وجه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، انتقادات جديدة لعمل الأمم المتحدة، مشيرا، الأربعاء، إلى أنه طالما أن لروسيا حق النقض (الفيتو)، فإن مجلس الأمن الدولي سيظل عاجزا عن فعل أي شيء لوقف الحرب في بلاده، أو أي صراع آخر.

ودعا زيلينسكي الأمم المتحدة إلى تجريد روسيا من حق النقض في مجلس الأمن، قائلا إنه "إصلاح جوهري" من شأنه أن يعزز في الوقت نفسه تمثيل العالم النامي، حيث كان الدعم لأوكرانيا فاترا،  في الأمم المتحدة، بحسب تعبيره.

 

وقال إن "وجود حق النقض في أيدي المعتدي هو ما دفع الأمم المتحدة إلى طريق مسدود.. من المستحيل إنهاء الحرب لأن كل الجهود يعترضها المعتدي أو أولئك الذين يتغاضون عن المعتدي".

وكرر الموقف الأوكراني بأن حق النقض كان يخص الاتحاد السوفياتي، أحد المنتصرين في الحرب العالمية الثانية التي أنشئت بعدها الأمم المتحدة، وليس روسيا في عهد الرئيس، فلاديمير بوتين.

بالمقابل، رد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على دعوات زيلينسكي حرمان موسكو من الفيتو، قائلا إن  حق النقض الذي تتمتع به روسيا في مجلس الأمن الدولي أداة قانونية "مشروعة" ممنوحة للأعضاء الخمسة الدائمين في هذه الهيئة.

وأوضح لافروف أمام مجلس الأمن، الأربعاء، أن "استخدام حق النقض أداة مشروعة ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة".

"الفيتو.. جدل متواصل"

يعد الفيتو حقا مكفولا للدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن  (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين)، ويسمح لها بالاعتراض على أي قرار أو إجراء يتم اقتراحه في المجلس.

ويثير تمتع تلك الدول بهذا الحق دون غيرها، جدلا متواصلا منذ سنوات، حيث حذرت بعض الدول من  أن التعسّف في استخدامه بحالات عديدة ساهم في النيل من مصداقية عملية اتخاذ القرار في مجلس الأمن، وأدى في بعض الحالات إلى عجز مجلس الأمن عن الاضطلاع بمسؤولياته.

وأشار مقال نشر بمجلة "ذا كونفرسيشن"، إلى أنه في كل مرة تتورط فيها إحدى الدول الخمس في حروب أو عدوان، تتصاعد الأصوات التي تدين عجز الأمم المتحدة وفشلها في وقف الصراعات والأزمات الدولية.

وأوضحت المجلة أنه في الآونة الأخيرة، تم التركيز على الحرب الروسية في أوكرانيا، موضحة أن الجزء الأساسي وراء هذه الانتقادات يعود إلى أن هؤلاء الأعضاء يتمتعون بحق الفيتو، ما يقف دون اتخاذ الأمم المتحدة لأي إجراء ضدهم عندما يتورطون في انتهاكات أو يرتكبون أي مخالفات.

وأبرزت المجلة أن تمتع روسيا بحق النقض حال، مثلا، دون طردها من هيئة الأمم المتحدة، كما طالبت أوكرانيا بذلك مرارا وتكرارا بعد الغزو الذي شنته موسكو، حيث أشارت إلى أن تعليق أو طرد أي عضو من الأمم المتحدة يتطلب تحركا من مجلس الأمن.

وفيما ذكر المقال أن الانتقادات التي ترافق قدرة الدول الخمس على منع الأمم المتحدة من التحرك ضدها، تعتبر معقولة، اعتبر أنها بالمقابل لا تمثل فشلا للأمم المتحدة نفسها، بل هو سمة متأصلة في نظام المنظمة بأكمله منذ إنشائها.

مهام مجلس الأمن

تم تأسيس مجلس الأمن في عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، ويمثل الهيئة التي عهدت إليها الأمم المتحدة الاضطلاع بالمهمة الرئيسة في حفظ السلام والأمن الدوليين. 

ويضم المجلس التابع للأمم المتحدة بموجب ميثاق الأمم المتحدة الدول الخمس، إضافة إلى عشرة بلدان أعضاء تنتخبها الجمعية العامة للأمم المتحدة لولاية مدتها سنتين.

