عربي21:
2025-12-02@04:50:39 GMT

المحكمة الدستورية للخدمات العسكرية!

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

هذه الأيام يُجري النظام المصري التجهيزات لعقد انتخابات رئاسية جديدة، على وقع جلسات "الحوار الوطني" وإنجازات "الجمهورية الجديدة". والخبرة المصرية في العقد الأخير جعلت مصطلح "انتخابات" كفيلا بتحفيز ذاكرة الأحداث عبر استعادة سيناريوهات مؤلمة مرتبطة بمواسم الانتخابات ونتائجها، بدأت فصولها في 2011 واستمرت حتى اليوم، تلك الأحداث التي لو أنتجت في "فيلم سينمائي" لكان دور البطولة فيها بامتياز للمحكمة الدستورية العليا -في رأيي-! فقد قدمت خدماتها للمؤسسة العسكرية بسخاء، وأسهمت بإخلاص في كل المواقف بالتصريحات والأحكام والرجال، وأدت دورا محوريا أحدث بلبلة بين فرقاء السياسة، وأمعن في تعقيد الطريق أمام المؤسسات الدستورية المنتخبة عقب الثورة.

واستمرت بعد الانقلاب في لعب دور المخلص الأمين الذي يقدم النصائح الدستورية، وببدد العقبات القانونية، ما أسهم في إعادة الحكم للمؤسسة العسكرية واستحواذ الجيش على القصر بعد "طلاق ثوري بائن"!

الدستورية والانتخابات الرئاسية

في هذا المقال لن أذهب بك بعيدا بسرد الروايات المتعارضة في تقييم دور المحكمة عبر مواقفها السياسية في تعطيل برلمان 2012 وتحدي قرار الرئيس بإعادته، أو إلغاء قانون العزل لمصلحة فلول الدولة العميقة، أو بطلان قانون الجمعية التأسيسية لإهدار دستور 2012، كما أنني لن أسرد أمثلة عن تعاملها بالمرصاد مع مؤسسة الرئاسة، ولن أذكرك بتصريحات تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية آنذاك، لصحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية أن "العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير.

"العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير
لكني في هذا المقال سأكتفي بسرد "واقعة قانونية طريفة" دارت فصولها في نيسان/ أبريل 2014، نهاية فترة المستشار عدلي منصور الرئيس الموقت بعد الانقلاب العسكري، وبالتحديد قبيل الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها السيسي، حيث أصدر المستشار عدلي منصور قرارا بقانون عدّل بموجبه قانون المحكمة الدستورية العليا، فأضاف مادة جديدة تتضمن "تسريع إجراءات الطعن أمام الدستورية في الدعاوي الخاصة بقوانين الانتخابات الرئاسية أو النيابية".

قد ترى أن تسريع الإجراءات أمر طبيعي، وأن الأمور لا ينبغي أن تطول في ظل فترة استثنائية كتلك، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فسلطة الانقلاب أرادت بهذا التعديل تحصين قانون الانتخابات الرئاسية من أية طعون، كما قطعت الطريق على "شركاء 30 يونيو" إن رغبوا في ممارسة "مشاغباتهم القديمة" باللجوء لمجلس الدولة والطعن على الانتخابات بحجة عدم دستورية القانون الذي أجريت في ظله، فتعديل القانون قد وضع مسارا مكوكيا لا يتناسب مع رصانة الطرح بعدم الدستورية، كما يتناقض مع مسار الإجراءات الدستورية البطيء بطبيعته، والذي عودتنا عليه المحكمة.

العجيب أن المحكمة الدستورية ذاتها لما أحيل إليها الطعن بعدم دستورية قانون مجلس الشعب والمطالبة بإبطال الانتخابات التي أجريت بموجبه في عام 1990، حكمت في هذا الطعن في تموز/ يوليو 2000 (بعد عشر سنوات كاملة من الإحالة)، ما يجعل التعديل الذي أصدره عدلي منصور محل تهمة ودليل مجاملة.

في الخطوة الأولى للتعديل ألزم كافة المحاكم في حال الطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات أن تقدم أوراق القضية التي بحوزتها لقلم كتاب المحكمة الدستورية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور قرار الإحالة، وفي خطوته الثانية منح ذوي الشأن ثلاثة أيام لرفع الدعوى الدستورية، ثم ألزم في خطوته الثالثة بإعلان أطراف الدعوى خلال ثلاثة أيام من وقت رفعها، وفي خطوته الرابعة حدد مدة ستة أيام بحد أقصى لإيداع المذكرات، ثم أخيرا ألزم المحكمة الدستورية بالفصل في الدعوى خلال خمسة أيام من تاريخ أول جلسة، ليكون إجمالي مسار الأحداث منذ الرغبة في الطعن على القانون حتى صدور الحكم فيه؛ خمس خطوات تستغرق عشرين يوما على أقصى تقدير.

