مقال سيحرك الماء الساكن في (بِركة) حوازمة كردفان في اشتراك بعضهم في دمار الخرطوم
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
▪️مقال سيحرك الماء الساكن في (بِركة) حوازمة كردفان في اشتراك بعضهم في دمار الخرطوم للبحث عن الديموقراطية الكذوب التي ابتكرها “حميدتي”، وتم استعطاف كثير منهم لحرب خاسرة. ????????????
وحتى لا نبكي على اللبن المسكوب و ضياع أرنب الكوع!!
بقلم/ سعيد حبيب الله
كنانة العامية السودانية مليئة بأمضى سهامها من الأمثال.
عند الحديث عن قبيلة الحوازمة، تجدني عادة أميل لمنطقة الحوازمة، و هي بالتأكيد كل ولاية جنوب كردفان و غالبية الجزء الجنوبي من ولاية شمال كردفان. كل هذه المنطقة لهم وطن يتجولون فيها و بها حلهم و ترحالهم، زرعهم و مرعاهم؛ لا يعترضهم كائن من كان. و تلك المنطقة بالنسبة للحوازمة هي لبن مدروع في الكوع و أرنب كوع. هي بالنسبة لهم غالية و الدارع لبنا في كوعا ما بصارع بيا، و مضمونة و لا ينازعهم عليها أحد و أرنب الكوع لن تفلت. إذن ماذا جرى لقبيلة الحوازمة؟
ان الحقيقة المرة التي يجب على الحوازمة بلعها أنهم دخلوا هذه الحرب باجندة غيرهم، و ما يثار حول دولة 56 و تحقيق الديمقراطية و تسليم الحكم للمدنيين و إزالة تمكين الكيزان، كلها أجندة لا تخص الحوازمة حتى يلقوا و يفقدوا فلذات اكبادهم و أعز شبابهم في لهيبها. و أما موضوع العطاوة و جنيد و حيمات و ناقة العريفي:” الراحل عطية و المقيم حيمات و الدخان البتلتل داك راشد الولاد تأكل ناقتي أنت يا الخزامي الداج!”، و رد سلطان خزام: ” كان تلموا جنيد و مجنود و عبدكوا السلامي المعتوق كور الغنم ما بقابل جبين الدود”.
يقال أن هناك حربا ضروس قامت بسبب هذه الناقة حتى تدخلت عجوز في الغابرين فنحرتها و خلصت القبائل من شرها. و رغم الشكوك حول الرواية عن مدى صحتها، إلا أن الحقيقة هناك حربا قامت بين تلك القبائل ادت إلى موت الكثيرين منهم و هجرة الكثير.
ان دخول الحوازمة في هذه الحرب باجندة غيرهم، حتما سيخسرهم الكثر ، مقابل مبلغ المال الذي تم استئجارهم به. سيفقدون وطنهم كردفان و أرض اجدادهم جنوب كردفان و خاصة جبال النوبة، التي يشكل الحوازمة فيها أكبر مكونين قبليين في المنطقة. في كردفان توجد قبور اجدادهم و مراعيهم و حتى جبال حبوباتهم و جدودهم، و توجد الأشجار و المناطق و الجبال المسماة بأسماء اعيانهم، كمنطقة و خور و شجرة دار فلان و أولاد علان و خور فرتقان. و المدهش أن الحوازم اليوم يلقون بكل تأريخهم و مكتسباتهم جانبا و يتجهون صوب الصحراء بحثا عن أصول فقدوها لالاف السنين و لم يتذكرهم أحد إلا اليوم للدفاع عن إمبراطورية عودهم فيها عود مرأه، كما يقولون مع احترامنا للمرأة، لكن المثل جاء بسبب قلة نصيب المرأة في الميراث عند البقارة و خاصة الحوازمة. و لو أن الصحراء كان فيها خير لما فر منها اجدادكم الذين تدعونهم ليصلوا إلى الجبال و يحتضنهم سكانها بكل حنية و طيب خاطر.
إن الحرب التي تم ردفنا فيها ستفقدنا جنوب كردفان بجبالها و وديانها و مراعيها و مزارعها و طينها و عتاميرها، و ستتمدد الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو بكل اركانها، و ستنحصرون في الشريط الرملي و لن يسمح لكم البديرية و الجوامعة و الحمر و المسيرية مد ارجلكم لشبر داخل أراضيهم. و بعد أن سولة لنا انفسنا و وسوس لنا الشيطان بدخولنا الحرب ضد الجيش السوداني و محاولة اضعافها، قامت الحركة الشعبية مستغلة غدركم و خيانتكم للجيش لتتمدد في المواقع التي انسحب منها الجيش و تم طردكم منها لتحتلوا مناطق غيركم، لكن لن يقبل بكم أحد.
