كيف تفاعت بورصات الشرق الأوسط مع عودة مؤشر الخوف للصعود في وول ستريت؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
محمود جمال - مباشر: سيطرت التراجعات على أداء أسواق الأسهم بالشرق الأوسط وخصوصا الخليجية منها، خلال تعاملات اليوم الأربعاء ، وسط تأثر سلوك مستثمريها بالهبوط القوي للبورصات العالمية لاسيما بعد عودة ارتفاع عائدات السندات الأمريكية لأعلى مستوى منذ عام 2007 ليأتي ذلك بالتزامن مع صعود مؤشر الخوف لأعلى مستوى منذ مايو الماضي في ظل تجدد المخاوف من وقوع ركود باقتصاد الولايات المتحدة بسبب استمرار التشديد النقدي.
وبحلول 08:05 صباحًا بتوقيت جرينتش، تراجع مؤشر بورصة قطر بنسبة 0.75 في المئة، وانخفض المؤشر الرئيسي للسوق السعودي "تاسي" بنسبة 0.6 في المئة، ونزل مؤشر السوق الأول الكويتي 0.36 في المئة، وتراجع مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية بنسبة 0.23 في المئة.
جاء ذلك بعد هبوط مؤشرات أسواق الأسهم العالمية وفي مقدمتها الأمريكية لاسيما بعد ظهور بيانات عن الوظائف عززت الرهان بظأن الفيدرالي قد يستمر في رفع أسعار الفائدة لفترة أطول.
وبنهاية تعاملات أمس الثلاثاء، هبط مؤشر "داو جونز" الصناعي لأدنى مستوى إغلاق منذ نهاية مايو الماضي الواقع عند 33002 نقطة مسجلا تراجعا يوميا بنسبة 1.3%. كما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 1.35 في المئة وناسداك بنسبة 1.85 في المئة.
كما هبط مؤشر ستوكس 600 الأوروبي لأدنى مستوى له منذ مارس الماضي، كما سيطر التراجع على مؤشرات الأسهم البريطانية والفرنسية واليابانية.
وقال إبراهيم الفيلكاوي المستشار بأسواق الأسهم العربية لـ"معلومات مباشر"، إن معامل تأثر أسواق المنطقة وخصوصا الخليجية بأداء الأسواق العالمية وخصوصا الأمريكية ارتفع في الفترة الأخيرة ولاسيما مع ربطها عملتها بالسياسيات النقدية للفيدرالي، مشيرا إلى أن أداء أغلب البورصات بالمنطقة في مستهل الشهر الجاري لم يختلف عن أدائها في سبتمبر الماضي.
وجاءت محصلة أداء مؤشرات أسواق المال الخليجية، خلال الشهر الماضي سلبية، باستثناء سوقي دبي وقطر وسط تسجيل الأسواق العالمية لخسائر شهرية حادة أيضًا بفعل مخاوف استمرار التشديد النقدي لفترة أطول من المتوقع، حيث سجلت مؤشرات وول ستريت أكبر خسائر شهرية في العام الجاري مع تزايد المخاوف بشأن السياسة النقدية للفيدرالي، وهبط مؤشر إس آند بي 500 للشهر الثاني على التوالي بنسبة 4.9 بالمئة. ونزل مؤشر دواجونز بنسبة 3.5 في المئة وناسداك بنسبة 5.8 في المئة في نهاية تعاملات الشهر الماضي.
وأشار الفيلكاوي إلى أن ارتفاعات النفط الأخيرة والتي تأتي وسط الترقب لنتائج اجتماع تحالف أوبك بلس اليوم لم تؤثر أيضا بأداء أسواق الخليج بشكل عام فيما عدا الإماراتي الذي صعد بقوة بأول جلستين من شهر أكتوبر 2023، مرجحًا أن يتم التفاعل إيجابيا بأسواق المنطقة وعودتها للارتفاع خلال موسم إفصاحات الربع الثالث من العام والمرتقب بدايته في منتصف الشهر الجاري.
