تحاول السعودية إصلاح علاقتها مع ثلاثة أعداء لها في الشرق الأوسط، وتبدو حائرة بشأن أي عدو منهم يمكن أن "يحقق أهدافها الجيوسياسية بشكل أكبر"، وفقا لكارولين روز في تحليل بمركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي (Geopolitical Futures) ترجمه "الخليج الجديد".

وتتواتر تصريحات رسمية في الرياض وواشنطن وتل أبيب عن محادثات مستمرة ربما تقود إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، التي ترهن علنا التطبيع بانسحاب تل أبيب من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقة وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وبحسب تقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية، فإن الرياض مستعدة للتطبيع مع تل أبيب مقابل توقيع معاهدة دفاع مشترك مع واشنطن، والحصول على أسلحة أمريكية أكثر تطورا، وتشغيل دورة وقود نووي مدني كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم دخل المملكة، إلى جانب التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

اقرأ أيضاً

السعودية وإيران في 6 أشهر.. انفراج مستمر دون تقارب حقيقي

إسرائيل

و"منذ قيام إسرائيل في 1948 (على أراض فلسطينية محتلة)، نظرت السعودية وإسرائيل إلى بعضهما البعض على أنهما خصمان"، بحسب كارولين.

وتابعت أن "المملكة ترى نفسها زعيمة طبيعية للعالمين العربي والإسلامي، وتتولى الوصاية على اثنتين من أقدس المدن الإسلامية (مكة والمدينة)، ولاعبا جيوسياسيا استراتيجيا يتمتع بثروة نفطية واسعة، وإمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، ونفوذ على المجتمعات السُنية في جميع أنحاء المنطقة".

ولفتت إلى أنه "في 1947، عارضت السعودية بشدة تقسيم فلسطين، وبعد إقامة إسرائيل، قدمت (المملكة) نفسها على أنها من أبرز المؤيدين لقيام الدولة الفلسطينية، ورفض البلدان إقامة علاقات دبلوماسية؛ مما أثار أعمال عدائية عميقة استمرت لعقود".

لكن "مع تعثر الجهود المبذولة في محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وتحول  البلدين إلى لاعبين أمنيين واقتصاديين بارزين، خففا من موقفهما"، كما أضافت كارولين.

واستطردت: "وحين أبدت الولايات المتحدة اهتمامها بتقليص وجودها الأمني في الشرق الأوسط، رأت إسرائيل والسعودية فوائد في إقامة شراكة أمنية واقتصادية وسياسية محدودة"، كما تابعت كاولين.

وحاليا، تركز واشنطن أكثر على مواجهة ما تعتبره نفوذا صينيا متصاعدا في منطقة جنوب شرقي آسيا والتصدي لحرب تشنها روسيا في أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، وتبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأن القومي الروسي.

كارولين قالت إنه بالنسبة للسعودية وإسرائيل "يمثل التعاون فرصة لمواجهة التوسع الإيراني، وبما أن الحرب في أوكرانيا والمنافسة المتزايدة مع الصين قد خلقت حوافز أكبر للولايات المتحدة وشركائها في الاتحاد الأوروبي لفك الارتباط تدريجيا مع الشرق الأوسط، فقد شعرت السعودية وإسرائيل بضغوط أكبر لإنشاء إطار أمني جديد لحماية نفسيهما ضد إيران وشبكة وكلائها".

وكثيرا ما تهمت الرياض وتل أبيب وواشنطن طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن والعراق وسوريا ولبنان، بينما تقول إيران إنها تلتزم بميادئ حُسن الجوار.

و"في الوقت نفسه، بدأت إسرائيل والسعودية أيضا في البحث عن مشاريع كبرى للبنية التحتية والطاقة والاقتصاد في البحرين الأحمر والأبيض، مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، ومن شأن التقارب (بين البلدين) أن يساعد في تسهيل هذه المشاريع وتمكين تعاون اقتصادي أكبر"، وفقا لكارولين.

اقرأ أيضاً

الأسد يتعنت والتطبيع يتباطأ.. هل تنجح استراتيحية خطوة بخطوة؟

إيران وسوريا

لكن "الطريق إلى التطبيع ليس سهلا"، بحسب كارولين التي أضافت أن "من بين أكبر العقبات هي أجندة السياسة الخارجية السعودية المزدحمة، وتحديدا مفاوضات التقارب المتزامنة مع اثنين من أقوى خصوم إسرائيل الإقليميين وهما: إيران و(حليفتها) سوريا". وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.

ورأت أنه "بالنسبة للرياض، فإن أحد أهداف هذا العمل هو تنويع علاقاتها الخارجية وقياس عدد التنازلات التي يمكنها الحصول عليها من المنافسين التقليديين مثل إيران وإسرائيل".

واستدركت: لكن في خضم المعارضة الداخلية للإصلاحات القضائية الأخيرة في إسرائيل، تم تحفيز حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعدم الحفاظ على موقف متشدد في المحادثات بشأن التطبيع، "لكن انخراط السعودية مع أكبر خصمين إقليميين لها، دفع إسرائيل إلى تجنب تقديم أي تنازلات كبيرة، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية".

