ربما أخطأ المحللون الذين يصفون الرئيس الأمريكي ترامب بأنه متقلب المزاج لا يؤتمن جانبه ولا يُتوقع فعله ورد فعله، إذ أثبتت أفعاله، وسيره فيها لا يلوي على شيء، بأن عقلية رجل الأعمال الساعي للربح ما فارقته ولا ساعة !!
فقد نشرت كل من إذاعة ألمانيا ومجلة رجال المال والأعمال النيجيرية مقالاً حول دعوته خمسة رؤساء أفارقة هذا الأسبوع (ربما اليوم أو غداً) لزيارة واشنطن، لكن اختياره للدول الخمس أثار لغطاً في دول غرب أفريقيا – رغم أنه ما فارق الدرب الذي اختطه منذ الفترة الرئاسية الأولى، وعززه في الثانية هذه.


لقد تفادى ترامب دعوة أغلب القوى الاقتصادية في المنطقة الغربية من أفريقيا وفضل عليها الدول الصغيرة مساحة وسكاناً لكنها الأغنى في الموارد التي لم تستغل، وهو بهذا يطبق سياسته الراتبة أن (أمريكا أولاً) وأن ما يدفعه لأي خطوة هو جلب المصالح والمال لدولته مثلما فعل في الخليج وفي أوكرانيا وتجاه إيران وفي أميركا الجنوبية ونحو كندا ومع أوروبا قاطبة .

وتشير “دوتش فيلا” الألمانية أن الرئيس الأمريكي دعا قادة الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال إلى واشنطن هذا الأسبوع، وأن جدول الأعمال وفقا للخبراء “يتضمن أكثر من مجرد فرص تجارية”.

تقول إينيس بول، مراسلة دوتش فيلا في واشنطن: “مسؤول في البيت الأبيض أوضح الأسبوع الماضي أن الرئيس ترامب يعتقد أن الدول الأفريقية توفر فرصاً تجارية هائلة تعود بالنفع على الشعب الأمريكي وشركائنا الأفارقة”.

في تحديث آخر لكلامه، سلّط ترامب الضوء على الإمكانات التجارية الهائلة للدول الأفريقية، مشيرًا إلى أن تقوية العلاقات الاقتصادية معها قد تعود بالنفع على الطرفين. ونبهت إلى أن ذلك يتزامن مع خفض إدارته المساعدات الخارجية الأمريكية لأفريقيا، معتبرةً إياها “تبذيّرا ولا يتوافق مع أجندته “أمريكا أولاً”. وبدلاً من ذلك، تحول التركيز نحو التجارة والاستثمار، لا سيما في قطاع المعادن الحيوي في غرب أفريقيا والأمن الإقليمي.

لماذا هذه الدول الخمس؟
وتقول المؤسسة الألمانية، يبدو أن نهج ترامب تجاه أفريقيا قد تطور منذ ولايته الأولى. فخلال اجتماع في البيت الأبيض في 10 يناير 2018، وصف ترامب هايتي وعدة دول أفريقية بأنهم “حثالة”.
لكن بروفيسور سليمان بشير ديان، السنغالي، المُدرّس والباحث في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك يقول “نعم نتذكر تلك الكلمات القاسية، لكن الأمور تغيرت. أصبحت أفريقيا الآن محور اهتمام إدارة ترامب. تُعتبر القارة مكانًا مثاليًا لعقد الصفقات” الاقتصادية.

ولكن إذا كانت أجندة ترامب تُركّز حقًا على الصفقات و”أمريكا أولًا”، فلماذا دعوة رؤساء هذه الاقتصادات الخمسة الصغيرة نسبيًا؟ يقول ديان: “إنه أمر مُفاجئ. قد يتوقع المرء أن يكون هناك رؤساء دول مُعتادون – اقتصادات كبيرة مثل جنوب أفريقيا أو نيجيريا. لكن بدلًا من ذلك، لدينا هذه الدول الخمس، وهو أمر لم يتوقعه الكثيرون”.

