الكتابات الأولى للتشكيليين الرواد.. «لوحات» من الإبداعات السردية والنقدية
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
نوف الموسى
العودة إلى الكتابات الأولى، للفنانين التشكيليين الرواد في دولة الإمارات، تفتح مساراً رئيسياً لإعادة النقاش حول الفنون وتشكلاتها في المنطقة المحلية، وحاجتها الأساسية القائمة على المبحث الفكري والفلسفي للحياة الاجتماعية وتحولاتها، والأسئلة الوجودية أمام ضرورية النقد والاستفهام حول مسيرة الترابط والتشكل التراكمية، التي اتخذت من بداية الثمانينيات سمة تفاعلية تسعى إلى تكوين ملامح رصينة لهوية الفنون التشكيلية وممارساتها في الإمارات.
كتابات وتأملات
التوقف مثلاً عند مقالة الفنان حسن شريف وهو يكتب عن أعماله في إحدى الصحف المحلية، معلناً أن أعماله تفتقد البداية والنهاية، قائلاً: «في بعض الأحيان، أشعر أنني قد وصلت إلى أدنى قدر من الانتباه»، في اعتقادي، أنها جملة شخصية جداً، فمن تلك الذاتية ندرك ربما الإيقاع المتفرد للفنانين الإماراتيين، أيّ مصدر «الفكرة». فهم يتحركون في فضاءات مشتركة، إلا أنهم يحافظون في ذات الأوان على إحساسهم الشخصي، مثلما هو تأكيد الفنانة نجوم الغانم، أنها لطالما مارست الفنون التشكيلية كحاجة ذاتية، وكذلك هي التأملات العابرة الطويلة للفنان عبدالله السعدي للبيئة الطبيعية، من انطلق بكتابة يومياته في المرحلة الثانوية، فهي تُعد امتداداً لحالة فكرية اتسقت مع تطور المصدر اللانهائي للأفكار، من اللاواعي في الإنسان، إلى اللاواعي في الطبيعة، والتي تتجلى بوضوح في الأبحاث والدراسات العلمية للمنتجات الفنية الخاصة بالفنان د. محمد يوسف أسماها «من الطبيعة إلى الطبيعة». حيث يستمتع المشاهد بتجسيدها اللافت بصرياً في العمل الفني التفاعلي «محول القصص» للفنان ناصر نصر الله، الذي ابتكر في كتابه «مخلوقات الأشياء اليومية»، صلات لانهائية للأشكال البصرية في حياتنا اليومية، وذلك بالتوازي مع حضور الميثولوجيا في أعمال الفنانة د. نجاة مكي، التي أعلنت عن فنتازيا حضور «فينوس» آلهة الحب والجمال في الأساطير الرومانية، من خلال استقرائها التاريخي للأبعاد الحضارية والفنية للعملات المعدنية، تعبيراً عن الأهمية الآثارية لمنطقة مليحة بالشارقة، وجميعها إضاءات فكرية، لمعرض «التفكير فنياً: فنانون كتّاب من الإمارات»، الهادف إلى قراءة الإصدارات الفنية، بوصفها ركيزة أساسية لفهم المجتمع الفنانين، وإدراك المصادر الإبداعية الأساسية في حياة الفنانين الإماراتيين.
