تداعيات الحرب الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية بعد مرور خمسة اشهر
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
مرت الان ما يقارب الخمسة اشهر على هذه الحرب العبثية التي تناول كثير من المهتمين اسبابها وملابساتها والتي تتمظهر في عدة اوجه علما بان جميع اصابع الاتهام تتجه الى الطرف الثالث الذي اجج الموقف واطلق الرصاصة الاولى التي احرقت البلاد وشردت العباد واضاعت على السودان فرصة جوهرية نادرة من فرص اعادة البناء ووضع السودان في منصة الانطلاق من جديد .
هذه الحرب في هذه الاشهر الخمس منذ الخامس عشر من ابريل وحتى اليوم دمرت البنية الاقتصادية والانتاجية التي تساهم بها العاصمة التي حولتها الحرب الى محرقة والتي يقدرها اهل الاقتصاد بنسبة 40 بالمئة من الناتج القومي اي مايقارب 70 مليار دولار شملت كل الموسسات الاقتصادية والانتاجية والخدمية .
هذه الحرب افقرت اكثر من 80 بالمئة من العاملين والمنتجين خارج نطاق الخدمة المدنية والذين يعتمدون في جلب ارزاقهم على النشاط اليومي واليدوي والانتاجي والمهارات الفردية والتجارة اليومية والخدمات بالاضافة الى العاملين في الدولة في القطاعات المهنية من تعليم وصحة وخدمات وغيرها من الموظفين الذين توقفت مصادر دخلهم الوظيفية تماما دون بدائل مجزية .
هذه الحرب انتجت حالة من الغبن الاجتماعي الذي سيلعب دورا فاعلا في تمزيق النسيج الاجتماعي القومي من خلال تفعيل البعض لحالة الاحقاد والكراهية بين مكونات المجتمع وتحويلها الى عمليات نهب وسرقات وقتل وتخريب واغتصابات وانتهاكات باعثها الحقيقي التشفي غير المبرر من بعض المكونات الاجتماعية ضد بعضها نتيجة لتراكمات الدعاية السالبة الناتجة عن حالة الحروب الصغيرة والحركات الجهوية المسلحة التي استثمرت في تلك الدعاية لتعبئة المناصرين ضد المراكز الحضرية او الاوهام التي خلقتها النخب الجهوية تحت شعار جدلية الهامش والمركز وتعريف المركز بمكونات اجتماعية وسكانية معينة في الوسط والشمال وليس بسياسات او مظالم محددة الملامح . وهو مافسره كثيرون بحالة التشفي التي عان منها اهل العاصمة دون مبرر وبلا جريرة الا من الحقد الاعمى.
ولعل من اسوا تداعيات هذه الحرب انها تمثلت في بعض الظواهر والسلوكيات الفردية التي بدات تتخذ شكل الظاهرة بسبب افرازات التشريد والنزوح وبسبب الحاجة المادية الملحة للعيش في مناطق اللجوء او النزوح وهي مظاهر غير اخلاقية وتطعن في صميم القيم السودانية بسبب مظاهر الانحلال والفسوق من قبل شريحة اجتماعية تتسع يوما بعد يوم بسبب الحاجة الى المال اقلها التسول واعظمها بيع الهوى والانحلال الاخلاقي في مدن اللجوء .
هذه الحرب اضاعت على البلاد فرص جوهرية لاعادة هيبته التي اهدرت لثلاثين عام وعرضت قدراته البشرية والمهنية للتشريد والهجرة والتفكير الجاد في الاندماج في مجتمعات جديدة في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى خبرات ومهارات ابناءها وبناتها في شتى المجالات .
هذه الحرب جعلت السودان رهينة لقائدين عسكريين جاهلين ومتجردين من الوطنية اصبحت اهم انجازاتهما تدمير العاصمة التي حافظ عليها المستعمر وحافظ على مؤسساتها ومبانيها وقيمتها التاريخية والوطنية والمعنوية. هذه الحرب حولت قدرات البلاد العسكرية الى خردة في الطرق العامة وحولت الطرقات نفسها الى مقابر جماعية لجثث المحظيين من المدنيين الابرياء هم الذين وجدوا من يستر اجسادهم فيها .
هذه الحرب جعلت الشان السوداني بفعل مثلث الشر التي اوقد نارها من دعم سريع وجيش وكتائب متطرفين مستباحا ومبذولا على موائد العالم اقليميا ودوليا بسبب سلوكيات جهلاء مجردين من النخوة والوطنية هم وانصارهم من الفاقد الطفيلي التربوى الوطني الذي تربى على الانصياع للشمولية والانتهازية والعدوانية من دعاة الحرب والتدمير الذين لا يابهون للدمار البنيوي او الاقتصادي او الاخلاقي وليس لديهم مايقدمونه لبلادهم سوى اللايفات و البوستات والهتاف الفارغ خلف البدل العسكرية من ملاذاتهم الامنة ثم ينامون في هدوء وغيرهم من الضحايا من النساء والاطفال والشيوخ والمرضى يفترش الارض ويلتحف السماء في حدود تشاد واثيوبيا وعلى المعابر بعد ان شردوا من منازلهم ولم يجدوا من يحميهم لا امن ولا شرطة ولا جيش عجز حتى عن حماية مقراته.
