جولة ثانية من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
أعلنت إثيوبيا السبت أنها بدأت جولة ثانية من المفاوضات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة المثير للجدل الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل، ولا يزال مصدر توتر بين الدول الثلاث.
وأعلنت إثيوبيا في 10 أيلول/سبتمبر إنجاز ملء سد النهضة، ما أثار تنديدا فوريا من القاهرة التي دانت عدم قانونية هذه الخطوة.
وتعتبر مصر والسودان السد الذي كلف 4,2 مليارات دولار، تهديدا لإمداداتهما من المياه.
واستؤنفت المفاوضات بين الدول الثلاث في 27 آب/أغسطس بعدما توقفت منذ نيسان/أبريل 2021.
واتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في تموز/يوليو على وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق خلال أربعة أشهر.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية على موقع إكس السبت إن "الجولة الثانية من المفاوضات الثلاثية بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن التشغيل السنوي لسد النهضة الإثيوبي انطلقت اليوم في 23 أيلول/سبتمبر 2023 في أديس أبابا".
وأضافت أن "إثيوبيا ملتزمة إيجاد حل تفاوضي وودي ضمن العملية الثلاثية الجارية".
من جهته قال وزير الخارجية المصري سامح شكري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "على الرغم من استمرار الممارسات الأحادية للأشقاء في إثيوبيا تحرص مصر على استمرار الانخراط بجدية في عمليات التفاوض الجارية".
وشدد على أنه "ما زلنا ننتظر أن يُقابل التفاعل المصري المخلص، بعزم وسعي صادق من إثيوبيا للتوصل لاتفاق يراعي مصالح مصر والسودان وإثيوبيا"، مؤكدا أنه "ليس هناك مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع عندما يتصل الأمر بحياة ما يزيد عن 100 مليون مصري".
وكان السد في صلب نزاع إقليمي منذ أن بدأت إثيوبيا أعمال البناء عام 2011.
وتعتبر مصر السد تهديدا وجوديا لأنها تعتمد على نهر النيل لتأمين 97% من حاجاتها المائية.
على وقع استمرار المعارك في السودان.. البرهان يتوجه الى أوغنداأرقام رسمية: معدل التضخم في مصر يبلغ مستوى قياسياً عند نحو 40% في آب/أغسطسشاهد: مأساة النازحين على الحدود السودانية المصريةوالسدّ في قلب خطط التنمية في إثيوبيا. وفي شباط/فبراير 2022 أعلنت أديس أبابا أنها بدأت توليد الكهرباء للمرة الأولى.
ويُتوقّع أن ينتج السد الكهرومائي الكبير الذي يبلغ طوله 1,8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترا، عند تشغيله بكامل طاقته، أكثر من 5000 ميغاوات. وهذا من شأنه أن يضاعف إنتاج الكهرباء في إثيوبيا التي تؤمن حاليا لنصف سكان البلاد فقط البالغ عددهم 120 مليون نسمة.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025" وبأن مناطق في السودان حيث كان النزاع في دارفور مرتبطا بشكل أساسي بامدادات المياه، معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إثيوبيا تملأ سد النهضة بالكامل ورئيس الوزراء يؤكد "العملية تمت بنجاح" اتفاق مصري إثيوبي على إنجاز اتفاق سد النهضة خلال 4 أشهر مصر تحتج لدى مجلس الأمن الدولي على خطط إثيوبيا لملء سد النهضة الشرق الأوسط جمهورية السودان شح المياه إثيوبيا سد النهضة الإثيوبي الكبير مصرالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الشرق الأوسط جمهورية السودان شح المياه إثيوبيا مصر فرنسا أزمة إنسانية الاتحاد الأوروبي سياسة الهجرة مهاجرون الشرق الأوسط ضحايا وفاة النيجر روسيا فرنسا أزمة إنسانية الاتحاد الأوروبي سياسة الهجرة مهاجرون مصر والسودان یعرض الآن Next أدیس أبابا سد النهضة
إقرأ أيضاً:
في حضرة "نيل عُمان"
محمد بن سالم البطاشي
هو كنيل مصر العظيم في عراقته وعطائه وخصوبته؛ فمنذ الأزل وهو يشق صدر الجبال ويمتد كأنما كتبَ على الأرض سطورًا من تِبْرٍ، تُصدر بريقًا يخطف الأبصار تحت أشعة الضياء، سحره لا تنقضي عجائبه، ولا تذبل مواسم دهشته، يبهرك كلما رمقته بعين، ويأسر قلبك كلما اقتربت منه، في حضرته يصمت الضجيج، وتعزف الطبيعة أعذب الألحان، تنساب مياهه رقراقة بين الصخور كتراتيل الفجر، وكأنَّها همسة للحياة تنبعث من ضفتي الوادي، تزيل عن وجه الزمن سخام الجدب وأتربة الجفاف، حيث تُعانق الخضرة عذوبة الماء، وتجاور القمم الصلبة الشاهقة رقة الجريان، فتكتمل لوحة من البهاء المترف، تمزج بين الفخامة والسكينة، لا يضاهيها في سحرها مشهد ولا يُجاريها وصف.
