خبراء: الاستخدام المفرط لوسائل التواصل يشبه تأثير الإدمان
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
نشأت منصات التواصل الاجتماعي وسيلة للتواصل مع العائلة والأصدقاء في أنحاء الكوكب على مدار الساعة. ولكن بمرور الوقت، أخذ الجانب المظلم في الظهور، بعد أن أظهرت الدراسات أن المواطن الأميركي العادي -على سبيل المثال- يقضي أكثر من ساعتين يوميا على وسائل التواصل، وهو رقم يتضاعف لدى المراهقين. وأصبح معظم الخبراء يعتقدون أن اعتماد كثير من الناس على وسائل التواصل يُشبه الإدمان.
وأصبح اهتمام العلماء بالبحث حول "أوجه التشابه بين تأثير الإفراط في الوجود على منصات التواصل، والضرر الذي يسببه إدمان المخدرات".
وبدأت الدراسات تشير إلى أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل لا يُضعف قدرة الأشخاص على اتخاذ القرارات وحسب، بل قد يجعل لديهم مواقف وأفكارا وسلوكيات تحاكي سلوكيات مدمني المخدرات، في كثير من الأحيان.
دراسات تدعم شبهة الإدمانففي نهاية عام 2018، عرض باحثون على بعض المشاركين إيقاف حساباتهم على موقع "فيسبوك" لمدة عام واحد فقط، مقابل مبلغ تجاوز ألفي دولار. لكن معظمهم رفض العرض بشكل مطلق مما أظهر مدى اعتماد البعض على وسائل التواصل أو إدمانهم عليها، لدرجة تجعلهم لا يفكرون في تعطيل حساباتهم لمدة عام واحد حتى لو مقابل المال.
ثم جاءت دراسة أجراها باحثون بجامعة ولاية ميشيغان، ونُشرت مطلع 2019، وأظهرت أن "الإفراط في استخدام وسائل التواصل لا يُهدر ساعات لا حصر لها من اليوم فقط، بل قد يؤثر أيضا على قدرات الناس على اتخاذ القرارات، ويجعلهم أكثر عرضة للانخراط في أعمال وسلوكيات محفوفة بالمخاطر، بالضبط كما يحدث في حالات إدمان المخدرات".
وقال البروفيسور دار ميشي المشرف الرئيسي على الدراسة "أعتقد أن وسائل التواصل لها فوائد هائلة، ولكن هناك أيضا جانب مظلم عندما لا يتمكن الناس من الابتعاد".
لاحظ دكتور ميشي أن من يبالغون في استخدام مواقع التواصل يُظهرون انشغالا بها حتى عندما لا يستخدمونها، ويتحسن مزاجهم عند وصولهم إليها، ويفرحون بالمكافآت الاجتماعية التي تأتيهم من تفاعلاتها. ولا يمانعون في مواجهة المشاكل مع الآخرين بسبب استخدامها، وعند محاولة الإقلاع عنها تظهر عليهم أعراض الانسحاب، وغالبا ما ينتكسون، ويصبحون كمن يعانون من المخدرات والإدمان السلوكي، ويجدون صعوبة في اتخاذ القرارات المعززة للذات.
ولتحديد ما إذا كان هذا يُعد إدمانا يجعل الشخص غير قادر على التكيف، طلب ميشي وزملاؤه من 71 مشاركا القيام بتمرين شائع يستخدمه علماء النفس لقياس القدرة على اتخاذ القرارات. ووجدوا أنه كلما زاد استخدام المشاركين لوسائل التواصل بإفراط كان أداؤهم أسوأ، وتشابهت نتائجهم مع نتائج مدمني المواد المخدرة، مما يعني أن كلا الإدمانين يسببان قصورا في اتخاذ القرار.
ورغم توقعات ميشي أن تحفز النتائج التي توصل إليها هو وفريقه -الذي ضم علماء من جامعة موناش الأسترالية- على أخذ الإفراط في استخدام وسائل التواصل على محمل الجد، لم يتم بعد تصنيف الاستخدام المفرط على أنه "إدمان" في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية.
جنون مُطلق لا يمكن تحملهلكن تأخر الإدراج الرسمي لم يوقف الأبحاث التي واصلت إظهار أوجه تشابه الإفراط في استخدام مواقع التواصل مع الإدمان. ففي منتصف يونيو/حزيران الماضي، تناولت دراسة في جامعة فيكتوريا الأسترالية تزايد المخاوف من إساءة استخدام وسائل التواصل أو "الاستخدام الإشكالي" الذي يشبه الإدمان السلوكي وإدمان المواد المخدرة، من حيث هيمنته على حياة الشخص واهتماماته، لدرجة تؤدي للمساس بدوره والتزاماته الدراسية والعملية والأسرية.