فعل الفنون
لا يُمكن رؤية الأعمال الفنية بمعزل عن مرتكزها الفكري والاجتماعي والثقافي، هنا توضح القيّمة والباحثة الفنية د. نهى فرّان، في حديثها لـ «الاتحاد الثقافي»، حول أهمية التأريخ لإدراك القيمة الحضارية من فعل الفنون في المجتمعات، فمن خلال سنوات طويلة قضتها في البحث والتوثيق وإجراء الحوارات لرصد انطلاقة الحركة التشكيلية في دولة الإمارات، تؤكد القيّمة الفنية د. نهى فرّان، أن تنوع الأساليب والتقنيات الفنية المعاصرة المتعاقبة بين الأجيال الفنية في المنطقة المحلية، يضعنا أمام سياقات جمالية وفنية بصرية خاصة، تتخذ من الإشكاليات والهموم في البيئة المحلية مصدراً رئيسياً لطرح السؤال، إنها محاكاة جوهرية انطلقت من ذوات الفنانين، وتطورت بطبيعة الحال وفق أدوات الحركة الفكرية المعاصرة، مبينةً أن معرض «التفكير فنياً: فنانون كتّاب من الإمارات»، يعيدنا إلى نقطة الصفر، من حيث الحاجة العلمية لتفكيك المفاهيم الأولى لفهم كيفية النشأة وتطورها، ودراسة الحالات الإبداعية وإفرازاتها، إنها فعلياً دعوة للطلاب والفنانين الشباب والنقاد والمتلقين في المجتمع الفني، بقراءة إصدارات الفنانين، وتبنيها في المنجزات الوطنية ضمن المحافل الثقافية الكبرى، والمنتديات النقاشية والمؤسسات التعليمية، والمبادرات الثقافية، في كونها مساحة نقاشية رئيسية تضفي على العمل الفني، أياً كان شكله ونطاقه وقطاعه الإبداعي، معنى إنسانياً في الوعي المجتمعي العام، أن نتجاوز مسألة رؤية العمل التشكيلي في المعرض الفني، بل ينتقل معنا في مناهج التفكير لتفاصيل حياتنا اليومية من خلال قراءة الإصدارات الفنية.
مفهوم الفن
في معرض «التفكير فنياً: فنانون كتّاب من الإمارات»، قدم الفنان علي العبدان، من خلال عمله الفني «صندوق الفن»، سؤالاً حول مفهوم الفن، واضعاً ورقة وقلماً على الطاولة للجمهور، للإجابة عن السؤال، الذي لم يتفق بحسب تعبير العبدان على تعريف واحد وفقاً للإجابات التي حصل عليها نتاج تفاعلهم مع العمل الفني، وبالعودة إلى المنهجية العلمية التي يتبعها في جّل سياقاته النقاشية حول الفنون والفلسفة والتراث الموسيقي، دائماً ما يعمد الفنان علي العبدان، إلى إبقاء مساحات التأويل مفتوحة، ما يسمح باستدامة البحث كعملية اكتشاف مستمرة، لا يمتلك فيها الأفراد حقيقة واحدة مطلقة، بل ما يميل إلى تسميته بالتأثير المتبادل بين الثقافات الإنسانية المتباينة في العالم، ما يجعلنا نلاحظ الكيفية التي يرى فيها الفنان المحلي محيط المجتمعات الفنية العالمية من حوله.
يذكر أن الفنان علي العبدان قدم كتاب «القرن الجديد، اتجاهات الفن التشكيلي في الإمارات بعد العام 2000». وهو بذلك يهدينا الصبغة الزمنية لتجربة الحركة التشكيلية ومفارقاتها ما بعد انتهاء فترة التسعينيات في مجتمع دولة الإمارات، ما يجعلنا نتأمل مسألة تُطرح دائماً في آلية وصف الحياة الثقافية والتحولات الاجتماعية، فهل الأعمال التشكيلية تعتبر محركاً رئيسياً للوعي العام، أم أنها نتيجة حتمية وصفة مصاحبة للمتغيرات المجتمعية؟ ومتى يمكن أن تحدث النقلة في أيّ مجتمع فني؟ ولذلك فإن الاطلاع على المسيرة التاريخية للمفاهيم الفكرية في الفنون المحلية وتطورها، لا تحقق لنا إدراكاً فنياً بذاته فقط، وإنما تُطلعنا بشكل بدهي على الأنماط الحياتية، التي حرص الفن على وضعها أمامنا في الفضاءات العامة، حتى نستشعر قوة تأثيرها في تشكيل أفكارنا ومعتقداتنا وسلوكياتنا العامة، وهي ذات المواجهة التي شرحها الفنان حسن شريف، في مشروعه الشهير، بكسر إطارات اللوحة الفنية (مجازياً) في الوعي المجتمعي، ووضع الأعمال الفنية على الأرض، وإعطاء الحق الكامل للمشاهد أن يتفاعل بكامل إرادته حتى وإن استفزه العمل، والاستفزاز هنا ردة فعل طبيعية تجاه النمطية والاعتياد والتكيف المفرط.
