محمد بن حمد البادي
mohd.albadi1@moe.om
القراءة غذاءُ العقل والروح، ومنبعُ الأفكار؛ ومصنع العظماء، فقارئ اليوم قائد الغد، لأنّ القراءة تُعمق إحساس الشخص القارئ بالمسؤولية، وتعرفه بأهمية دوره في الحياة تجاه أمته ومجتمعه، وتفتح له آفاقًا جديدةً أكثر رحابةً واتساعًا، وكم غيّرت الكتب من طريقة تفكير الكثير من القراء نحو الأفضل، الأمر الذي انعكس على حياتهم اليومية، فغدوا أشخاصًا إيجابيين متفائلين بالغد، مرحين ومُرحبين بالحياة.
ونظرًا لما للقراءة من أهمية بالغة في تطوير الذات الإنسانية؛ وإدراكًا من مسؤولي المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة للدور الهام الذي تلعبه المسابقات في مجال النشاط المدرسي في تكوين شخصية الطالب؛ فإن المديرية مُتمثلة في دائرة الإشراف التربوي، قسم الإشراف الفني (وحدة مصادر التعلم) بادرت بإطلاق مسابقة نجم القراءة لأول مرة في العام الدراسي 2017/2018؛ لتستهدف طلبة مدارس الحلقة الأولى والثانية وما بعد الأساسي بالمحافظة، من أجل تشجيعهم على القراءة والاطلاع، مع إشراك الأسرة في تحفيز أبنائها على ذلك، على أن يتم تقييم الطلبة في نهاية الفترة المحددة للمسابقة وفق العديد من البنود أهمها: المعدل القرائي، التوثيق، التنوع في القراءات، التحدث ووضوح الصوت، مناقشة أسئلة عامة، وأيضًا ما يتميز به الطالب.
تقوم مسابقة نجم القراءة- التي وصلنا بها خلال العام الدراسي الحالي 2023/2024 إلى نسختها الخامسة- على رؤية مجتمع طلابي قارئ ومثقف ومبدع وواع بما يدور حوله. أمّا رسالتها؛ فهي نشر ثقافة القراءة والمطالعة بين طلبة مدارس تعليمية محافظة شمال الباطنة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام لإكساب الأجيال الواعدة فنون العلم والمعرفة والإبداع والابتكار والمحافظة على قيم المواطنة ومكتسبات الوطن ومقدراته.
حرصت المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة عند إطلاقها مسابقة نجم القراءة على تحقيق جملةً من الأهداف لعل أهمها بث روح المنافسة بين طلبة المدارس في مجال القراءة والتعلم الذاتي والإبداع والثقافة العامة، وأيضًا التأكيد على أهمية دور مراكز مصادر التعلم والمكتبات في مدارس المحافظة في العملية التعليمية التعلمية والتثقيفية وغرس القيم الحميدة في نفوس النشء ليكونوا مواطنين فاعلين في المجتمع، أضف إلى ذلك تشجيع الطلبة على اكتساب المعارف والعلوم والاطلاع على تجارب الأمم والشعوب والاستفادة منها، كما أنها سعت لتكوين الميول القرائية والاتجاهات العلمية لدى طلبة مدارس المحافظة لبناء جيل من القراء والمثقفين والمبدعين والكتاب والمفكرين مستقبلًا.
تقوم فكرة مبادرة نجم القراءة على غرس عادة القراءة لدى الطلبة من خلال تشجيعهم على ارتياد مركز مصادر التعلم، واستعارة الكتب لقراءتها على أن يتم التقييم حسب مؤشرات القراءة، وقدرة الطالب على استخراج بيانات الكتاب المقروء الذي تم استعارته من مركز مصادر التعلم، وفقًا لمعايير تساعده على صقل شخصيته ليكون من المثقفين البارزين في مجتمعه.
ويتعين على الطالب- أثناء مراحل التقييم- الإجابة على عدة أسئلة تقيس مدى المامه بما احتواه الكتاب من معلومات ومعارف، ثم يطلب منه كتابة ملخص مختصر لأهم المعلومات أو الأفكار الجديدة التي تعلمها من الكتاب، ثم يستنبط الفكرة العامة التي يتحدث عنها الكتاب، وبعدها يبدي رأيه في الكتاب بشكل عام، وأيضًا يقترح عنوانًا آخر للكتاب الذي قرأه.
ولمسابقة نجم القراءة شروط وأحكام؛ حيث توجد لكل فئة شروط خاصة بها، ويأتي بعد ذلك تقييم المسابقة ليتم في المرحلة الأولى ترشيح أميز قارئ على مستوى كل مدرسة، وتكون مسؤولية المتابعة على عاتق إدارة المدرسة بمشاركة مجلس أولياء الأمور. وفي المرحلة الثانية على مستوى كل ولاية يقوم مشرفو ومشرفات مصادر التعلم بتقييم الطلبة الذين تأهلوا من المرحلة الأولى، وإعلان الفائزين على مستوى مدارس الولاية، ليتأهل الفائزون بعدها إلى المرحلة الثالثة من مراحل التقييم، حيث سيكون التقييم على مستوى المحافظة الذي تختار فيه اللجنة الرئيسية أفضل ثلاثة قراء من كل مرحلة دراسية، ليتم تكريمهم ضمن فرسان مسابقة نجم القراءة لذلك العام الدراسي.
لقد أثبتت مبادرة نجم القراءة نجاعتها في تعزيز الميول القرائية لدى أبنائنا الطلبة، وساعدت بشكل كبير في زيادة معدلات القراءة في جميع مدارس المحافظة، وبالتالي زاد عدد المترددين على مراكز مصادر التعلم بشكل لافت للنظر.