بدوره، أوضح مستشار الأسواق العالمية محمد مهدي عبد النبي لـ"معلومات مباشر"، أن مستويات سحب السيولة من أسواق العالمية كان واضحًا بقوة على أداء مؤشرات الأسهم في نهاية الشهر الماضي، حيث سجلت خسائر كبرى في مقابل ارتفاع عائدات السندات الأمريكية لمستويات تاريخية، مشيرا إلى أن تقييمات الأسهم العالمية ولاسيما الأمريكية أصبحت متضخمة وهو ما يتوقع لها المزيد من التراجع على المستوى الشهري مع الترجيح باستمرار الاتجاه العام للسندات وأدوات استثمار أخرى عالمياً بعيدًا عن الأسهم.
وفي ذات الساعة من تعاملات اليوم وخارج منطقة الخليج، ارتفعت مؤشرات البورصة المصرية بنسبة طفيفة.
وقال الدكتور حسام الغايش خبير أسواق المال ودراسات الجدوى الاقتصادية، إن عمليات جني الأرباح والتصحيح على المستوى الأسبوعي والشهري تؤكد أن المؤشر العام "الثلاثيني" قد يتجه لمستوى 18600 نقطة، لافتا إلى أن الفرص على المستوى المتوسط لاتزال متوفرة في السوق ولكن في الأسهم التي لم تحظى بارتفاعات كافية الفترة الماضية رغم تحقيقها أداء ماليًا جيدًا.
للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا
المصدر: معلومات مباشر
إقرأ أيضاً:
تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
بقدر ما أظهر استمرار حرب الإبادة تصاعُد الخلاف بين إسرائيل وبين الغرب الأوروبي، بقدر ما أظهرت تداعيات وقف الحرب خلافاً متنامياً مع آخر حليف لتل أبيب أي واشنطن، وكما قدرنا سابقاً ومنذ أكثر من شهرين مرا على البدء بتنفيذ خطة ترامب بشأن غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو، لم تلتزم تماماً بتلك الخطة، التي وافقت عليها على مضض، ليس من سبب إلا لأن وقف الحرب جرى دون ان تحقق هدفها بعيد المدى، وهو تهجير سكان قطاع غزة، وضم أرضه تالياً لدولة إسرائيل الكبرى، وتجلى عدم التزام إسرائيل بوقف النار من خلال قتل نحو أربعمائة مواطن، ومواصلة تدمير ما تبقى من منازل، كذلك عبر تعميق ما يسمى بالمنطقة الصفراء التي تحتلها دون ان يكون فيها سكان سبق لها وان أجبرتهم على النزوح، والأهم ان مواصلة إطلاق النار، تبقي على احتمال مواصلة الحرب قائماً في مخيلة أركان الحكومة الإسرائيلية، بما يعني بأنها منذ البادية راهنت على وقف تنفيذ الخطة عند حدود الخط الفاصل بين مرحلتيها الأولى والثانية.
والحقيقة هناك كلام كثير يمكن أن يقال، لنؤكد على أن إسرائيل اليمينية المتطرفة حالياً، تعتقد بأنها وصلت إلى اللحظة التي أعدت لها أولاً أوضاعها الداخلية، وثانياً العلاقة مع الجانب الفلسطيني، وثالثاً الشرق الأوسط برمّته ليكونوا قد باتوا جاهزين لقيام دولة إسرائيل العظمى، عبر مصطلح خادع قال به بنيامين نتنياهو علناً وصراحة قبل أكثر من عام، وهو تغيير الشرق الأوسط، والأهم هو أن نتنياهو وطاقم الحكم المتطرف يعتقد بأنه إن لم يحقق ما يصبو اليه الآن، فلن ينجح في ذلك لاحقاً، أي ان هذه الحرب ليست كما كانت سابقاتها، حيث دأبت إسرائيل على شن الحروب سابقاً بمعدل مرة كل بضع سنوات، تحتل خلالها أراضي عربية إضافية، او تحقق أهدافاً أمنية_سياسية، وحين تواجه عقدة مستعصية توافق على وقف لإطلاق النار، لتقوم بالتحضير لتحقيق ما عجزت عنه فيما بعد، هذه المرة يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أصحاب مشروع إسرائيل العظمى والكبرى، بأن العالم يتغير بسرعة في غير صالحهم، لذلك فهذه هي فرصتهم الأخيرة، لذلك يمكن القول بأنهم غامروا لدرجة ان يخسروا تأييد الغرب الأوروبي، ويغامرون اليوم بالمراهنة حتى آخر رمق من تأييد ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذلك أن أميركا بعد ترامب ستكون ذات موقف مختلف.
