«معلومات الوزراء» يناقش مستقبل التعليم في ظل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
أكد المهندس أسامة الفيومي رئيس محور تكنولوجيا المعلومات بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن «مركز المعلومات» على قناعة تامة بأهمية مواكبة التطورات الحديثة والبدء في تطويع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإبراز التقنيات بجميع العمليات الداخلية بالمركز بما يخدم الباحثين، إضافة إلى تعزيز قدرة المركز على القيام بمهمته الأساسية في دعم متخذ القرار بالبيانات والتحليلات واستشراف المستقبل.
جاء ذلك خلال ندوة دولية عبر الإنترنت، التي نظمها مركز المعلومات، تحت عنوان "مستقبل النظام التعليمي في ظل منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي"، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين الدوليين في مجال الذكاء الاصطناعي، بهدف بحث مستقبل منصات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على طرق التعليم والبحث العلمي، وذلك بمقر المركز في العاصمة الإدارية.
وجاء انعقاد الندوة على هامش إطلاق إصدار «المستقبل بعيون الذكاء الاصطناعي»، كنشرة شهرية للمركز تهدف إلى إلقاء الضوء على التطورات الكبيرة للذكاء الاصطناعي واستخداماته في مختلف المجالات، وتحليل انعكاساته محليا وعالميا، في ظل ما يشهده العالم من معدلات غير مسبوقة في تطور تلك التقنيات، خاصة مع ظهور برامج للدردشة الآلية بإمكانها إجراء محادثات كالبشر بعد تزويدها بالبيانات اللازمة، وبما يولّد محتوى معرفي يمكن استخدامه في مجالات التعليم والبحث وغيرها، فيما يعرف بـ "الذكاء الاصطناعي التوليدي"، كخطوة قد تسهم في تغيير أنماط التعليم المألوفة حاليًا.
وأوضح الفيومي، أن المركز يؤمن بأن تكنولوجيا المعلومات تمثل الذراع الدافع داخل المركز نحو تحقيق دوره الهام كمركز فكر الحكومة المصرية ورؤيته الطموحة في أن يكون مركز الفكر الأكثر تميزا في مجال دعم اتخاذ القرار وصنع السياسات العامة في قضايا التنمية الشاملة، عبر تطوير بنية تكنولوجية ومعلوماتية ومعرفية تتسم بالحداثة والفاعلية والاستدامة، ودعم جهود التحول الرقمي بالمركز نحو بناء حلول تكنولوجية ذكية على مستوى عالمي لدفع التعاون والابتكار، وتحسين بيئة أداء الأعمال، وتعزيز عملية صنع القرار بالاعتماد على التقنيات الذكية كالنمذجة والذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن التبني المتزايد للذكاء الاصطناعي التوليدي سيُحدث تحولات جذرية في شتى المجالات، ليصاحبه تغييرات في طريقة عملنا وتواصلنا مع العالم من حولنا، فقُدر حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي بحوالي 120 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يشهد سوق الذكاء الاصطناعي نموًا قويًا في العقد المقبل، وأن تتضاعف قيمته عشرين ضعفًا بحلول عام 2030، لتصل إلى ما يقرب من تريليوني دولار أمريكي.
وأوضح الفيومي، أن التأثيرات المستقبلية للذكاء الاصطناعي أثارت جدلًا واسعاً بين العديد من الخبراء والمفكرين على مستوى العالم، ففي الوقت الذي أشار فيه المفكر الأمريكي "نعوم تشومسكي"، في مقال بجريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى المخاطر المحتملة لتلك التطبيقات بالنسبة للأخلاق والتعليم والوظائف، وقدرات الطلاب الإبداعية داخل المجتمع البحثي والأكاديمي، كما أشار الملياردير الأمريكي بيل جيتس، في أحدث مقالاته، إلى الفرص والمزايا التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في خفض حالات عدم المساواة وتقليل حدة التفاوت بين الأفراد حول العالم.
ومن جانبها.. تطرقت سالي عاشور المدير التنفيذي لإدارة الدراسات المستقبلية والنمذجة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى نشرة "المستقبل بعيون الذكاء الاصطناعي"، ومدى أهميتها في تناول التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والمؤسسية، بالإضافة إلى رصد حصاد الذكاء الاصطناعي في شهر.
فيما سلط المهندس محمد شريف نائب رئيس شركة "دوزين" بالولايات المتحدة الأمريكية، الضوء على فرص منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التعليم، حيث يمكن أن تساعد برامج الدردشة الطلاب والمعلمين عبر إلقاء الأسئلة والتعلم من إجابتها، مشيرا إلى إطلاق برامج يمكنها ترجمة العديد من الكتب والأبحاث العلمية إلى اللغة العربية، كما تتمكن من تلخيص الأبحاث والأوراق العلمية بما يفيد منظومة التعليم والبحث العلمي في مختلف الدول العربية.
