لجريدة عمان:
2025-05-20@15:33:44 GMT

نوافذ: يا مركب «بهارات» يا بو دقلين!

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

أيام قليلة تفصلنا عن الحدث المهمّ. بالتحديد 8 أيام فقط ولن تعود «الهند» هندًا، إذا ما وافق برلمانها في اجتماعه المُزمَع على تغيير اسمها الرسمي. ستكون «بهارات»؛ هذا الاسم الذي يحيلنا للوهلة الأولى إلى أهم ما تميز به المطبخ الهندي. آسف، أقصد «المطبخ البهاراتي». عليّ أن أعتاد الاسم من الآن وأجربه على لساني، كأن أقول مثلًا إنني كنتُ مسافرًا برفقة الوالد في رحلة علاجية إلى «بهارات»، أو أن أقول إنني أحبّ من الروايات «البهاراتية» رواية «النمر الأبيض» لـ«أرافيند أديجا»، وإنني شاهدت الفيلم المصري «سمك لبن تمر بهاراتي» ولم يعجبني، وإن هناك كثيرًا من الرؤساء التنفيذيين «البهاراتيين» في مؤسساتنا العُمانية، وإنني في صلالة شربتُ «المشلي»؛ مشروب شجرة «جوز بهارات» اللذيذ، وإنني حين أخلو إلى نفسي أحب الاستماع إلى أغنية الفنان العُماني سالم الصوري رحمه الله: «يا مركب بهارات يا بو دقلين».

في الحقيقة، لم يكن اسم «بهارات» بعيدا عن الهند، فدستورها منذ عام 1950م - أي بعد 3 سنوات فقط من الاستقلال عن بريطانيا - ينصّ في مادته الأولى على أن «الهند، أي بهارات، يجب أن تكون اتحادًا للولايات»، هكذا بالحرف. لكنه اسمٌ بقي نائمًا في الدستور فقط، وكان أقرب إلى اسم رديف متوارٍ في الظل، كـ«فيروز» الأشهر من نار على علم و«نهاد حداد» المختبئة خلفه، أو كجورج أورويل الشهير الذي وُلِد في الهند بالمناسبة، و«إريك آرثر بلير» الذي يكاد لا يعرفه أحد، ربما لأنه وُلِد في «بهارات»! شقيقٌ توأم ينام بجوار شقيقه الآخر الذي يتصدّر المحافل الدولية، يسير معه إن مشى داخل البلاد خطوةً بخطوة، أما إن سافر خارجها فإنه يكتفي بانتظاره إلى أن يعود. فما الذي تغيّر اليوم حتى تستبق الحكومة الهندية الأحداث وترسل دعوات العشاء إلى قادة قمة العشرين ممهورة بتوقيع: «دروبادي مورمو رئيسة جمهورية بهارات»؟

الذي تغيّر أن حكم الهند منذ عام 2014م آلَ إلى حزب «بهارتيا جاناتا» (لنلاحظ الاسم) مُطيحًا بأسرة نهرو- غاندي التي حكمت أكبر ديمقراطيات العالم عشرات السنين، ومنذ ذلك التاريخ يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي - الحاكم الفعلي للهند - إلى القضاء على كل رموز حقبة الاحتلال البريطاني لبلاده من المؤسسات السياسية، إلى كتب التاريخ في الهند، وصولًا إلى تغيير الاسم الذي اختارته بريطانيا للبلاد. وبما أنه سيحتفل في السابع عشر من سبتمبر الجاري بعيد ميلاده الثالث والسبعين فأظن أن البرلمان - الذي سيجتمع في اليوم التالي - سيُهديه إذا ما أقرّ اسم «بهارات» أغلى هدية عيد ميلاد.

شخصيًّا، لا أُكِن أي إعجاب لمودي ولا لحزبه، وقد ارتبطا لديّ بانتعاش أجواء الكراهية الدينية في الهند منذ تولى الحكم، وتفشّي الاعتداءات الطائفية والعنصرية البغيضة ضد المسلمين، ولا يُمكن أن أفصل محاولة تغيير اسم البلاد عن السياسة «الشعبوية» التي ينتهجها رئيس الوزراء لجذب الناخبين. لكن ثمة من سيقول إنه أمرٌ مشروع في النهاية، فمن ذا الذي يمكن أن يلوم قائدًا سياسيًّا على سعيه لتغيير اسمٍ لبلاده اختاره المستعمِر! هكذا فعل قبله روبرت موجابي فغيّر روديسيا الجنوبية التي كانت مستَعمَرة بريطانية إلى زيمبابوي؛ وغيّر توماس سانكارا فولتا العُليا إلى بوركينافاسو، أما رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فلم يكتفِ بتغيير اسم بلاده إلى «زائير»، بل غيّر اسمه هو أيضًا إلى موبوتو سيسي سيكو، والقائمة طويلة. لكن الرد على هذا الطرح هو أن كل تلك الدول السابقة لم تكن الهند!.

ليست الهند دولة عادية، إنها في الوقت الحاضر قوة سياسية واقتصادية كبرى، وأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، أما في الماضي فهي حضارة كبيرة تمتد لآلاف السنين. بعبارة أخرى ليست الهند للهنود فقط، إنها هندُ الجميع؛ «هندُنا» نحن العرب أيضًا، يشهد بذلك كتاب «ألف ليلة وليلة» ورحلات ابن بطوطة قديمًا، ورحلات العُمانيين إليها حديثا، إنها «هندُ الفرس» كذلك يشهد بذلك بزرك بن شهريار في كتابه الهام: «عجائب الهند». باختصار ما من حضارة قديمة أو حديثة إلا والتقتْ بالهند وأثرتْ وتأثرتْ بها. فكيف تتحول اليوم إلى «بهارات»!

