نشر موقع "أورينت توداي" في نسخته الفرنسية تقريرا تحدث فيه عن المخاوف السعودية في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل، وتأثيره السلبي المحتمل على الاستقرار في المنطقة وجهود التسوية والتقارب بين الدول العربية وإسرائيل.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن المملكة العربية السعودية تلقت ضربة كبيرة بعد انخراطها في مفاوضات التطبيع مع إسرائيل لعدة أشهر وإحراز تقدم "ملحوظ كل يوم"، وذلك حسب ما صرح به وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخراً على قناة "فوكس نيوز".



فبعد إطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل في وقت مبكر من صباح يوم السبت، تسلّل المئات من مقاتلي حماس إلى المناطق الإسرائيلية عن طريق البحر والبر والجو باستخدام الطائرات الشراعية الآلية في هجوم غير مسبوق. وقد تزامن هذا الهجوم مع الذكرى الخمسين لحرب يوم الغفران، التي كانت في حد ذاتها رمزاً لفشل المخابرات الإسرائيلية.

وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن حماس "ستدفع ثمنا غير مسبوق" لحربها ضد إسرائيل. وبالنظر إلى الانتقام الإسرائيلي الكبير المرتقب، فإن هذا الوضع يسلط الضوء بشكل أكبر على حدود التنوّع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية في علاقتها بالدول المعادية مثل إسرائيل وإيران، الداعم اللوجستي والمالي لحماس.

يتوقع عمر كريم، الباحث في جامعة "برمنغهام" والمتخصص في الشؤون الخارجية السعودية، "رداً قوياً من إسرائيل بعد تعرضها للإهانة على يد حماس، مما قد يقوّض عملية التطبيع إلى أجل غير مسمى، هذا إن لم يتم إنهاؤها".


ويرى عزيز الغشيان، المحلل السعودي والخبير في العلاقات الثنائية، أن "التطبيع دون تنازلات للفلسطينيين لن يؤدي إلا إلى نزع الشرعية عن النهج السعودي، والسعوديون يدركون ذلك". ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تأخير أو حتى انتكاسة في آفاق التطبيع على المدى القصير.

قضية التنازلات الشائكة للفلسطينيين

أشار الموقع إلى أن السعودية منذ بداية المفاوضات مصرّة على أن التطبيع لن يحدث دون تقديم تنازلات للفلسطينيين، وخاصة وقف الاستيطان وحلّ الدولتين. والمفاوضات متوقفة في المقام الأول بشأن هذه القضايا لأن إسرائيل تسيّرها حالياً الحكومة الأكثر يمينية في تاريخها، وليس بسبب مطالب استراتيجية للغاية مثل معاهدة الأمن الدفاعي المشترك مع الولايات المتحدة وتطوير برنامج نووي لتخصيب اليورانيوم. ومن شأن هذا الهجوم غير المسبوق الذي تشنه حماس على إسرائيل أن يزيد من تصلب موقف حكومة نتنياهو ويجعلها أكثر مقاومة لطلبات التنازل للفلسطينيين.

تعتبر هذه قضية مثيرة للجدل بالنسبة للمملكة، التي تهدف إلى تنصيب نفسها كلاعب دبلوماسي رئيسي في المنطقة، هذا بالإضافة إلى سعيها للحصول على الدعم الشعبي. وستخرج السلطة الفلسطينية، الشريك التقليدي للسعودية، من هذه الحلقة الحربية ضعيفةً ما يخدم إلى حد كبير مصالح حماس.

وحسب الموقع، تخاطر السعودية بخسارة المزيد من نفوذها في الوقت الذي تسعى فيه إلى استعادته. وقد استضافت الرياض وفودا من السلطة الفلسطينية وحماس في الربيع، بما في ذلك رئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية. لكن في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" في 20 أيلول/ سبتمبر، صرح محمد بن سلمان ببساطة أنه يأمل أن "يجعل التطبيع الحياة أسهل للفلسطينيين"، دون ذكر الدولة الفلسطينية، مما حيّر العديد من أنصار القضية.

بعد هجوم حماس، ردت وزارة الخارجية السعودية بخطاب قوي بشكل غير عادي، متوقعة على الأرجح ارتفاع حصيلة القتلى الفلسطينيين في غزة بسبب الهجوم المضاد الإسرائيلي وتأثيره على اتفاق التطبيع الذي لا يحظى بالفعل بشعبية كبيرة في صفوف السكان العرب والسعوديين.