واستشهدت عالمة النفس الأميركية، الدكتورة ليندسي أوبيرليتنر، في حديث لشبكة "فوكس نيوز" مؤخرا بمستخدم لموقع "رديت" (Reddit) كتب يقول "أنا مدمن على هاتفي بجنون، فالساعات الخمس التي أقضيها أمام الشاشة تُسبب لعقلي أسوأ حالة من القلق، لدرجة تجعلني أفكر كثيرا في انتظار رد أحدهم على ما أرسلته إليه.. كيف يمكنني العيش هكذا؟ إنه جنون مطلق لا يمكنني تحمله".
علامات حمراءتوضح دكتورة أوبيرليتنر أن الشباب هم الأكثر عرضة للاستخدام المفرط لمنصات التواصل لأنهم يتسمون بالاندفاع الشديد، ويصعب عليهم التوقف عن الانخراط في السلوكيات غير الصحية، حسب وصفها.
كما تعتقد أن تعارض الاستخدام المفرط لمنصات التواصل، مع الأنشطة اليومية الأخرى، هو أحد أكبر العلامات الحمراء المُنبهة إلى أن هذا الاستخدام المُفرط يشبه أعراض الإدمان السلوكي واضطرابات تعاطي المخدرات، حيث يبدأ الشخص في:
إهمال الواجبات الشخصية. الهروب من المناسبات الاجتماعية. التوقف عن المشاركة في الأنشطة التي يحبها. الشعور بالقلق عند عدم تمكنه من استخدام وسائل التواصل. استياء العائلة والأصدقاء من إدمانه وتوتر علاقاتهم به. تحذيرات وتوصياتوحذرت أوبيرليتنر من أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل يمكن أن:
يُسبب ضعفا في الأداء الدراسي أو الوظيفي. يُعمق مشاعر العزلة والوحدة. يُكوّن صورة سلبية عن الذات. يُصيب بصعوبات النوم، الأكل المضطرب. يزيد من أعراض الاكتئاب والقلق.وفي إطار المعالجة، أوصت أوبيرليتنر بعدم التوقف الكامل، واتباع نهج يقوم على التدرج "وصولا إلى التوقف الكامل وكسر حلقة الإفراط في الاستخدام". ثم العودة لاستخدام وسائل التواصل تدريجيا بعد فترة، مع اتباع نهج الاعتدال، بالتزامن مع استعادة الانخراط في الأنشطة التي عطلها الإدمان، ومحاولة إيجاد أشياء مفيدة للقيام بها، باعتبار أن "الأيدي المشغولة تضمن إبقاء الهاتف بعيدا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: استخدام وسائل التواصل الاستخدام المفرط لوسائل التواصل اتخاذ القرارات الإفراط فی فی استخدام التواصل ی
إقرأ أيضاً:
غارديان: أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي غذت اندفاع الهند وباكستان نحو الحرب
قالت "غارديان" إن حربا خفية من التضليل الإعلامي بدأت بعد فترة وجيزة من إعلان الحكومة الهندية عن هجومها العسكري على باكستان ردا على هجوم شنه مسلحون في كشمير، حيث حملت نيودلهي إسلام آباد المسؤولية، بالتزامن مع انتشار تقارير عن هزائم باكستانية فادحة على الإنترنت.
وأوضحت الصحيفة البريطانية -في تقرير بقلم مراسلة جنوب آسيا حنة إليس بيترسن- أن ما بدأ كمزاعم على منصات التواصل الاجتماعي، سرعان ما تحول إلى فوضى عارمة من التصريحات عن قوة الهند العسكرية، التي بثت على أنها "أخبار عاجلة" و"حصرية" في أكبر برامج الأخبار في البلاد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركيةlist 2 of 2برلماني سابق: هؤلاء هم "الإخوان" الحقيقيون في فرنساend of listوتحدثت هذه المنشورات والتقارير -حسب غارديان- عن إسقاط الهند عدة طائرات باكستانية وأسرها طيارا، بالإضافة إلى استيلائها على ميناء كراتشي ومدينة لاهور، ثم اعتقال قائد الجيش الباكستاني، كما تحدثت عن وقوع انقلاب.
