المحكمة الدستورية للخدمات العسكرية!
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
هذه الأيام يُجري النظام المصري التجهيزات لعقد انتخابات رئاسية جديدة، على وقع جلسات "الحوار الوطني" وإنجازات "الجمهورية الجديدة". والخبرة المصرية في العقد الأخير جعلت مصطلح "انتخابات" كفيلا بتحفيز ذاكرة الأحداث عبر استعادة سيناريوهات مؤلمة مرتبطة بمواسم الانتخابات ونتائجها، بدأت فصولها في 2011 واستمرت حتى اليوم، تلك الأحداث التي لو أنتجت في "فيلم سينمائي" لكان دور البطولة فيها بامتياز للمحكمة الدستورية العليا -في رأيي-! فقد قدمت خدماتها للمؤسسة العسكرية بسخاء، وأسهمت بإخلاص في كل المواقف بالتصريحات والأحكام والرجال، وأدت دورا محوريا أحدث بلبلة بين فرقاء السياسة، وأمعن في تعقيد الطريق أمام المؤسسات الدستورية المنتخبة عقب الثورة.
الدستورية والانتخابات الرئاسية
في هذا المقال لن أذهب بك بعيدا بسرد الروايات المتعارضة في تقييم دور المحكمة عبر مواقفها السياسية في تعطيل برلمان 2012 وتحدي قرار الرئيس بإعادته، أو إلغاء قانون العزل لمصلحة فلول الدولة العميقة، أو بطلان قانون الجمعية التأسيسية لإهدار دستور 2012، كما أنني لن أسرد أمثلة عن تعاملها بالمرصاد مع مؤسسة الرئاسة، ولن أذكرك بتصريحات تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية آنذاك، لصحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية أن "العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير.
"العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير
لكني في هذا المقال سأكتفي بسرد "واقعة قانونية طريفة" دارت فصولها في نيسان/ أبريل 2014، نهاية فترة المستشار عدلي منصور الرئيس الموقت بعد الانقلاب العسكري، وبالتحديد قبيل الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها السيسي، حيث أصدر المستشار عدلي منصور قرارا بقانون عدّل بموجبه قانون المحكمة الدستورية العليا، فأضاف مادة جديدة تتضمن "تسريع إجراءات الطعن أمام الدستورية في الدعاوي الخاصة بقوانين الانتخابات الرئاسية أو النيابية".
قد ترى أن تسريع الإجراءات أمر طبيعي، وأن الأمور لا ينبغي أن تطول في ظل فترة استثنائية كتلك، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فسلطة الانقلاب أرادت بهذا التعديل تحصين قانون الانتخابات الرئاسية من أية طعون، كما قطعت الطريق على "شركاء 30 يونيو" إن رغبوا في ممارسة "مشاغباتهم القديمة" باللجوء لمجلس الدولة والطعن على الانتخابات بحجة عدم دستورية القانون الذي أجريت في ظله، فتعديل القانون قد وضع مسارا مكوكيا لا يتناسب مع رصانة الطرح بعدم الدستورية، كما يتناقض مع مسار الإجراءات الدستورية البطيء بطبيعته، والذي عودتنا عليه المحكمة.
العجيب أن المحكمة الدستورية ذاتها لما أحيل إليها الطعن بعدم دستورية قانون مجلس الشعب والمطالبة بإبطال الانتخابات التي أجريت بموجبه في عام 1990، حكمت في هذا الطعن في تموز/ يوليو 2000 (بعد عشر سنوات كاملة من الإحالة)، ما يجعل التعديل الذي أصدره عدلي منصور محل تهمة ودليل مجاملة.
في الخطوة الأولى للتعديل ألزم كافة المحاكم في حال الطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات أن تقدم أوراق القضية التي بحوزتها لقلم كتاب المحكمة الدستورية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور قرار الإحالة، وفي خطوته الثانية منح ذوي الشأن ثلاثة أيام لرفع الدعوى الدستورية، ثم ألزم في خطوته الثالثة بإعلان أطراف الدعوى خلال ثلاثة أيام من وقت رفعها، وفي خطوته الرابعة حدد مدة ستة أيام بحد أقصى لإيداع المذكرات، ثم أخيرا ألزم المحكمة الدستورية بالفصل في الدعوى خلال خمسة أيام من تاريخ أول جلسة، ليكون إجمالي مسار الأحداث منذ الرغبة في الطعن على القانون حتى صدور الحكم فيه؛ خمس خطوات تستغرق عشرين يوما على أقصى تقدير.
التعديل بهذا الشكل المتسرع فرض على المحكمة الدستورية أمورا كانت ترفضها في الماضي، وبشدة، فالمحكمة الدستورية قد رفضت "الرقابة الدستورية السابقة" التي أقرها دستور 2012 على قوانين الانتخابات، لكنها هنا -على النقيض- رحبت ونفذت ولم تعترض، رغم أن القانون قد فرض عليها مسارا وقتيا ضيقا ما جعلها محل انتقاد.
مرت انتخابات 2014 التي أجراها السيسي واستلم الحكم -فعليا- من عدلي منصور الذي عاد لرئاسة الدستورية مجددا!
المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية
في تموز/ يوليو 2015 وفي خطوة مفاجئة وغير مفهومة، ألغى السيسي قانون تسريع الإجراءات الذي أقره عدلي منصور، بالرغم من التجهيز لانتخابات مجلس النواب التي أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر 2015. بهذه الخطوة لم تصبح المحكمة ملزمة بمسار "العشرين يوما"، وعلى من يرغب في الطعن على قوانين الانتخابات سلوك المسار الطبيعي للإجراءات، وهو ما يعني استعادة المسار البطيء للتقاضي مرة أخرى والذي قد يُستخدم في تفويت فرص حل المجالس النيابية التي قد تطول لعشر سنوات كما تم في الطعن على دستورية قانون الانتخابات عام 1990، فلم يُحل برلمان 90 أو 95 وجاء حكم المحكمة الدستورية عقب انتهاء مدتهما!