كما تناول الدكتور عماد أبو الغيط أستاذ التسويق وإدارة الأعمال بجامعة غرب كونيتيكت بالولايات المتحدة، كيفية التكامل بين أدوات الذكاء الاصطناعي وأساليب التعليم والبحث العلمي التقليدية، كون أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر على فهم النصوص وتلخيص النقاط المهمة بناء على تعليمات محددة يحددها الباحث، الأمر الذي ييسر عملية البحث العلمي، ولكن في المقابل أشار الدكتور أبو الغيط إلى أنه لا تزال هناك العديد من المشكلات تتمثل في حقوق الملكية الفكرية للبحث العلمي، والتخوفات لظهور ما يطلق عليه "الهلوسة" hallucinations كنتيجة لتُقدّم برامج أو بوتات الدردشة لبيانات أومعلومات لا وجود لها وليست صحيحة بالمرّة بل وغير موجودة أو مضمَّنة ضمنَ البيانات التي تدرَّبت عليها أصلًا.
بدوره، أكد المهندس عمرو السحيمي الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة بجانب العنصر البشري لتسريع المهمة وليس لإنجازها بشكل كلي، كما أوضح في المقابل أبرز الاستخدامات السلبية لتلك التقنيات عبر ما يعرف بتقنية (deep fake) لتغيير صور وأصوات الأشخاص، لافتًا إلى وجود تطبيقات يمكنها تقديم معلومات مغلوطة حول المنتجات المختلفة بما قد يعد تضليلًا للمستهلك أو يولّد صورة متحيزة بناء على البيانات المتوفرة، مشيرا إلى أهمية الحوكمة لضبط قواعد استخدام الذكاء الاصطناعي للتحكم في المحتوى ومصدر المعلومات.
وفي المقابل، قال الدكتور وائل بدوي عضو مجلس الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، "إن نظم الذكاء الاصطناعي متواجدة في حياتنا ولا تستدعي أي مخاوف كون أننا نستخدمها منذ سنوات عبر العديد من التقنيات مثل: مخالفات سرعة المرور".. مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي سوف يسمح بالتعرف على الطلاب الموهوبين عبر تحليل إجابات الطلاب ومراقبة أفعالهم، ولكن من جهة أخرى قد يقود الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي إلى العزلة والاكتئاب ومحاولات الانتحار.
ولفت بدوي إلى أنه يجب أن يكون دور الذكاء الاصطناعي مكملًا لدور المعلم وليس بديلًا له.. مؤكدًا على أهمية الذكاء الاصطناعي بالنسبة لمستقبل التعليم حال تفادي التحديات والمخاطر المرتبطة بتطبيقاته المختلفة.
واختتمت الجلسة بمناقشة مفتوحة حول السيناريوهات المحتملة لشكل النظام التعليمي في ظل منصات الذكاء الاصطناعي، وخلصت إلى أنه رغم إعلان بعض الجامعات العالمية منع استخدام برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو الحد من استخدامه ليقتصر على المعلم فقط دون الطلاب، فإن ظهور برامج عديدة قادرة على كشف ما إذا كان الطالب قد استخدم برامج الذكاء الاصطناعي في كتابة البحث العلمي من عدمه، قد أتاح الفرصة لإمكانية إعلان الجامعات العالمية استخدام تلك البرامج، مع التأكيد على أهمية استخدام الطالب لها لمساعدته فقط وليس للاعتماد عليها كليًا.
وأكدت الندوة الافتراضية حرص مركز المعلومات على إقامة حوارات بناءة حول مختلف القضايا والموضوعات ذات الأولوية والمثارة على الساحة، وطرح الرؤى والأفكار المختلفة المتعلقة بها، بمشاركة مختلف الأطراف الفاعلين ذات الصلة، وذلك لاستخلاص التوصيات والمقترحات التي يمكن الاعتماد عليها في وضع السياسات وتخطيط ومتابعة كفاءة الأداء، بهدف دعم متخذ القرار.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور مصطفى مدبولي معلومات الوزراء الذكاء الاصطناعي مجال الذكاء الاصطناعي تقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبل التعليم مستقبل التعليم في مصر الذکاء الاصطناعی التولیدی للذکاء الاصطناعی التعلیم والبحث مرکز المعلومات الاصطناعی فی العدید من فی مجال إلى أن
إقرأ أيضاً:
سام ألتمان: الذكاء الاصطناعي القادم لن يكرّر.. بل يبتكر
في عصرٍ تتسابق فيه الابتكارات وتتجاوز حدود الخيال يوماً بعد يوم، يطلّ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن ايه آي، برؤية جديدة تقفز نحو مستقبل يعيد تعريف معنى التفكير والإبداع. في مقال حديث بعنوان "التفرّد اللطيف" يضع ألتمان تصورًا جريئًا: ليس فقط أن الذكاء الاصطناعي سيفهم العالم، بل سيبدأ قريبًا باكتشافه من جديد. أنظمة قادرة على طرح أفكار غير مسبوقة، صياغة فرضيات علمية، وتوليد رؤى لم تخطر حتى على عقول كبار الباحثين.