و الحوازمة لم يدركوا خطورة البريق و السراب الذي قدم لهم من دار فور و ظنوه ذهبا و ماء و دلقوا ماءهم ثم لم يجدوا ذهبا و لا ماء. و القتال بقضية غيرنا ستفقدنا جنوب كردفان أو تاتوها و تدفعوا الجزية للحلو و انتم صاغرون. و على دعاة العنصرية و القبلية و الواهمون الذين يبحثون عن العروبة و دم العروبة و شرف العروبة الذي اضاعوه قبل مئات السنين في الصحراء، لن يجنوا من ذلك شئ بإذن الله، و سنظل مكونا اساسيا في جبال النوبة و لن نصارع بلبنا في كوعنا و لن نضيع ارنبنا من كوعنا.
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جنوب کردفان
إقرأ أيضاً:
مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع
في وقت ينهار فيه قلب السودان، تقف مدن أخرى على هامشه لتعلن عن صعود جديد يُعيد رسم الخارطة الجغرافية للنفوذ الاقتصادي والعمراني. الخرطوم، العاصمة التي كانت ترمز إلى مركز القرار والسيطرة، تشهد انحسارا مدمرا بفعل الحرب التي اندلعت قبل أكثر من عامين، تاركة خلفها فراغا سكانيا ومؤسساتيا، في حين تنمو على أطراف المشهد مدن مثل بورتسودان وعطبرة والقضارف وشندي والدبة، لتتحول إلى حواضن بديلة للدولة والاقتصاد والمجتمع.
هذا التقرير يرصد تحولات هذه المدن في ظل الانهيار المتسارع للعاصمة، ويستعرض كيف بات الهامش مركزا مؤقتا وربما دائما.
مدينة بورتسودان، المعروفة بـ"دُرّة الشرق"، تقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وقد شهدت تغييرات عميقة منذ اندلاع الحرب في الخرطوم. حيث تحولت المدينة إلى مركز إداري بديل للحكومة، وأصبحت ملاذا للنازحين والفارين من مناطق الصراع، ومقصدا للعابرين بحرا وجوا.
كما جذبت المدينة المستثمرين ورجال الأعمال الذين نقلوا إليها نشاطهم التجاري، وأصبحت مقرا للمنظمات الدولية والإنسانية والسفارات الأجنبية.
ويُعدّ مطار بورتسودان الدولي الآن المنفذ الجوي الوحيد الذي يربط البلاد بالعالم الخارجي، مما ضاعف من أهميته الاستراتيجية. أما الميناء البحري الوحيد في السودان، فقد اكتسب بدوره أهمية اقتصادية متزايدة منذ إنشائه في أوائل القرن الماضي، وأصبح أحد أركان الاقتصاد الوطني في ظل انقطاع العاصمة.
وفي ظل هذا الانتعاش، شهد القطاع العقاري في المدينة تضخما كبيرا في الأسعار، حيث تضاعفت إيجارات العقارات بشكل جعلها بعيدة المنال عن أصحاب الدخل المحدود، مما أدى إلى ظهور تفاوتات اقتصادية بين الوافدين الجدد والسكان الأصليين.
عطبرة وشندي والقضارف.. صعود صناعي وزراعي وعمرانيفي شمال السودان، برزت مدينة عطبرة -التي تُعرف بـ"مدينة الحديد والنار"- كواحدة من أبرز المدن التي نهضت بوتيرة متسارعة.
إعلانعطبرة التي كانت مركزا تاريخيا للسكك الحديد، استفادت من موقعها الجغرافي عند تقاطع الطرق القومية بين الخرطوم وبورتسودان وحلفا، ومن تدفق رؤوس الأموال الهاربة من مناطق النزاع، خاصة تلك العاملة في قطاع التعدين الأهلي للذهب.
وانتقل إلى المدينة عدد كبير من العمالة التي كانت تعمل في القطاعات غير المنظمة، وارتفع عدد السكان من نحو 75 ألفا إلى نحو مليوني نسمة، وفقا لما صرّح به علي عسكوري، المسؤول السابق في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لموقع الجزيرة نت.
