وزير الداخلية التونسي كمال الفقي في حوار مع DW عربية في تونس.

حول الجدل الدائر بشأن تصاعد موجات الهجرة غير النظامية إلى أوروبا وما يتعلق بها من جرائم تهريب البشر، ومسؤولية بلاده في الحد منها، قال وزير الداخلية التونسي كمال الفقي الخميس (28 سبتمبر/ أيلول 2023) إنّ تونس "لا يمكنها أن تكون حارسا لحدود الآخرين".

مختارات الاتفاق الأوروبي مع تونس- حارس جديد على بوابة المتوسط؟ الرئيس التونسي ينفي وجود انتهاكات منظمة ضد المهاجرين رايتس ووتش: "انتهاكات خطيرة" بحق مهاجرين أفارقة في تونس تحليل: هل تتمرد مصر وتونس على مطالب صندوق النقد الدولي؟

وأضاف الفقي في مقابلة مع DW أجرته معه في تونس أن "الدولة التونسية منذ البداية أطلقت صرختها واعتبرت أن هذه الهجرة لا يمكن أن نتصدى لها إلا بمعالجة أسبابها ...". وأكد في المقابل على أنّ "تونس لا يمكنها إلا أن تدافع عن حدودها وهي لا يمكن أن تكون حارسا لحدود الآخرين إلا بقدر حراستها لحدودها".

وحول مسألة إعادة المهاجرين غير النظاميين المرحلين من أوروبا إلى تونس وفرص بقائهم على الأراضي التونسية، قال الفقي إن بلاده "في وضعية صعبة اليوم لذلك من غير الممكن لها أن تستوعب هذا العدد من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء والساحل".

 وطالب الوزير التونسي بمساعدة الدول التي يأتي منها المهاجرون قائلا إنه "بقدر ما يمكننا أن نساعد دول المنشأ في أن تطور اقتصاداتها وتحسن من أنظمتها الاجتماعية والسياسية، بقدر ما نسعى إلى حل مشكلة الهجرة وبقدر ما تكون الحدود دائمة".

في المقابل صرح الوزير لـ DW في تونس، أن بلاده تنتظر مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي في إطار التعاون المشترك في شؤون الهجرة.

وردا على سؤال فيما إذا كان إجمالي الدعم الذي أعلنت عنه المفوضية الأوروبية سواء في مذكرة التفاهم أو حزمة المساعدات الأخيرة المعلن عنها، كافيا لتونس لمساعدتها في ضبط حدودها، أكد الفقي أن "حزمة المساعدات الأوروبية هي في الحقيقة في جزء هام منها متفق عليه قبل إبرام الاتفاقية الأخيرة، أي بروتوكول إعلان النوايا".

وأضاف الفقي أنّ "هذه الاتفاقية ستجد طريقها للتطبيق مع العلم أن حزمة المساعدات التي أٌعلن عنها لم تصل بعد. وننتظر أن يتم تفعيل الاتفاق بشكل إيجابي وسريع ".

وفي الحوار الذي أجرتهDW  معه وتنشر نصه الكامل لاحقا، رد وزير الداخلية التونسي على الانتقادات التي توجه لسلطات بلاده بشأن رفضها دخول وفد من النواب في البرلمان الأوروبي منتصف شهر سبتمبر/ أيلول الحالي إلى تونس، وكذلك بشأن أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد وسوء معاملة المهاجرين الأفارقة.

و. ال / م.س (DW)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: وزير الداخلية التونسي كمال الفقي وزير الداخلية التونسي كمال الفقي وزیر الداخلیة التونسی فی تونس

إقرأ أيضاً:

لا تُصادِر فرح الآخرين

سلطان بن ناصر القاسمي

يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (الأعراف: 156).

في خِضمّ زحمة هذه الحياة التي نعيشها، وبين تقلباتها المتتالية، وما يمرّ أمامنا من قصص تحمل في طياتها دروسًا وعِبَرًا، ينسى بعضنا حقيقة ثابتة لا تتغير: أن البشر لا يتشابهون في نصيبهم من النِّعم، ولا في حجم ما يمتلكونه من أسباب الفرح، ولا حتى في طريقة استقبالهم للحياة ذاتها. فهناك من أُفيض عليه من الخيرات ما لا يُحصى، حتى بات لا يرى في التفاصيل الصغيرة معنى يُذكر، ولا يلتفت إلى الإنجازات البسيطة لأنها لا توازي في نظره ما اعتاد عليه من وفرة.

وفي المقابل، هناك من لا يملك في هذه الدنيا سوى ومضة أمل صغيرة، يتشبث بها كما يتشبث الغريق بطوق النجاة، فرحٌ بسيط في حجمه، لكنه عظيم في أثره، لأنه يشعره أنه ما زال حيًّا، وما زال قادرًا على الفرح رغم قسوة الطريق.

وحين نرى إنسانًا يفرح بشيءٍ نراه نحن عاديًا أو متواضعًا، فليس من العدل أن نُسقِط عليه مقاييسنا، ولا أن نحتقر فرحته لأننا نملك ما هو أكبر منها. فما دام الإنسان لا يملك في هذه الحياة إلا سببًا واحدًا يفرح به، فليس من الحق أن نستكثر عليه تلك الفرحة، ولا أن نقلّل من شأنها، ولا أن نرى صاحبها أقل قيمة ممن حوله. فكل إنسان يحمل في داخله حكاية لا نعرف تفاصيلها، وأوجاعًا لا نرى آثارها، وأحلامًا قد تكون صغيرة في أعيننا، لكنها عظيمة في قلبه.