تطور تقنيات السرد
الاحتفاء بالكتابة في حياة الفنانين الإماراتيين، وإسهاماتهم في الحركة الفكرية والثقافية في الإمارات، هو بيان لتطور تقنيات السرد في مجتمعنا المحلي، تنتقل الحكاية من التجارب الحسية وتكشف عن ولادات صغيرة لأشكال بصرية لانهائية، من شأنها أن تبني مستقبل تجاربنا اليومية، منها عندما يتحدث الفنان ناصر نصر الله، عن رحلته الأولى في بداياته مع الفنان عبدالرحيم سالم إلى «بيت الشامسي»، وتلقيه الدورات الفنية من الفنان الإماراتي محمد كاظم، وتغني الفنان عبدالله السعدي بقصائده في دفتر الملاحظات اليومية، حيث يقول فيها: «أيها السّراح العظيم، غفت الأشجار ونام المزارعون، فتعال وأيقظهم فكفاهم شخيرٌ وكفاك رحيل، قد كنت بالأمس هنا، واليوم ذهبت إلى البعيد»، وتعود متسائلاً ألهذا يرسم السعدي كل تلك المناظر الطبيعية بأفقها الواسع الفسيح الممتد، ما يجعل موروث البيئة الطبيعية وإشاراته مصدراً رئيسياً لمكونات الحركة الفنية التشكيلية في الإمارات، مثلما هي قصيدة الشاعرة نجوم الغانم: «الفصول تتعاقب، والمدن تقترب من بعضها، حتى لا تكادُ تعرفُ ما الذي يجعلها مختلفة، المسافرُ توقفَ للحظةٍ، كانت السماء هي الوحيدة التي عرفها من كل ما رأى، وهي الآن أقلُّ زرقةً»؟ وفي نفس السياق، وثقت القيّمة الفنية د. نهى فرّان إشارة للفنان د. محمد يوسف بيانه «إن أهم بيئة لزرع الهوية هي أن تدخل عالم الفن من خلال معطياتك ودلالتك المحلية للوصول إلى العالمية، فاستخدمت أدوات وعناصر تعودت الناس أن تراها ضمن إطار معين، لكنني أنقلها من بيئتها الأصلية إلى بيئة جديدة، وهذا جوهر العمل الفني».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفن التشكيلي الفنون التشكيلية الاتحاد الثقافي الإمارات محمد يوسف حسن شريف العمل الفنی فی الإمارات الفنیة د من خلال
إقرأ أيضاً:
قفزة نوعية في سامسونغ وآيباد.. أدوات ذكية تعزز تجربتك اليومية!
يشهد عالم التكنولوجيا نقلة نوعية جديدة مع إطلاق سامسونغ لهاتفها الذكي Galaxy M36 الذي يجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي ومتانة استثنائية في هيكل صلب مقاوم للصدمات، إلى جانب سعر منافس يجعله لاعباً قوياً في سوق الهواتف المتوسطة، وفي الوقت نفسه، تقدم آبل تحديث iPadOS 26 الذي يعزز تجربة مستخدمي حواسب آيباد عبر مزايا متطورة تشمل تحكماً أفضل بنوافذ التطبيقات، ترجمة فورية بالذكاء الاصطناعي، وتصميمات جديدة تحاكي أنظمة macOS، ما يجعل الأجهزة اللوحية أكثر إنتاجية وابتكاراً.
سامسونغ تكشف عن هاتف Galaxy M36 الجديد.. قوة الذكاء الاصطناعي مع متانة لا تضاهى وسعر منافس!
دخلت سامسونغ سباق الهواتف الذكية بقوة عبر إطلاق هاتفها الأحدث Galaxy M36، الذي يحمل تقنيات متطورة وميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ليكون منافساً بارزاً في الأسواق.
ويتميز الهاتف بهيكل متين مقاوم للماء والغبار، قادر على تحمل الصدمات حتى عند السقوط من ارتفاع يصل إلى مترين، مما يجعله مثالياً للاستخدام اليومي الصعب، وشاشة Super AMOLED بحجم 6.7 بوصة ودقة عرض (2340×1080) بيكسل، وتردد 120 هيرتز، تقدم تجربة مشاهدة فائقة الجودة مع كثافة بيكسلات تبلغ 385 بيكسل لكل إنش، إضافة إلى حماية زجاج +Corning Gorilla Glass Victus القوي.
