الثورة نت:
2025-12-04@04:00:40 GMT

المقاومة.. إرادة لا تُكسر

تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT

المقاومة.. إرادة لا تُكسر

 

منذ اجتياح لبنان عام 1982، لم تغب المقاومة عن واجهة الأحداث بوصفها العامل الثابت في معادلات الصراع. ففي اللحظة التي أراد فيها العدو فرض معادلة إخضاع طويلة الأمد، وُلد جواب مختلف من قلب الجنوب امتدّ إلى معظم الجغرافيا اللبنانية: إرادة لا تُقاس بالعتاد، بل بالوعي والالتصاق بالأرض والقدرة على تحويل المظلومية إلى فعل تاريخي مستمر.

لم تنشأ المقاومة من فراغ، ولم تكن مجرّد ردّ فعل على الاحتلال، بل انطلقت من حاجة الناس إلى حماية بيوتهم وصون كرامتهم. ومع مرور السنوات، تحوّلت مرحلة ما بعد الاجتياح إلى مختبر قاسٍ لصناعة الوعي والهوية والقرار، فترسّخت تجربة تراكمية انتهت بتحرير عام 2000، ثم بصمود تاريخي في حرب تموز 2006 أسقط مقولات «الجيش الذي لا يُقهر» وفرض معادلات ردع جديدة على مستوى المنطقة.

كان التحرير لحظة لبنانية وطنية بامتياز، لكنه تحوّل أيضاً إلى حدث عربي ودولي كبير أثبت أنّ الاحتلال يمكن أن يُهزم، وأنّ التفوّق العسكري لا يمنح العدو حصانة أمام إرادة الشعوب. وقد أدرك العدو مبكراً حجم التحول الذي فرضته المقاومة، فلجأ إلى سياسة الاغتيالات والحروب الخاطفة ومحاولات تفكيك البيئة الحاضنة، أملاً بتعطيل مسار تراكم القوة أو ضرب بنية القرار داخل المقاومة.

ومع تطوّر المشهد الإقليمي، جاء “طوفان الأقصى” وما نتج عنه من تداعيات سياسية وعسكرية، ليثبّت حقيقة مركزية: كل مشاريع الردع الإسرائيلية، وكل الرهانات الدولية والإقليمية على إنهاك المقاومة أو تغيير قواعد الاشتباك، لم تُنتج سوى المزيد من التمسك بهذا الخيار. بل بدا واضحاً أن المقاومة ازدادت ثباتاً، فيما غرق العدو لا يخلو من ارتباكات داخلية عميقة على المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية.

وفي قلب هذا المشهد، جاءت شهادة القائد السيد أبو علي الطبطبائي لتؤكد جوهر هذا المسار. فالرجل كان من أولئك الذين فهموا أنّ طريق المقاومة محفوف بالتضحيات، لكنه الطريق الوحيد لحماية الأرض وصون الهوية. وقد مثّلت شهادته، كما شهادات القادة الذين سبقوه، دليلاً جديداً على أنّ استهداف القادة لم ولن ينجح في كسر المشروع، بل يزيده حضوراً وقوة، ويكشف حجم الفشل المتكرر في حسابات العدو الذي راهن على الاغتيال كسلاح يغيّر الموازين.

وما يميّز المقاومة في لبنان أنّها لم تكن يوماً مشروعاً عسكرياً صرفاً، بل تحوّلت إلى منظومة قيم متكاملة. فالصبر والإيثار والوعي والإيمان بقدسية الأرض ليست شعارات، بل عناصر تكوينية لصناعة القوة. ومن هذا المزيج اكتسبت المقاومة قوتها، ومن هذا الوعي الشعبي العميق نشأت بيئة حاضنة أثبتت على مدى العقود أنّها جزء لا يتجزأ من المعركة.