ما الدور الذي تلعبه الموارد الطبيعية؟
من حيث حجم التجارة مع الولايات المتحدة، تُعدّ الدول الخمس لاعبين ثانويين نسبيًا. ومع ذلك، تمتلك جميعها موارد طبيعية هائلة غير مستغلة:
– فالغابون غنية بالنفط والمنغنيز واليورانيوم وخام الحديد والذهب وعناصر الأرض النادرة.
– وتمتلك غينيا بيساو رواسب ضخمة من الفوسفات والـ”بوكسيت” والنفط والغاز والذهب.
– وتمتلك ليبيريا احتياطيات كبيرة من المنغنيز والذهب، وقد عُثر حديثا على الماس بالقرب من حدودها مع سيراليون.
– تتمتع موريتانيا بثروة من خام الحديد والذهب والنحاس والنفط والغاز الطبيعي وعناصر الرمل النادر (ولا يحقرن أحد بالرمل والتراب بعد اليوم في قولهم رخيص بتراب الأرض وما دروا أن تراب الرمل (REEs) من العناصر الأرضية تستخدم في طيف واسع من التقنيات والصناعات، بما في ذلك الأجهزة عالية التقنية، والمغناطيسات، والبطاريات، والمحفزات، وغيرها. وهي مكونات أساسية في العديد من التقنيات الشائعة، من الهواتف الذكية ومصابيح LED إلى السيارات الهجينة وتوربينات الرياح.
– وتذخر السنغال بالذهب والفوسفات وخام الحديد ومعادن الأرض النادرة، بالإضافة إلى حقول النفط والغاز.

إلا أن هناك عناصر أخرى كما يقول الخبراء للموقع الألماني ربما دفعت ترامب وإدارته، لاختيار هذه الدول.

ماذا عن الهجرة والمخدرات؟
وتنسب المؤسسة الألمانية لزكريا ولد عمار، وهو مستشار دولي من موريتانيا قوله “السيطرة على طرق الهجرة والمخدرات – هذا ما يهتم به دونالد ترامب حقًا”. إذ تقع هذه الدول الخمس مباشرةً على مسارات اللاجئين والمهاجرين، التي دفعت، على مر السنين، عشرات الآلاف إلى الحدود الأمريكية المكسيكية. كما تمر طرق المخدرات الدولية عبر هذه المنطقة.
يشير عمار إلى أن هذه القضايا الأمنية ستهيمن على محادثات ترامب مع القادة الأفارقة الخمسة. ” من الناحية الاقتصادية، هذه الدول ذات أهمية ضئيلة حاليًا. لا أرى ما يمكن لترامب التفاوض عليه واقعيًا معهم فيما يتعلق بالتجارة أو الأعمال.”
إلا أن البروفيسور ويليام فيريرا، خبير الشؤون الأمريكية من غينيا بيساو، يشكك في جدوى هذا الاجتماع قائلاً: “أشك في أن هذا الاجتماع سيحقق فوائد ملموسة للدول الأفريقية المعنية. لا يوجد شيء اسمه غداء مجاني.”
ويقول: “رحلة رئيسنا إلى واشنطن للقاء ترامب ليست خبرًا سارًا لغينيا بيساو أو لشعبها.” يشير فيريرا إلى أن إدارة ترامب أوقفت أو خفضت بشكل كبير تمويل مشاريع المساعدة في أفريقيا، وكذلك في غينيا بيساو، مما أضعف أي آمال مرتبطة بالاجتماع في واشنطن.

