رشاد العليمي يستدعي السيطرة الغربية على باب المندب.. قرباناً لإبقائه في السلطة
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
الجديد برس:
في محاولة من رشاد العليمي تقديم مغريات للدول الكبرى لكي تفرض بقاءه في السلطة وعدم الذهاب لحل نهائي للحرب على اليمن يفضي لخروج كافة القوات الأجنبية من أي بقعة في الجغرافيا اليمنية ورفع الوصاية الخارجية واستعادة سيادة اليمنيين على أرضهم، دعا العليمي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لعدم بيع الأسلحة للجمهورية اليمنية، كما دعاها إلى التواجد العسكري في المياه اليمنية وتحديداً في باب المندب، بذريعة “حماية المنافذ المائية الدولية” في إشارة إلى تدويل باب المندب.
وبخطابه كهذا يبدي العليمي استعداده التخلي عن السيادة اليمنية في أي منطقة لأي طرف دولي مقابل أن يبقى على رأس سلطة شكلية لا تملك من أمرها شيئاً.
وفي تلميح واضح إلى رغبة السلطة الشكلية التي أتى بها التحالف السعودي، للعودة لدعمها مالياً وعسكرياً من الخارج من أجل مواصلة الحرب، قال العليمي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، إن “الطريق متاح لتحقيق السلام من خلال استعادة الثقة بالحكومة الشرعية” حسب تعبيره، الأمر الذي يعني أن السلام من وجهة نظر أدوات التحالف السعودي – المستفيدة من استمرار الحرب – لن يكون عن طريق الاتفاق مع صنعاء بل عن طريق إعادة دعم حكومة التحالف عسكرياً من أجل عودة الحرب واستمرار تدخل التحالف عسكرياً لإظهار حكومة التحالف بصورة أفضل مما هي عليه الآن وهو ما يقصد به العليمي في عبارته “استعادة الثقة بالحكومة الشرعية”.
وزعم العليمي في كلمته إن من أسماهم “الحوثيين” تنصلوا عن تعهداتهم السابقة وآخرها اتفاق إستوكهولم، كما اتسم خطابه بالمصطلحات العنصرية والطائفية وخطاب من لا يريد الذهاب نحو السلام على الإطلاق.
كما قال أن السعودية قدمت لهم دعماً سخياً مكنها من الوفاء بالتزاماته، على الرغم من أن هذه الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في تقديم الخدمات الرئيسية وعلى رأسها الكهرباء.
وقال العليمي إن هناك تناقضاً بين الدعم الدولي وإرساله عبر مؤسسات تابعة للحوثيين، في تأكيد واضح على أن العليمي ذهب للأمم المتحدة حريصاً فقط على طلب الأموال التي تمنح لليمن لمساعدتها عبر برامج الأمم المتحدة ومنظماتها أن تمنح هذه الأموال للعليمي وهو سيتكفل بالتصرف بها وإنفاقها.
المصدر: المساء برس
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
تدخل ترامب في السودان سلاحٌ ذو حدّين
ترجمة: بدر بن خميس الظفري
أعادت الزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن تسليط الضوء على أحد أبرز الملفات التي يواجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو الحرب في السودان.
ورغم أن البيت الأبيض أعلن منذ فترة طويلة اهتمامه بالتعقيدات السودانية ـ وخاصة الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ـ إلا أن هذا الاهتمام يبدو أنه ازداد بعد زيارة الأمير محمد بن سلمان.
يمثّل الأمن القومي في البحر الأحمر أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة، إذ تستمر سياساتها في التشكل وفقًا لمقاربات مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الإقليمي. سبق لواشنطن أن حذّرت من أن الحرب في السودان تشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي.
من جهتها، سعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى تمهيد الطريق لعملية السلام، بما في ذلك عدة جولات تفاوضية تكللت مؤخرًا بدفع دبلوماسي من المجموعة الرباعية - الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات - بهدف إنهاء الحرب.
أما تصريح ترامب الذي قال فيه: إن «الحرب في السودان لم تكن ضمن أولوياتي» قبل طلب ولي العهد السعودي تدخله، فيبدو أنه تغيير استراتيجي بسيط وتعبير عن تقدير لولي العهد. ويمكن أن يسعى ترامب أيضًا إلى تقديم الأمير محمد بن سلمان زعيمًا إقليميّا قادرا على الوساطة، وشريكا يمكن لواشنطن الاعتماد عليه.
هذا الموقف يعكس دعم ترامب لدور سعودي أوسع في الدبلوماسية الإقليمية، وينسجم مع اهتمامه الأعم بجهود بناء السلام حول العالم.
وتصاعد الانخراط الأمريكي منذ ذلك التصريح؛ فقد تحدث وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هاتفيًا مع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، في إشارة إلى تعمّق الانخراط الأمريكي وتنسيقه المستمر مع شركاء الرباعية.
لكن هذا الانتباه المتأخر يأتي في مرحلة حرجة للغاية، إذ وصفت الأمم المتحدة مرارًا السودان بأنه يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ربما كان التدخل المبكر قادرًا على إنقاذ الأرواح - خصوصًا خلال سقوط الفاشر بيد قوات الدعم السريع - وتجنّب الفظائع ضد المدنيين، والتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية الحالية بما فيها نقص مياه الشرب والغذاء، وانهيار البنية الأساسية، والنزوح الواسع.
