سالي عاطف تكتب: جيل Z .. إلى أين يقود أفريقيا ؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
تشهد القارة الأفريقية هذه الفترة عدة تحديات و تغييرات يمكن أن تشكل مستقبلها بأكمله و يظهر في المشهد بقوة لهذه التغييرات جيل Z في أفريقيا والذي يبدا مواليده تقريباً من 1997–2012 ليس مجرد شريحة ديموغرافية بل هو قوّة اجتماعية وسياسية واقتصادية تُعيد تشكيل المشهد القاري. هذا الجيل نشأ مع الهواتف الذكيّة ووسائل التواصل، ولديه توق للعمل العملي، ووعي بالقضايا العامة، واستعداد لمواجهة أساليب الحكم التقليدية أو الممارسات السياسية المعهودة.
تظهر صفات الجيل وتأثيرها المحتمل يكمن في عده نقاط اولها
1. ديجيتال بالضرورة اي يعتمد على محتوى الفيديو والصوت الاجتماعي (TikTok، YouTube، Instagram) كمصدر للمعلومة والتحشيد.
2. ريادة وابتكار و يفضّل العمل الحرّ، الشركات الناشئة، والاقتصاد الرقمي على الوظائف التقليدية.
3. وعي مدني مرتفع فهو أكثر اهتماماً بحقوق الإنسان، المناخ، العدالة الاجتماعية، وتمثيل الشباب في الحكم.
4. ميال للعمل المباشر من الاحتجاجات إلى الحملات الانتخابية الرقمية، يبحث عن نتائج سريعة ومرئية.
5. قوّة انتخابيّة متنامية فبرغم تحديات التسجيل والتصويت في بعض الأنظمة، عددهم الكبير يجعلهم كقوّة مؤثرة إذا تم تحفيزهم وتنظيمهم.
هذه الخصائص تعني أن جيل Z يمكن أن يسرّع التغيير بعدة أشكال منها حكومات جديدة، سياسات شبابية، إصلاحات اقتصادية لكن يمكن أيضاً أن يواجه تراجعات إذا اصطدم بأنظمة قمعية أو بفساد ممنهج.
و هناك عدة أمثلة لاحظنا بها هذه القوة الجبارة ببعض الدول من شرقها الي وسطها و غربها خاصة خلال فترة الانتخابات مثل تنزانيا و انتخابات 2025 والقيود على المنافسة.
في انتخابات تنزانيا الأخيرة و التي حدثت خلال شهري أكتوبر/نوفمبر 2025شهدت الساحة استبعاداً فعلياً لبعض عناصر المعارضة وقيوداً على حرية التعبير والتجمع، ما أدّى إلى احتجاجات وتوقّف لمساحات المشاركة السياسية التقليدية و قد لاحظت بعثة الاتحاد الأفريقي أن العملية واجهت مشاكل في الشفافية وبيئة سياسية ضيقة. هذا يجعل قدرة الشباب على تحويل طاقاتهم الانتخابية إلى تغييرٍ فعلي محدودة عند غياب مؤسسات نزيهة ومفتوحة. 
و في أوغندا المرشح وبوبي واين (Bobi Wine) و الذي يعتبر نموذج تصاعد المواجهة بين شبابٍ رافعٍ لسقف الطموح ونظامٍ صامد
فروبرت كياجولاني (Bobi Wine) مثال حي لشاب جيله انتقل من الفن إلى السياسة، وجذب قاعدة شبابية ضخمة بوعد تغيير الجيل والقيادة. في 2025–2026، تم السماح له رسمياً بالترشح مجدداً، لكن حملته واجهت مضايقات أمنية (توقيف داعمين، تفريق تجمعات بالغاز والمياه). المشهد يعكس ازدواجية: قدرة جيل Z على التعبئة والحضور الإعلامي كبيرة، لكن مواجهة جهاز الدولة وأدوات القمع تبقى عقبة حقيقية أمام تحويل ذلك الحشد إلى سلطة سياسية مكتملة. 
و هناك تجارب أخرى في القارة مثل نيجيريا وسنغال كمحطات مهمّة
النيجر/نيجيريا (مثال EndSARS وتأثيره على الشباب): الاحتجاجات ضدّ العنف الشرطي (2020) أطلقت نقاشاً سياسياً وثقافياً لدى الشباب وأظهرت قدراتهم على التنظيم الرقمي، لكن أثرها المختلط على نسب التصويت يُبيّن أن التّحفيز الرقمي لا يكفي دائماً لتحويل المشاركة الرقمية إلى مشاركة انتخابية منتظمة. 
وشهدت السنغال حراك الشباب والمظاهرات بين أعوام (2013–2024) ومحطات الاحتجاج المرتبطة بقضايا ترشّح وتهمّ قانونية لقيادات معارضة أبانت عن قابلية الشباب لتحريك الشارع السياسي. نتائجها كانت متعدّدة: ضغط شعبي دفع في اتجاه تغييرات سياسية وإجراءات قضائية لاحقاً، لكن أيضاً خلّف خسائر بشرية ومشكلات ثقة مؤسساتية. 