لن نعيد في هذه المقالة، ما سبق لنا وقلناه عن دوافع وتفاصيل تلك الصورة، التي اتضحت خلال حرب العامين على فلسطين وعلى ست دول شرق أوسطية، لكن بالمجمل فإن كون إسرائيل كدولة بعد نحو عشر حروب خاضتها، بل بعد ما يقارب من ثمانين عاماً، على قيامها، أي منذ نشأتها حتى اليوم، والأهم بعد اربع معاهدات سلام وقعتها مع ست دول عربية، وعدد من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار، ما زالت في حالة حرب، ليس فقط مع فلسطين، بل مع الشرق الأوسط برمّته، والأخطر بعد ان كانت تبدو في حالة حرب مع الدول العربية، بغض النظر عن كلها أو بعضها، باتت حالياً في حالة حرب مع الدول العربية والدول الإسلامية، وباختصار، باتت الشوفينية الإسرائيلية لا تكتفي بمواصلة مطالبة واشنطن بالحفاظ على تفوقها العسكري على مجمل دول المنطقة فرادى ومجتمعين وحسب، بل باتت تقول علناً بأنها تسعى لتغيير الشرق الأوسط، ولا تنكر ان طريقها لذلك هو إفراغ الشرق الأوسط من عوامل القوة العسكرية، بما يشمل تغيير الأنظمة، وأنها في سبيل ذلك تواصل شن الحرب، وأنها لا تثق بأحد، ولهذا فهي اليوم باتت في حالة حرب مع فلسطين ولبنان وسورية واليمن وإيران، فيما علاقتها متوترة مع الآخرين: مصر، الأردن، تركيا، قطر، السعودية، أي الجميع.
والحقيقة أن كون إسرائيل ما زالت في حالة حرب، منذ نشأتها، وهذا أمر لم يحدث في تاريخ العالم، سوى مع الدول الاستعمارية، نقصد المغول والبيزنطيين الذين أقاموا في مناطق شاسعة من العالم قروناً، كذلك الاستعمار في القرن العشرين، مثال الجزائر وفيتنام، يعني أو يؤكد بأن إسرائيل ورغم انه لاح وكأن اتفاقيات او معاهدات السلام التي عقدتها مع مصر أولاً ثم فلسطين والأردن، ولاحقاً مع الإمارات، البحرين والمغرب، قد وضعت حداً، او أنها قد فتحت الباب لإغلاق باب الحروب بينها وبين محيطها الشرق أوسطي، العربي والإسلامي، لكن ذلك لم يحدث، ولا حتى في عالم الرياضة، حيث هي حقل لجمع الدول، بما بينها من خلافات، حيث كان فريق الاتحاد السوفياتي في ظل الحرب الباردة يشارك في مباريات كرة القدم مع منتخبات الغرب الأوروبي في كؤوس العالم، بينما إسرائيل تشارك ضمن المنافسات الأوروبية، رغم أنها دولة آسيوية جغرافياً، وكثيراً ما انسحب المشاركون في مسابقات رياضية دولية، من دول عربية إفريقية ودول إسلامية تجنباً لمنافسة الرياضيين الإسرائيليين.