التعديل بهذا الشكل المتسرع فرض على المحكمة الدستورية أمورا كانت ترفضها في الماضي، وبشدة، فالمحكمة الدستورية قد رفضت "الرقابة الدستورية السابقة" التي أقرها دستور 2012 على قوانين الانتخابات، لكنها هنا -على النقيض- رحبت ونفذت ولم تعترض، رغم أن القانون قد فرض عليها مسارا وقتيا ضيقا ما جعلها محل انتقاد.


مرت انتخابات 2014 التي أجراها السيسي واستلم الحكم -فعليا- من عدلي منصور الذي عاد لرئاسة الدستورية مجددا!

المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية
في تموز/ يوليو 2015 وفي خطوة مفاجئة وغير مفهومة، ألغى السيسي قانون تسريع الإجراءات الذي أقره عدلي منصور، بالرغم من التجهيز لانتخابات مجلس النواب التي أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر 2015. بهذه الخطوة لم تصبح المحكمة ملزمة بمسار "العشرين يوما"، وعلى من يرغب في الطعن على قوانين الانتخابات سلوك المسار الطبيعي للإجراءات، وهو ما يعني استعادة المسار البطيء للتقاضي مرة أخرى والذي قد يُستخدم في تفويت فرص حل المجالس النيابية التي قد تطول لعشر سنوات كما تم في الطعن على دستورية قانون الانتخابات عام 1990، فلم يُحل برلمان 90 أو 95 وجاء حكم المحكمة الدستورية عقب انتهاء مدتهما!

نحن أمام محكمة أسسها نظام "عبد الناصر" للنيل من استقلال القضاء، فقرار تأسيسها رقم 81 لسنة 1969 نشر في ذات الجريدة الرسمية متبوعا بقرارات أرقام (82/ 83/ 84/ 85 لسنة 1969) أصدرتها السلطة بحل المجالس القضائية، وفصل عشرات القضاة، وإقالة مجلس إدارة نادي القضاة وإحلال مجلس معين محله، وتعديل قانون مجلس الدولة على غير رغبة القضاة، وهي القرارات التي عُرفت فيما بعد بـ"مذبحة القضاة"، وقامت فيها المحكمة العليا بدور هام في تقييد خطوات القضاة من أجل استعادة استقلالهم، وهو ما حدا بالقضاة خلال مؤتمر العدالة الأول -والأخير- الذي أقيم عام 1986 إلى القول بأنه "لا مبرر لقيام هذه المحكمة في دولة موحدة" وطالبوا بإلغائها، وإسناد سلطة رقابة دستورية القوانين لمحكمة النقض، لكن السلطة في المقابل عززت من دور المحكمة الدستورية، وزادتها قوة، ما جعلها سيف السلطة، وشريك كفاحها في محاربة القضاء والمواطنين على حدٍ سواء.

المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري انتخابات المحكمة الدستورية قوانين القضاء مصر انتخابات القضاء المحكمة الدستورية قوانين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة عالم الفن صحافة سياسة صحة مقالات رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة المحکمة الدستوریة الدستوریة العلیا بعد الانقلاب عدلی منصور الطعن على

إقرأ أيضاً:

بالأسماء.. التفاصيل الكاملة لحكم الإدارية العليا بإعادة الانتخابات في 29 دائرة (عاجل)

أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، مساء أمس السبت، قراراتها في الطعون المقدّمة على نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وانتهت إلى قبول 29 طعنًا وإلغاء الانتخابات التي أجريت في دوائرها، ورفض أكثر من 100 طعن لزوال شرط المصلحة، إلى جانب إحالة عدد من الطعون إلى محكمة النقض.

وتضمن منطوق الحكم من الإدارية العليا قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ما مايترتب علي ذلك من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون علات وألزمت الجهة الادارية المصروفات.

وشملت الدوائر التي قبلت المحكمة فيها الطعون وألغت النتائج بها ما يلي:

ففي محافظة الوادي الجديد، قُبل الطعن المقدم من النائب السابق والمرشح المستقل حمدي محمد سليمان في الدائرة الثانية بمقار الداخلة والفرافرة، كما قُبل الطعن المقدم من المرشح المستقل أحمد العقاطي في الدائرة الأولى ومقرها الخارجة.

وفي محافظة أسوان، شمل القرار قبول الطعن المقام من المرشح المستقل عادل سيد محمود في دائرة إدفو، وكذلك الطعن المقدم من المرشح المستقل علاء حسن حامد عثمان في دائرة نصر النوبة.

وفي محافظة الأقصر، قُبل الطعن المقدم من المرشح المستقل محمد عبد المحسن محمد رضوان في دائرة إسنا، إلى جانب الطعن المقام من المرشح المستقل محمد محمود علي محمد في دائرة القرنة، والطعن المقدم من المرشح المستقل ممدوح محمود مصطفى أبو الحمد في دائرة الأقصر.

