الأسبوع:
2025-10-14@16:01:00 GMT

طلال سلمان.. وعبد الناصر

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

طلال سلمان.. وعبد الناصر

الكبار لا يرحلون عند موتهم، بل يبقون دائمًا في ذاكرة الشعوب كمشاعل النور التي تنير السماء وتغمر الأرض.. هكذا كان طلال سلمان (1938-2023م).. الصحفي والكاتب العروبي الكبير الذي غادرنا مؤخرًا عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عامًا بعد رحلة كفاح مبهرة في أروقة الصحافة تكللت بإصدار جريدة «السفير» التي مثّلت رقمًا صعبًا في مسيرة الصحافة اللبنانية والعربية منذ النشأة أواخر عام 1973م، حتى توقفها عن الصدور أواخر عام 2016م.

في بلدة شمسطار (غربي مدينة بعلبك)، وُلد طلال سلمان لتبدأ مسيرته الشاقة والمبهرة مع الصحافة نهاية الخمسينيات من القرن الماضي مخبرًا صحفيًا في جريدة «الشرق»، ثم محررًا فسكرتيرًا للتحرير في مجلة «الحوادث»، فمديرًا للتحرير في مجلة «الأحد». وفي عام 1962م، أصدر في الكويت مجلة «دنيا العروبة»، ثم يعود إلى بيروت ليعمل من جديد في مجلتَي: «الصياد»، و«الأحد»، حتى تفرّغ لإصدار سِفره الأكبر جريدة «السفير» بشعارها المميز «صوت الذين لا صوت لهم».

ارتبط سلمان فكريًّا وروحيًّا بالزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر ومشروعه القومي العربي وحرصه على دعم قضية العرب المركزية (فلسطين). وقد حكى سلمان عن لقائه الأول بـ«ناصر» عام 1958م في قصر الضيافة بدمشق بعد إعلان دولة الوحدة (مصر وسوريا)، حيث ذهب مع زملائه بمجلة «الحوادث» بزعامة سليم اللوزي للسلام على الزعيم الذي انتظرته أمواج من البشر لم تشهدها دمشق من قبل. وحين صافح «ناصر» سأله: «إزي شطحاتك؟»، إذ كان سلمان يكتب آنذاك زاوية بعنوان «شطحة» بالمجلة، ويعلق: «فرحت كثيرًا. هذه الجملة أعيش عليها سنة كاملة من دون طعام».. مضيفًا: «سلّمنا وخلّصنا وبدنا نمشي، فقلت لشفيق الحوت: ما رأيك لو نرجع ونسلّم مرة ثانية؟ انتبه عبد الناصر إلى أنه سبق له وسلّم علينا، فضحك وقال: أهلًا وسهلًا».

آمن طلال سلمان أنه برحيل عبد الناصر انطفأ الوهج العربي الذي ما زلنا نبحث عنه حتى الآن، إذ كتب أنه برحيل «ناصر»: «انطوت صفحة كاملة من تاريخ الأمة، وفُتحت صفحات جديدة. كلّ شخص صار يكتب صفحة على خاطره بعدما ذهب الكبير. ذهب القائد الذي كان يشعر الجميع بأنهم غير قادرين على التصرّف من دونه. بدأ الصغار يكبرون وكلّ مَن كان لديه مشروع آخر، أخرجه». كما كتب سلمان مستذكرًا «ناصر»: «هذا الذي كلما ابتعد في الغياب شفّ حضوره، وتغلغل أعمق فأعمق في ثنايا الوجدان».

يُذكر أنه للراحل الكبير عدد من الكتب المهمة، منها: مع فتح والفدائيين- إلى أميرة اسمها بيروت- الهزيمة ليست قدرًا- على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام- هوامش في الثقافة والأدب والحب- كتابة على جدار الصحافة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: طلال سلمان

إقرأ أيضاً:

صحافة المواطن: صالح الجعفراوي أنموذجًا

بقيت الصحافة والوسائل الإعلامية عمومًا محتكرة لعقود عديدة، مما شكّل نوعًا من تحديد نوع وإطار المعلومة التي تصل إلى الجمهور، لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد منصاتها ظهرت أنواع جديدة من الصحافة، منها ما يسمى في الدراسات الحديثة صحافة المواطن (Citizen Journalism) التي تعتمد على الفرد في نشر المعلومة، فوازنت بين الاحتكار المعلوماتي الذي كانت تمارسه المؤسسات الإعلامية وتأطيرها، وهكذا تحول كل فرد مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي إلى إعلامي محتمل قادر على صناعة الخبر بنفسه وتأطيرها.

تسمية هذا النوع من الصحافة بـ«صحافة المواطن» هو نوع من إبقاء المركزية للدولة في الوقت نفسه الذي تحرر هذه الصحافة الخبر والوصول إلى المعلومة من السيطرة المركزية للدولة، فأولا التسمية تستخدم لفظ المواطن (citizen) لوصف نوع الصحافة، واللفظ يشير إلى مسألة المواطنة في دولة ما، أي بالمفهوم العام هو فرد ينتمي إداريًّا/ سياسيًّا لدولة ما، ويقع في خانة المحكوم في مقابل الحاكم، لذلك لم تنتفِ صفة المركزية عن الدولة في التسمية، وفي هذا السياق تصف بعض الأدبيات هذا النوع على أنه «الصحافة التشاركية» و«الصحفي التشاركي» أي بمعنى المشاركة في المجال العام وعدم احتكاره للمعلومة كما تفعل المؤسسات الإعلامية سابقًا. وثانيًا، هذا النوع من الصحافة يحرر الخبر والمعلومة من السيطرة المركزية للدولة، إذ قبل ظهوره، لا يمكن الوصول إلى المعلومة الإعلامية إلا من خلال المؤسسات الإعلامية التي في الغالب إما أن تمتلكها الدولة أو تمولها لتتبنى أجندتها، لكن مع وجود هذا النوع من الصحافة أصبحت المعلومة حرة، يمكن أن تذاع بشكل حر من قبل أي فرد يمتلك هاتفًا ومسجّل في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي فإن التضارب لا يكون في ذات المعلومة، وإنما في تأويلها، لكنها في ذاتها حرة لأنها يمكن أن تأتي من أكثر من مصدر فلا تكون حبيسة فاعل إعلامي واحد.