و يبقي السؤال الان اين الحدود؟ ما الذي يمنع الجيل من قيادة التغيير الكامل؟ فتكون الإجابات واضحة بقراه المشهد في ان مازال
قمع المساحات السياسية اي عندما تُمنع الأحزاب أو يُقيَّد العمل المدني، تقلّ الخيارات المتاحة أمام الشباب. (انظر حالة تنزانيا وأوغندا كمثال حي 
كذلك هياكل حزبية ومحسوبية تقليدية الحزب الحاكم أو شبكاته قد تغيّب الشباب أو تستوعبهم في أطر لا تغيّر السياسات الأساسية.
وهناك عدة عوائق اقتصادية وتعليمية مثل البطالة وضعف فرص التدريب يضعفان قدرة الجيل على ترجمة طموحاته إلى قيادة مستدامة.
و يعتبر اخطر النقاط هي التشتت الرقمي اي الحشد عبر وسائل التواصل قوي لكنه عرضة للتشتت، التضليل، و”الهاشتاجات” التي لا تتحوّل دوماً إلى مؤسسات سياسية قادرة على الحكم.
و اخيرا أري ان جيل Z يعتبر قوة لا يستهان بها في قارة الشباب افريقيا التي تعرف باذن اكثر من ٧٠٪ من سكانها شباب فلابد من حلول عاجلة و جذرية لاحتواء هذه القوة منعا للقمع و الصدام حتي لا تنجرف قارتنا الي صراعات أهلية تقودها الي الهاوية
فلابد من تمكين المؤسسات الانتخابية: ضمان تسجيل شبابي سهل، مراقبة دولية ومحلية شفافة لكل انتخابات. 
كذلك تفعيل برامج دخل وتدريب شبابي: ربط التعليم والمهارات بسوق العمل والتكنولوجيا.
و منح الشباب مساحة سياسية حقيقية: إصلاح قوانين الأحزاب لتشمل تمثيل الشباب، وفتح منابر للمشاركة.
و حماية الحريات العامة و منع الاعتقالات التعسفية وتسهيل حرية التجمع والتعبير فقارتنا دايما تستحق السلام و المستقبل الأفضل
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القارة الأفريقية جيل Z أفريقي
إقرأ أيضاً:
هند عصام تكتب: أسطورة سميراميس
فى محاولة منا للخروج عن المألوف وكسر روتين سرد قصص وحكايات ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة جاءت قصة ملكة لا مصرية ولا يونانية على غير العادة ولكنها آشورية من طفلة صغيرة في البراري أطعمها اليمام إلى أشهر ملكات الشرق القديم ملكة الحب صاحبة تمثال الجمال والحكمة إنها سميراميس قصتها وظروف نشأتها منذ ولادتها ألهمت عقول الكثير من الأدباء والفنانين والمؤرخين الأوروبيين، وفرضت حضورها في الأدب والفن والتاريخ.
أنها ملكة بلاد الرافدين سميراميس التي قيل عنها كانت شديدة الجمال، ذات حسن برموشها الطويلة الكثيفة ونظراتها الجذابة الودودة، عُرف عنها الجمال والحكمة وحدّة الذكاء، كما تميزت بالقوّة والغموض انها الأسطورة سميراميس.
وقيل عن الأسطورة سميراميس إنه منذ قديم الزمان عندما فاضت منابع نهر الفرات، وأشتد فيضان النهر حتي خرجت الأسماك إلى الشاطئ وكانت هناك سمكتان كبيرتان اتجهتا إلى وسط النهر، ثم قامتا بدفع بيضة كبيره نحو الشاطئ، وعندها سقطت حمامة بيضاء كبيرة احتضنت هذه البيضة وأخذتها بعيداً عن مجرى النهر ومخاطرة ، واهتمت بها واحتضنتها حتى فقست لتخرج منها طفلة رائعة الجمال تحيط بها أسراب الحمام لتحيطها بالعناية والحماية من مخاطر الحر والبرد والبيئة المحيطة .
عاشت تلك الطفلة مع الحمام حياة هنيئة يهتم بها مخلوق رقيق أليف حياة لم تعرف فيها الشقاء، واهتم بها الحمام حتى اكتشف مكاناً يخزن فيه الرعاة ما تنتج أغنامهم من حليب وما يصنعون من جبن، فكانت الحمائم تحمل منه ما تقدر عليه بمناقيرها إلى الطفلة حتي تتغذي وكأنها أبنتهم .
