وزيرة البيئة: انشاء هيكل تمويلي مستدام للمناخ يتطلب خلق آليات سوق مبتكرة
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة فى الجلسة النقاشية "الاستثمار البيئي والمناخي من منظور مالي" التى عقدت ضمن فعاليات منتدى الاستثمار البيئي والمناخي، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وبحضور رئيس مجلس الوزراء.
شارك فى الجلسة كل من: الدكتورة داليا الهواري نائب الرئيس التنفيذي للتطوير المؤسسي والبحوث والأداء الاقتصادي - الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، كاتيانا جارسيا كيلوري أخصائية مالية - البنك الدولي، هشام عكاشة رئيس مجلس الإدارة البنك الاهلي المصري، جويدو كلاري رئيس المركز الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط بالبنك الأوروبي للاستثمار، وخالد حمزة مدير مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر، عماد حسن خبير في مجال الطاقة النظيفة، وذلك لمناقشة سبل خفض مخاطر الاستثمار وتحفيز الاستثمارات الخاصة من وجهة نظر بيئية ومناخية، و من منظور التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة فيما يخص تجربة مصر في تنفيذ مشروع التحكم في التلوث الصناعي منذ مرحلته الأولى وصولا إلى المرحلة الرابعة الجديدة المعنية بالصناعة الخضراء المستدامة، أنها رحلة خاضتها مصر لتبدأ بالتعريف بقانون البيئة وخطط الاصحاح البيئي، وكيفية اعدادها، للانتقال من فكرة الترهيب إلى الترغيب، لتشجيع المصانع والمشروعات على إعداد خطط الاصحاح البيئي التي تساعدها أن تكون أكثر توافق مع البيئة، لخلق قيمة تنافسية وتصديرية للمنتج المصري تواكب التوجهات العالمية.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أن مصر من الدول التي تملك أدوات تمويلية مختلفة، ومنها مساهمة صندوق حماية البيئة الذي بدأ عام ٢٠٠٠ في تمويل عدد من مشروعات البيئة، وأيضا كان البنك الأهلي من البنوك الرائدة التي بادرت بدخول مجال تمويل مشروعات البيئة لتحفيز القطاع الخاص للدخول في هذا المجال.
وأوضحت وزيرة البيئة أن بناء هيكل تمويلي مستدام لمشروعات البيئة والمناخ يتطلب النظر إلى ٣ محاور، أولها التفرقة بين التمويل المستدام وتمويل المناخ، وبناء قدرات وطنية قادرة على تقييم المشروعات فنيا وماليا، والضغط على البنوك التنموية الدولية لإعادة هيكلة للمنظومة التمويلية الخاصة بها، والذي كان مطلبا لدول العالم في مؤتمر المناخ COP27، حتى تكون قادرة على فهم تمويل المناخ والدخول فيه، لتقليل مخاطر تمويل هذه المشروعات التي ينظر لها أنها غير مربحة، بما يساعد العالم على المواجهة.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أهمية بناء القدرات الوطنية والاستثمار في الكوادر البشرية القادرة على تقييم تمويل المناخ ووضع دراسات الجدوي والآليات التمويلية المناسبة، وأيضا الاستمرار في تحفيز القطاع الخاص للاستثمار فى مشروعات البيئة والمناخ، كما نحتاج إلى آليات سوق مصرفية وغير مصرفية لتغيير المنظومة التمويلية للمناخ، بما يساعد على تحفيز القطاع الخاص للمشاركة، وهذا إلى جانب وضع رؤية واضحة للدولة، والتي بدأتها مصر في ظل جائحة كورونا بإصدار معايير الاستدامة البيئية وتخضير الموازنة العامة للدولة، وتدريب الجهات الشريكة لتكون قادرة على فهم وتطبيق تلك المعايير.