ويعمل Galaxy M36 بنظام أندرويد 15 مع واجهات One UI 7 الأحدث، مزود بمعالج Exynos 138 القوي، ومعالج رسوميات Mali-G68 MP5، مع خيارات للذاكرة العشوائية بين 6 و8 غيغابايت، وتخزين داخلي 128 أو 256 غيغابايت قابل للتوسيع عبر شرائح microSDXCK، ولا يقتصر الهاتف على الأداء فقط، بل يمتلك ميزات ذكاء اصطناعي متقدمة تساعد على تعديل الصور والنصوص وترجمة المحتوى المكتوب بسلاسة ودقة.
والكاميرا الخلفية ثلاثية العدسة بدقة (50+8+2) ميغابيكسل، تشمل عدسة macro وعدسة ultrawide لالتقاط تفاصيل دقيقة وزوايا واسعة، بينما الكاميرا الأمامية بدقة 13 ميغابيكسل قادرة على توثيق فيديوهات بدقة 4K بمعدل 30 إطاراً في الثانية، لتسجيل كل لحظة بجودة استثنائية.
ويدعم الهاتف شريحتي اتصال، منفذ USB Type-C 2.0، ماسح لبصمات الأصابع، بوصلة إلكترونية وأنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية، مع بطارية ضخمة بسعة 5000 ميلي أمبير تدعم الشحن السريع بقوة 25 واط، ما يضمن لك استمرارية استخدام طويلة دون انقطاع.
آبل تطلق iPadOS 26 بتحديثات ثورية لحواسب آيباد: تحكم أفضل، ترجمة فورية، وتجربة استخدام متطورة
أعلنت آبل مؤخراً عن نظام iPadOS 26 الذي يقدم دفعة نوعية لحواسب آيباد، مع ميزات جديدة تهدف إلى تحسين تجربة الاستخدام وتوفير أدوات أكثر عملية وذكاءً.
ومن أبرز ما جاء به النظام الجديد تحسين التحكم في أحجام وأشكال نوافذ تشغيل التطبيقات، حيث أصبح تعديل حجم النوافذ أكثر سلاسة وانسيابية، مما يمنح المستخدم حرية أكبر في تنظيم مساحة العمل.
وأصبحت ميزة “العرض السريع لسطح المكتب” المستوحاة من macOS متاحة أيضاً على آيباد، حيث يمكن للمستخدمين عبر النقر على جزء من الشاشة الرئيسية إخفاء كل النوافذ المفتوحة مؤقتاً، لترتيب التطبيقات على جوانب الشاشة، ثم استعادتها بسهولة بنقرة أخرى.
وشهد تطبيق الملفات (Files) تصميماً جديداً شبيهاً بإصدارات macOS، مع إمكانيات محسنة للتحكم في الملفات؛ إذ توسع المجلدات تلقائياً لإظهار محتوياتها، وأصبحت عملية اختيار التطبيقات الافتراضية لفتح الملفات أسهل من ذي قبل.
أيضاً، تطبيق Preview شهد تحديثاً ملحوظاً، فأصبح يشبه نظيره على حواسب ماك، مع دعم متكامل للكتابة باستخدام قلم Apple Pencil، ما يفتح آفاقاً جديدة للإبداع والتفاعل.
وأضاف النظام ميزة الترجمة الفورية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي من آبل، التي تتيح عرض الترجمة مباشرة أثناء المكالمات الصوتية أو مكالمات الفيديو، مما يسهل التواصل بين المستخدمين بلغات مختلفة دون انقطاع.
ومستقبلاً، سيحصل iPadOS على تحسينات تجعل نوافذ التطبيقات تظهر بشفافية وأسلوب مميز، إضافة إلى تطبيقات جديدة مثل Journal لتدوين الملاحظات والأفكار اليومية باستخدام القلم الذكي، وتطبيق Apple Games الذي يتيح متابعة تحديثات وأحداث الألعاب الإلكترونية بسهولة.