منذ عام 1982 وحتى اليوم، تغيّرت أدوات الصراع كثيراً. العدو طوّر أسلحته واستند إلى دعم دولي واسع، لكنه ظلّ عاجزاً عن اختراق العنصر الأعمق في معادلة المقاومة: الإنسان. الإنسان الذي يعرف لماذا يقاوم، ولمن يقاتل، وماذا يعني أن تُترك الأرض للمحتل. وفي ميزان التاريخ، ينتصر من يملك وضوح الهدف وصلابة القضية، لا من يمتلك السلاح الأكثر تطوراً.

لقد أثبتت العقود الماضية أنّ إرادة المقاومة ليست ظرفية ولا خاضعة لحسابات اللحظة. إنها إرادة تراكمية تنمو مع كل تحدّ، وتشتدّ بعد كل محاولة لكسرها، وتتجدد بعد كل استهداف. وكل محطة أثبتت أنّ البديل عن المقاومة ليس “السلام “ولا الاستقرار، بل الخضوع لواقع يفرضه احتلال يستند إلى القوة الغاشمة وتواطؤ الخارج ومرتزقة الداخل.

اليوم، بعد أربعة عقود على الاجتياح، لم تعد المقاومة ردّ فعل، بل أصبحت مشروعاً متكاملاً بهويته ورؤيته وامتداده الشعبي، ويقف العدو أمام الحقيقة ذاتها التي حاول إنكارها: المقاومة ليست جسداً يمكن اغتياله، بل روحاً لا يمكن قتلها. روح شعب لا يُهزم، لأنه ببساطة لا يقبل الهزيمة، وهناك من يراهن على القوة، وهناك من يراهن على الإرادة.

وهكذا يصبح العنوان خلاصة تجربة حيّة، لا شعاراً سياسياً: المقاومة… إرادة لا تُكسر.

*إعلامي وكاتب سياسي لبناني.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

341 عملاً مقاومًا في الضفة والقدس خلال نوفمبر يسفر عن مقتل صهيوني وإصابة 8 آخرين

الثورة نت /..
قال مركز معلومات فلسطين، اليوم الثلاثاء، إن الضفة الغربية والقدس المحتلة شهدت خلال شهر نوفمبر المنصرم، 341 عملاً مقاوماً نوعياً وشعبياً ضد العدو الصهيوني ومستوطنيه، أسفر عن قتيل صهيوني واحد وإصابة 8 آخرين بجراح مختلفة.

وأوضح المركز، في تقرير احصائي اطلعت عليه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن المقاومة نفذت 27 عملاً مقاوماً نوعيا شملت 10 عمليات إطلاق نار واشتباكات مسلحة، ومحاولة دهس وطعن مزدوجة، و16 عملية زرع أو إلقاء عبوات ناسفة.

وأشار إلى أن أعمال المقاومة شملت 314 مظاهرة ومسيرة وأعمال مقاومة شعبية، تنوعت بين 14 عملية إلقاء زجاجات حارقة ومفرقعات نارية، و47 عملية تصدي لاعتداءات المستوطنين، و9 عمليات إضرار بمركبات مستوطنين، و228 مواجهة مع العدو بأشكال متعددة، و16 مظاهرة ومسيرة.

مقالات مشابهة

  • قرار أممي يدعو العدو الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي الفلسطينية والجولان المحتل
  • حركة المجاهدين: عمليات الضفة تؤكد أن المقاومة هي السبيل الوحيد لردع الاحتلال
  • صلاح الدين الأيوبي .. القائد الذي صنع المجد وكتب التاريخ
  • 341 عملاً مقاوماً في الضفة والقدس خلال نوفمبر أسفر عن مقتل صهيوني وإصابة 8 آخرين
  • 341 عملاً مقاومًا في الضفة والقدس خلال نوفمبر يسفر عن مقتل صهيوني وإصابة 8 آخرين
  • “الأحرار الفلسطينية” تشيد بالعمليتين البطولتين في الضفة الغربية
  • “حماس”:عملية الطعن البطولية ردّا طبيعيا على جرائم العدو الصهيوني
  • “حماس” عملية الدهس شمال الخليل تأتي كرد على جرائم العدو الصهيوني في غزة والضفة
  • معالي أبو الحسن… الإنسان الذي جعل منه قرب الهاشميين أخلاقًا تمشي على الأرض