وأكد السيد هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أن البنك يحتفل بمرور ٢٥ عاما من الشراكة في تمويل برامج البيئة ومنها مشروع التحكم في التلوث الصناعي في مراحله المختلفة، وفيما يخص الفجوة بين الموارد المالية المتاحة للاستثمار البيئي والمناخي والطلب على هذه الموارد، أن البنك يعمل على تقليل هذه الفجوة برفع الوعي على المستوى الداخلي ولدي العملاء بأهمية مشروعات البيئة والاستدامة والمناخ، والتعاون مع المؤسسات التمويلية الدولية، حيث تزايد حجم التمويل التي تم الحصول عليه لمشروعات البيئة والمناخ ليصل خلال ٢٥ عام إلى ١.٦ مليار دولار، ٤٠٪ منها تم الحصول عليها مؤخرا.
وشدد على حرص البنك على تقديم الدعم الفني وبناء القدرات وسد الفجوة المعرفية في مجال مشروعات البيئة والمناخ وتقليل المخاطر، حيث تدرب ١٠٠ موظف بالبنك مندوبين للاستدامة والحفاظ على البيئة، وإصدار تقارير الاستدامة للبنك تم عرض أحدها في مؤتمر المناخ COP27، كما تم تحديث ٣٨ فرع لتحقيق كفاءة استخدام الموارد بالعمل بالطاقة الشمسية وتغيير أنظمة استخدام المياه واعتماد سيارات البنك على الغاز الطبيعي، إلى جانب جانب الرقمنة.
وعلقت الدكتورة ياسمين فؤاد على أهمية تقليل مخاطر تمويل مشروعات البيئة والمناخ لتكون أكثر جذبا لاستثمارات القطاع الخاص، بأن عند اعداد مشروع بنبان للطاقة الشمسية، تم ضخ ٤٧٥ مليون دولار في ٢٠١٥/٢٠١٦ للقيام بمرحلة تقليل المخاطر للمشروع وتشجيع القطاع الخاص. كما تعمل وزارة البيئة بالتعاون مع البنك الأهلي والبنوك الأخرى على مدار السنوات الثلاث الماضية على الانتقال إلى مرحلة التحفيز الترغيب للقطاع الخاص من خلال تشجيع تمويل المشروعات الخضراء وكفاءة الطاقة.
ومن جانبها أكدت الدكتورة داليا الهواري نائب الرئيس التنفيذي للتطوير المؤسسي والبحوث والأداء الاقتصادي بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على أن السنوات القليلة الماضية شهدت تطورات كبيرة فى مجال الاقتصاد الأخضر والاستثمار المستدام وذلك بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة ، ومن أجل ذلك وضعت الحكومة المصرية مجموعة من الخطط والتشريعات والاستراتيجيات وقدمت العديد من الحوافز الاستثمارية التى تساهم فى تحقيق هذا الهدف وأصبحت المشروعات تهتم وتراعى البعد البيئي والمناخى ،حيث وضعت الدولة دمج البعد البيئى فى كافة قطاعات الدولة على رأس أولوياتها ، مُشيرة إلى انه تم منح عدد ٢٢ مشروع للرخصة الذهبية كمشروعات خضراء تراعى البعد البيئى ، وهو ما يعكس الشراكة الفعالة ببن القطاع الخاص والحكومى فى تحقيق الأهداف التنموية.
ومن جانبها تقدمت السيدة كاتيا جارسيا كيلوري أخصائية مالية البنك الدولي بالشكر للدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على تنظيم هذا المنتدى الهام ، مُشيرةً إلى حرص البنك الدولى على تقديم الدعم والتمويل للقطاع الخاص للدخول فى الاستثمارات الخاصة بالمناخ والبيئة ، ذاكرة العديد من البرامج والمشروعات الناجحة التى يدعمها البنك سواء فى مجال تحلية مياه البحر او التكيف او الطاقة الجديدة والمتجددة ، مُشيدة بالحكومة المصرية واجراءاتها فيما يخص السوق الطوعى ، مؤكدةً على ضرورة أن يكون هناك تعاون وهيكل فى السوق لتحقيق الأهداف الخاصة بالمناخ .
