أكاديميون ومحللون: تبادل المحتجزين إنجاز جديد للدبلوماسية القطرية
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
أجمع أكاديميون ومحللون سياسيون على أن نجاح الوساطة القطرية في إتمام اتفاق تبادل المحتجزين بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية، يعكس الثقة الكبيرة التي تحظى بها دولة قطر في المنطقة والعالم، وينم عن إمكانياتها الدبلوماسية وعلاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف في الساحة الدولية.
وأكدوا، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، على أن هذه الوساطة الناجحة التي شهدها العالم أمس الأول تعد إنجازا جديدا للدبلوماسية القطرية التي سجلت نجاحات كثيرة في العديد من الملفات، منوهين في هذا السياق إلى أن الدوحة تمتلك الكثير من عناصر القوة الناعمة لمعالجة الكثير من الملفات الشائكة في المنطقة.
وقال الدكتور محمد المسفر المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، إن هذا الإنجاز الذي حققته الدبلوماسية القطرية ليس الأول من نوعه، فقد نجحت دولة قطر في الكثير من الملفات من لبنان إلى السودان إلى أفغانستان وتشاد ودول أخرى في مؤشر على قدرة وحنكة دبلوماسية عالية.
وأشار إلى أن «إطلاق المحتجزين ليس هو الأول من نوعه فقد سبق لها أن قامت وساهمت في الكثير من الملفات المشابهة. ونحن اليوم نشهد الإفراج عن أشخاص محتجزين وأموال مجمدة مما يضفي معنى كبيرا لهذه الوساطة الناجحة».
وتابع «هذا النجاح يضاف إلى الرصيد القطري في مجال الوساطات، ويشجع على المزيد من الجهود، ولا أستبعد أن يطلب من دولة قطر القيام بوساطات لإنجاز تفاهمات ومعالجة ملفات شائكة وأزمات أخرى في المنطقة العربية والعالم الإسلامي».
من جانبه لفت الدكتور أحمد محمد غيث الكواري، الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن نجاح دولة قطر في هذا الملف هو استمرار لجهودها المتواصلة في تعزيز أمن المنطقة عبر الوساطة بحنكة دبلوماسية يشهد بها المجتمع الدولي برمته.
وقال إن حرص دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على إقامة علاقات متوازنة مع دول الإقليم والعالم، انعكس على أدوارها في الوساطة لحلحلة الكثير من الملفات الشائكة، مضيفا «قطر بقيادتها الحكيمة نجحت في تسخير جميع أدواتها وإمكانياتها الدبلوماسية لتعزيز السلام والأمن في العالم حتى غدت اليوم منبرا للسلام العالمي ومحل إشادة وثناء المجتمع الدولي».
بدوره قال الدكتور بكيل الزنداني أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، إن نجاح الوساطة القطرية في هذا الملف هو رصيد جديد للدبلوماسية القطرية، وتأكيد على مدى قدرة دولة قطر على توظيف القوة الناعمة في معالجة الكثير من الملفات الشائكة. وأضاف «دأبت دولة قطر منذ أكثر من ربع قرن على توظيف دبلوماسيتها وقوتها الناعمة في معالجة الكثير من الأزمات. وجهودها الناجحة في إتمام اتفاق تبادل المحتجزين بين إيران والولايات المتحدة هو استمرار لهذا النهج».
وتابع «هذا مؤشر جديد على أن قطر قادرة على الاضطلاع بأدوار في ملفات أخرى معقدة، وأن لديها ما يؤهلها للقيام بذلك. فقدرات الدول تقاس بنجاح سياساتها واستراتيجياتها وأدوارها على مختلف الأصعدة وهذا ما يشهد به العالم لدولة قطر وما تؤكده الأحداث الراهنة».
ويؤكد الدكتور الزنداني ما ذهب إليه الدكتور المسفر أن الوساطة القطرية تتسم بالشفافية المطلقة والحياد التام «فقطر لا تتحيز لطرف وتقف على مسافة واحدة من الجميع، وتعمل بصبر وثبات وجهد مخلص، وتوظف علاقاتها مع الإقليم والعالم في هذه الملفات بغية تحقيق النجاح المطلوب».
وفسر الدكتور أحمد قاسم حسين الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مدير تحرير دورية «سياسات عربية»، هذا النجاح القطري بالقول «دولة قطر تعد واحدة من أهم الدول الفاعلة في النظام الدولي في توظيف الدبلوماسية الوقائية والوساطة والمساعي الحميدة كأداة في تسوية المنازعات الإقليمية والدولية».