وادي ضيقة ليس مجرد مجرى مائي فحسب؛ بل هو مسار ذاكرة، وسفر تاريخ تحدث به الصخور الأجيال المتعاقبة عن عناد الطبيعة وكرمها، وتروي به الأشجار قصتها مع النماء والخصب والعطاء من أرض وهبها الخالق بركة النهر وظلال الخصب.
يا واديًا كان ولا زال نبضًا من نبض عُمان وتاريخًا يروي قصصَ القوافل العابرة بين ضفتيك ودليلًا على أن الحياة يمكن أن تتدفق من أعماق الصخور الصلدة، مثلما تنبثق الإرادة الصادقة من قلوب الرجال، ومما زاد المنظر بذخًا وجلالًا ذلك السد العظيم الذي يقف شامخًا يُكلِّله الوقار ويملأ المكان هيبة ومهابة كدرع زرع في خاصرة الجبال؛ ليحفظ سر الحياة ويبرز عبقرية الإنسان. وفي بحيرته المترامية تُنسج أحلام لم ترو بعد ويعزف الجمال سيمفونية رائعة الألحان والبهاء تعزز الشعور بالعظمة والسكينة؛ حيث يلتقي الماء برفيف النسيم ويغفو الضوء على صفحة البحيرة كطفل في حضن أمه، هنا تتجلى قيمة العطاء الإلهي وتتعانق مع اليد العُمانية التي جعلها المولى تطوع الطبيعة بكل حكمة ورفق.
هنا في وادي ضيقة بُني أعظم السدود في سلطنة عُمان والمنطقة بأسرها؛ حيث يختزن وراءه ما مقداره 100 مليون متر مكعب من المياه التي تعكس ضوء الشمس فيُصدر الماء بريقًا كالألماس، هذه الكميات الهائلة من المياه العذبة تستطيع أن تُحوِّل الصحارى إلى واحات خضراء زاخرة بالعطاء، وتُعزِّز قيمة السد وتمنحه بعدًا تنمويًا آخر؛ حيث الماء سِرّ الحياة وعمودها الفقري، وإن يممت وجهك شطر الاتجاه الشرقي من البحيرة؛ فهناك تتراءى لوحة أبدعها الخالق تمتد على مد البصر؛ حيث النخيل الباسقات تطاول عنان السماء، في جنتين تتعانق فيهما الظلال، وتتوشح الأرض برداء الخضرة، وبينهما نهر جارٍ، ينساب متلألئًا كأنه سطر نور يُتلى على صفحة الزمن، يعكس زرقة السماء ووشوشات النخيل، ويغني بصوت خافت لحن الحياة السرمدي، لوحة هي الجمال حين يتجسد لحنا، ويرتل دهشة في أعين الناظرين، هناك وبين تلك الأشجار يصبح النسيم نديا كدعاء الفجر، والعطر المنبعث من الرطب الجني كأنه تسامي الروح في لحظة خشوع وطمأنينة، هما جنتان ليستا من خيال شاعر، بل من صنع البديع الخالق، فهما تجسيد حي للفردوس على ثرى الأرض.
ينقلنا المشهد المهيب إلى الأعلى؛ حيث الجبل الأبيض يرنو إلى البحيرة من شرفته العلية، ويبصرها وهي تختال متمايلة زهوًا بجمالها وعظمتها مع رفيف النسيم في نشوة غامرة، هناك حيث السهل المنبسط المتعطش لكل قطرة ماء يمكن أن تصل إليه ليكتسي حلته السندسية التي اعتاد أن يتدثر بها عند هطول الغيث على تلك الروابي الخصبة.