وأكد خالد حمزة مدير مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر على اهتمام البنك الأوروبي بدعم المشروعات الخاصة بالبيئة والمناخ والعمل على إزالة كافة العوائق التى تقف أمام المستثمرين ، مُشيراً إلى قيام البنك بالعديد من البرامج والمشروعات فى مجال الاقتصاد الدوار ، ومحاولته دعم مصر نحو التحول للأخضر ودعم جهودها فى التصدي للتغيرات المناخية .
ومن جهة أخرى تقدم جويدو كلاري رئيس المركز الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط بالبنك الأوروبي للاستثمار بالشكر للدكتورة ياسمين فؤاد على التنظيم المشرف للمؤتمر ، مُشيداً بجهود مصر فى التحول للأخضر والتصدى للتغيرات المناخية، وبالدول التى قادت جهود التحول من الوقود الاحفورى إلى الوقود النظيف، مُشيراً إلى حرص البنك الاوروبى للاستثمار على دعم القدرات الفنية و العمل على رفع المخاطر، مؤكداً على اهمية التعاون بين الجميع لتحقيق الأهداف الخاصة بالمناخ والاهتمام بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
دروس هيكل في زيارة جديدة للتاريخ!
(1)
على مدى الأسبوعين الفائتين انشغل العالم كله بوقائع وأحداث الحرب الإقليمية التي اندلعت بين إيران وإسرائيل، يتابعها لحظة بلحظة.. عشرات المئات بل الآلاف من التحليلات والقراءات والمتابعات كل يوضح ويشرح ويحلل من منظوره: السياسي والاقتصادي والآثار المترتبة على العدوان الإسرائيلي وتبعات الرد الإيراني..
لكن القليل بل أقل القليل من لاذ بالتاريخ وفلسفته وعظاته والبحث عن قوانينه!
أقل القليل من اتجه إلى المكتبة المؤلفة والمترجمة ليحاول أن يعود إلى جذور الصراع وأصوله الفلسفية والحضارية، وأقل القليل من عكف على دراسة "تاريخ" طرفي الصراع وفهم الطبيعة التكوينية لكل طرف وسياق تشكل الصراع والأزمات في العقود الستة الأخيرة!
فلا يمكن فهم قوة الصمود الإيراني ولا حالة التعاطف الشعبية والجمعية الغامرة في البلدان العربية والإسلامية (مع كل المنافسات والصراعات المذهبية المعلنة والمكتومة على السواء)، إلا بالرجوع إلى التاريخ؛ القريب منه والوسيط والبعيد!
وعلى الرغم من رحيله منذ قرابة السنوات العشر، حضر اسم الراحل الخبير القدير الكاتب الفذ محمد حسنين هيكل في استدعاءات طالت أم قصرت ولم لا فلا أحد يمكن أن يتجاهل قدرات هيكل السياسية والتحليلية الفائقة فضلا على امتلاكه القدرة التعبيرية والسردية المذهلة في صياغة أفكاره والتعبير عنها وإيصالها من أقصر طريق وأتمه إلى جمهوره العريض؛
يمزج هيكل الصحافة بالتاريخ بالوعي به واستكناه روحه وفلسفته، بالتحليل السياسي، ويقدم نصا مدهشا لا تنقصه الدراما ولا تغيب عنه المفارقة، وبناء المشهد، واستغلال فذ لجماليات العبارة العربية من حيث حسن التقسيم وبراعة العرض واعتماد المقابلة وإيحاءات المفردات.. إلخ. إنه يكتب عن الحاضر وعينه دائمًا على الماضي لاستقصاء الجذور وربط التفاصيل ببعضها البعض وردها إلى أصولها؛ وكشف الدوافع والمبررات لوقوع الأحداث أو تفسير سير الحركة في نهر التاريخ كما جرى أو يجري..