نحن أمام محكمة أسسها نظام "عبد الناصر" للنيل من استقلال القضاء، فقرار تأسيسها رقم 81 لسنة 1969 نشر في ذات الجريدة الرسمية متبوعا بقرارات أرقام (82/ 83/ 84/ 85 لسنة 1969) أصدرتها السلطة بحل المجالس القضائية، وفصل عشرات القضاة، وإقالة مجلس إدارة نادي القضاة وإحلال مجلس معين محله، وتعديل قانون مجلس الدولة على غير رغبة القضاة، وهي القرارات التي عُرفت فيما بعد بـ"مذبحة القضاة"، وقامت فيها المحكمة العليا بدور هام في تقييد خطوات القضاة من أجل استعادة استقلالهم، وهو ما حدا بالقضاة خلال مؤتمر العدالة الأول -والأخير- الذي أقيم عام 1986 إلى القول بأنه "لا مبرر لقيام هذه المحكمة في دولة موحدة" وطالبوا بإلغائها، وإسناد سلطة رقابة دستورية القوانين لمحكمة النقض، لكن السلطة في المقابل عززت من دور المحكمة الدستورية، وزادتها قوة، ما جعلها سيف السلطة، وشريك كفاحها في محاربة القضاء والمواطنين على حدٍ سواء.
المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري انتخابات المحكمة الدستورية قوانين القضاء مصر انتخابات القضاء المحكمة الدستورية قوانين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة عالم الفن صحافة سياسة صحة مقالات رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة المحکمة الدستوریة الدستوریة العلیا بعد الانقلاب عدلی منصور الطعن على
إقرأ أيضاً:
صلاح فوزي لـ صدى البلد: لو تم الأخذ بنظام القائمة النسبية سنكون أمام آلاف الدعاوى القضائية ببطلان الانتخابات البرلمانية.. وأطالب بتعديل دستوري يمنح الشيوخ دور تشريعي
الدكتور صلاح فوزي الفقيه الدستوري وأستاذ القانون الدستوري وعضو لجنة إعداد دستور 2014 في حواره لـ"صدى البلد":
إجراء تعديلات قانون تقسيم الدوائر كان ضروري لمراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات
تمثيل الـ6 محافظات الحدودية في مجلسي النواب والشيوخ كان هو الداعي لتعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية
تعديل قانون تقسيم الدوائر تضمن دائرتين في الأقصر والإسماعيلية بالقنطرة شرق والقنطرة غرب
كنت أرى ضرورة تعديل قانون التعليم لاشتراط إتمام المرشح لمجلسي النواب والشيوخ لشهادة التعليم الأساسي والجامعي
أطالب بتعديلات دستورية تمنح الرئيس حق تعيين الحكومة ومد حالة الطوارىء وقت الضرورة بعيدا عن مجلس النواب
أطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل انتهاء الفصل التشريعي بـ3 شهور ونصف
نحتاج إلى وقت كافي حوالي 117 يوم لإجراء الإنتخابات البرلمانية وليس 60 يوما
نقل مقر مجلس النواب والمحكمة الدستورية العليا إلى العاصمة الإدارية العليا يستلزم تعديل دستوري
اقترح تبعية العاصمة الإدارية الجديدة لمحافظة القاهرة لعدم تعديل الدستور فيما يتعلق بمقر مجلس النواب والمحكمة الدستورية العليا
أطالب بمنع الزوج من السفر حال امتناعه عن تسديد النفقات ضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية
أطالب بضرورة الأخذ بالقيمة الإيجارية بموجب القانون 136 لسنة 1981
قانون المرافعات المدنية والتجارية يجب أن يكون على أولويات الأجندة التشريعية لمجلس النواب القادم
قال الدكتور صلاح فوزي ، الفقيه الدستوري وأستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة وعضو لجنة العشرة لإعداد دستور عام 2014 وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي ، أن يد التشريع لم تمتد إلي قانون انتخابات مجلسي النواب والشيوخ.
وأشار فوزي خلال حواره لـ"صدى البلد" إلى أنه كانت لديه وجهة نظر أن يكون هناك تعديل على قانون آخر وهو تعديل قانون التعليم ، لأنه هو الذي يحدد ماذا يقصد بالتعليم الأساسي ، كما أن قانون التعليم حدد أن التعليم الأساسي حتى المرحلة الإعدادية ، بما يعني المرحلة الإبتدائية والإعدادية ، وعلاقة تعديل قانون التعليم بقانوني انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وقانون مباشرة الحقوق السياسية هو أنه يشترط في المترشح أن يكون قد أتم شهادة التعليم الأساسي بالنسبة لمجلس النواب ، ويشترط في المترشح أن يكون قد أتم شهادة التعليم الجامعى بالنسبة لمجلس الشيوخ.
وإلى نص الحوار...
ماهو تعليقك على إقرار مجلس النواب لقوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر الانتخابية؟
مجلس النواب دستوريا هو سلطة تشريع ، وكان من الضروري أن تجرى تعديلات على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية بسبب أن قانون تقسيم الدوائر كان دائما وأبدا يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات وكان عام 2014 ، حينما كنا نعد الدستور أضافنا والمتكافىء للناخبين ، إلا أنه كان ذلك سيحدث مشكلة حسابية ، ولذلك تم إلغاءها عام 2019 ، وأصبح النص الحالي التقسيم العادل للسكان والمحافظات.
و عام 2020 يختلف عن 2025 من منظور عدد السكان ، كما أن المحافظات كما هي لم تتغير ، ولكن السكان بدءا من الطفل الوليد إلى الكهل الكبير جدا ، كما أننا لا أتحدث عن الناخبين لأن هناك فرق بين الناخبين والسكان ، حيث أن الناخبين هم من بلغوا سن الرشد السياسي 18 عام فيما فوق ولايوجد مانع قانوني يحول بينهم وبين مباشرة الحقوق السياسي كحكم جنائي ، وبالتالي فإن العدد الخاص بالسكان يتغير شهر عن الآخر وسنة عن الآخرى ، ولذلك فنحن أمام 5 سنوات من عام 2020 حتى عام 2025 ، وكان لابد أن يتم إعادة النظر في التوزيع العادل للسكان.
وتم إدخال التعديل الآتي حرفيا وهو تعديل على دائرتين في الأقصر ، وتعديل على دائرة آخرى في محافظة الإسماعيلية وهي القنطرة شرق والقنطرة غرب ، والسبب في إدخال هذه التعديلات هو وجود أمور لوجيستية كانت تؤدي إلى قطع الاتصال الكامل ، ولذلك كان لابد من مراعاه هذا الأمر.