من النماذج المهمة التي مثلت صحافة المواطن خلال السنتين الأخيرتين أثناء الإبادة الجماعية على غزة، هو صالح الجعفراوي، الذي يعيش في غزة، إذ استطاع الجعفراوي -الذي استشهد يوم الأحد الماضي- أن ينقل، مع صحفيين آخرين، كثيرًا من الأحداث من خلال هاتفه، مما شكّل رواية بديلة غير مركزية للحقيقة، التي كانت تحتكرها وسائل الإعلام الغربية، حيث استطاعت هذه الصحافة التي مارسها الجعفراوي والآخرون في غزة، أن تصل بالحقيقة إلى الشعوب الغربية، مما دفعها أن تخرج من تضليل وسائل الإعلام الكبرى، وهو ما شكّل تحديًا حقيقيًا لوسائل الإعلام في أن تجادل أو تدافع عن السردية الصهيونية، ففي كل مرة كانت تضلل فيها الحقيقة تفقد هذه البرامج أو القنوات مصداقيتها لدى الجمهور، وبهذه الطريقة تحول صالح الجعفراوي من مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي إلى فاعل إعلامي مؤثر في الرأي العام العربي والعالمي، من خلال البساطة الإعلامية ونقل الصور والأحداث دون محاولة تأويلها أو تحليلها، فكل ما يفعله أن ينقل الحدث كما هو من عمق المأساة ذاتها، وقلب الإبادة والمجازر وليس بعيدًا عنها. حتى أصبحت حساباته الشخصية مصدرًا للأخبار في غزة وما يجري فيها.

على الرغم من التأثير البالغ للصحافة التشاركية (أو صحافة المواطن) على الجمهور المستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الجعفراوي كان يواجه التحديات التي يشترك فيها مع الصحفيين التشاركيين جميعًا، لا سيما في ظل الحرب، منها التحديات الأمنية، وهي المتعلقة بأمنه الشخصي، إذ هو مضطر ـ بناء على المنهجية التي اتبعهاـ أن يكون في قلب الحدث لتصوير الأحداث التي تقع كما هي، سواء كان في أحياء تقصف، أو يحدث فيها تبادل إطلاق النار، أو المستشفيات، مما جعل أمنه الشخصي مهددًا طوال السنتين الماضيتين، الذي يشكل تأثيرًا على صحته الجسدية والنفسية كذلك، فضلا عن عدم قدرته على النزوح أو الراحة، مما جعل استشهاده نتيجة لهذا التهديد الأمني أيضا، إذ استشهد بينما كان يصور إطلاق نار، إضافة إلى أنه يواجه بعض التحديات في المشككين في صحة الأخبار، وهو ما تتبناه السردية الصهيونية التي تنفي ما يصوره صالح الجعفراوي، أو تتهمه مع الشخصيات الواردة في الصور والمقاطع التي ينشرها على أنها مجرد تمثيل، وبالتالي هناك تشكيك مستمر في مصداقية المعلومة التي ينشرها، فضلا عن الشائعات المستمرة التي تنشر عنه للتقليل من مصداقيته الإعلامية. ومن هنا يُمكن للأفراد المتلقين عمومًا أن يصلوا لحالة الموازنة بين المصداقية وعدم الإضرار بالصحفي أو إلحاق الشائعات به، من خلال المقارنة بين مصادر المعلومة الواحدة وكيف يُمكن التفريق بين المعلومة في ذاتها وبين تأويلها.

شكلت تجربة الجعفراوي في ممارسة صحافة المواطن ظاهرة تستحق الدراسة من حيث إنها نقلت الإعلام وأعادت تعريفه باعتباره واجبًا إنسانيًا وأخلاقيا وليس مجرد مهنة، إذ الصحفي المواطن لا يتلقى أي أجر مقابل نشاطه الإعلامي ـ إلا في حالة الإعلان أو تعاقده مع مؤسسة تموله ـ وإنما يقوم بالأمر من دافع أخلاقي، وبهذه الطريقة يصبح المواطن قادرًا على إنتاج الحقيقة والمشاركة في البلوغ بها لتأدية تأثيرها على العقل الجمعي والفردي.

مقالات مشابهة

  • "لقد أخفوا شعري".. ترامب غاضب من صورته على غلاف مجلة "تايم"
  • غلاف مجلة "تايم" يغضب ترامب.. شعر مختفي وتاج صغير عائم
  • إصابة جديدة تُربك حسابات النصر قبل مواجهة الفتح في دوري روشن
  • تعلن محكمة غرب إب أن الأخ سلمان ناصر آل قاسم تقدم بدعوى انحصار وراثة
  • صحافة المواطن: صالح الجعفراوي أنموذجًا
  • أطعمة تضر بصحة البروستاتا
  • جون إدوارد وعبد الناصر محمد وعمر جابر يزورون حسن شحاتة للاطمئنان على صحته
  • جون إدوارد يصطحب عمر جابر وعبد الناصر محمد لزيارة حسن شحاتة
  • وزير الشؤون الإسلامية يبحث مع «أوقاف طلال» سبل التعاون لتمكين رعاية الأمومة والطفولة
  • صدور العدد 113 من مجلة “دراسات شرق أوسطية”