صحيفة البلاد:
2025-12-11@00:06:44 GMT

الرسالة الأهم.. أنت تختلف عنهم

تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT

الرسالة الأهم.. أنت تختلف عنهم

في زمن تتسارع فيه ردة الفعل، وتتصادم فيه الأصوات بين تشجيعٍ وإحباط، يبقى أثر الكلمة أكبر بكثير مما نتصور، فآراء الآخرين سواء جاءت عابرة أو مقصودة، كثيرًا ما توجه مسارات الناس، خصوصًا أولئك الذين يقفون على أعتاب طرق جديدة، أو يقفون عند مفترق طريق يحدد مستقبلًا بأكمله؛ لذلك جعل ديننا الإسلامي الكلمة الطيبة صدقة.


ولعلّ أخطر ما نشهده اليوم هو انتشار الآراء السلبية، التي تُلقى بلا مسؤولية، فتجرّ الناس إلى دوائر من الإحباط والتراجع، وهي كلمات تبدو صغيرة في ظاهرها، لكنها قادرة على إطفاء أعظم محاولات النهوض، وفي المقابل، قد تكون كلمة دعم واحدة كافية لدفع شخص نحو إنجازات لم يحلم بها.
لقد عايشنا جميعًا نماذج حيّة لأشخاص تأثروا بعبارات محبطة، لم يُدرك أصحابها حجم الضرر الذي ألحقوه ، فكم من فردٍ استجمع كل شجاعته ليخطو خطوة تمثل له بداية تصحيح مسار، أو معالجة تعثر، أو محاولة نهوض جديدة، فإذا بانتقادٍ عابر يعيدُه إلى نقطة الصفر!
الرسالة الأهم: أنت لست مثلهم. لك ظروفك التي تشكّلت على مدى سنوات، ولك رؤيةٌ لا يملكها غيرك، وقدراتٌ تختلف عنهم؛ لذلك لا يصح أن تقيس تجربتك على تجارب الآخرين، ولا أن تجعل كلامهم مرجعًا يحدد مصيرك.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

نجاحه يبدأ من فشل الآخرين

 

 

 

 

خالد بن حمد الرواحي

في بعض المكاتب، تبدو الصورة مُضلِّلة من النظرة الأولى: مديرٌ يحيط نفسه بمساعدين لا يكفون عن الثناء عليه، ويُغرقونه بالإعجاب كلما لمحوا منه إشارة. لا أحد يخالفه أو يناقشه، وكل فكرةٍ- مهما كانت بسيطة- تُقدَّم له باعتبارها اكتشافًا عبقريًا. في تلك البيئة، يصبح الصمت فضيلة، والمجاملة قاعدة، والاختلاف مخاطرة لا يجرؤ عليها أحد. وهكذا يترسخ لديه شعورٌ بأنه الأذكى… لا لأنه يتفوق حقًا؛ بل لأنه أحاط نفسه بمن هم أقلّ منه قدرةً وحضورًا.

الخوف من الكفاءة لا يبدأ من ضعفٍ في المهارات بقدر ما يبدأ من ضعفٍ في النفس. فالمسؤول الذي اعتاد الثناء لا الإنجاز، يخشى المقارنة أكثر مما يخشى الفشل. وعندما يدخل موظفٌ موهوب، يتحدث بثقة ويطرح فكرةً ناضجة، يشعر ذلك المسؤول أن حجمه الحقيقي انكشف. لا يقول شيئًا، لكنه يبدأ في بناء جدران غير مرئية: يُقلّل من قيمة الفكرة، يتجاهل الاقتراح، أو يُحمِّل غيره مسؤولية التأخير. وكلما ازداد النجاح من حوله، ازداد الانزعاج داخله؛ لأن بريق الآخرين يكشف خواء الضوء الذي يملكه.

محاربة الكفاءات لا تتمّ بقرارٍ مباشر؛ بل بأساليب ناعمة يصعب التقاطها. تبدأ أولًا بتقليل ظهور الموهوبين: لا يُدعَون إلى الاجتماعات المهمة، تُسند إليهم مهام جانبية، ويُحجب عنهم الاتصال بمراكز القرار. ثم تأتي المرحلة الثانية: تحميلهم أعمالًا كثيرة لا قيمة لها، تُرهقهم وتشغل وقتهم دون أن تمنحهم فرصة للتألق. وفي العلن يبدو كل شيء طبيعيًا، كأنها مجرد «توزيع مسؤوليات»، بينما في الحقيقة هو إقصاءٌ محسوب للموهبة كي يبقى المسؤول وحيدًا تحت الأضواء.