الدول الخمس تواجه تحديات قانونية ودستورية:
يُمثل هذا الاجتماع، بالنسبة لرئيس غينيا بيساو، عمر سيسوكو إمبالو، فرصةً لإظهار نفسه كرجل دولة محترم على الساحة الدولية، على الرغم من التحديات الداخلية الكبيرة. انتهت ولايته رسميًا في فبراير، ومع ذلك لا يزال في منصبه وسط تساؤلات حول قانونية استمراره. ولا يزال مصير الانتخابات المقررة في ديسمبر غير مؤكد.
يقول فيريرا: “جميع الأنظمة الخمسة، وليس فقط غينيا بيساو، تعاني من مشاكل مؤسسية جسيمة وانتهاكات لسيادة القانون. لكن هذا لا يزعج ترامب. فهو يريد أن يُثبت أنه لا يزال لديه حلفاء في أفريقيا. وبالنسبة للرؤساء الخمسة، يُمثل هذا الحدث فرصةً لتقديم أنفسهم كقادة مهمين وشرعيين على الصعيد الدولي. وفي الواقع، من وجهة نظرهم، فإن هذا يُعلي من مكانتهم بشكل كبير.
فقد واجه رئيس الغابون الحالي، برايس أوليغي نغيما، مزاعم فساد خطيرة، وهو مرتبط بالانقلاب الأخير الذي أطاح بعلي بونغو أونديمبا.
وتواجه ليبيريا تحديات اجتماعية جسيمة. تولى جوزيف بواكاي الرئاسة منذ يناير 2024. أما الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، وهو جنرال وسياسي، فقد تولى منصبه منذ أغسطس 2019، لكن البلاد تواجه مشاكل اجتماعية خطيرة.
وتواجه السنغال، التي يقودها الرئيس باسيرو ديوماي فاي منذ عام 2024، اتهامات بتسهيل الهجرة الدولية غير الشرعية. ولا تزال غينيا بيساو متورطة في أزمات مؤسسية، حيث تتهم جماعات المجتمع المدني عمرو سيسوكو إمبالو بتفكيك الهياكل الديمقراطية وأنه يسعى لإقامة ديكتاتورية. وتُعتبر شرعيته مستمدة ليس من الشعب، بل من خلال التأييد الدولي، مثل اجتماع واشنطن.

نجاح دبلوماسي أم استعراض سياسي؟
يُقدم ليسميس مونتيرو، المستشار الرئاسي في غينيا بيساو، وجهة نظر مُغايرة. وقال لـ دوتش فيلا: “إن اختيار سيسوكو إمبالو ضمن الخمسة الذين اختارهم ترامب يُعدّ انتصارًا دبلوماسيًا”. وأضاف: “إنه قائد حازم، يحظى باحترام وتقدير أقوى رجال الدولة في العالم: فلاديمير بوتين، وشي جين بينغ، وإيمانويل ماكرون، والآن دونالد ترامب”.

يُسلّط مونتيرو الضوء على التوافق الأيديولوجي كعامل رئيسي في الاختيار. “يتشارك ترامب ورئيسنا قيمًا مُتشابهة: التركيز القوي على السيادة الوطنية والقيم التقليدية”.

أما الموقع الجيوستراتيجي لغينيا بيساو فهو بالغ الأهمية للولايات المتحدة، ومن الناحية الاقتصادية، قد تصبح البلاد محل اهتمام الولايات المتحدة على المدى المتوسط.
وقد تساءل أولواتوسين أوغونجويجبي الكاتب في صحيفة رجال الأعمال اليومية – بزينس دي – لماذا يلتقي ترامب بخمسة رؤساء أفارقة هذا الأسبوع؟ ونيجيريا غير مدعوة؟ ويقول سيستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادة خمس دول أفريقية في واشنطن الأسبوع المقبل لمناقشة فرص الأعمال. ومع ذلك، لن تكون نيجيريا، أكبر اقتصاد في أفريقيا، حاضرة. حيث أعلن مسؤول في البيت الأبيض يوم الأربعاء أن ترامب سيستضيف رؤساء الجابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال لإجراء محادثات وتناول الغداء في البيت الأبيض في 9 يوليو.

وسيركز الاجتماع على “الفرص التجارية” التي يمكن أن تعود بالنفع على كل من الشركات الأمريكية والشركاء الأفارقة.
ولكن عندما سُئل مسؤول البيت الأبيض عن سبب انعقاد الاجتماع، أوضح قائلاً: “يعتقد الرئيس ترامب أن الدول الأفريقية توفر فرصًا تجارية رائعة تعود بالنفع على كل من الشعب الأمريكي وشركائنا الأفارقة”.