وبطبيعة الحال ستثار قضية العدالة في عدد الدوائر والسكان على النحو الذي أقره الدستور ، لكن لابد أن نضع في الإعتبار لا يؤخذ بالمفهوم الحسابي المطلق ، لأنه من المستحيل أن يتحقق لأنه به نسبة انحراف ، كما أن المحكمة الدستورية العليا أعلنت عنها وأكدتها ، وتتراوح من 20 % إلى 25 % ، ولكن هناك استثناء آخر وهو الـ 6 محافظات الحدودية ، لأنها محافظات قليلة الكثافة السكانية ، ويلزم أن يكون لهذه المحافظات تمثيل في مجلسي النواب والشيوخ ، وكان هذا هو الداعي لتعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية.
أما فيما يتعلق بقانون انتخابات مجلسي النواب والشيوخ ، فسنجد أن يد التشريع لم تمتد إليه ، وبالنسبة لي فكانت لدي وجهة نظر أن يكون هناك تعديل على قانون آخر وهو تعديل قانون التعليم ، لأنه هو الذي يحدد ماذا يقصد بالتعليم الأساسي ، كما أن قانون التعليم حدد أن التعليم الأساسي حتى المرحلة الإعدادية ، بما يعني المرحلة الإبتدائية والإعدادية ، وعلاقة تعديل قانون التعليم بقانوني انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وقانون مباشرة الحقوق السياسية هو أنه يشترط في المترشح أن يكون قد أتم شهادة التعليم الأساسي بالنسبة لمجلس النواب ، ويشترط في المترشح أن يكون قد أتم شهادة التعليم الجامعى بالنسبة لمجلس الشيوخ.
وبالتالي فإنني أرى أنه كان من الملائم أن يتم تعديل قانون التعليم وأن يكون التعليم الأساسي حتى مرحلة الثانوية العامة ، ويتطلب في المرشح أن يكون حاصل على شهادة الثانوية العامة وهذا معيار أكاديمي ، وإذا تم الأخذ به فإنه يدل على المعرفة والتدبر ، ولكن لم يتم تعديل قانون التعليم ، وشروط الترشح كما هي مثلما كان الحال عليه من قبل.
ماهو تعليقك على إضافة دوائر وفصل دوائر آخرى في قانون تقسيم الدوائر الانتخابية؟
الدوائر الانتخابية كما هي ، كما أنني أعني الدوائر من منظور المقاعد ، حيث أنه هناك تعديل في المقاعد بعض الشيىء بسبب تعديل السكان ، ليس أكثر ، وهي مسألة طبيعية وتعتبر استجابة وتحقيق لنص دستوري ملزم ، ولذلك كان لابد من إجراءه , ولكن ليس هناك تعديل مغاير لقضية الكثافة السكانية أو العدد السكاني إلا بالنسبة للدوائر لأسباب لوجيستية والـ 6 دوائر الحدودية ، وكل ذلك أقرته المحكمة الدستورية العليا ، وبالتالي فإنه من وجهة نظري هذه إجراءات صحيحة ومصادفة لصحيح حكم الدستور.
كما أنني استحسنت ذلك كثير , لأن يد التعديل لم تطال النظام الانتخابي ، وأسبابي تتمثل في أولا سبب منطقي وهو أننا قمنا بتجربة النظام الانتخابي الحالي ، وقامت المحكمة الدستورية بـ"دسترته" ، وذكرت أنه رفعت قضايا وهذه القضايا رفضت ، بما مفاده أن النظام الانتخابي الحالي لا يتضمن أي شبهة مخالفة دستور ، وبالتالي حينما نأتي بنظام انتخابي جديد يتم تجربته ، ومن الممكن أن يتم الطعن عليه بعدم الدستورية ، كما أنني أؤكد أننا إذا غيرنا النظام الانتخابي إلى التمثيل النسبي الذي كان يطالب بعض البعض في ظل الـ 600 مقعد في مجلس النواب ، فإن كل مقعد في مجلس النواب سيكون عليه أكثر من 10 دعاوي بالبطلان.
ذكرت في تصريح لك أن نظام القائمة النسبية يهدد بشبح عدم دستورية الانتخابات البرلمانية.. لماذا؟
كنت أتحدث من قبل عن أنني استحسنت أن المشرع لم تمتد يده لتعديل النظام الانتخابي ، على الرغم من قناعتي واهتمامي وترحابي بكل ما يطرح من آراء مغايرة لما أنا مقتنع به.
ودارت خلال جلسات الحوار الوطني دعوات من عدد من الأحزاب بأن يتم الأخذ بنظام القائمة النسبية ، فمثلا إذا كانت هناك قائمة حصلت على 60 % من الأصوات ، وقائمة حصلت على 40 % من الأصوات ، تحصل نسبة الـ 60 % على 6 مقاعد ، والـ 40 % على 4 مقاعد ، كما أن الأمر ليس بهذه البساطة ، ولكنها مسألة بها قدر من البساطة ولكن تجافي الواقع.
كما أن الأسباب التي جعلتني أرحب بموقف مجلس النواب فيما يتعلق بالإبقاء على النظام الانتخابي الحالي وهو 50 % فردي و50 % قوائم ، ويعلن النجاح للحاصل على الأغلبية المطلقة ، أي مايزيد عن النصف ، وبالنسبة للقوائم فهي القوائم المغلقة التي يعلن النجاح فيها بالاغلبية المطلقة.
وأسبابي تتمثل في أولا سبب منطقي وهو أننا قمنا بتجربة النظام الانتخابي الحالي ، وقامت المحكمة الدستورية بـ"دسترته" ، وذكرت أنه رفعت قضايا وهذه القضايا رفضت ، بما مفاده أن النظام الانتخابي الحالي لا يتضمن أي شبهة مخالفة دستورية ، وبالتالي حينما نأتي بنظام انتخابي جديد يتم تجربته ، ومن الممكن أن يتم الطعن عليه بعدم الدستورية ، كما أنني أؤكد أننا إذا غيرنا النظام الانتخابي إلى التمثيل النسبي الذي كان يطالب بعض البعض في ظل الـ 600 مقعد في مجلس النواب ، فإن كل مقعد في مجلس النواب سيكون عليه 10 دعاوى قضائية ، وبالتالي نحن نتحدث عن حوالي 6000 قضية حول الانتخابات ، وهي مسألة مزعجة للغاية ومرهقة على كاهل القضاء.