(2)
على كل حال، فقد توقفت أمام عملين كبيرين له؛ أولهما صدر في مقتبل حياته الصحفية والمهنية بعنوان «إيران فوق البركان» وهو الكتاب الذي خصصه للانقلاب ضد حركة مصدق وتأميم البترول الإيراني في مطالع خمسينيات القرن الماضي.
أما الكتاب الثاني، وربما كان من الأكثر شهرة وذيوعًا ضمن عدد كبير من أعماله المهمة التي طبعت مرارًا «مدافع آية الله ـ قصة إيران والثورة»، الذي صدر في طبعات عدة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وحتى وقتنا هذا.
لكن الأكثرية غفلت عن واحدٍ من أهم كتب محمد حسنين هيكل وأكثرها اتصالًا بهذا الموضوع؛ الحرب الإسرائيلية الإيرانية، كتاب على خطورته وأهميته وعمق تناولاته وأحاديثه "الخطيرة" لم يحظ أبدًا بما يستحق من إعادة قراءة ومراجعة، بل واستعانة ضرورية بمادته في إضاءة التحليلات الراهنة وإغنائها بأفكار ومساحات من المعرفة بإيران وتكوينها التاريخي والديموغرافي والثقافي، ما يساعد على فهم الكثير والكثير في هذا السياق.
«زيارة جديدة للتاريخ»، لمحمد حسنين هيكل واحد من أخطر الكتب التي سجلت بأمانة وموثوقية النص الكامل لحوارات مطولة أجراها الصحفي الكبير مع ست شخصيات من أبرز زعماء العالم، ومفكريه، وشخصياته الكبرى المعاصرة له. من بينهم نص الحوار الكامل الذي أجراه هيكل مع شاه إيران السابق، وهو حوار شديد الأهمية والقيمة معا.
جرَت كتابة فصول هذا الكتاب سنة 1985، وكان هذا الكتاب -كما يقول هيكل في تقديمه الموجز-: "كان هذا الكتاب إذن فترة استراحة بين سفرتين، وفي هذه الاستراحة وبينما رُحت أقلب بعض الملفات والأوراق استعدادًا وتأهبًا للجديد، صادفت مذكرات وخطابات وصورا أعادت إلى الذاكرة ساعات سبقت عشت فيها مع بعض من قابلت، وتداعت مواقف ومشاهد، وخطر لي -وأمامي فسحة من الوقت- أنني أستطيع أن أستعيد وأتأمل بل وأتحاور من جديد (في الضمير) مع كبار أتاحت لي الظروف فرصة أن أتعرف إليهم وأحاورهم وجها لوجه.
وكذلك اخترت ست شخصيات وجدتُ ما يخصها جاهزًا أمامي، ثم رُحت أكتب عن أيام معها، واخترت للفصول عنوان «زيارة جديدة للتاريخ»، وشرحت قصدي في مقدمةٍ مهدت بها".
ثم يهدي محمد حسنين هيكل كتابه إلى "هؤلاء الذين يملكون الجرأة على مراجعة المألوف والمعروف.. وأنفسهم".
ويا له من إهداء دال!
(3)
لماذا انفرد هذا الكتاب من بين كتب هيكل بهذه الخصوصية التي أدعيها، وهذه القدرة على منحنا وجهة نظر قابلة لمزيد من الفهم والتعميق والتطوير؟
لعل هذا الكتاب، من وجهة نظري، مع مجموعته الضخمة عن حرب الثلاثين عاما (في أربعة أجزاء ضخام)، تمثل أهم وأقيم بل أخطر ما كتب هيكل وتركه من بعده، وإن كان كتاب «زيارة جديدة للتاريخ» يزيد عليها بالإضافة إلى الأهمية والقيمة، "المتعة" الخالصة بل المضاعفة من الحكي الممتع والسرد المتدفق والتحليل الرائق والمعلومة الموثقة والتفسير العميق.
