الكبار لا يرحلون عند موتهم، بل يبقون دائمًا في ذاكرة الشعوب كمشاعل النور التي تنير السماء وتغمر الأرض.. هكذا كان طلال سلمان (1938-2023م).. الصحفي والكاتب العروبي الكبير الذي غادرنا مؤخرًا عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عامًا بعد رحلة كفاح مبهرة في أروقة الصحافة تكللت بإصدار جريدة «السفير» التي مثّلت رقمًا صعبًا في مسيرة الصحافة اللبنانية والعربية منذ النشأة أواخر عام 1973م، حتى توقفها عن الصدور أواخر عام 2016م.
في بلدة شمسطار (غربي مدينة بعلبك)، وُلد طلال سلمان لتبدأ مسيرته الشاقة والمبهرة مع الصحافة نهاية الخمسينيات من القرن الماضي مخبرًا صحفيًا في جريدة «الشرق»، ثم محررًا فسكرتيرًا للتحرير في مجلة «الحوادث»، فمديرًا للتحرير في مجلة «الأحد». وفي عام 1962م، أصدر في الكويت مجلة «دنيا العروبة»، ثم يعود إلى بيروت ليعمل من جديد في مجلتَي: «الصياد»، و«الأحد»، حتى تفرّغ لإصدار سِفره الأكبر جريدة «السفير» بشعارها المميز «صوت الذين لا صوت لهم».
ارتبط سلمان فكريًّا وروحيًّا بالزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر ومشروعه القومي العربي وحرصه على دعم قضية العرب المركزية (فلسطين). وقد حكى سلمان عن لقائه الأول بـ«ناصر» عام 1958م في قصر الضيافة بدمشق بعد إعلان دولة الوحدة (مصر وسوريا)، حيث ذهب مع زملائه بمجلة «الحوادث» بزعامة سليم اللوزي للسلام على الزعيم الذي انتظرته أمواج من البشر لم تشهدها دمشق من قبل. وحين صافح «ناصر» سأله: «إزي شطحاتك؟»، إذ كان سلمان يكتب آنذاك زاوية بعنوان «شطحة» بالمجلة، ويعلق: «فرحت كثيرًا. هذه الجملة أعيش عليها سنة كاملة من دون طعام».. مضيفًا: «سلّمنا وخلّصنا وبدنا نمشي، فقلت لشفيق الحوت: ما رأيك لو نرجع ونسلّم مرة ثانية؟ انتبه عبد الناصر إلى أنه سبق له وسلّم علينا، فضحك وقال: أهلًا وسهلًا».
آمن طلال سلمان أنه برحيل عبد الناصر انطفأ الوهج العربي الذي ما زلنا نبحث عنه حتى الآن، إذ كتب أنه برحيل «ناصر»: «انطوت صفحة كاملة من تاريخ الأمة، وفُتحت صفحات جديدة. كلّ شخص صار يكتب صفحة على خاطره بعدما ذهب الكبير. ذهب القائد الذي كان يشعر الجميع بأنهم غير قادرين على التصرّف من دونه. بدأ الصغار يكبرون وكلّ مَن كان لديه مشروع آخر، أخرجه». كما كتب سلمان مستذكرًا «ناصر»: «هذا الذي كلما ابتعد في الغياب شفّ حضوره، وتغلغل أعمق فأعمق في ثنايا الوجدان».
يُذكر أنه للراحل الكبير عدد من الكتب المهمة، منها: مع فتح والفدائيين- إلى أميرة اسمها بيروت- الهزيمة ليست قدرًا- على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام- هوامش في الثقافة والأدب والحب- كتابة على جدار الصحافة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: طلال سلمان
إقرأ أيضاً:
مناقشة مشروع تخرج System لطلاب الصحافة بٱداب الوادي الجديد
ناقش قسم الإعلام بكلية الآداب – جامعة الوادي الجديد، مشروع تخرج متميز لشعبة الصحافة تحت عنوان “System”.
وذلك تحت رعاية الدكتور عبدالعزيز طنطاوي، رئيس جامعة الوادي الجديد والدكتور محمد عبدالسلام، عميد الكلية، والدكتور عاطف عبدالعزيز، وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب. بحضور نخبة من القيادات الأكاديمية والإعلامية، وتحت
ضمّت لجنة المناقشة كلاً من:
محمد مهران، مدير إدارة الاخبار المحلية بإذاعة الوادي الجديد، والدكتور محمود لطفي، مدرس الإذاعة والتلفزيون بقسم الإعلام، والدكتور أحمد سيد عبدالعظيم، مدرس الصحافة بالقسم، وبحضور كل من الأستاذة شيماء عبد اللاه، والأستاذ رامي عيد، معيدين الصحافة بالقسم.
وقدّم الطلاب مشروعهم الذي تناول قضايا معاصرة بأسلوب صحفي حديث ومبتكر، مستخدمين أدوات رقمية وتقنيات متعددة لرصد وتحليل الظواهر الإعلامية، ما عكس مدى نضجهم المهني واستيعابهم لمهارات العمل الصحفي الواقعي.
وأشاد محمد مهران مدير ادارة الاخبار باذاعة الوادى الجديد بمستوى المشاريع المقدمة، مؤكدًا أن الطلاب قدموا نموذجًا واعدًا لجيل صحفي جديد يمتلك أدوات التعبير والبحث، ويستطيع مواكبة متطلبات السوق الإعلامي في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
من جانبه، أثنى الدكتور محمود لطفي على روح الفريق بين الطلاب، وحرصهم على التعمق في المضمون الصحفي بجانب الاهتمام بالشكل والإخراج، فيما أشار الدكتور أحمد سيد عبدالعظيم إلى أهمية مثل هذه المشروعات في صقل المهارات وتعزيز الثقة بالنفس لدى طلاب الإعلام.
واختُتمت فعاليات المناقشة بتكريم الطلاب المشاركين، والتقاط الصور التذكارية التي وثّقت لحظة نجاح استثنائية تعكس الجهد والعمل الجاد على مدار عام دراسي كامل.