كما قضت المحكمة بقبول الطعن المقدم من المرشح المستقل عبد السلام محمد العمراوي في دائرة أول المنتزه بمحافظة الإسكندرية.

وفي محافظة المنيا، شملت القرارات قبول الطعن المقدم من مرشحة حزب المؤتمر حنان عياد خليل عيسى في دائرة ملوي، وكذلك الطعن المقدم من المرشح المستقل أبو الفتوح الشحات في دوائر مغاغة والعدوة وبني مزار، والطعن المقدم من المرشح المستقل مصطفى محمد بهي الدين في دائرة أبو قرقاص، والطعن المقدم من المرشح المستقل سيد أبو بريدعة في دائرة المنيا، إضافة إلى قبول الطعن المقام من اللواء أشرف أبو المكارم في دائرة دير مواس.

وفي محافظة الجيزة، قُبل الطعن المقدم من المرشح المستقل محمد طارق جمال الدين في دائرة بولاق الدكرور، والطعن المقدم من المرشح المستقل محمد رمضان طراد في دائرة أكتوبر، وكذلك الطعن المقام من المرشح المستقل رمضان سيد أبو خاطر في دائرة البدرشين، والطعن المقدم من المرشح المستقل خالد سلام في دائرة الهرم، والطعن المقدم من المرشح المستقل دندراوي أبو الفضل في دائرة قسم الجيزة، إضافة إلى الطعن المقدم من المرشح المستقل حسام عميرة في دائرة منشأة القناطر، والطعن المقدم من المرشح المستقل السيد زغلول أحمد في دائرة العمرانية والطالبية.

كما شمل الحكم قبول الطعن المقدم من المرشح المستقل محمد أبو هلالي في دائرة البلينا بمحافظة سوهاج.

وفي محافظة البحيرة، قضت المحكمة بقبول الطعن المقدم من مرشح حزب النور محمد صلاح عباس في دائرة حوش عيسى، والطعن المقدم من المرشح المستقل أحمد باسم عبد الفتاح محمد في دائرة كوم حمادة، والطعن المقدم من النائب السابق والمرشح المستقل محمد عباس في دائرة المحمودية، إضافة إلى الطعن المقدم من المرشح المستقل محمود عثمان في دائرة الدلنجات.

وفي محافظة أسيوط، شمل القرار قبول الطعن المقدم من المرشح المستقل أحمد إبراهيم العياط في دوائر ديروط والقوصية ومنفلوط، وكذلك الطعن المقام من المرشح المستقل الحسيني جلال في دائرة أبو تيج، والطعن المقدم من المرشح المستقل علاء محمود عبد الغني في دائرة أول أسيوط.

كما قضت المحكمة بقبول الطعن المقدم من المرشح المستقل ربيع أبو كمال في دائرة سنورس بمحافظة الفيوم.

شهدت محافظات المرحلة الأولى تنوعًا واسعًا في الطعون المقدمة، وجاء توزيعها على النحو التالي:

البحيرة: 46 طعنًا - الجيزة: 47 طعنًا - الأقصر: 8 - سوهاج: 14 - الفيوم: 16 - الإسكندرية: 20 - أسيوط: 29 - بني سويف: 12 - أسوان: 15 - المنيا: 36 - البحر الأحمر: 4 - مرسى مطروح: طعنان.

اقرأ أيضاًبعد إلغاء نتائج 29 دائرة.. «الوطنية للانتخابات»: ملتزمون بتنفيذ أحكام القضاء

هل إلغاء الانتخابات في عدد كبير من الدوائر يؤثر على وضع القائمة؟

مقالات مشابهة

  • مفاجأة صادمة.. محامي رمضان صبحي يكشف نسبة قبول المحكمة الفيدرالية لطعن المنشطات
  • حكم قضائي يهز اسيوط بإلغاء إعلان نتيجة انتخابات النواب بالدائرة الثانية
  • تفاصيل.. إلغاء المحكمة الإدارية العليا نتائج انتخابات النواب بالدائرة الرابعة بأسيوط
  • س & ج.. كيف أسقطت الإدارية العليا نتيجة «الدقي–العجوزة»؟.. أهم المخالفات الجسيمة التي قلبت النتيجة
  • أستاذ قانون دستوري: ما تصدره الوطنية للانتخابات ليس أحكاما قضائية ويجوز الطعن عليه
  • الإدارية العليا تكشف أسباب إلغاء انتخابات الدقي والعجوزة والجيزة
  • صلاح فوزي: الصوت الانتخابي مسؤولية وطنية.. وقرارات الهيئة قابلة للطعن
  • موعد صدور حكم «النقض» في صحة عضوية الفائزين بالمرحلة الأولى لانتخابات النواب
  • بالأسماء.. التفاصيل الكاملة لحكم الإدارية العليا بإعادة الانتخابات في 29 دائرة (عاجل)
  • دليلك للوصول إلى المحكمة الدستورية العليا.. كيف ترفع دعوى دستورية خطوة بخطوة؟