من كل قلبي أتمنى أن يرفض البرلمان الهندي تغيير الاسم في اجتماعه الأسبوع المقبل، ويُبقي لنا «الهند» التي أحببْناها وألِفناها. وإلى ذلك الموعد سأردد مع شاعر العامّية المصرية الجميل مصطفى إبراهيم: «الحياة مش كلّها انبهارات / ولا تجارب سُخْنة بالبهارات / والليالي المُدهِشة حلوين / بس السنين المُمِلّة / هي اللي بَنتْ حضارات».

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تغییر اسم

إقرأ أيضاً:

هل فعلا انتصرت باكستان على الهند؟

أوردت صحيفة ذا هيل الأميركية مقال رأي عددت كاتبته 4 مكاسب حققتها باكستان تظهر أنها هي التي انتصرت في الجولة الأخيرة من القتال بينها وبين الهند.

وكان صراع مسلح قد اندلع بين الهند وباكستان، وهما قوتان نوويتان، في أوائل مايو/أيار 2025 بعد هجوم على سياح هنود في الجزء الخاضع للهند من كشمير أسفر عن مقتل 26 شخصًا، وسارعت الهند لاتهام جماعات مدعومة من باكستان بالوقوف وراء ذلك الهجوم وهو ما نفته باكستان جملة وتفصيلا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ميديا بارت: غزة هي عاركم سيدي الرئيسlist 2 of 2صحف عالمية: خطة إسرائيلية لتقطيع غزة وحشر السكان في 3 مناطقend of list

لكن الهند شنت حملة جوية على باكستان ليستمر الطرفان طيلة 3 أيام في القصف والقصف المضاد بالطائرات والصواريخ والمدفعية، وادعى كل طرف أنه كان المنتصر في هذه الحرب، فكيف تطورت هذه الحرب وكيف كانت ردة فعل الطرفين بعد نهايتها ولماذا يعتقد أن باكستان كانت المنتصر فيها؟

للإجابة عن هذه الأسئلة قالت الكاتبة والمحامية الأميركية رافيا زكريا مقالها بالصحيفة إن باكستان حققت مكاسب مفاجئة في الساعات الأولى من القتال، حيث أعلنت عن إسقاط 5 طائرات هندية بعضها من طراز رافال، وهي طائرات حديثة اشترتها الهند مؤخرًا من فرنسا بمبلغ 7.4 مليارات دولار.

كما ذكرت أن الهند ردّت بضربات استهدفت مواقع وقواعد عسكرية داخل باكستان، إلا أن الأخيرة شنت هجومًا مضادًا يقال إنه دمّر أنظمة دفاع جوي هندية ومواقع عسكرية أخرى.

إعلان

ولفتت زكريا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن وقفًا فوريًا لإطلاق النار بعد وساطة أميركية، وهو ما أثار استياء الهند واعتبره أحد أعضاء حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي "تدخلاً مفاجئًا وغير مبرر"، في المقابل، قالت زكريا أن باكستان احتفلت بهذا الإعلان، ووصفت ترامب بالبطل.

وقالت إن باكستان حققت المكاسب الأربعة التالية مما يعني أنها هي التي انتصرت في هذه الجولة من القتال:

النجاح العسكري: حيث أكدت أن باكستان أظهرت قدراتها العسكرية، خاصة باستخدام صواريخ "بي إل-15" الصينية الموجهة بالذكاء الاصطناعي. التوقيت السياسي: اعتبرت أن وقف إطلاق النار جاء بعد نجاح باكستان في تنفيذ ضربات فعالة، مما منحها اليد العليا. إعادة تسليط الضوء على كشمير: رأت أن الصراع أعاد قضية كشمير إلى الواجهة الدولية. تراجع الدعم الأميركي للهند: أبرزت أن تدخل ترامب أضعف موقف الهند، التي كانت تعوّل على دعم أميركي غير مشروط.

وفي الجانب السياسي، قالت زكريا أن المعارضة الهندية، ممثلة برئيس حزب المؤتمر راهول غاندي، وصفت العملية بأنها "كارثة دبلوماسية" أدت إلى تقوية التحالف بين باكستان والصين.

كما لفتت الكاتبة إلى أن الجيش الباكستاني، الذي كان يعاني من تراجع في شعبيته، عاد ليحظى بدعم شعبي واسع، واصفة ما حصل بأنه كان "مبارزة بين داود وجالوت"، حيث تفوقت باكستان، وهي داود هنا، رغم الفارق الكبير في القدرات العسكرية.

مقالات مشابهة

  • السوق العربي سبب التسمية بهذا الاسم
  • القسام تنفذ كمينًا مركبًا بقوة صهيونية في بيت لاهيا شمال غزة
  • كمين مركب لـالقسام يقتل ويجرح جنودا للاحتلال غرب بيت لاهيا
  • القسام تكشف تفاصيل كمين مركب بقوات الاحتلال غرب بيت لاهيا
  • القسام تعلن تنفيذ كمين مركب ضد قوات إسرائيلية في شمال غزة
  • خطوات تحديث الاسم باللغتين العربية والإنجليزية في مركز قياس
  • عربات جدعون.. حين تتحول الأساطير إلى غطاء لجريمة ديموجرافية في غزة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • هل فعلا انتصرت باكستان على الهند؟
  • خط السيطرة في كشمير فاصل الأمر الواقع الذي فرضته الحروب