هذه مقدمة بسيطة عن تداعيات هذه الحرب العبثية التي توجب ايجاد مخرج تفاوضي لا يعفي من العقوبة على كل الانتهاكات والجرائم لكننا بحاجة ملحة الى وقف هذه الحرب اللعينة لوقف الانهيار وزوال الدولة فقط لتلتقط البلاد انفاسها وياخذ هذا الشعب المشرد دوره في محاسبة ومعاقبة المسؤولين عن هذا الدمار والخراب من عسكريين ومدنيين ومليشيات وحركات مسلحة وكل الانتهازيين الجهويين الذي حولوا اهاليهم الى سلعة يقتاتون منها ويثرون على حسابها محاسبة ومعاقبة وفق القانون وبدعم الارادة الشعبية الجامعة وبدعم العالم والضمير الانساني الحي لتخرج بلادنا من دوامة البنادق والعسكر الذين لم يورثوا بلادنا الا القتل والدمار والماسي وتعطيل التقدم والتطور والنماء .
///////////////////
//////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
مُختص بيئي لـ"صفا": 5 مليون طن من النفايات الخطرة في غزة بسبب الحرب
غزة - خاص صفا
أكد مختص في الشأن البيئي يوم الثلاثاء، وجود نحو 5 مليون طن من النفايات الخطرة في قطاع غزة، بفعل عدم القدرة على إزالتها جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع، محذّرًا من خطورتها على صحة الإنسان والبيئة.
وقال المختص محمد مصلح في حديث لوكالة "صفا" إن خطورة هذه النفايات يكمن في احتمالية تسربها للمياه الجوفية؛ مما يشكّل أثارًا كارثية على صحة الإنسان والبيئة.
وأضاف "يوجد في قطاع غزة ما مجمله ٦٠ طنًا من الركام بسبب الحرب المدمرة على غزة".
وذكر مصلح أن من بين تلك النفايات الخطرة مادة "الإسبستوس" الناتجة عن ركام المنازل المُدمرة وخاصة تلك الموجودة في مخيمات اللاجئين.
ومادة "الإسبستوس" هي مكون رئيسي للأبنية في مخيمات قطاع غزة، وهي معادن تشكل خطرًا على الصحة العامة، ويسبب استنشاقها بكميات كبيرة أمراضًا خطيرة منها "تليف الرئة وسرطان الرئة وسرطان الحنجرة".
وبيّن مصلح أن من بين تلك النفايات الخطرة يوجد نحو 20 ألف مقذوف لم ينفجر حتى اللحظة، بوزن نحو 200 ألف طن من المتفجرات، مؤكدًا وجود خطر حقيقي على الصحة العامة في حال تسرب تلك المتفجرات للمياه الجوفية.
واستعرض مصلح أن من بين تلك النفايات الخطرة "النفايات الطبية" والتي تشكل خطرًا حقيقيّا على البيئة، لاحتوائها على أمرض مُعدية ومعادن ثقيلة مثل الزئبق، محذرًا من أنه في حال تسرب جزء منه فإنه يشكل خطرًا على البيئة.
وكانت الطواقم المختصة تجمع بشكل شهري نحو 30 طنًا من النفايات الطبية قبل الحرب، وتعالج بمركزين الأول في غزة والأخر بخانيونس، أمّا اليوم لا يتوفر إلا مركز واحد للمعالجة بسبب الحرب.
تلوث المياه
وتابع مصلح "في حال تسرب ما نسبته 1 جرام من الزئبق الموجود بالنفايات الخطرة؛ فإنه يلوث مليون لتر من المياه الجوفية، ما يُشكل أثارًا كارثية ومدمرة على صحة الإنسان والبيئة".
وزاد قائلًا: "هناك للأسف عشرات الألاف من حفر الصرف الصحي الموجودة بشكل عشوائي للنازحين بسبب الحرب، خاصةً في منطقة المواصي بخانيونس، محذرًا من أن تسرّب تلك النفايات يلوّث المياه الجوفية بشكل مباشر.
وناشد مصلح العالم والجهات المعنية للتدخل وإزالة تلك النفايات الخطيرة، مطالبًا بالعمل الجاد على الحد من خطر تلك النفايات.
ودعا لابتعاث فرق من الخبراء والمختصين من أجل تقييم الحرب على غزة، ومعاينة كمية الخطر الموجودة على صحة الإنسان، مطالبًا بتوفير أجهزة ومعدات لقياس التلوث في الهواء والترية.
كما طالب المختص البيئي بتوفير دعم دولي لنقل النفايات الطبية والأخرى للأماكن المخصصة لها، بدلاً من إلقائها في مناطق عشوائية.
وحث على فرز الركام في المناطق التي يوجد بها نفايات "الإسبستوس" الخطرة وإرسالها لمكبات خاصة.