وقال السيد خالد وليد محمود، الكاتب والمحلل السياسي الأردني، إن صفقة تبادل السجناء بين طهران وواشنطن وتحويل أرصدة إيرانية مجمدة ما كانت لتتم بهذه السرعة والسهولة لولا الدبلوماسية الفاعلة لدولة قطر لحل النزاعات وتحقيق السلم والاستقرار في العالم.
وأضاف «لطالما أظهرت الدوحة التزاما قويا بالمفاوضات والحوار كوسيلة لتجنب التصعيد والتوترات الدولية، وهي تسعى دوما إلى تحقيق حلول سلمية للأزمات الإقليمية والدولية».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر الوساطة القطرية إيران الولايات المتحدة الأمريكية دولة قطر
إقرأ أيضاً:
هل تنجح تشكيلة الحكومة السودانية بالتعامل مع الملفات الساخنة؟
الخرطوم- بعد نحو شهرين منذ تعيينه رئيسا للوزراء في السودان، اقترب كامل إدريس من استكمال تشكيل حكومته بشكل متدرج عبر 5 مجموعات، وبات الشعب ينتظر أفعالا سريعة تغير واقعه المعقد، بعد أكثر من 27 شهرا من اندلاع القتال في بلاده، مما يضع إدريس فوق صفيح ساخن حسب مراقبين.
وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي أعلن كامل إدريس عن هيكل "حكومة الأمل" المكون من 22 وزارة، بعدما حل الحكومة المكلفة منذ يناير/كانون الثاني 2022، مع استحداث هيئة للشفافية والنزاهة لمكافحة الفساد، وتعهد بالتقشف والعدل والتسامح ومحاربة التطرف.
وخلال نحو شهرين عين إدريس 20 وزيرا ، آخرهم 5 وزراء لشؤون مجلس الوزراء، والطاقة، والتحول الرقمي والاتصالات، والتعليم والتربية الوطنية، والشباب والرياضة، كما شملت هذه المجموعة لأول مرة وزراء دولة للخارجية، والمالية، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وبينما غاب 6 وزراء عن مراسم أداء اليمين الدستورية، يستمر الغموض حول غياب وزير الزراعة والثروة الحيوانية أحمد التجاني المنصوري بعد أسابيع من تعيينه ونفيه اعتذاره عن الوزارة، وكذلك غاب وزير الصحة المعز عمر بخيت، الذي أصيب بكسر بقدمه في مقر إقامته في البحرين وانتقل إلى بريطانيا للعلاج المتوقع أن يستمر شهورا.
لا تزال وزارتا الخارجية والبيئة والاستدامة شاغرتين، وسط أحاديث رائجة عن أن إدريس سيتولى حقيبة الخارجية مؤقتا إلى جانب رئاسة الوزراء، مما أثار تساؤلات في منصات ومواقع التواصل الاجتماعي حول دوافع ذلك، في ظل ظروف تستدعي تسمية وزير خارجية لمجابهة ظروف معقدة تواجه السودان دوليا.
ومن أبرز الملاحظات على تشكيلة الحكومة عودة 5 وزراء إلى مواقعهم، وهم وزراء المال جبريل إبراهيم، والإعلام والثقافة خالد الإعيسر، والحكم الاتحادي محمد كورتكيلا، والصناعة والتجارة محاسن يعقوب، والتعليم والتربية الوطنية التهامي الزين حجر، الذي أمضى في موقعه أقل من شهر قبل إقالته بحل الحكومة.
إعلانوفي خطوة لافتة، شملت المجموعة الوزارية الأخيرة تعيين لمياء عبد الغفار وزيرة لشؤون مجلس الوزراء، وذلك لأول مرة تاريخيا، وبذلك يرتفع عدد النساء في الحكومة إلى 3، وهو أقل تمثيل نسائي في الحكومة خلال عقود خلت.
ومن الملاحظات البارزة أيضا عودة السفير عمر صديق إلى وزارته في منصب وزير دولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، بعد أن شغل منصب الوزير لفترة قصيرة امتدت من أواخر أبريل/نيسان وحتى نهاية مايو/أيار الماضيين.
وقد تعاقب على الوزارة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، 7 وزراء، 4 منهم خلال فترة الحرب الحالية.