ودون إدانة هجمات حماس، نددت الوزارة السعودية بهجوم "قوات الاحتلال الإسرائيلي" مستحضرة "تحذيراتها المتكررة من مخاطر الوضع المتفجر الناتج عن استمرار الاحتلال، وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، والأعمال الاستفزازية المتكررة ضد الفلسطينيين".

وبغض النظر عن الغارات الإسرائيلية المتكررة في الضفة الغربية المحتلة، ينتهك المستوطنون المتطرفون بشكل متزايد الوضع الراهن في الحرم القدسي منذ مطلع السنة. وقد انتقد مارك دوبروويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات المؤيدة لإسرائيل، في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقا) "رد المملكة المخيب للآمال للغاية والذي سيصب في مصلحة النظام الإيراني". وقال: "في الماضي، أدانت إسرائيل الهجمات الصاروخية الحوثية ضد المملكة العربية السعودية، وهذا ليس الرد الذي يتوقعه المرء من دولة تسعى للحصول على ضمانات أمنية أمريكية".

وذكر الموقع أن الإمارات العربية المتحدة، التي وّقعت وقادت ثلاث دول عربية أخرى إلى اتفاقيات إبراهيم في سنة 2020، التزمت الصمت واكتفت بالتعبير ببساطة عن "قلقها العميق" ودعت إلى "وقف فوري لإطلاق النار" بين الطرفين.

فشل المخابرات الإسرائيلية

أشار الموقع إلى أن هجوم حماس صدم الكثيرين، وخاصة بقدرتها على اختراق الدرع الأمني والعسكري الإسرائيلي من منطقة مجاورة. وتشتهر إسرائيل بتقنياتها الاستخباراتية المتطورة، بما في ذلك التقنيات السيبرانية، ومعدات الدفاع المتقدمة. وعلى حد تعبير كريم، فإن "قوة إسرائيل التي لا تقهر تبدو فجأة وكأنها سراب. هذا الحدث سيوضّح للسعوديين أنه بدون معالجة القضية الفلسطينية، سيظل التطبيع محدودا وسيؤثر سلبا على ديناميكيات الأمن الإقليمي".

ونظرا لحجمه، هناك سبب للاعتقاد بأن هجوم حماس تم تنسيقه بدقة مع إيران وحزب الله، مما يعزز هذا المحور ثلاثي الأطراف. وقد أشاد المستشار العسكري للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بالهجوم. وفي لبنان، أشاد حزب الله والفصائل الفلسطينية أيضاً بهذا الهجوم.

نقل الموقع عن ديفيد خلفة، المدير المشارك لمرصد شمال أفريقيا والشرق الأوسط التابع لمؤسسة "جان جوريس" والخبير في العلاقات الإسرائيلية الخليجية، أن "هناك نية واضحة لدى حماس وحلفائها لتقويض عملية التطبيع، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي دفع الإسرائيليين إلى الانتقام على نطاق واسع في قطاع غزة، وربما من خلال غزو بري لتشويه صورة إسرائيل الدولية". وزعم أن "الزيادة في عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين تعد ميزة استراتيجية لكل من حماس وإيران. وهذه هي الجوائز التي سيتم استخدامها في حرب صورية ضد إسرائيل لإبطاء، إن لم يكن إيقاف، المفاوضات العربية مع الإسرائيليين".

وقالت باربرا سالفين، الباحثة في مركز "ستيمسون" والخبيرة في العلاقات الخليجية الإيرانية: "لن أتفاجأ إذا كان هجوم حماس رسالةً للسعوديين بعدم التخلي عن الفلسطينيين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ومع أن تورط إيران في هذه الهجمات ليس واضحاً ولا رسمياً، إلا أن طهران دعمت حماس من خلال توفير المال والأسلحة والخبرة".

وأكّد الموقع أن هذا الصراع الجديد يعقد الطموحات الجيوسياسية للمملكة العربية السعودية، إلا أن المملكة ليس لديها مجال كبير للمناورة ضد تصرفات محور إيران وحزب الله وحماس. ووفقا للخبراء، من غير المرجح أن يهتز اتفاق التقارب بين الرياض وطهران الموقّع في 10 آذار/ مارس في بكين.