كما ساهمت مسابقة نجم القراءة بصورة فعّالة في تنمية القدرات الفكرية واللغوية والتعبيرية لدى الطلبة؛ وعززت لديهم مهارات التواصل والمناقشة والتحليل والنقد البناء وإبداء الرأي وحل المشكلات، وفتحت مداركهم على أن التعليم لا ينحصر فقط في الكتب والمناهج المدرسية، بل أن للأنشطة والمسابقات المدرسية نصيب بارز في صقل مواهبهم وتطوير إمكاناتهم وقدراتهم في شتى المجالات.
إن المسابقات في مجال النشاط المدرسي تكتسب أهمية خاصة لما لها من دور بارز في استنهاض همم الطلبة وشحذها، كما تعتبر لوناً من ألوان تنمية القدرات وبناء الثقة بالنفس لما تعطيه من فرص ذهبية لكي يختار المشارك فيها ما يوافق قدراته ويشبع ميوله ورغباته المعرفية، ويواكب مداركه واستعداده الشخصي، فمع تقدمه في العمر عامًا تلو آخر يشعر بأن مواهبه أصبحت أكثر نماءً؛ ومهاراته العقلية والعلمية تطورت بشكل لافت.
لذلك- ومن خلال هذا المقال- نُشجِّع الطلبة في مختلف المراحل الدراسية في مدارس محافظة شمال الباطنة على المشاركة في هذه المسابقة بشكل خاص وفي جميع الأنشطة التربوية بشكل عام، وأن يقوم أولياء أمور الطلبة بدورهم الإيجابي في تشجيع أبنائهم على ارتياد مراكز مصادر التعلم في مدارسهم خلال أوقات الراحة.
ونتمنى أن تتبنى وزارة التربية والتعليم هذه المسابقة "مسابقة نجم القراءة" وأن توجد لها دعمًا ماديًا ومعنويًا يليق بالأهداف الكبيرة التي تحققها على أرض الواقع، وأن تُعمَّم على كافة محافظات السلطنة؛ لتستفيد من التجربة الناجحة لمحافظة شمال الباطنة في هذا المجال.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ببرامج وأفكار جديدة.. شمال الباطنة تستعد لانطلاق المراكز الصيفية
صحار- خالد بن علي الخوالدي
ترأس سعادة محمد بن سليمان الكندي محافظ شمال الباطنة، أمس، الاجتماع التحضيري للمراكز الصيفية بالمحافظة، بحضور أصحاب السعادة ولاة ولايات المحافظة، وعدد من مديري العموم ومديري المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية.
وفي بداية الاجتماع، أكد سعادة المحافظ ضرورة التكاتف والتعاون بين جميع المؤسسات لاستغلال أوقات الطلبة فيما ينفعهم ويعود لهم بالخير في الإجازة الصيفية الطويلة، قائلًا: "هناك الكثير من الإغراءات الأخرى التي يمكن أن تجذبهم وأكثرها سلبية للأسف الشديد، لذا فإن المحافظة على الأبناء هي مسؤولية مشتركة بين جميع المؤسسات، بدءًا من الأسرة والمسجد والمدرسة والمجتمع، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية وجميع مؤسسات المجتمع المدني".
وقدم الدكتور عبدالله بن سعيد البوسعيدي رئيس اللجنة التنفيذية للمراكز الصيفية بمحافظة شمال الباطنة، عرضًا عن إنجازات العام الماضي، مبينا: "تأتي النسخة الثالثة لبرامج المراكز الصيفية بمحافظة شمال الباطنة لعام 2025 بفكر وتجهيزات جديدة، تواكب متطلبات سوق العمل وتحقق رؤية عُمان 2040، وتشهد المراكز الصيفية في شمال الباطنة مشاركة مجتمعية واسعة من مختلف الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، لتشمل جميع ولايات المحافظة وقراها ومناطقها الساحلية والجبلية تحت شعار (صيفنا.. ريادة وإبداع)". وأضاف البوسعيدي أن الإحصائيات العامة للمراكز الصيفية لعام 2024 تشير إلى مشاركة ما يقرب من 35 ألف طالب وطالبة؛ إذ بلغ عدد المراكز الصيفية حوالي 572 مركزًا في ولايات المحافظة، كما بلغ عدد المتطوعين 3500 متطوع، وعدد المدربين المتخصصين 52 مدربًا، مع تقديم 107 برامج وأنشطة متنوعة.
وتابع قائلا: "ستتم إضافة جهات جديدة إلى جانب المؤسسات التي شاركت العام الماضي، مثل طلبة مراكز الوفاء الاجتماعي، وجمعيات المرأة العمانية، والأندية الرياضية، والقطاع العسكري، والمتحف الوطني، كما سيتم تنفيذ رحلات خارجية مثل: دار الأوبرا، ومتحف عُمان عبر الزمان، والمتحف الوطني، ومدينة سندان، وسنفتح المجال لمشاركة المدارس الخاصة والمبادرات الفردية من أفراد ومؤسسات صغيرة، كما تم التأكيد على تطوير نظام الحزم لتنفيذ البرامج، مع التركيز على البرامج النوعية ومتطلبات سوق العمل". وفيما يتعلق بالمشاركات الدولية، أوضح أنه تم "ذكر زيارة اليابان والمملكة العربية السعودية، كما تم تفعيل منصة التدريب والتأهيل لطلبة مؤسسات التعليم العالي".