هذا النوع من الإدارة يترك خسائر لا تُقاس بالأرقام. فحين تُهمَّش الكفاءات، يغادر المتميزون بهدوء، ويُستبدلون بأشخاصٍ «لا يزعجون». ومع الوقت، يصبح المعيار ليس جودة العمل؛ بل الولاء الشخصي. تنخفض جودة التقارير، وتتكرر الأخطاء، لكن لا أحد يجرؤ على القول: المشكلة ليست في الفريق… بل فيمن يقوده. وكل شيء يبدو جيدًا على الورق، بينما المؤسسة تسير نحو التراجع، لأنها خسرت أثمن أصولها: الإنسان الكفء الذي كان يمكن أن يُغيّر الواقع بدلًا من أن يُستبعد منه.

المفارقة أن القائد القوي لا يحتاج أن يقلِّل من الآخرين ليبدو كبيرًا؛ بل يزداد قوة بوجودهم. فالموهوبون حوله ليسوا تهديدًا؛ بل مضاعفة لطاقته. والقائد الحقيقي يشبه الضوء: لا يقلّ ضياؤه حين تُضاء مصابيح أخرى بجانبه؛ بل يتسع المشهد ويزداد وضوحًا. لهذا تنجح المؤسسات التي تبحث عن المواهب وتستثمرها. فنجاح الفريق ليس خصمًا من رصيد القائد؛ بل إضافة إليه. ومن يملك ثقةً بنفسه لا ينزعج من تفوق الآخرين، لأنه يدرك أن دوره ليس أن يكون الأفضل في كل شيء؛ بل أن يجعل الجميع أفضل مما كانوا عليه.

حين يُقصى المبدعون، لا يغادرون وحدهم؛ بل يرحل معهم شيء لا يُعوّض: روح المبادرة. الموظفون الذين يشاهدون زميلًا مجتهدًا يُهمَّش، يتعلمون الدرس سريعًا: الإبداع مُكلف، والتميز خطر. فيبدأ الجميع بالاختباء في منطقة الأمان؛ حيث لا توجد أفكار جديدة ولا اقتراحات جريئة؛ بل تنفيذٌ حرفي بلا روح. ومع الوقت، تتحول المؤسسة إلى نسخةٍ باهتة من نفسها، تنجز ما هو مطلوب، لا ما هو ممكن. هذه هي الكلفة الخفية التي لا تظهر في الميزانيات: خسارة العقول قبل خسارة الأرقام.

وفي النهاية، لا يُقاس القائد بجمع المصفقين حوله؛ بل بجمع المختلفين والمؤثرين والمبدعين. فالمؤسسة التي تسمح للكفاءات بأن تتنفس وتُشارك، تزداد قوةً واحترامًا. أما المسؤول الذي لا يرى نفسه إلا إذا صغُر الآخرون من حوله، فسيبقى أسير صورته، يخشى الضوء، ويُطفئ المصابيح التي كان يمكن أن تُنير الطريق للجميع. إن النجاح الحقيقي لا يبدأ من فشل الآخرين؛ بل من الشجاعة في احتضان الموهبة، ومن الإيمان بأن التفوق الجماعي إرثٌ يبقى أطول من أي إنجازٍ فردي عابر. فالمؤسسات لا ترتقي بالمجاملة؛ بل بالجدارة، ولا تبني مستقبلها بإقصاء الأقوياء؛ بل بمنحهم مكانًا يليق بهم وبالوطن الذي يخدمونه.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • لا تُصادِر فرح الآخرين
  • معلومات جديدة… هذا ما كشف عن العظام التي عثر عليها في محيط بركة دير سريان
  • أمين عام هيئة كبار العلماء: الكلمة المنضبطة سلاح يجب استخدامه لخدمة الوطن
  • هل يشهد الشتاء انتشار عدوى جديدة؟.. فيديو
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”
  • محمد فاروق: فضيحة بمعني الكلمة للكرة المصرية
  • نجاحه يبدأ من فشل الآخرين
  • تهامة لا تزال المحرك الأهم للإنتاج الغذائي في اليمن إذ تنتج ما بين 50 و60 % من الحبوب
  • علماء.. الأوقات على المريخ تختلف عن الأرض… والزمن هناك أسرع