وقال عسكوري: "في كل مكان في عطبرة ترى العمارات ترتفع، والمراكز التجارية تنمو، والشركات والمناطق الصناعية تتسع". وقد رافق هذا التوسع نمو في سوق الذهب، حيث أصبحت ولاية نهر النيل (التي تنتمي إليها عطبرة) مع ولاية البحر الأحمر تنتج نحو 70% من الذهب في السودان، بعد انتقال مصفاة الذهب إليها وبناء برج خاص بسوق الذهب.
أما في شرق السودان، فقد جذبت ولاية القضارف -التي تُعد من كبريات مناطق الإنتاج الزراعي- رؤوس أموال ضخمة وكبريات الشركات، حيث شُغّل نحو 32 مصنعا في مجالات متنوعة، مما أسهم في تقليص الفجوة الغذائية، وتوفير فرص عمل واسعة للشباب والعمالة في المجالات الحرفية والمهنية.
وقد أدى توافد المستثمرين إلى انتعاش سوق العقارات وارتفاع أسعار الإيجارات، لا سيما في سوق القضارف والسوق العمومي والمحال التجارية، إلى جانب تحسن ملحوظ في القوة الشرائية ومعدل الدخل، رغم تصاعد البطالة والتضخم في بقية مناطق السودان.
وفي مدينة شندي الواقعة شمالي الخرطوم، استقرت عشرات المصانع التي غادرت العاصمة بعد الحرب. وقد خصصت المحلية مدينة صناعية متكاملة استوعبت هذه المصانع، بحسب ما أوضح المدير التنفيذي لمحلية شندي، خالد عبد الغفار، للجزيرة نت.
وتشمل الصناعات الجديدة في شندي إنتاج المواد الغذائية، والكراسات، والمياه المعدنية، والعصائر، والشاي، والصابون، واللحوم، بالإضافة إلى صناعات البلاستيك والعطور والأواني المنزلية، ومعدات الكهرباء، والسباكة، وتعليب الخضروات، وتجفيف البصل.
كما خصصت شندي مواقع لمعارض السيارات التي كانت تتركز سابقا في الخرطوم، وسوقا جديدا لمواد البناء، إلى جانب انتقال تجارة الأحذية والملابس والعطور من سوق سعد قشرة الشهير في بحري إلى أسواقها. وتشير بيانات محلية إلى أن عدد سكان شندي تضاعف أكثر من 5 مرات، وارتفعت إيجارات السكن والمتاجر بدرجة غير مسبوقة.
وفي شمال السودان، تحولت مدينة الدبة الواقعة على منحنى نهر النيل إلى ميناء بري ضخم، وأصبحت مركزا حيويا يربط بين الأقاليم الشمالية والغربية والشرقية.
تُستقبل في المدينة السلع والبضائع القادمة من المثلث الحدودي مع مصر وليبيا، بالإضافة إلى الواردات القادمة من مصر مباشرة.
وباتت المدينة نقطة توزيع مركزية للسلع إلى ولايات دارفور وكردفان، كما أصبحت ملتقى للنازحين الذين هربوا من تدهور الأوضاع الأمنية والخدمية في تلك الأقاليم، بحثا عن الاستقرار والتعليم والخدمات الصحية لأطفالهم.
إعلانوقد ارتفع عدد سكان الدبة من نحو 50 ألفا إلى أكثر من 500 ألف نسمة خلال عامين فقط، مما جعلها تتحول من مدينة صغيرة إلى مركز اقتصادي ناشئ. ويُعزى ذلك إلى موقعها المفتوح على الصحراء، مما سهّل تحوّلها إلى نقطة عبور لسلع التصدير من كردفان ودارفور نحو بورتسودان أو شمالا نحو معبر أرقين الحدودي مع مصر.
التحولات العميقة التي تشهدها مدن مثل بورتسودان، وعطبرة، والقضارف، وشندي، والدبة لا تمثل مجرد رد فعل ظرفي على الحرب الدائرة في الخرطوم، بل تكشف عن إعادة توزيع حقيقي للثقل السكاني والاقتصادي في البلاد.
هذه المدن أصبحت في غضون عامين فقط محاور جديدة للنمو والعمران، واستوعبت موجات النزوح والاستثمار التي كانت تتركز سابقا في العاصمة.
لكن يبقى التساؤل الجوهري: هل سيقود هذا الصعود إلى تغيير دائم في الجغرافيا السياسية والاقتصادية للسودان؟ أم أنها لحظة طارئة ستتبدد مع نهاية الحرب؟ الأكيد أن واقع ما بعد الخرطوم لن يشبه ما قبلها، وأن المدن التي كانت على الهامش باتت تمتلك الآن مفاتيح جديدة لمستقبل البلاد.