أي أن معاهدات واتفاقيات السلام والتطبيع، خاصة المصرية والأردنية منها، بقيت حبراً على الورق الرسمي، بينما كان توقيعها مناسبات لرفع وتيرة مواجهة التطبيع على الصعيد الشعبي. باختصار نريد القول، بأن إسرائيل لا قبل ولا خلال ولا بعد توقيع أربع اتفاقيات ومعاهدات سلام، صارت دولة طبيعية في الشرق الأوسط، وهي ما زالت دولة لم تحظ بشرف عضوية ذلك النادي الدولي، وربما كانت هذه الحقيقة التي لا شك بأنها تنغص حياة الإسرائيليين، أحد الدوافع التي تجعل منها شعاراً لمن يطمح في الحكم، وقد كان شعار السلام منذ ما بعد إعلان قيامها عام 48 طريقاً للأحزاب التي تنافست على الحكم خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى توقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر، أما شعار الشرق الأوسط الجديد، فقد تلا انتهاء الحرب الباردة، ورافق مفاوضات مدريد التي أجبر عليها اليمين الليكودي الحاكم عام 1991، وإعلان اتفاق أوسلو من قبل آخر حكومات اليسار، وبالتحديد من عراب أوسلو الإسرائيلي شمعون بيريس، الذي حرص على ان تشمل مفاوضات الحل النهائي مع (م ت ف) مفاوصات متعددة الأطراف، إقليمية بالطبع، لتقديم ما يغري الجانب الإسرائيلي بقيام شرق أوسط جديد، كنادٍ اقتصادي تكون لها فيه عضوية فاعلة، بالتوازي مع المفاوضات الثنائية مع الجانب الفلسطيني التي ستفضي الى الانسحاب الجغرافي.
أي أن الشرق الأوسط الجديد بمفهوم بيريس الذي بشّر به قبل أكثر من ثلاثة عقود، آخذاً بعين الاعتبار المتغير الكوني بعد انتهاء الحرب الباردة، ونشوء العلاقات بين الدول على أساس الشراكة الاقتصادية، اعتمد على أن نفوذ الدول بات مرهوناً باقتصادها وليس بتوسعها الجغرافي أو قوتها العسكرية، بينما شرق أوسط بنيامين نتنياهو، هو نقيض ذلك تماماً، حتى أن السلام عند بيريس كان يستند لمبدأ الأرض مقابل السلام، بينما عند نتنياهو يعني فرض الأمن بالقوة العسكرية، وقد كان يمكن أن يتحقق شرق أوسط جديد على أساس شراكة دوله وشعوبه في الأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، ضمن نظام عالمي قائم على هذا المفهوم أساساً، ومثل هذا الشرق الأوسط ليس بعيداً، مع ملاحظة العلاقات البينية بين دوله، العربية والإسلامية، اي دول الخليج ومصر وكل من تركيا وايران، لكن ما حال دون ذلك هو إسرائيل بحكوماتها اليمينية التي تقول بتغيير الشرق الأوسط كله ليتوافق مع طبيعتها الاستعمارية، بينما المنطقي هو ان تتغير هي لتتوافق مع شرق أوسط طبيعي متوافق مع النظام العالمي.
هذه الوجهة هي التي ستفرض على إسرائيل التغيير الداخلي، وأهم سماته لفظ اليمين المتطرف، وإعادة التأكيد على دولة المؤسسات الديموقراطية، وذلك بالشروع فوراً في تحقيق جملة من الشروط هي: الانسحاب من ارض دولة فلسطين ومن الأراضي العربية المحتلة، وتصفية كل المناطق الأمنية، وإن كان لا بد من مناطق أمنية فعلى الجانبين، ثم تطبيق حق العودة والتعويض، مع تقديم ضمانات أمنية لدول الجوار، لأن إسرائيل هي الأقوى عسكرياً وهي التي تعتدي وتحتل، كذلك نزع الصفة الدينية عنها وبث رسالة سلام وتعايش للجوار.
وأهم أمر على إسرائيل أن تُقْدم عليه او إعلان الحدود الجغرافية النهائية للدولة، وكذلك دستورها الذي يثبت بأنها دولة طبيعية مدنية تعيش مع جيرانها وفق منطق حسن الجوار، كل ذلك يتطلب أولاً إحالة نتنياهو، عراب إسرائيل الكبرى الى المعاش السياسي، ثم إسقاط اليمين المتطرف، حتى يمكن التوصل لحل الدولتين.
الأيام الفلسطينية