبدأ المواطنة فوق كل اعتبار. كلمات البابا في زياراته الخارجية كانت وما تزال درعًا حقيقيًا يفشل حملات التشويه، ويُظهر الصورة الحقيقية لوطن يحترم أبناءه جميعًا.
قداسة البابا تواضروس شاهد عيان على حالة الوحدة المصرية، وقد أكد مرارًا أن العلاقة بين الدولة والكنيسة علاقة احترام متبادل، وأن الاستقرار الذي تعيشه البلاد هو ثمرة وعي القيادة السياسية، وحكمة الإدارة، وإصرار الشعب على الحفاظ على نسيجه الوطني. لذلك، فإن سفره الأخير يُعد رسالة جديدة للداخل والخارج معًا: أن مصر قوية، ثابتة، منفتحة على العالم، وواثقة في قدراتها.
وفي مشهد سفره الأخير، تجتمع محبة الشعب مع صلوات الكنيسة في لوحة وطنية نادرة، تؤكد أن مصر تحفظ رموزها، وتحتضن قادتها الروحيين، وتظل دائمًا موطنًا للمحبة والوئام. رحلة البابا ليست مجرد متابعة لحالة صحية، بل رسالة حب ووطنية وصدق، ورسالة ثقة في المستقبل الذي يصنعه الوعي واليقين.
نرفع صلواتنا مع كل المصريين، طالبين من الله أن يعود قداسة البابا تواضروس الثاني إلى أرض الوطن بالصحة والقوة، ليواصل رسالته المقدسة، ويظل دائمًا رمزًا للحكمة والأبوة الروحية، ووجهًا مشرقًا للوطنية المصرية في أبهى صورها.
اقرأ أيضاًالبابا تواضروس يعلن إنشاء المركز الثقافي القبطي بالإسكندرية: صرح جديد يعيد أمجاد الفكر السكندري
بابا الفاتيكان يدعو الحكومات لوضع سياسات تحمي القاصرين من مخاطر الذكاء الاصطناعي
البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: البابا تواضروس الثاني الحالة الصحية للبابا تواضروس الثاني قداسة البابا تواضروس الثاني البابا تواضروس قداسة البابا
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس: الله ضابط الحياة.. والرضا يمنح السعادة ويتطلب طول الأناة
خلال اجتماع الأربعاء بكنيسة القديسة دميانة والشهيد أبانوب في ڤيينا، هنأ قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، أبناء الكنيسة ببدء صوم الميلاد، معربًا عن سعادته بزيارة النمسا التي تجمع بين المتابعة الصحية والخدمة.
أشاد قداسته بما قدمه كورال الأطفال والشباب من ترانيم، كما توجه بالشكر لنيافة الأنبا جابرييل والقس شنودة أنيس على كلمات الترحيب ومحبتهم.
وأكد البابا أن زياراته للنمسا وأسيوط هدفها الأساسي هو الخدمة، لافتًا إلى أن الخدمة تمنح الفرح والتعزية لأنها عمل للمسيح وسط الناس.
الرضا الحقيقي يمنح السعادةوفي تعليمه الروحي، شدد قداسته على أن الله هو ضابط الحياة ويرتب كل تفاصيلها، وأن الرضا الحقيقي يمنح السعادة لكنه يحتاج إلى طول الأناة، لأن أعمال الله تتم بخطة وتدبير إلهي كامل.
واختتم بتهنئة الجميع بصوم الميلاد الذي يبلغ ٤٣ يومًا، مشيرًا إلى فرحته بالقداسات التي سيصليها خلال الزيارة وباللقاء مع أبناء الكنيسة في النمسا.
إنقاذ حياة مقيم خمسيني من سرطان الغدد اللمفاوية المتقدم