ورغم أن رئيس الوزراء، قال في أول خطاب له إن "الشباب يمثلون 65% من الأمة" لم تضم الحكومة الجديدة سوى وزير شاب واحد، هو المهندس أحمد الدرديري غندور وزيرا للتحول الرقمي والاتصالات، وهو الذي تخرج في الجامعة عام 2004، حيث انتقد شباب ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ضعف تمثيلهم وعدم مراعاة تركيبة المجتمع السوداني.
هشاشة سياسية
يوضح المحلل السياسي فيصل عبد الكريم، أن حكومة إدريس تواجه ملفات شائكة من حيث:
هشاشة المجموعات السياسية التي تدعمها، وظهر ذلك خلال مشاورات تشكيل الحكومة، مما يشير إلى تباين مواقف القوى المساندة للجيش التي تشعر بأن رئيس الوزراء لم يمنحها الاهتمام الكافي. إلى جانب الاستقطاب والانقسام السياسي، الأمر الذي يضعف الدعم السياسي للحكومة ويعطل جهود أي عملية سياسية لإنهاء الأزمة في البلاد.ووفقا لحديث المحلل للجزيرة نت فإن ثمة شكوكا حول التزام المكون العسكري تعهده بعدم التدخل في مهام واختصاصات رئيس مجلس الوزراء، حيث لم تغب أصابعهم عن مشاورات تشكيل الحكومة، ومن الصعب كذلك الحصول على دعم خارجي في ظل استمرار الحرب في أجزاء من البلاد وتقاطع الأجندة الإقليمية بشأنها، الأمر الذي يضع الحكومة أمام امتحان قاس.
وفي الشأن ذاته يعتقد خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمنية عامر حسن، أن أمام الحكومة تحديات داخلية بالإضافة للخارجية، أبرزها:
تشغيل الجهاز التنفيذي والمؤسسات الخدمية لتحسين حياة المواطنين وتخفيف الأعباء التي فرضتها الحرب. استغلال موارد السودان ومقدراته الكبيرة لتغيير حياة المواطنين.وتحتاج الحكومة كما يقول الخبير للجزيرة نت إلى رؤية اقتصادية فاعلة تعيد البنية التحتية والقطاع الصناعي الذي تدمر، وتتجاوز مهام الوزارات الداخلية نحو الشؤون الخارجية، حيث لم يعد المجتمع الدولي والإقليمي مهتما بالسودان، حتى صار الإعلام يعدها "حربا منسية"، وهو ما انعكس على المساهمات في المساعدات الإنسانية وجعلها محدودة وبلا أثر.
يقول الخبير الاقتصادي محمد الناير للجزيرة نت، إن تشغيل دولاب العمل في الدولة واستعادة الخدمات -وخاصة الكهرباء- بعد دمار محطات التوليد والشبكات الناقلة يُعد من أهم الملفات، لأن الكهرباء هي محرك الإنتاج، إلى جانب تأهيل القطاع الزراعي وبناء القطاع الصناعي الذي تأثر بنسبة 80%، وإعادة توزيعه على الولايات بعدما كان مركّزا في العاصمة.
إعلانويعتقد الناير أن رئيس الوزراء يحتاج إلى:
تفعيل مجلس الوزراء وربط وزرائه مع الولايات. امتلاك الجرأة في اتخاذ قرارات تتعلق بالاتجاه شرقا وبناء شراكات اقتصادية والانضمام إلى مجموعة "بريكس". وقف تهريب الذهب والتحول من التعدين التقليدي للمنظم، لتحقيق استقرار اقتصادي والدخول في استثمارات كبيرة.من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم شقلاوي، أن اكتمال تشكيل الحكومة الذي تأخر نتيجة تعقيدات التوازنات السياسية والمجتمعية، يعكس محاولات جادة لإعادة هيكلة الدولة وإعادة ثقة السودانيين في مؤسساتهم.
وتحدث الكاتب للجزيرة نت عن آمال معقودة على قدرة الحكومة أن تتجاوز الأزمات التي تواجه السودان، حيث إنها صارت أمام اختبار حقيقي لفعالية الكفاءات التي تم اختيارها في تحويل الإرادة السياسية إلى نتائج ملموسة على الأرض، وقدرتها على بناء مؤسسات فاعلة، إلى جانب استعادة الثقة الشعبية، وإرساء أسس دولة العدالة والتنمية والسلام.