ومن المؤكد أنه ستثار حول نظام القائمة النسبية شبهة دستورية ، لأن القائمة النسبية ليست بالبساطة التي سبق أن ذكرتها ، ولكن لابد أن يتم عمل شيىء اسمه خارج القسمة الانتخابية ، وهو الذي يقال عليه إعلاميا "العتبة الانتخابية" لكي يحصل على المقعد الذي يترشح عليه ، يتم عمل نسبة عددية وهذه النسبة تفرز 14 ألف و 173 صوت ، وإذا حصل المرشح على 14 ألف و 170 صوت لن يحصل على أي أصوات ، وتكون الأصوات الضائعة ، وفي نهاية الأمر سنجد أصوات ضائعة على مستوى الجمهورية ، وحينما نجمعها نعيد قسمتها على أكبر باقي أو أكبر متوسط ، أي الأحزاب الضعيفة أو الأحزاب التي لها مقاعد أكثر ، مما يثير خلافات تحت قبة البرلمان.
ويضاف إلى ذلك أن هناك بعض من الدول أخذت بنظام القائمة النسبية ، ولكنها دول قليلة جدا في أوروبا الغربية ، وهذه الدول القليلة وأنا أدرس الأنظمة البرلمانية عبر العالم ، بها كم من القضايا و التجاوزات يتجاوز عدد شعر الرأس ، وهذه الدول هي دول الاسكندنافية ، وبعض من الانتخابات المحلية في بعض من ولاياتا ألمانيا ، ولكن أكثر الدولة وعلى الأخص النظام الفرنسي والذي نسير على نمطه وهي مدرسة عميقة وهامة ولها جذور ثابتة لاتأخذ بنظام القائمة النسبية ، لأنها تعلم أن هذا النظام يثير العديد من المشاكل.
كما أن الإشكالية الخاصة بحساب خارج القسمة الانتخابي ، وهي العتبة الانتخابية ستوقعنا في عميات حسابية كثيرة ومعقدة ، كما أن استخدام الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي فيها لم يتغلب على هذه المشاكل ، ولذلك لماذا ندخل في هذه الإشكالية المعقدة.
ولذلك كان لابد من تمثيل عدد من الفئات في القائمة تمثيل حتمي وهو نسبة 25 % للمرأة ، والشباب وذوي الإعاقة والمصريين في الخارج والعمال والفلاحين والأقباط ، وبالتالي فإن من تضمن تمثيل هذه الفئات هي القائمة التي يعلن نجاحها لحصولها على الأغلبية المطلقة ، وبالتالي بعض من الآراء كانت ترى أننا لابد أن نقوم بعمل 3 أمور وهي قائمة مغلقة لتمثيل الفئات وقائمة نسبية وانتخاب فردي ، وهذه مسألة صعبة جدا ، ولابد أن نراعي مستوى الناخب المصري والذي سيدخل على 3 أنواع من الانتخابات ، وهي مسألة في غاية الصعوبة.
لماذا يثار الجدل حول النظام الانتخابي الحالي في مصر من جانب أحزاب المعارضة وأنه لم يلبي مطالبهم خلال جلسات الحوار الوطني.. وما البدائل المطروحة لتطويره؟
أرى أن المطالبة بتغيير النظام الانتخابي وتقديم حل التمثيل النسبي ، حتى يتاح للأحزاب إمكانية الحصول على مقاعد في مجلس النواب.
وعلى سبيل المثال نجد أن المرأة في الكويت في وقت قريب لم يكن لها حق الاقتراع حتى تسعينيات القرن الماضي ، وبالتالي فمن ليس له حق الاقتراع في النظام الكويتي ليس له حق الترشيح ، وحينما تم تعديل القانون ومنحت المرأة حق الاقتراع.
هناك عدد من النواب يرى أن النظام الانتخابي من الصعب تغييره في ظل الظروف الحالية .. ومن الممكن تغييره خلال المرحلة القادمة..ما تعليقك؟
التعديل في العمل البشري وارد ، وحتى الدساتير التعديل فيها أمر وارد، حيث أننا قمنا بإعداد الدستور عام 2014 ، وتم تعديله عام 2019 ، كما أن الدستور الفرنسي تم تعديله 26 مرة ، ومن بين المرات التي تم فيها تعديل الدستور الفرنسي 3 مرات في عام واحد ، وليست هناك مشكلة في ذلك.
ما هي توقعاتك لمواعيد إجراء انتخابات مجلسي النواب والشيوخ؟
الدستور نص على أن مدة مجلس النواب 5 سنوات وهو الفصل التشريعي ، وتجرى الانتخابات خلال الـ60 يوم السابقة على انتهاء مدته ، وهناك لا بد أن نفرق بين أمرين أولهما الانتخاب وهو الاقتراع والأمر الثاني وهو إجراءات الانتخاب التي تسبق عملية الاقتراع ، وبالتالي فإن إجراءات الانتخابات من الممكن أن تبدأ قبل نهاية الفصل التشريعي بـ 3 شهور ونصف ، وليس في ذلك مخالفة للنص ، لأنه حتى لو كان رأيي فيما قولته في التفرقة بين الإجراء وعملية الانتخاب رأي ضعيف ، فليس مشكلة.
وفي الفقه الإسلامي أحيانا ينتقى عدد من الآراء طالما المسألة اجتهادية وخلافية ، ولعل أضعف الآراء يكون أكثرها مناسبة لواقع الحياة ، وليس هناك مشكلة ، لأنها ليست مسألة محسومة حرفيا.
وأرى أن يتم إجراء الانتخابات البرلمانية قبل انتهاء الفصل التشريعي بـ3 شهور ونصف ، لأن عملية الانتخاب تجرى من خلال الإعلان عن التقدم بأوراق الترشح للانتخابات وانتخابات المصريين بالخارج وانتخابات المصريين في الداخل ، ثم فترة الطعون وبعد ذلك استقرار القائمة النهائية ثم الحملة الانتخابية ثم الانتخابات في المرحلة الأولى ثم الانتخابات في المرحلة الثانية وبعد ذلك الطعون القضائية ، وأحيانا تجرى الانتخابات على مرحلتين ، خاصة أنه حول الإشراف القضائي بالكامل كان النص في الدستور الحالي أن يكون الإشراف لمدة 10 سنوات ، وانتهت مدة الإشراف القضائي عام 2024.