ويُعد غياب نيجيريا عن قائمة الضيوف ملحوظًا بشكل خاص، نظرًا لكونها الدولة الأكثر سكانًا في أفريقيا، حيث يزيد عدد سكانها عن 200 مليون نسمة، وأكبر اقتصاد في القارة. كما أنها منتج رئيسي للنفط، وتتمتع بعلاقات تجارية وثيقة مع الولايات المتحدة.

وكانت وكالة “أفريكا إنتليجنس” و”سيمافور” قد أفادتا في وقت سابق أن إدارة ترامب ستعقد قمة للدول الخمس في واشنطن في الفترة من 9 إلى 11 يوليو، على الرغم من أن البيت الأبيض لم يؤكد حتى الآن سوى عقد اجتماع ليوم واحد. وتأتي هذه الدعوة في الوقت الذي خفضت فيه إدارة ترامب بشكل كبير المساعدات الخارجية الأمريكية لأفريقيا، كجزء من تخفيضات الإنفاق الأوسع. وتجادل الإدارة بأن جزءًا كبيرًا من المساعدات السابقة كان مُبذرًا ولم يُحقق أهدافه. وهذه الخطوة تتماشى مع نهج ترامب “أمريكا أولاً” في انه بدلاً من برامج المساعدة التقليدية، تقول الإدارة إنها تريد التركيز على التجارة والاستثمار اللذين يُحققان ازدهارًا مشتركًا لكل من أمريكا والدول الأفريقية.

جميع الدول الخمس المدعوة للقاء ترامب من غرب أفريقيا، وللعديد منها علاقات تاريخية وثيقة مع الولايات المتحدة. على سبيل المثال، تأسست ليبيريا على يد الرقيق الأمريكيين المُحرّرين في القرن التاسع عشر، وحافظت على روابط قوية مع أمريكا منذ ذلك الحين.
ومع ذلك، لا تزال معايير اختيار الدول المدعوة غير واضحة، لا سيما في ظل غياب نيجيريا على الرغم من أهميتها الاقتصادية وعلاقاتها التجارية القائمة مع الولايات المتحدة.
ومؤخراً، أوضح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هذا النهج الجديد، قائلاً إن أمريكا تتجه انطلاقًا مما أسماه نموذج المساعدات الخارجية القائم على الأعمال الخيرية. وأوضح روبيو أن الولايات المتحدة ستفضل الآن الدول التي تُظهر “القدرة والاستعداد لمساعدة نفسها”.
بدلاً من تقديم المساعدات والمساعدات التنموية، سينصب التركيز على إبرام صفقات تجارية تعود بالنفع على الشركات الأمريكية، وفي الوقت نفسه، على مساعدة الاقتصادات الأفريقية على النمو.

كشف تروي فيتريل، المسؤول الكبير في مكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية، في مايو أن الدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في أفريقيا سيُقيّمون الآن بناءً على عدد الصفقات التجارية التي يُساهمون في ترتيبها. ويمثل هذا تغييرًا كبيرًا عن الإدارات السابقة التي كانت تقيس النجاح من خلال برامج التنمية والمساعدات الإنسانية.

المحقق – محمد عثمان آدم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مع الولایات المتحدة تعود بالنفع على فی البیت الأبیض الدول الخمس إدارة ترامب غینیا بیساو فی أفریقیا هذه الدول فی واشنطن ومع ذلک إلى أن

إقرأ أيضاً:

السلطات السورية تُعلن توقيف خمسة أشخاص وتكشف خلفية منفّذ هجوم تدمر

أعلنت السلطات السورية توقيف خمسة أشخاص على خلفية الهجوم الذي استهدف اجتماعًا أمنيًا مشتركًا قرب مدينة تدمر، وأسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين، في خطوة قالت إنها تأتي ضمن التحقيقات الجارية لكشف ملابسات الهجوم وتفكيك الشبكات المرتبطة به في المنطقة.