اقرأ أيضاً.. سام التمان: "أوبن إيه آي" ليست شركة عادية ولن تكون كذلك أبداً
مستقبل الذكاء الاصطناعي كما يتصوره ألتمان
عرض الرئيس التنفيذي لشركة أوبن ايه آي،، سام ألتمان، في مقاله الجديد بعنوان "التفرّد اللطيف"، رؤيته للمستقبل القريب الذي سيرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطور الذكاء الاصطناعي. وكما هي عادته، قدّم ألتمان تصورًا مستقبليًا طموحًا حول الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، مشيرًا إلى أنه بات قريبًا من التحقق، مع حرصه على التقليل من وطأة توقيت وصوله الفعلي.وفق موقع "تك كرانش" المتخصص في موضوعات التكنولوجيا.
يركز المقال على أن الأعوام الخمسة عشر المقبلة ستشهد تحوّلًا جذريًا في مفاهيم العمل والطاقة وغيرها من الشؤون التي تخص المجتمعات، بفضل أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تقديم رؤى جديدة وغير مسبوقة. ويعتقد ألتمان أن العام 2026 قد يكون لحظة محورية، حيث من المرجّح أن تظهر أنظمة قادرة على توليد أفكار مبتكرة ومفاهيم لم يصل إليها البشر بعد.
الذكاء الاصطناعي كمولّد للرؤى الجديدة
يشير ألتمان إلى توجه واضح داخل أوبن ايه آي، لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي لا تكتفي بفهم المعلومات أو تنظيمها، بل تتخطى ذلك إلى توليد أفكار جديدة أصيلة. وقد ألمح الشريك المؤسس ورئيس أوبن ايه آي،، غريغ بروكمان، في أبريل الماضي إلى أن نماذج o3 وo4-mini تم استخدامها بالفعل من قبل العلماء لتوليد أفكار مفيدة وجديدة.
هذا التحوّل نحو الذكاء الاصطناعي القادر على الإبداع النظري لا يقتصر على أوبن ايه آي، وحدها، بل أصبح هدفًا مشتركًا لدى العديد من الشركات المنافسة.
سباق الاكتشاف العلمي بين شركات الذكاء الاصطناعي
في مايو الماضي، نشرت شركة جوجل ورقة علمية حول "AlphaEvolve"، وهو وكيل برمجي يقدم حلولاً رياضية مبتكرة. وفي الشهر نفسه، أعلنت شركة "FutureHouse"، المدعومة من الرئيس التنفيذي السابق لجوجل، إيريك شميدت، أن أداتها الذكية نجحت في تحقيق اكتشاف علمي حقيقي. أما شركة Anthropic فقد أطلقت مبادرة لدعم البحث العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي.
تسعى هذه الشركات، إن نجحت، إلى أتمتة أحد أهم جوانب العملية العلمية: توليد الفرضيات، مما قد يمكنها من اختراق مجالات صناعية ضخمة مثل اكتشاف الأدوية، وعلوم المواد، وغيرها من التخصصات ذات الطابع البحثي العميق.
الصعوبات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في مجال الإبداع
بالرغم من التقدّم، لا يزال المجتمع العلمي متحفظًا تجاه قدرة النماذج الحالية على توليد رؤى أصلية. كتب توماس وولف، كبير العلماء في Hugging Face، مقالًا أوضح فيه أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تزال عاجزة عن طرح الأسئلة العظيمة، والتي تُعد أساس أي اختراق علمي كبير.
كما صرّح كينيث ستانلي، وهو باحث سابق في أوبن ايه آي، ويقود الآن شركة "Lila Sciences"، أن المشكلة الأساسية تكمن في أن النماذج الحالية لا تمتلك حسًّا حقيقيًا بما هو إبداعي أو مثير للاهتمام، وهي خاصية ضرورية لتوليد فرضيات جديدة ذات قيمة.
ما يمكن أن يحمله المستقبل القريب
إذا تحققت توقعات ألتمان، فإن العام 2026 قد يمثل لحظة فاصلة تنتقل فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي من أدوات تحليلية إلى شركاء فاعلين في إنتاج المعرفة العلمية. هذا التحوّل قد يغيّر شكل الأبحاث في مجالات مثل الفيزياء، والرياضيات، والكيمياء الحيوية، وحتى الفلسفة.
لكن التحدي الأكبر يكمن في الوصول إلى نماذج قادرة على طرح أفكار غير متوقعة أو بديهية أو ربما قابلة للاختبار والتجريب وقادرة على فتح آفاق جديدة للفهم البشري.
مقال سام ألتمان لا يُعد مجرد تأمل في المستقبل، بل يُحتمل أن يكون إشارة إلى خارطة طريق تسير عليها أوبن ايه آي، في المرحلة المقبلة.
والسؤال المفتوح الآن هو: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح يومًا ما شريكًا فكريًا حقيقيًا للإنسان في رحلته لفهم العالم؟.
لمياء الصديق (أبوظبي)