وإذا قولنا أننا سنكتفي بالهيئتين القضائيتين للإشراف والذي نص عليهما الدستور ، وهما هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة ، ومفاد ذلك أننا من الممكن أن نجرى انتخابات على مرحلتين ، مما يجعلنا في حاجة إلى وقت كافي حوالي 117 يوم وليس 60 يوم ، ولذلك فإن التفسير الذي أقوله يتوافق مع واقع الحال.
والأمر الثاني هو أنني من المدرسة التي ترى أن مواعيد الإنتخابات تنظيمية ، طالما لم يتقرر لها ذلك ، وأرى أنه إذا كان هناك نص واقترن بجزاء حال مخالفته فإنه يهدد النظام العام مثل مجلس النواب حيث أن مقره مدينة القاهرة والاجتماع في غير المقر باطل ، ومايسفر عن هذا الاجتماع باطل وهذا جزاء لأنه نص من النظام العام ، كما أننا رأينا هذه التجرية حينما تم عمل المبنى الجديد لمجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة ، فإن العاصمة الإدارية الجديدة تتبع هيئة المجتمعات العمرانية وليست تابعة لمحافظة القاهرة ، وتبعد عن القاهرة بـ60 كيلو وعن السويس بـ60 كيلو وعن العين السخنة بـ60 كيلو ، وبالتالي من الممكن أن نلحقها بأي وحدة من هؤلاء ، ومن الممكن عمل العاصمة الإدارية الجديدة محافظة قائمة بذاتها.
كما أنني سبق وأن اقترحت أن تكون العاصمة الإدارية الجديدة تابعة لمحافظة القاهرة حتى لا يتم تعديل الدستور فيما يتعلق بمقر مجلس النواب والمحكمة الدستورية العليا.
وبالنسبة لمواعيد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ ، فيتم حسابها منذ أول اجتماع للمجلسين وقبل الـ5 سنوات بـ 3 شهور ونصف سيكون كافي لإجراء الانتخابات البرلمانية.
وفيما يخص قضية الإشراف القضائي فإنه أصبح مشكل في الوجدان المصري نوع من الطمأنينة ، على الرغم من أنه لا توجد دولة في العالم تضع قاضي على كل صندوق إلا مصر ، إلا أن ذلك شكل في الوجدان المصري قدر كبير من الطمأنينة للثقة الكبيرة التي نوليها كلنا للقضاء ، ولذلك فإنني اقترح ندب القضاه للإشراف القضائي بشكل مؤقت ، حيث أنه يوجد نص في الدستور ينص على أنه خلال 10 سنوات يتم إصدار قانون بإلغاء ندب القضاة بالجهاز التنفيذي عدا إدارة العدالة والإشراف على الانتخابات ، ولذلك يجوز الإشراف على الإنتخابات.
وإذا وافق مجلس القضاء وجاء له طلب من الهيئة الوطنية للانتخابات وإذا وافق المجلس الخاص بمجلس الدولة وفي ظني سيوافق إذا جاء له طلب من الهيئة الوطنية للانتخابات ، فإننا من الممكن أن نستعين بهم كندب مؤقت للإشراف على الانتخابات ، حتى لو صدر قانون إلغاء ندب القضاة فيجب أن يستثنى منه الإشراف على الانتخابات.
ماهو تعليقك على الجدل المثار حول مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة وتوجيهات الرئيس السيسي بشأن قانون الإيجار القديم؟
حول ما يثار بشأن مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة ، جاء تطبيق لحكم المحكمة الدستورية العليا والذي قضى بأن ثبات القيمة الإيجارية مخالف لمواد الدستور ، إلا أن المحكمة الدستورية استخدمت سلطتها المقررة في المادة 49 من قانونها وهي التي تقضي بأن المحكمة ترجىء آثار تنفيذ الحكم ولقت لاحق ، والمحكمة أرجأته لنهاية دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب ، وإذا انتهي الدور الحالي ولم يصدر القانون لتنظيم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، فمن المتوقع أن يكون هناك عدم دستورية ، بمعنى أن هذ النص نزعت منه القوة التنفيذية.
ووفقا للإحصائيات نقترب من هناك 3 مستأجر ، وبالتالي فهل من الحكمة أن يدفع بـ3 مليون مواطن إلى المحاكم في قضايا الإيجار القديم ، وبالطبع لا نريد ذلك.
وأرى أن توجيهات الرئيس السيسي بشأن قانون الإيجار القديم والتي نقلها رئيس الوزراء عنه وأكد فيها أنه سيتم مراعاة الطرفين وهو مطلب رئيسي ، لأن الطرفان مواطنين والقوانين تخاطب المواطنين.
كما أنني أرى في هذا الإطار أن 82 % من الشقق المؤجرة إيجار خاضع للقانون 136 لعام 1981 موجودة في القاهرة الكبرى والإسكندرية ، و 18 % في باقي محافظات الجمهورية ، وإذا قولنا الإيجار في الزمالك أو جاردن سيتي فلن تكون مثل الزاوية الحمراء أو عين شمس ، إلا أن هذا ينقصه بعض الدقة لأن ليس كل المساكن في الزمالك تطل على النيل الواسع ، وليس كل المساكن تطل على شوارع ونيل واسع ، وبالتالي فإن الأمر سيكون مختلف.
ذكرت خلال إحدى اللقاءات أنك لديك حل قانون ومرضي لجميع الأطراف بقانون الإيجار القديم.. ماهو وماهي مقترحاتك لحل أزمة مشروع قانون الإيجار القديم؟
أرى أن القيمة الإيجارية بموجب القانون 136 لسنة 1981 تحرك اتفاقيا ، فمثلا الإيجار بقيمة 5 جنيهات أصبح المستأجر يدفع أكثر من ذلك ، وبالتالي يجب أن نتخذ هذه القيمة الإيجارية هي أساس ولا ندخل في أمور معقدة ولجان ، مما يخلق مشاكل كثيرة لأنه أمر سهل ومرضي ويقضي على المشكلة من جذورها.
ومن ناحية آخرى فإنني أرى أن مدة الإخلاء للوحدة المؤجرة 5 سنوات كافية ، ولكن إذا ارتأى المشرع إطالة الأمد قليلا فليست هناك إشكالية أن تكون 7 سنوات ، ولكن بشرط أن كل عام تزداد القيمة الإيجارية بـ20 ضعف أو 30 ضعف ، حتى يتم التحرير الكامل للعلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر ، وبعد ذلك يكون العقد شريعة المتعاقدين.