واكتشف الرعاة سرقة الطيور للحليب والجبن، فراقبوها حتى عرفوا مكان الطفلة، التي كانت تشرب حليبهم وأجبانهم المسروقة وعقابا لها أخذوها إلى خيامهم، ثم قرروا بيعها في"سوق نيموي " الكبير ، عندما أخذ الرعاة الفتاة التى أطلقوا عليها اسم سميراميس والتي تعني "الحمامة" في اللغة الآشورية إلى سوق نينوى رغبة فى بيعها صادف أن يكون ذلك اليوم موسماً للزواج الذى يقام فى كل عام، حيث يجتمع الشباب والشابات من كل أنحاء البلاد ليختار كل شاب فتاة أو أن يأخذ صبية إلى بيته فيربيها حتى يزوجها لأحد أبنائه.
دخل الرعاة ومعهم الجميلة ذات الحسن سميراميس إلى سوق نينوى وعندما كانت سميراميس في السوق في انتظار من سوف يشتريها وكان قد لمحهم فى أول الصف ناظر مرابط خيول الملك واسمه (سيما) أعجب إعجاباً شديداً بالفتاة وقد كان عقيماً لا ولد له، فساوم الرعاة على أن يتبناها، فما كان من الرعاة إلا أن وافقوا على الصفقة المربحة ، فعاد سيما بسميراميس إلى بيته وفرحت زوجته بها، وربتها كابنتها حتى كبرت واشتد عودها وصارت من أجمل النساء في البلاد .
وذات يوما عندما كان مستشار الملك (أونس) يتفقد جمهور الرعيّة لمح سميراميس بالصدفة بين الحشود فانبهر بجمالها و حسنها وبراءتها ووقع في حبها من أول نظرة وعلي الفور طلبها للزواج ، وافقت سميراميس علي الزواج ثم أخذها إلى نينوى وتزوجها هناك وأنجبا طفلين يقال إنهما توأمين واسمهما (هيفاته) و(هيداسغه) وكانت حياة العائلة سعيدة وعاشت سميراميس مرة أخرى حياة هادئة بجوار زوجها "أوناس"، وكانت بمثابة مستشار له، وعندما سافر زوجها بأوامر من الملك للعاصمة ليتابع إحدى معاركه أخذها معه، وهناك قامت بالإشراف على المعركة ووضع الخطط الحربية.
وعندما نجحت حملة الملك واستطاع اجتياح العاصمة، وأعجب الملك بها أعجاب شديد و بشجاعتها ومهارتها فى التخطيط وجمالها الساحر . وطلب من زوجها أن يتركها له ، فساوم مستشاره لكى يترك سميراميس ويتزوج ابنة الملك إلا أن المستشار أونس رفض ذلك، حتى هدده الملك بقلع عينيه فخضع لأمره بسبب التهديد ، وبالفعل اضطر زوجها للتنازل عن سميراميس للملك بسبب خوفه، ومات فور زواجها من الملك، ويعتقد انه مات منتحراً او قهراً علي سميراميس . تزوجت سميراميس من الملك وأنجبت منه "نيناس"، وحكمت سميراميس مع الملك حتى توفي، ويُقال إنها قتلته عن طريق الخطأ فى الظلام ظناً منها أنها قتلت عدوّه وأصبحت حاكمة بلاد ما بين النهرين.
حسب الأسطورة الرائجة، يقال ان حكم الملكة سميراميس قد دام لمدة 42 عاما، لكن الواقع انها كانت تحكم سوية مع زوجها الملك، وحكمت السنوات الخمس الأخيرة فقط بمفردها بعد وفاة زوجها. وقد بدأت حكمها ببناء ضريح فخم في نينوى تمجيدا لزوجها الملك (نينوس).
وتذكر الاسطورة ان الملكة سميراميس بعد وفاة زوجها كانت تتخذ خليلا شابا في كل ليلة وتقتله في صباح اليوم التالي لكن لا توجد مصادر مؤكدة عن هذه المعلومة.
لم تكتف هذه المرأة العظيمة بالسلطة السياسية وإدارة شؤون البلاد بل تعدتها إلى التأثير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية.
فأضفت نوعا من الرقة والروحانية الجنوبية على المذهب الآشوري الذي كان يتسم أكثر بنوعا من تقديس الفحولة المتمثل بالاله آشور وكذلك الميل إلى منطق القوة الحرب
وقامت بمشاريع عمرانية واسعة وأهمها بناء مدينة آشور بمعابدها وقصورها الضخمة وإحاطتها بالأسوار العالية.
وقعت سميراميس في حب الملك الأرمني الوسيم آرا بعد وفاة زوجها وكان هذا الملك شديد الوسامة ولشدة أعجابها به ، طلبت منه الزواج . ولكنه رفض طلبها . فقادت جيشاً عظيماً من العراق إليّ أرمينيا لمقاتلة ذلك الملك وجيشه بسبب رفضه الزواج منها .
قتل الملك أثناء المعركة فحزنت الملكة عليه حزناً شديداً .
وجلبت جسده إليّ قصرها في مملكة آشور و وضعته وسط قصرها لمدة شهر وهي تنظر إليه يومياً وتبكي ندماً وتندبه حزناً علي فتيلها الملك وعلي حبها له .
ويقال أنها في النهاية لقت مصرعها على يد ابنها بسبب الصراع علي الحكم .