ويقر مجلس الأمن قرارات وهي نصوص ملزمة قانونا تُفرض على جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة عملا بميثاق الأمم المتحدة.

ومن سلطات المجلس الأممي أن يوصي مثلا باتباع إجراءات أو طرائق لحل المنازعات سلميا، وأن يجيز استخدام القوة، وأن ينشئ عملية لحفظ السلام، وأن يضع نظاما للجزاءات، وأن يُنشئ محاكم جنائية دولية، وأن يوسّع نطاق صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية.

وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، يضطلع مجلس الأمن بعدد من المهام والسلطات، من بينها: المحافظة على السلام والأمن الدوليين، وفقا لمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها، والتحقيق في أي نزاع أو حالة قد تفضي إلى خلاف دولي، وتقديم توصيات بشأن تسوية تلك المنازعات أو بشأن شروط التسوية، ووضع خطط لإنشاء نظام لتظيم التسلح.

بالإضافة إلى تحديد أي خطر يتهدد السلام أو أي عمل عدواني، وتقديم توصيات بالإجراءات التي ينبغي اتخاذها، علاوة على دعوة جميع الأعضاء إلى تطبيق الجزاءات الاقتصادية وغيرها من التدابير التي لا تستتبع استخدام القوة للحيلولة دون العدوان أو وقفه.

ومن بين مهامه الأخرى، اتخاذ إجراءات عسكرية ضد المعتدي، والاضطلاع بمهام الأمم المتحدة للوصاية في "المواقع الاستراتيجية".

طرق التحرك

عادة، لا يتحرك مجلس الأمن من أجل إصدار قرارات ملزمة، إلا عندما يتم اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بصون السلم والأمن الدوليين.

وبحسب المادة 31 من الفصل السابع، يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.

وتنص المادة 41 أنه لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.

فيما تنص المادة 42، أنه إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. 

غير أن إصدار أي قرارات مماثلة في الحالات التي يسجل فيها عدوان أو انتهاك دولي،  يستدعي الحصول على موافقة تسعة أعضاء على الأقل في المجلس، ومن المهم ألا يكون هناك صوت معارض من طرف أي من الدول الخمس، وهذا ما يقصد بسلطة النقض (الفيتو) للدول الخمس.

هل يمكن تجريد عضو من حق الفيتو؟

إذا كان وجود حق النقض يمنع اتخاذ مجلس الأمن أي إجراءات ضد الغزو الروسي على أوكرانيا مثلا (أو ضد أي دولة أخرى من الدول الخمس الدائمة العضوية عندما تنخرط في سلوك مماثل)، فلماذا لا يتم تعديل استعمال حق النقض؟

تستدعي هذه الخطوة أولا، تعديل قوانين مجلس الأمن والذي يتطلب بدوره قرارا من الجمعية العامة يوافق عليه ثلثا الأعضاء، ومن بينهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن.

ويشير مقال "ذا كونفيرسيشن" إلى أن واضعي ميثاق الأمم المتحدة جعلوا خطوات الإصلاح أمرا في غاية الصعوبة، حيث أن للدول الخمس الدائمة العضوية الحق أيضا في الاعتراض على أي إصلاحات مقترحة لهيكل الأمم المتحدة.

ويعني هذا في جوهره أن إصلاح ميثاق الأمم المتحدة " لا يمكن طرحه على الطاولة"، لأن الدول الخمس الدائمة العضوية سيكون بمقدورها استخدام النقض (الفيتو) ضد أي خطوات أو إجراءات نحو تجريد هذا الحق منها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: میثاق الأمم المتحدة والأمن الدولی فی مجلس الأمن الأمن الدولی الدول الخمس من الدول حق النقض إلى أن

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يندد بصمت الولايات المتحدة بعد الهجوم الروسي بالطائرات المسيرة والصواريخ

مايو 25, 2025آخر تحديث: مايو 25, 2025

المستقلة/- انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأحد الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لصمتهما إزاء ما وصفه المسؤولون الأوكرانيون بأنه أكبر هجوم جوي على البلاد منذ بدء الحرب.

شنت القوات الروسية قصفًا جويًا مكثفًا ليلة السبت، حيث استهدفت 367 طائرة مسيرة وصاروخًا أكثر من 30 مدينة وقرية في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك العاصمة كييف. وقُتل ما لا يقل عن 12 شخصًا، وفقًا للمسؤولين، بينهم ثلاثة أطفال في منطقة جيتومير الشمالية.