نقلت وكالة أسوشيتد برس، اليوم الأحد، عن مسؤول سوري أن منفّذ الهجوم كان قد التحق بقوات الأمن الداخلي السورية قبل نحو شهرين، وعمل حارسًا في إحدى القواعد، قبل أن يُعاد تكليفه مؤخرًا على خلفية شكوك أمنية بإمكان ارتباطه بتنظيم "داعش".

ووقع الهجوم، السبت، في البادية السورية قرب مدينة تدمر الأثرية، وأدى إلى مقتل عنصرين من القوات الأمريكية ومدني أمريكي واحد، إضافة إلى إصابة ثلاثة أمريكيين آخرين. كما أُصيب ثلاثة من عناصر قوات الأمن السورية خلال الاشتباك مع المهاجم، بحسب ما أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا.

وأوضح البابا أن السلطات السورية الجديدة واجهت نقصًا كبيرًا في الكوادر الأمنية، ما دفعها إلى التجنيد السريع عقب التقدّم غير المتوقع الذي حققته فصائل المعارضة العام الماضي، حين انطلقت العملية باتجاه مدينة حلب شمالًا قبل أن تنتهي بالإطاحة بحكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وقال: "لم نكن نتوقع أن نسيطر على كامل سوريا خلال 11 يومًا، وهو ما حمّلنا مسؤوليات ضخمة أمنيًا وإداريًا". وأضاف أن المهاجم كان واحدًا من نحو خمسة آلاف عنصر جرى ضمّهم إلى فرقة جديدة في قوات الأمن الداخلي شُكّلت في منطقة البادية، وهي منطقة ما زالت تشهد تحركات لخلايا تنظيم داعش.

القوات الأمريكية تقوم بدوريات في حقول النفط بسوريا، في 28 أكتوبر 2019. Baderkhan Ahmad/AP الاشتباه والمراقبة

أشار البابا إلى أن قيادة قوات الأمن الداخلي كانت قد بدأت مؤخرًا بالاشتباه بوجود عنصر يسرّب معلومات إلى تنظيم داعش، ما دفعها إلى إطلاق عملية تقييم داخلية للعناصر المنتشرين في منطقة البادية. ولفت إلى أن التحقيقات أثارت، الأسبوع الماضي، شكوكًا حول الرجل الذي نفّذ الهجوم لاحقًا، إلا أن القرار كان الإبقاء عليه تحت المراقبة لفترة قصيرة، بهدف التحقق من طبيعة ارتباطه المحتمل بالتنظيم وتحديد الشبكة التي قد يكون على تواصل معها، من دون الكشف عن هويته.

وفي إطار ما وُصف بإجراء احترازي، جرى تكليف الرجل بحراسة معدات داخل القاعدة، في موقع بعيد عن القيادة وعن أي دوريات تابعة لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. غير أن المهاجم، بحسب البابا، اقتحم يوم السبت اجتماعًا ضم مسؤولين أمنيين أمريكيين وسوريين كانوا يتناولون الغداء، وفتح النار بعد اشتباك مع الحراس السوريين، قبل أن يُصاب برصاص أدى إلى مقتله في المكان.

وأقرّ المتحدث باسم وزارة الداخلية بأن الحادثة شكّلت "خرقًا أمنيًا كبيرًا"، لكنه شدد على أن أداء قوات الأمن خلال العام الذي تلا سقوط الأسد تخللته "نجاحات تفوق الإخفاقات". وأضاف أن الجيش السوري وقوات الأمن الداخلي نفّذا، عقب الهجوم، حملات تمشيط واسعة في البادية، أسفرت عن تفكيك عدد من الخلايا المشتبه بانتمائها لتنظيم داعش.