غالبًا ما يُشار دوليًا إلى السودان على أنه «الحرب المنسية»، إذ ظلت أولويات القوى الكبرى تتجاهله. وقد يرفع دخول ترامب على خط الوساطة مستوى الاهتمام الدولي مؤقتًا، قبل أن يتراجع مجددًا.
رحّب مجلس السيادة السوداني، برئاسة عبد الفتاح البرهان، سريعًا بجهود السعودية وتصريحات ترامب بعد أسابيع من رفض ضمني لمبادرة وقف إطلاق النار الإنسانية المقترحة من الرباعية.
ربما يعود هذا التغيير إلى الارتقاء بمستوى العملية السياسية تحت إشراف ترامب المباشر، أو ربما لضمانات قُدمت للبرهان خشية ردود فعل داخلية.
بعد منشور البرهان على منصة «إكس»، الذي شكر فيه السعودية والولايات المتحدة، بدا أن حالة الاستقطاب بدأت بالانحسار قليلًا، إذ أعرب أنصار الجيش - ومنهم علي كرتي الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية - عن أمل جديد في الاستقرار والسلام.
أما قوات الدعم السريع، فرحبت بالتدخل الأمريكي، لكنها اتهمت «الجهات التي تتحكم في قرار الجيش» بعرقلة السلام، مؤكدة رغبتها في معالجة جذور الأزمة وبناء «سودان جديد».
لكن المشهد تغيّر مرة أخرى، عندما أعلن البرهان أن السودان لا يمكنه قبول مبادرة الرباعية، واصفا إياها بأنها «الأسوأ حتى الآن». وبعدها بيوم، أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) موافقته على وقف فوري لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، وقال: «نأمل أن تقوم دول الرباعية بدورها في دفع الطرف الآخر للتجاوب مع هذه الخطوة».
ما الذي سيحدث لاحقًا؟
لا يزال المشهد ضبابيًا. من غير الدقيق افتراض أن التفاهم السعودي - الأمريكي سيغيّر أساس خارطة الطريق التي وضعتها الرباعية بدعم من البيت الأبيض. ومع ذلك، قد يسرّع تدخل ترامب في تنفيذ الاتفاق دون أن ينحاز لطرف محدد أو يخدم حسابات سياسية داخلية. ومهما يحدث على المدى القريب، فالتحديات المقبلة في طريق السلام في السودان كبيرة للغاية.
قد تتمكن القوى المستفيدة من الحرب من الصمود في وجه كل مبادرات السلام. صحيح أن شكر البرهان يشكّل لحظة دبلوماسية نادرة، لكنه لا يلغي المصالح الراسخة أو دعم أطراف خارجية موّلت الصراع لسنوات في سياق صراع إقليمي على النفوذ. كما أن فرض السلام سيكون معقدًا؛ فقد ينهار وقف إطلاق النار دون مراقبة مستقلة، وقد تؤدي الخروقات إلى تآكل الثقة الهشة بسرعة. أما إمكانية تشكيل حكومة مدنية فتبقى محل صراع شديد، وإذا اعتُبرت مفروضة من الخارج، فقد تُرفض شعبيًا.
حتى إنْ أيّد الجمهور عملية السلام، يمكن للمقاومة المستترة - من تدفقات السلاح إلى التحالفات الخفية - أن تُفشل المسار برمته. وإذا صمد وقف إطلاق النار، فقد يفتح نافذة إنسانية ضرورية، تتيح إيصال المساعدات وإنقاذ الأرواح وتعزيز الثقة تدريجيًا. ويمكن أن يمهّد انتقال موثوق نحو الحكم المدني لتغيير حقيقي في سردية مستقبل السودان.
كما يمكن للرباعية ممارسة ضغط جماعي لاستخلاص تنازلات جوهرية من أطراف النزاع.
مع ذلك، قد تبقى الهياكل الأساسية للقوة على حالها، بما فيها شبكات السيطرة العسكرية والتمويل والتسليح، واستمرار تهميش المجتمع المدني. وقد لا يكون وقف إطلاق النار سوى محطة مؤقتة سرعان ما تتلاشى عند بدء المفاوضات السياسية.
في نهاية المطاف، يظل تدخل ترامب سلاحًا ذا حدّين: يمنح وزنًا سياسيًا وزخمًا دبلوماسيًا، لكنه يعرّض مستقبل السودان لخطر الارتهان لحسابات جيوسياسية تبادلية. يمثل موقف البرهان العلني فرصة مهمة، لكن النجاح يتطلب آليات صارمة للرقابة والتنفيذ، وانتقالًا شاملًا يستند إلى الإرادة السودانية، وضمانات موثوقة.
وإذا جرى استثمار هذه اللحظة، فقد يلمح السودان أخيرًا مستقبلًا مدنيًا. وإن ضاعت، فقد تنقلب مرة أخرى إلى مأساة جديدة.
أسامة أبوزيد باحث مختص في قضايا التنمية والحوكمة
الترجمة عن موقع ميدِل إيست آي.