وكتب زيلينسكي على تيليجرام: “صمت أمريكا، وصمت الآخرين في العالم فقط يُشجع بوتين”. وأضاف: “كل ضربة إرهابية روسية من هذا القبيل تُعدّ سببًا كافيًا لفرض عقوبات جديدة على روسيا”.

جاءت الغارة الجوية الضخمة يوم السبت في أعقاب هجوم بطائرة مسيرة يوم الجمعة أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وتزامنت أيضًا مع اليوم الأخير من عملية تبادل أسرى واسعة النطاق بين أوكرانيا وروسيا.

في غضون ذلك، لا تزال هناك حالة من الإحباط إزاء تحول السياسة الأمريكية في الوقت الذي تسعى فيه أوكرانيا وحلفاؤها إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

دعا الرئيس دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب، لكن إدارته اتخذت موقفًا أكثر ليونة تجاه روسيا مقارنةً بالإدارة السابقة، محوّلةً السياسة الأمريكية من دعم أوكرانيا إلى قبول بعض الروايات الروسية عن الحرب.

يُمثّل هذا النهج انحرافًا حادًا عن الدعم الكامل الذي حظيت به أوكرانيا من واشنطن في عهد الرئيس جو بايدن.

في حين دفعت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون باتجاه وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا كخطوة نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، عانت هذه الجهود من انتكاسة الأسبوع الماضي عندما رفض ترامب فرض عقوبات إضافية على موسكو لعدم موافقتها على وقف فوري للقتال.

يوم الاثنين، أجرى ترامب مكالمة هاتفية لمدة ساعتين مع بوتين، بدا خلالها أنه تخلى عن إصراره السابق على هدنة لمدة 30 يومًا، وأشار إلى أنه قد ينسحب تمامًا من المفاوضات لإنهاء حرب وعد سابقًا بإنهائها في “اليوم الأول” من ولايته الرئاسية الثانية.

في تحرك مستقل عن واشنطن، أعلن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة الأسبوع الماضي عن جولة جديدة من العقوبات تستهدف ما يُسمى بـ”أسطول الظل” الروسي – وهو ما يقرب من 200 سفينة تُستخدم لنقل صادرات النفط الروسية عالميًا.

وأعلن الاتحاد الأوروبي أن هذه هي الدفعة السابعة عشرة من العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا منذ غزوها جارتها عام 2022.

وفي واشنطن، صرّح وزير الخارجية ماركو روبيو للمشرعين بأن الإدارة ستواصل الدفع بمشروع قانون قائم قد يفرض رسومًا جمركية بنسبة 500% على مشتري النفط والغاز الروسيين إذا لم يُحرز تقدم في اتفاق سلام.

لكنه أضاف أن ترامب “يعتقد أنه بمجرد البدء بالتهديد بفرض عقوبات، سيتوقف الروس عن الحديث، وهناك قيمة في قدرتنا على الحديث ودفعهم للجلوس إلى طاولة المفاوضات”.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يندد بصمت الولايات المتحدة بعد الهجوم الروسي بالطائرات المسيرة والصواريخ
  • الأمم المتحدة: أكثر من 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي
  • زيلينسكي يدعو لفرض مزيد من العقوبات على روسيا بعد هجوم هائل
  • محمد ممدوح: تولي ياسمين فؤاد منصبا بالأمم المتحدة تتويج لمسيرة مصرية مشرّفة
  • الأمم المتحدة: السوريون يواجهون خطر الموت وسط انعدام الأمن وأزمة الرعاية الصحية
  • زيلينسكي: تبادل الاسرى مع روسيا قد يستمر لمدة يومين
  • روسيا تستضيف الاجتماع الدولي الـ13 لكبار مسؤولي الأمن بمشاركة ممثلين من أكثر من 150 دولة
  • لجنة التقنيات والعمليات السيبرانية بمجلس وزراء الأمن العرب تعقد اجتماعها الأول
  • مجلس الوزراء يهنئ وزيرة البيئة بتعيينها أمينة تنفيذية جديدة لـ "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر"
  • نيبينزيا: روسيا تدعو إلى التحقيق في تقرير الأمم المتحدة حول وضع المدنيين في أوكرانيا