الجبل الأبيض يماثل الجبل الأخضر في خصوبته واعتدال مناخه صيفًا، ولكنه لم ينل ما يستحقه من الشهرة والانتشار، وفيه تنبت العديد من الأشجار والنباتات التي تأقلمت مع مناخه وشح مياهه، ومن أمثلة ذلك أشجار العتم والطلح والقصم والطيو والبوت وأشجار الحنقلان ونباتات السعتر والسفسف المشهوران بجودتهما الفائقة وكذلك التين البري، كما يتمتع الجبل بثروة حيوانية لا بأس بها، وهناك خامات معدنية يزخر بها هذا الجبل مثل خامات اللتيرايت والحجر الجيري وقد تسفر الاستكشافات التفصيلية المستقبلية عن خامات أخرى. وقد كانت ندرة المياه تمثل عائقاً أمام استغلال مسطحات الجبل المترامية واستغلال خصوبة تلك الأراضي وإتاحة الفرصة لها لتفيض بخيراتها العميمة، واليوم وحيث السعي الحثيث إلى تعظيم القيمة المضافة للموارد الطبيعية المحلية، ومع توفر الماء في بحيرة السد فإن الجبل ينتظر توصيل تلك المياه إلى سطحه الشاسع، فهو كالجوهرة المدفونة ينتظر من ينتشلها ويمسح الغبار عنها لتشع خصبًا وبركة ونماء، وقد يجادل مجادل بأّن ارتفاع الجبل الشاهق يتطلب طاقة كبيرة لرفع الماء إلى سطحه، وهذا صحيحُ من ناحية المبدأ، ولكن التقدم العلمي لا يزال يتحفنا كل حين بالحلول الناجعة لكل معضلة، ومن الحلول التي يمكن عرضها هنا هي استغلال طاقتي الرياح والشمس لتوليد طاقة الرفع واستغلال الفارق بين منسوبي ارتفاع الجبل وسطح البحيرة لتوليد طاقة أخرى عن طريق استرجاع كمية من هذه المياه إلى البحيرة تمر عبر توربينات توليد الطاقة، وبذلك تستكمل الدورة، مياه ترفع وتروي سهلًا خصبًا يمكن أن يزرع بمحاصيل عالية القيمة الاقتصادية وطاقة مستدامة ورخيصة، مستحدثة بذلك وظائف ومصادر رزق للمستثمرين والسكان المحليين، ويمكن للجبل أن يمثل فرصة سياحية عظيمة.
الجبل يقع في منتصف الطريق الرابط بين محافظتي مسقط وجنوب الشرقية، تحيط به معالم سياحية بارزة مثل كهف مجلس الجن وهوية نجم، ووادي شاب ووادي طيوي ووادي ميبام وقرية عمق، ومياه البحر الفيروزية التي تغسل أقدام الشاطئ الفضي الممتد من ولاية قريات إلى الخلوف والدقم وما بعدهما، وسبل الوصول إلى الجبل متاحة من ولايتي قريات ودماء والطائيين، وهو بجوه المعتدل صيفًا والبارد شتاءً يمثل فرصة للزيارة والاستمتاع تماثل تلك التي توفرها أشهر جبال عُمان؛ وبذلك يمكن للمشاريع السياحية أن تنطلق مع توفر المياه والكهرباء التي وصلت إلى الجبل منذ وقت طويل.
هذه المشاريع التنموية أو بعضها يبدو أنها تناقش حاليًا في أروقة الجهات المختصة، إضافة إلى مشروع توصيل مياه السد إلى الشبكة العامة للمياه، والمشروع الآخر الخاص بتوصيل مياه الري للقرى الواقعة أسفل مجرى الوادي، والتي دفعت الضريبة الأكبر جراء إنشاء السد، إضافة إلى مشروع تطوير منطقة السد لتكون نطاق جذب سياحي على مستوى عالمي، واستغلال المسطح المائي لتوليد الطاقة والسياحة المائية والألعاب الترفيهية، واستغلال القمم العالية المشرفة على البحيرة وتحويلها إلى منتجعات سياحية بإطلالات بانورامية مذهلة على البحيرة ومفيض السد والمنظر البديع من النخيل السامقات التي تجلل قرى بلدة المزارع كالجزير والسيح والغبيرة وباقي القرى، وتمنح الناظر لوحة أبدعها الرحمن قل نظيرها، إضافة إلى تطوير الطريق المؤدي إلى السد ليكون أكثر سهولة وسلامة للسالكين، هذه وغيرها من المشاريع والأفكار ستوفر فرصًا عديدة للتوظيف ودخلًا سياحيًا وافرًا يصاحبه ازدهار للولاية التي تُعد المتنفس الأرحب والأقرب لمحافظة مسقط.
رابط مختصر