هذه المجموعة بكاملها وفي القلب منها «زيارة جديدة للتاريخ» يمكن اعتبارها مزيجًا فذًا بين التاريخ الموثق والصحافة الحية النابضة، والسرد الأدبي المثير للإعجاب والتحليل السياسي المدهش الذي لا أعتقد أنني قد قرأت مثله من قبل أو من بعد، وبخاصة «ملفات السويس»، و«الانفجار 1967».
أما الأمتع على الإطلاق «زيارة جديدة للتاريخ»، هنا الأديب هيكل يأخذ معلومة صغيرة جدًا من الصحفي هيكل، فيصنع منها بناء قصصيا مدهشا، عمل رفيع المستوى يحقق لقارئه متعة قراءة الروايات والأدب الخالص، وهو أمر مثير للإعجاب إذا ما أخذنا في الاعتبار رصانة الحوارات وعمق التحليلات وتداخل المعارف السياسية بالتاريخية بالجغرافية.. إلخ.
أما من الناحية التي تعنينا هنا في هذا المقام، وهو مركزية "التاريخ" ومحوريته في فهم واستجلاء ما يحدث على الأرض، من ثم القدرة على الإدلاء ببيان واضح المعالم محدد القسمات؛ فهذا هو عين الاستشهاد ومحل النظر وعلامة الاستدعاء!
تمثل العودة إلى التاريخ الدقيق والمستقصي لجذور المسألة -وطوال الوقت- المدخل الصحيح والأكثر معقولية ومنطقية لفهم ما يدور الآن، وهنا، وقبل الإدلاء بحرف واحد أو كلمة واحدة مما تناثر طوال الأسابيع الماضية في صورة تحليلات وقراءات واستشرافات مستقبلية.. إلخ. فمن المستحيل ادعاء معرفة دقيقة وإحاطة كلية شاملة بالمشهد أو كتابة "تحليل سياسي" متماسك له وجاهته وقائم على حيثيات منطقية بدون عودة إلى الماضي..
(4)
"التاريخ" هو البعد الأخطر في قراءة أي حدث راهن. ومعظم ما كتب طوال الفترة الماضية (إلا ما رحم ربي) من تحليلات سياسية واستراتيجية لا يعدو أن يكون ثرثرة وحشو كلام واستعراض معلوماتي بلا قيمة وبلا سياق أو إطار تحليلي مقنع ما دام افتقد العمق التاريخي للموضوع.. بدون ذلك يظل أي تحليل معلقا في الفراغ، ولا يساوي شيئا.. وهذا هو درس كتابات هيكل سواء اتفقنا معه أم اختلفنا معه أو مع انحيازاته وميوله الأيديولوجية أيا ما كانت ومدى تغليبه لها في هذه الحقبة أو تلك.
وأخيرًا.. يمكننا أيضا أن نضيف إلى محورية "التاريخ" كذلك بل الدرس الأكبر الذي يمكن أن نتعلمه من زيارة جديدة للتاريخ بل في كل كتبه هو محورية "الجغرافيا" وأن البداية تكون من الخريطة (وهو الدرس الذي تعلمه هو من ديجول ثم نقله لنا).
لا سياسة ولا تاريخ ولا تحليل بدون "جغرافيا"، هذه العناصر الثلاثة لازمة وضرورية في أي تأصيل للمسألة من جوانبها كافة، ليس فقط في وقائعها كأزمة راهنة، بل في أسبابها ونتائجها وتداعياتها وما يمكن أن يترتب عليها في موازين القوى ورسم السياسات ومسار المفاوضات في كل شيء يتعلق بالشرق الأوسط ولسنوات قادمة..
هذه بعض دروس هيكل في «زيارة جديدة للتاريخ».. وما أحوجنا إلى تلك الزيارات وتلك الدروس!