ماهو تعليقك على تأخر إصدار قانون الأحوال الشخصية من جانب مجلس النواب حتى الآن؟
قضية تأخير أو إصدار قانون الأحوال الشخصية أو التعجيل به نطلق عليه في الفقه الدستوري وقت إصدار التشريع أي نصدره في الوقت الحالي أو بعد عامين ، ووقت إصدار التشريع من الواجبات المقررة للبرلمان في العالم ، لأن القانون رغم أنه قاعدة عامة ، إلا أنه يمثل سياسة في طرحه وسياسة في مضمونه وسياسة في وقت إصداره ، وبالتالي فهذه سلطة المشرع.
كما أنني مع أن يأخذ قانون الأحوال الشخصية وقت من الدراسة وهو أمر مهم جدا ، لأننا سنجد فيه آراء مختلفة ، كما أن كل الإشكاليات في القانون يتعلق بحقوق الأطفال والمرأة المطلقة والحضانة والاستضافة.
وإذا نظرنا إلى المغرب وهي من الدول الإسلامية ، سنجد أنها أدخلت تعديل على قانون الأحوال الشخصية ، وقالت أن المرأة حينما تطلق ، يكون لها نصيب في ثروة الزوج ، والتى ساهمت فيها بطريق مباشر أو غير مباشر.
وبالتالي يجب أن نجد مخرج في قانون الأحوال الشخصية كل إمرأة تم تطليقها ولم نجد لها مأوى ، خاصة وأنها من الممكن أن تكون غير حاضنة وسنها كبير ، حتى لا يكون هناك تعسف ناحيتها.
والأمر الآخر هو قضية الحضانة ، حيث أن الفقه الإسلامي كله والقرآن والسنة لم يرد في أي منهما تحديد عمري لسن الحضانة ، ولكن ترك ذلك الفقه والنهاية لولي الأمر والسلطة التشريعية هي ولي الأمر، وارتأى ولي الأمر ممثل في السلطة التشريعية أن سن الحضانة 15 سنة وبعدها يخير الصغير ، وأنا أرى الإبقاء على هذا النص.
وبالنسبة لقضية النفقات ، فإنني أرى أنه إذا حكم بالنفقة ولم يلتزم الأب بالحكم ، فمن الممكن أن تقوم الدولة بمنع الزوج من السفر حال امتناعه عن تسديد النفقات ، كما أنه من بين الوسائل القانونية التي من الممكن أن تستخدمها الدولة وهي وسيلة أطلق عليها الحصار المدني ، فحينما يجدد رخصة السيارة مثلا وجواز السفر يتم تعطيل الإجراءات ، وبذلك تقوم الدولة بحصاره مدنيا وهذا الأمر موجود في العديد من الدول وتقنع الممتنع عن تنفيذ أحكام القضاء على ضرورة التنفيذ.
وماذا عن تأخر إصدار قانون الإدارة المحلية من جانب مجلس النواب حتى الآن؟
قانون الإدارة المحلية يحتاج إلى دراسة عميقة ، كما أنني دعوت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول ، وهناك بعض الإشكاليات في عدة أمور الأولى وسائل الرقابة على الجناح التنفيذي وأنها تصل إلى الاستجواب ، وبالتالي فإن ذلك يحتاج إلى آلية أكثر انضباطا حتى لا يساء إستخدام حق الاستجواب.
والنقطة الثانية وهي مهمة للغاية وهي تقسيم الدوائر الانتخابية ، فنجد الإدارة المحلية مكونة من 5 وحدات وهي القرى والأحياء والمدن والمراكز والمحافظات ، وعدد الدوائر الانتخابية فيها حوالي 4500 دائرة إنتخابية ، وبالتالي لابد من مراعاة العدالة لأن تقسيم الدوائر فيها قدر شديد جدا من الدقة والصعوبة وتحتاج إلى إجراءات كثيرة.
كما أنني أرى أن الجناح الشعبي حل بحكم قضائي في شهر يونيو 2011 على مستوى الجمهورية كلها ، وعلى مستوى الوحدات الخمسة كلها ، كما أن الإشكالية كانت تتمثل في أن النواب انشغلوا بالأداء الخدمي لمطالب مواطني دائرتهم ، خاصة وأن عضو مجلس النواب دوره تشريعي ورقابي ، مما جعل النائب يقوم بدور عضو المجلس المحلي وهو الدور الخدمي.
وإذا استكملت الجلسات المتعلقة بتقسيم الدوائر وتنظيم عملية أدوات الرقابة فإنني أرى أنه سيكون أمر جيد ، كما أنني أرى أن هناك نص في قانون الإدارة المحلية ربط مدة المحافظين بمدة رئيس الجمهورية ، وحينما يعين رئيس الجمهورية محافظ فإنه يستطيع أن يقيله في أي وقت وليست هناك مشكلة بشأن ذلك ، ولكن من بقي يوم ما تنتهي مدة رئيس الجمهورية بعد 6 سنوات ، يعتبر هؤلاء المحافظين مستقيلين ولذلك فإنني لا أرى مبرر وحكمة من هذا النص .
ولذلك فإنني أرى أنه إذا تغير رئيس الجمهورية بعد نهاية ولايته خلال مدتين وجاء رئيس آخر ، فمن الممكن أن يضع المحافظين استقالتهم أمام رئيس الجمهورية وله مطلق الحرية في قبول الاستقالة من عدم قبولها ، ولكن لا يأتي المحافظون بقوة القانون وتنقضي مدة المحافظين وكأنهم مرتبطين برئيس الجمهورية ارتباط مادي.
قانون مفوضية التمييز استحقاق دستوري.. لماذا تأخر مجلس النواب في إصدار قانون مفوضية التمييز؟
هناك أمور تتعلق بمكافحة التمييز ومكافحة الفساد وهيئات كثيرة عديدة ، ولذلك فإن تأخر إصدار قانون مفوضية التمييز بسبب التداخل في الهيئات الكثيرة المنوط بها هذا الأمر ، حتى لايحدث تداخل بين هذه الهيئات ، ولذلك فإن قانون مفوضية التمييز يحتاج إلى دراسة ، كما أنني لا أميل إلى الإصلاح الهيكلي بكثرة لأنه ليس من المعقول أن يتم عمل مفوضية لأي شيىء ووزارة وهيئة عامة ولجنة ، لأن ذلك يربك الجهاز الإداري والجهاز الرقابي ، كما أنه يكلف تكلفة مالية على عاتق الدولة.