وزادت بأن "السعودية تواجه أيضا عقبات في مفاوضاتها مع إيران وسوريا، وبينما وقَّعت الرياض وطهران اتفاقا، بوساطة الصين في مارس/آذار الماضي، يلتزمان فيه بالتطبيع، إلا أنهما لم يتخذا سوى خطوات ملموسة قليلة نحو هذا الهدف خارج نطاق التهدئة المحدودة في الحرب باليمن".

وأنهى هذا الاتفاق قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.

و"في سوريا، دفع نظام (بشار) الأسد نحو مزيد من التطبيع، لكنه لم يبد استعداده لقبول أي تنازلات بشأن تجارة المخدرات (من سوريا إلى دول المنطقة وبينها السعودية) أو عودة اللاجئين (السوريين) إلى بلدهم أو التسوية السياسية بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 2254، مما أوقف الزخم في محاولة دمشق لاستعادة العلاقات مع السعودية ودول أخرى في المنطقة"، كما أردفت كارولين.

وفي مارس/ آذار 2011، اندلعت في سوريا احتجاجات شعبية مناهضة لنظام الأسد طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكن النظام أقدم على قمعها عسكريا، ما زج بالبلاد في حب أهلية مدمرة.

و"بالتالي، ونظرا لأن محادثاتها مع إيران وسوريا اصطدمت بعقبات في نفس الوقت تقريبا الذي واجهت فيه مفاوضاتها مع إسرائيل صعوبات، فإن السعودية مضطرة إلى اختيار عملية التطبيع التي ترغب في إعطاء الأولوية لها، وهو ما يعرض للخطر أحد جهودها الدبلوماسية الأخرى أو كليهما"، بحسب ما خلصت إليه كارولين.

اقرأ أيضاً

مخاطر على السعودية من احتمال التطبيع مع إسرائيل.. ماذا تعني؟

المصدر | كارولين روز/ جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية أعداء الشرق الأوسط إسرائيل إيران سوريا الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

قناة الحرة تعلق بثها التلفزيوني.. ما السبب؟

واشنطن- الوكالات

أعلنت قناة الحرة الأميركية مساء أمس السبت تعليق بثها التلفزيوني؛ نظرا لامتناع الوكالة الأميركية للإعلام عن صرف تمويلها الذي أقره الكونجرس.

وقالت قناة الحرة -وهي شبكة باللغة العربية أنشأتها الحكومة الأميركية بعد غزو العراق عام 2003- في بيان نشر على موقعها إنها تأسف بشدة لاتخاذ هذا القرار الاضطراري.

اضطرت شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN) إلى تعليق البث التلفزيوني لـ #قناة_الحرة.. نُقدّر جمهورنا ونتطلع إلى العودة إلى عشرات الملايين من المشاهدين الذين كانوا يتابعون الحرة أسبوعيًا. pic.twitter.com/Ny2GIETfUe

— قناة الحرة (@alhurranews) May 31, 2025

ووفقا لموقع الحرة، فقد وافق الكونجرس الأميركي في 14 مارس/آذار الماضي على "تمويل استمراري" لشبكة الشرق الأوسط للإرسال حتى نهاية السنة المالية 2025، وفي اليوم التالي أبلغت الوكالة الأميركية للإعلام الدولي شبكة الشرق الأوسط للإرسال وبقية الهيئات الإعلامية الممولة من الحكومة الأميركية بإنهاء اتفاقيات منحة التمويل فجأة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلنت في مارس/آذار الماضي أنها ستوقف جميع التحويلات المالية لوسائل الإعلام المدعومة من الحكومة الأميركية، في إطار حملة واسعة النطاق لخفض التكاليف بقيادة الملياردير إيلون ماسك.

أدى هذا الإجراء إلى تجميد صوت أميركا على الفور، على الرغم من أن موظفيها رفعوا دعاوى قضائية لاستعادة التمويل الذي وافق عليه الكونغرس.

وقال جيفري غدمين، الرئيس التنفيذي لشبكات الإرسال في الشرق الأوسط، التي تضم تحت مظلتها قناة "الحرة" وغيرها من وسائل الإعلام العربية الأصغر حجما، والممولة من الولايات المتحدة في وقت سابق إن قناة الحرة ستتوقف عن البث، ولكنها ستسعى إلى الحفاظ على التحديثات الرقمية من خلال عدد من الموظفين تم تخفيضه إلى "بضع عشرات".

وتقول قناة الحرة إنها تصل إلى أكثر من 30 مليون شخص كل أسبوع في 22 دولة.

ولدى ترامب علاقة متوترة مع وسائل الإعلام وقد شكك في "جدار الحماية" الذي وُعدت بموجبه وسائل الإعلام التي تمولها الولايات المتحدة بالاستقلالية التحريرية.

مقالات مشابهة

  • قناة الحرة تعلق بثها التلفزيوني.. ما السبب؟
  • ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
  • قناة الحرة تعلق بثها التلفزيوني
  • الباحة تحتضن أكبر مدينة بن في الشرق الأوسط .. فيديو
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • ما لعبة إسرائيل وأميركا في مقترح ويتكوف؟ ولماذا لم توافق حماس حتى الآن؟
  • خلافات ترامب وماسك تندلع علناً في الشرق الأوسط
  • «حرة مطار الشارقة» تستعرض خدماتها في «الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات»
  • نظرة على الشرق الأوسط في عقل ترامب
  • السعودية والإمارات تسيطران على أفضل 10 علامات تجارية في الشرق الأوسط