Related ترحيب في دمشق.. كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهابنجل مفتي سوريا السابق يكشف تفاصيل اعتقال والده.. ماحقيقة إعدامه؟سوريا وفرنسا تطلبان من لبنان اعتقال مدير المخابرات الجوية السابق.. ماذا نعرف عن جميل حسن؟ واشنطن تؤكد دعمها لدمشق

أعلنت وزارة الخارجية السورية أن وزير الخارجية أسعد الشيباني أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الأمريكي ماركو روبيو، جرى خلاله تبادل التعازي في حادثة تدمر.

وخلال الاتصال، نقل الشيباني تعازي اوالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربًا عن أسفه الشديد لما وصفه بـ”المأساة”، ومعتبرًا أن الهجوم يشكّل تحديًا جديدًا في إطار جهود مكافحة الإرهاب.

وأفادت الخارجية السورية بأن الجانبين أكدا أن العملية التي وقعت في تدمر تمثّل محاولة لزعزعة العلاقة السورية الأمريكية، في توقيت حساس تشهده هذه العلاقة.

كما نقلت عن روبيو تأكيده استمرار دعم واشنطن للحكومة السورية في مختلف المجالات، بما في ذلك "مكافحة الإرهاب"، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون الثنائي لمواجهة التهديدات المشتركة.

تقارب سياسي بعد سقوط الأسد

يأتي هذا التطور في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة نشر مئات الجنود الأمريكيين في شرق سوريا ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، ويُقدَّر عددهم بنحو 900 جندي. وقبل الإطاحة بنظام الأسد، لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق، كما لم يكن هناك تنسيق مباشر بين الجيشين، إذ كانت قوات سوريا الديمقراطية الشريك الرئيسي للولايات المتحدة.

غير أن هذا الواقع تغيّر خلال العام الماضي، مع تحسّن العلاقات بين إدارة ترامب والشرع. وفي نوفمبر، أجرى الشرع زيارة إلى واشنطن، هي الأولى لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، أعلنت خلالها سوريا انضمامها إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش إلى جانب 89 دولة أخرى.

Related وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الشرطة بتنظيم "داعش""انتقام خطير جداً": ترامب يهدد داعش بعد مقتل 3 أمريكيين في كمين بسوريابراك يكشف "خارطة الطريق" بعد اجتماع ترامب والشرع: تعهّد بمواجهة داعش وفيلق القدس وحماس وحزب الله

وعقب الهجوم، توعّد ترامب بـ"انتقام خطير"، معتبرًا في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أن الهجوم استهدف الولايات المتحدة وسوريا في آن، في منطقة وصفها بأنها شديدة الخطورة ولا تخضع للسيطرة الكاملة. كما أشار إلى أن الشرع كان "غاضبًا ومنزعجًا للغاية" من الهجوم.

وفيما تعهّد مسؤولون أمريكيون بالرد على التنظيم، رأى منتقدو السلطات السورية الجديدة أن حادثة تدمر تكشف حجم التحديات الأمنية القائمة، وتطرح تساؤلات جدية حول قدرة الأجهزة الجديدة على منع اختراقاتها في مرحلة سياسية وأمنية بالغة التعقيد.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • السلطات السورية تُعلن توقيف خمسة أشخاص وتكشف خلفية منفّذ هجوم تدمر
  • سالي عاطف تكتب: لماذا يُصوِّر الإعلام أفريقيا بصورة سلبية؟
  • لقاءات FBI السرية تثير عاصفة حول إستراتيجية واشنطن في أوكرانيا
  • 6 إجابات تفسر لماذا عادت الانقلابات العسكرية إلى أفريقيا
  • سباق القواعد والنفوذ في أفريقيا.. من يملك القرار في القارة؟
  • الجزيرة للدراسات ينظم مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة لنقل القارة من الهامش للمركزية
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • صدع يضرب ضفتي الأطلسي| ترامب يهدد بالتصعيد ضد أوروبا.. وقادة القارة العجوز يتعهدون بالاستقلال عن واشنطن
  • وزير الاستثمار: تحرير الجمارك والدفع بالعملات المحلية يدعمان التجارة بين الدول الأفريقية