والحقيقة التي لا تقبل الجدل أن الفرح ليس معيارًا واحدًا، ولا يخضع لميزان ثابت يُقاس به عند جميع البشر. فقد يفرح أحدهم بابتسامة عابرة صادفها في وقت ضيق، وقد يفرح آخر بتحقيق هدفٍ عمل لأجله سنوات طويلة، وقد يكون الفرح في كتابٍ عثر عليه مصادفة، أو في عبارة قرأها في لحظة ضعف فانتشلته من حزنه، وبدّلت مزاجه، ومنحته دفعة جديدة للحياة. وفي المقابل، هناك من لا تحرّكه كل هذه الأشياء، فتراه متجهمًا حتى في أجمل لحظاته، متشائمًا حتى وهو غارق في النِّعم. ومن الخطأ الكبير أن نحاكم الآخرين بما نراه نحن كبيرًا أو صغيرًا؛ فكل قلب أعرف بحاجته، وأدرى أين يختبئ أمله.

وتكمن قيمة الفرح الحقيقية في كونه عنصرًا أساسيًا من عناصر الصحة النفسية والجسدية، ومحفّزًا للنفس، ولبناء العلاقات الإنسانية المتوازنة. فالفرح ليس مجرد شعور عابر، بل هو طاقة داخلية تمنح الإنسان قدرةً على التحمّل، ومرونة في مواجهة التحديات، ومعنى أعمق للحياة. وهو ليس بالضرورة ضحكة عالية أو احتفالًا صاخبًا، بل قد يكون سكينة هادئة تنبع من الداخل، ورضًا يتكوّن بصمت، وإحساسًا بالطمأنينة لا يراه أحد، لكنه يملأ القلب.

وحين نحتقر فرح الآخرين، فإننا في الحقيقة لا نُسقِط نقصًا فيهم، بل نفضح نقصًا فينا. فاحترام المشاعر يحتاج إلى رُقيٍّ في التعامل الإنساني، وتقدير حاجات الناس ورغباتهم يحتاج إلى قلبٍ واسع يحب الخير للآخرين كما يحبه لنفسه. وما أجمل أن نكون ممن يباركون نجاحات غيرهم، ويشاركونهم أفراحهم، حتى لو بدت لنا بسيطة، فربما كانت عندهم أغلى من كل ما نملك.

فالأرزاق تُقسَّم بإرادة الله وبحكمةٍ لا تُدرَك، ومنها تُوزَّع مواطن الفرح في القلوب. فلا تستهِن بما يُسعد الآخرين، ولا تحرمهم لحظة يجدون فيها أنفسهم أحياء من الداخل. دع كل إنسان يفرح بما لديه، فليس من العدل أن نُطالب الجميع أن يفرحوا بالطريقة ذاتها، ولا أن نُجبر القلوب على مقاييس لا تشبهها.

وهنا تحضرني قصة تختصر هذه المعاني كلّها. في أحد الأيام، كانت هناك عزومة عند إحدى الأسر، وقد قامت ابنتهم بإعداد القهوة وتقديمها للضيوف. وعند تقديمها، وجّهت إحدى الحاضرات انتقادًا لطريقة إعدادها. فما كان من تلك المرأة إلا أن قامت بإعداد القهوة مرةً أخرى على عجل، وقد بدا عليها الارتباك. وعندما أعادت تقديمها، بادرت أمّ البنت إلى مدح القهوة والثناء عليها أمام الجميع، وكأنَّها تريد أن تُعيد لتلك المرأة ثقتها بنفسها. وبعد انصراف الضيوف، تساءل أهل البيت عن سبب موقف الأم، فقالت لهم بحكمة موجعة: "هذه المرأة، للأسف، لا تملك من مقومات الجمال ولا من المال، ولم تنل حظًا وافرًا في علاقاتها الاجتماعية، وكل ما تملكه لتفرح به هو أنها تُجيد إعداد القهوة وتخدم من حولها، فلماذا نستكثر عليها تلك الفرحة؟ حتى لو كانت في فنجان قهوة".

هذه القصة وحدها تكفي لتعلّمنا درسًا عظيمًا: أن بعض الناس لا يملكون إلا أسبابًا صغيرة للفرح، لكنها بالنسبة إليهم كل الحياة. فلماذا نكسر خواطرهم؟ ولماذا نصادر ضحكاتهم؟ ولماذا نُضيّق عليهم مساحات الضوء القليلة التي يملكونها؟

إنَّ زرع الفرح في قلوب الآخرين لا يحتاج إلى مالٍ كثير، ولا إلى جهدٍ عظيم، بل إلى كلمة طيبة، ونظرة رحيمة، وموقفٍ يُشبه الإنسان في نقائه. فدع للناس أفراحهم، صَغُرَت أم كبُرَت، ودَع قلوبهم تُكمل طريقها بما تملك، لا بما نملك نحن.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ليبيا ترحّل مجموعة من المهاجرين المصريين
  • تراث الجمال العربي يُتوج عالميًا.. الكحل التونسي على لائحة اليونسكو
  • تراث الجمال العربي يتوج عالميًا… الكحل التونسي على لائحة اليونسكو
  • النقل بالسكك الحديدية محور لقاء سعيود مع وزير النقل التونسي
  • تونس: افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • أرقام قياسية لمغادرة المهاجرين أميركا وإدارة ترامب تشتري طائرات لترحيلهم
  • لا تُصادِر فرح الآخرين
  • ليبيا تواصل ترحيل المهاجرين «غير الشرعيين»