وهل إصدار قانون مفوضية التمييز أمر ملزم لمجلس النواب باعتباره استحقاق دستوري؟
ليس بالضرورة إصداره ، خاصة وأنه كان يناقش مجلس النواب قانون العدالة الانتقالية خلال دور الإنعقاد الأول في الفصل التشريعي الأول ، ولم يتم إصداره حتى الآن ، لأن الشعب يرفضه بسبب فكرة المصالحة مع الإخوان ومن تلطخت أيديهم بدماء المصريين.
طالبت في إحدى اللقاءات بتعديل الدستور لكي يواكب الجمهورية الجديد.. لماذا؟
أنظر دائما إلى الجمهورية الجديدة على أنها يجب أن يواكبها دستور جديد ، ولذلك فإنني أميل إلى إدخال بعض التعديلات على دستور 2014 ، ولذلك فإنني أرى دستور 2014 هو الأفضل من منظور الوقت الذي أعد فيه ، حيث كنا في ظروف صعبة ومظاهرات لجماعة الإخوان الإرهابية ، وبعد الأمور هدأت واستقرت فيجب أن يتم إعادة النظر في بعض مواد الدستور فمثلا قمنا باستحداث مجلس الشيوخ في عام 2019 ، وفي الحقيقة أن مجلس الشيوخ لا يعد جزء من السلطة التشريعية ، كما أن الدستور عن السلطة التشريعية بعنوان "السلطة التشريعية مجلس النواب" ، أما مجلس الشيوخ فأتى في الباب السابع المستحدث في عام 2019 بعنوان مجلس الشيوخ.
وبالتالي فإن مجلس الشيوخ من الممكن أن يؤخذ رأيه في القوانين التي تناقش في مجلس النواب ، وفي أحيان كثيرة يتم تبني الآراء التي يقولها مجلس الشيوخ ، لكن لو منحنا مجلس الشيوخ دور تشريعي سيصبح رأيه ملزم في بعض الأمور ، وأرى أن مجلس الشيوخ ليس دور رقابي ولكن من الممكن أن يكون دوره الرقابي في إطار الرقابة البرلمانية الهادئة من خلال مناقشة اقتراح برغبة.
كما أنني أرى أن هناك بعض القيود على سلطة رئيس الجمهورية ، خاصة فيما يتعلق بالحكومة ، لأنه لو أراد رئيس الجمهورية أن يقيل وزير ، يجب أن يحصل على موافقة مجلس النواب ، ولو أراد رئيس الجمهورية أن يقيل وزير وهناك إجازة برلمانية ، فيجب أن ينتظر الرئيس لمدة 3 شهور ، وبالتالي لابد من وجود تعديلات على الدستور تتضمن أن الرئيس يستطيع أن يعين الحكومة بالتشاور مع رئيس الوزراء بعيدا عن مجلس النواب ، بحيث يكون الأمر في يد رئيس الجمهورية بدلا من أن ينتظر البرلمان.
وفي حالة الطوارئ فإن القيادة السياسية تعلم بأن هناك مبرر لإعلان حالة الطوارىء سواء الإرهاب أو الفيضان وغيرها ، ولكن السؤال هل يعلم إلى متى سنتتهي حالة الطوارىء ، لأنه لو هناك فيضان لاقدر الله لا يستطيع الرئيس يعرف متى سينتهي ونفس الأمر بالنسبة للإرهاب.
وجاء الدستور في هذه الجزئية ونص على أنه تعلن حالة الطوارىء لمدة 3 شهور وتجدد لمدة 3 شهور آخرى ، وماذا سيحدث حال عدم إنقضاء حالة الطوارئ، ولماذا يتم رفع حالة الطوارىء بعد هاتين المدتين ، حيث أنه من الممكن ألا يكون قد انتهي الإرهاب ، ولذلك فإنني أطالب بتعديل دستوري يمنح رئيس الجمهورية الحق في مد حالة الطوارىء وحده في حالة الحاجة إلى ذلك ، بدون اللجوء إلى مجلس النواب.
كما أننا في حاجة إلى تفعيل النصوص الخاصة بالقضاء على الأمية الهجائية ، لأنها ستؤثر كثيرا على الانتخابات ، بحيث يستطيع المواطن أن ينتخب.
وماهي رؤيتك لقانون الإجراءات الجنائية بعد إقراره من مجلس النواب؟
مجلس النواب أقر قانون الإجراءات الجنائية ، وهو حاليا يدقق لرفعه إلى رئيس الجمهورية لكي يتم التصديق عليه من رئيس الجمهورية ، حيث أنه حقق استحقاقات دستورية هامة ، خاصة فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي والتعويض عن الحبس الاحتياطي إذا ثبت أن المتهم لم يرتكب جريمة ، كما أنه أدخل النظام الالكتروني في المحاكمات ، مما سيؤدي إلى عدالة ناجزة.
ماهو رأيك في أداء مجلس النواب خلال الـ 5 سنوات؟
أرى أن أداء مجلس النواب من منظور الأجندة التشريعية معقول ، ولكن أغلب مشروعات القوانين المقدمة تكون من الحكومة ، في حين أنه بمقدور كل نائب وحده أن يعد قانون ، وبمقدور 60 نائب يقدموا مشروع قانون.
وأتمنى من مجلس النواب القادم أن يتم تدريبهم على الأداء البرلماني كما يجب من خلال معهد التدريب البرلماني وهو موجود في مجلس النواب ، ولكنه غير مفعل ، ولابد من تفعيله وتعريف النواب كيفية استخدام أدوات الرقابة وتقديم مشروعات القوانين ، ولكن لابد أن يؤخذ في الاعتبار أن البرلمان كسلطة تشريعية والحكومة كسلطة تنفيذية ليست علاقة عدوانية ، ولكن هي علاقة تعاونية و تكاملية ، حيث أن مؤسسات الدولة تتعاون بهدف الارتقاء بالوطن.