تضليل تجاوز المألوف
وقد أرفقت العديد من هذه الادعاءات بلقطات لانفجارات وهياكل متداعية وصواريخ تطلق من السماء، وأعيد تداول منشور "سنتناول الإفطار في روالبندي غدا" على نطاق واسع، في إشارة إلى المدينة الباكستانية التي يقع فيها مقر الجيش.
ومن بين الأمثلة المتداولة مقطع فيديو لغارة جوية إسرائيلية على غزة عام 2023، نشرت زورا أنها غارة هندية، بالإضافة إلى صورة لتمرين بحري هندي تم تقديمه دليلا على أن البحرية الهندية هاجمت ميناء كراتشي واستولت عليه.
إعلانوتم الترويج لصور ألعاب فيديو على أنها لقطات حقيقية لسلاح الجو الهندي يسقط إحدى المقاتلات الباكستانية، كما نشرت لقطات من الحرب الروسية الأوكرانية على أنها مشاهد "غارات جوية ضخمة على باكستان".
ولكن كل هذه التقارير لم تكن صحيحة -حسب غارديان- ويقول جويجيت بال، الأستاذ المشارك في كلية الإعلام بجامعة ميشيغان، إن الأمر في الهند "تجاوز نطاق ما رأيناه من قبل".
وقد انتشر التضليل الإعلامي والمعلومات الكاذبة على نطاق واسع في باكستان أيضا، خاصة أن الحكومة رفعت حظرا على موقع إكس قبل اندلاع الحرب بوقت قصير، ووجد الباحثون أنه أصبح على الفور مصدرا للتضليل الإعلامي، وإن لم يكن بنفس النطاق الذي عليه التضليل في الهند.
وتداولت وسائل التواصل لقطات مولدة بالذكاء الاصطناعي، تظهر انتصارات عسكرية باكستانية، ضخمتها بعد ذلك وسائل الإعلام الرئيسية والصحفيون المرموقون ووزراء الحكومة، ضمنها ادعاءات بأسر طيار هندي، وانقلاب في الهند، وضربات باكستانية تدمر دفاعات الهند، وهجوم إلكتروني دمر معظم شبكة الكهرباء الهندية، واستسلام جنود هنود.
اتجاه عالمي نحو الحرب الهجينةوفي هذا السياق، قال تقرير أصدرته منظمة المجتمع المدني "ذا لندن ستوري" -حول حرب وسائل التواصل التي أحاطت بالحرب الهندية الباكستانية- إن موقعي إكس وفيسبوك أصبحا "أرضا خصبة لانتشار روايات الحرب، وخطاب الكراهية، والتضليل الإعلامي المستغل عاطفيا"، و"محفزات التحريض القومي" في كلا البلدين.
واعتبر المحللون أن هذا دليل على وجود جبهة رقمية جديدة في الحرب، يتم عبرها استخدام المعلومات المضللة للتلاعب وتصعيد التوترات. وقد حذر مركز دراسة الكراهية المنظمة في واشنطن من أن استخدام المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة في هذه الحرب "ليس ظاهرة معزولة، بل جزء من اتجاه عالمي أوسع في الحرب الهجينة".
إعلانومن جانبه، تحدث المدير التنفيذي للمركز رقيب حميد نايك عن "فشل كارثي" من جانب منصات التواصل في تعديل ومراقبة نطاق المعلومات المضللة، ولكن متحدثا باسم شركة ميتا (مالكة فيسبوك) قال إن الشركة اتخذت "خطوات مهمة لمكافحة انتشار المعلومات المضللة".
وأشارت غارديان إلى أن وسائل الإعلام الرئيسية في الهند تواجه الآن أسئلة صعبة بعد أن خسرت مصداقيتها بسبب موقفها المؤيد بشدة للحكومة في عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، كما أوردت غارديان.
وقدمت منظمة "مواطنون من أجل العدالة والسلام" الهندية لحقوق الإنسان شكاوى رسمية إلى هيئة الرقابة على البث الإذاعي بسبب "انتهاكات أخلاقية خطيرة" ارتكبتها 6 من أبرز القنوات الإخبارية التلفزيونية بالبلاد، مشيرة إلى أنها تخلت عن مسؤولياتها كقنوات إخبارية محايدة، وأصبحت متعاونة بالدعاية.
ولكن كانشان غوبتا، كبير مستشاري وزارة الإعلام والإذاعة الهندية، نفى أي دور حكومي في حملة التضليل الإعلامي، وقال إن الحكومة كانت "متيقظة للغاية" لمسألة التضليل الإعلامي، ولكنه أكد أن "ضبابية الحرب أمر مسلم به عالميا كواقع".