وما تعليقك على أداء مجلس الشيوخ خلال الـ 5 سنوات؟
أرى أن مجلس الشيوخ يبذل جهد في إبداء الآراء ، ومن الممكن معرفة أعضاء مجلس الشيوخ بأن دورهم هو إبداء الرأي ، من الممكن أن يؤدي إلى تقليل الحماس لديهم بعض الشيىء ، وقد لايكون ذلك، ولكن لو منح مجلس الشيوخ دور تشريعي سيكون الأداء أكثر حماسة.
كان هناك جدل إعلامي خلال الفترة الأخيرة بشأن شغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ومفاده أن تكون عملية اختيار المرشح للمنصب من غير دولة المقر.. هل يجوز ذلك قانونيا؟
أعد ميثاق جامعة الدول العربية عام 1945 من 7 دول عربية ، وهذا الميثاق تضمن آلية لتعيين الأمين العام لجامعة الدول العربية ، بحيث يكون الأمين العام لجامعة الدول العربية مرشح من أيا من الدول الأعضاء وهي حاليا 22 دولة عربية ، ويشترط لشغل منصبه حيازه ثلثي أصوات الأعضاء على الأقل ، وبالتالي نظريا من الممكن أن يكون الأمين العام لجامعة الدول العربية من غير دولة المقر ، لكن من ناحية العرف الدبلوماسي الذي جرى منذ وقت إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 باستثناء الفترة التي نقلت فيها مقر جامعة الدول العربية إلى تونس عام 1979 بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ، كان الأمين العام لجامعة الدول العربية من دولة المقر طبقا للعرف الدستوري.
والسؤال الآن هل العرف الدستوري اتبع حينما نقلت جامعة الدول العربية إلى تونس ، والإجابة نعم لأنه شغل وظيفة الأمين العام تونسي من دولة المقر وهي تونس العاصمة وهو الشاذلي القليبي ، وبالتالي فإن هذا نوع من العرف ، كما أن التجربة أوضحت أن وجود الأمين العام لجامعة الدول العربية من دولة المقر ييسر أعمال كثيرة ومهام عديدة لجامعة الدول العربية في إطار الإتصالات مع المؤسسات المختلفة في دولة المقر ، كما أنه مصر من دولة المقر يحمل الجنسية المصرية ولكنه يحتاج إلى أغلبية الثلثين.
ويضاف إلى ذلك أمر مهم وهو أنه في مثل هذه المناصب يحدث قدر من التوافق ولايحدث إقتراع ولا يتقدم العديد من المرشحين ، ولكن كلهم يتفقوا على المرشح للمنصب سياسة ويدفع بشخصية لها قبول لدى الدول العربية.
ولذلك يجوز أن يكون المرشح لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية من غير دولة المقر من الناحية القانونية، ولكن يؤخذ في الاعتبار العرف الدستوري.
وبالنسبة لنقل مقر جامعة الدول العربية من مصر إلى دولة آخرى.. هل يجوز قانونيا؟
لايجوز.. لأن ميثاق جامعة الدول العربية نص على أن مدينة القاهرة هي مقر جامعة الدول العربية ، وبالتالي من الصعب تغييره ، إلا إذا تم تعديل ميثاق جامعة الدول العربية ، وبالتالي لايجب ان نخالف الميثاق.
وأتمنى أن يكون هناك توافق عربي كامل حول الشخصية التي سترشح لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية ، وهو أمر يؤدي إلى نوع من التناغم السياسي ، ولكن إذا كان هناك أكثر من مرشح لهذا المنصب سيحدث قدر من الانقسامات ، وهذه مسألة صعبة ، كما أنني أرى أنه من الحنكة و الحكمة والبعد السياسي أن الدول العربية تستطيع أن تعبر هذا الطريق بكل سهولة.
كما أننا لدينا 10 أمناء مساعدين ويعتبروا من الموظفين الكبار في جامعة الدول العربية ، والنظام الوظيفي لجامعة الدول العربية يأخذ بمعيارين معيار الكفاءة ومعيار التوزيع الجغرافي ، وبالتالي فإننا لدينا 10 أمناء مساعدين من الممكن أن يتم عمل التوزيع الجغرافي لهم.
في النهاية.. ماهي أبرز التشريعات التى يجب أن تكون على أولوية مجلس النواب القادم؟
بالنسبة لمجلس النواب القادم فإنه ستكون هناك أجندة تشريعية للحكومة ، كما أن النواب الذين سينجحوا في الانتخابات القادمة لابد أن يفكروا في مشروعات القوانين أو المقترحات بقوانين التي من الممكن أن تقدم.
وفي رأيي من أهم مشروعات القوانين التي يجب أن يناقشها مجلس النواب القادم وهو أحد القوانين الكبرى وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية ، لأن به منظومة مزعجة للغاية وهي منظومة الإعلان والمحضرين وإنعقاد الخصومة ، ولذلك فإننا في حاجة إلى تبسيط هذه الخصومة وتكون بالطريقة الإلكترونية والتقاضي يكون إلكتروني ، وبالتالي تنعقد الخصومة بشكل سريع لأنه ليس من المعقول لا يتم إعلان المواطن ولا يستدل على منزله ، ويتم عمل ورقة ، وحينما يتم قراءتها لانجد حروفها مفهوم.
وهذه الأمور تحتاج إلى إعادة النظر بشكل كامل في قانون المرافعات المدنية والجنائية وإعادة النظر في اختصاص عدد من المحاكم ومنها محكمة النقض ، حيث أنني أميل إلى معاونة اختصاص محكمة النقض ، وبمعنى آخر يتم التركيز على أن محكمة النقض هي محكمة قانون وتنظر في أحكام محكمة الاستئناف من وجهة النظر القانونية فقط ، وليس لها أي علاقة بالأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف ، والتي ذكرت القوانين الخاصة أنها طريق وحيد مثل قانون التحكيم الذي نص على أن الطعن أمام محكمة الاسئناف يكون في أحكام التحكيم بالبطلان ولايوجد أي سبيل آخر ، ومع ذلك يؤخذ حكم الاستئناف على أنه حكم استئناف عالي وبداخله حكم التحكيم ، مما يجعل محكمة النقض تنشغل به.
وبالتالي فإننا نحتاج إلى أن نخفف العبء عن محكمة النقض ، ولايوجد ما يمنع من الحيلولة دون وصول عدد من نوعية معينة من القضايا إلى محكمة النقض ، بسبب الكثافة الكثيرة لدى محكمة النقض لكي تقل.