يعتقد كريم أنه "لن يكون هناك أي تأثير على التقارب السعودي الإيراني لأنه من وجهة النظر السعودية يجب أن يظل الوضع هادئا. إنها بحاجة إلى التزام الهدوء لاحتواء الحوثيين، وكذلك قدرة إيران الكليّة على شن ضربات على البنية التحتية النفطية السعودية". أما سالفين فتؤكد أن "العلاقات الإيرانية السعودية تقوم على ردع التهديدات ضد بعضهما البعض، ولا ينبغي للحرب في غزة أن تؤثر عليهما إلا إذا انتشر الصراع في المنطقة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة السعودية إسرائيل التطبيع الفلسطينية إسرائيل فلسطين السعودية التطبيع صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة السعودیة هجوم حماس

إقرأ أيضاً:

بدء العد التنازلي لـ"هجوم شامل" على غزة.. ونافذة ضيقة للحوار

مع اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولة في المنطقة، بدأ العد التنازلي لهجوم شامل وموسع تتوعد الحكومة الإسرائيلية بتنفيذه في غزة، وتقول إنه السبيل الوحيد لتحقيق هدفها الرئيسي من الحرب، وهو القضاء على حركة حماس، حتى لو جاء على حساب حياة من تبقى من رهائن في القطاع.

ويحاول الوسطاء زيادة الضغط في اتجاه إبرام اتفاق للرهائن، قبل بدء الهجوم الإسرائيلي الواسع على غزة، الذي "قد يحدث بمجرد عودة ترامب" كما توعدت إسرائيل.

وبينما لم يتحقق أي تقدم وسط العديد من الاجتماعات والمحادثات رفيعة المستوى، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤولين إسرائيليين وعرب قولهم إن الضغوط الأميركية ستزداد حدة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

إلا أن الرئيس الأميركي، وخلال زيارته لقطر، أطلق تصريحا يكتنفه الغموض بشأن مستقبل غزة، وأعرب عن رغبته مجددا في أن "تمتلك الولايات المتحدة غزة وتجعلها منطقة حرية".

وتحت ضغط مكثف من قبل الوسطاء لإحياء فرص التفاوض والابتعاد عن تصعيد عسكري من شأنه زيادة تأزم الموقف المعقد أساسا في المنطقة، تصر إسرائيل على عدم مناقشة أي مقترح لا يتماشى مع رؤيتها، مشددة على أن الوفد المفاوض الموجود في الدوحة لن ينخرط في أي مفاوضات خارج إطار المقترح القديم الذي طرحة مبعوث واشنطن للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

لكن في ظل فتور في العلاقات بدا واضحا مؤخرا بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخلافات بشأن التعاطي مع مسألة الحرب في غزة، يبدو أن نتنياهو سعى لترك نافذة للحوار حتى لا يعمق الهوة بينه وبين الحليف الأقرب، وألا يظهر في صورة المتعنت الرافض لأي أفكار تضمن تحرير باقي الرهائن وتضع حدا للحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرا.

ومن هنا جاء إعلان هيئة البث الإسرائيلية عن أن إسرائيل تدرس تقليص نطاق المرحلة الأولى من خطة توسيع العمليات في غزة، من أجل منح فرصة إضافية لمحادثات التفاوض كجزء من هذا التوجه، موضحة أنه سيتم تقليص حجم القوات التي ستعمل داخل القطاع وكذلك تقليص مهامها مقارنة بما كان مخططا له مسبقا.

وتزامن ذلك مع لقاء جمع زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد بنتنياهو، جدد خلاله لابيد تعهده بمنح رئيس الحكومة "شبكة أمان سياسية" كاملة من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، تضمن إعادة باقي الرهائن.

وكتب لابيد عبر منصة "إكس": "يمكن التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، نحن على بعد قرار واحد فقط للكابينت (المجلس الوزاري الأمني المصغر) لإتمام الصفقة".

ويهدد وزيرا المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي وإسقاط حكومة نتنياهو حال التوصل إلى اتفاق مع حماس، وعدم إعادة احتلال قطاع غزة وفرض حكومة عسكرية فيه.

ويرى مراقبون أن مماطلة إسرائيل تشي بأنها أميل لتوسيع عملياتها العسكرية، وأن ما ينشر عن تأخير العملية الشاملة أو تقليصها ما هو إلا مجرد ذرا للرماد في العيون، وهو تحليل خلصت إليه حركة حماس التي اتهمت نتنياهو بالسعي إلى الاستمرار في حرب بلا نهاية، دون الاكتراث بمصير باقي الرهائن، لتحقيق أهداف شخصية تتمثل في الحفاظ على تماسك حكومته اليمينية المتطرفة.

وفي تصريحات لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية، كشف عضو المكتب السياسي رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في غزة باسم نعيم، انخراط الحركة في محادثات "مباشرة" مع الولايات المتحدة، وأنها تعتقد أن الرئيس الأميركي ترامب قادر على التوسط في اتفاق.

وقال إن الحركة عرضت مقترحا عبر وسطاء ومباشرة مع بعض الشخصيات في الإدارة الأميركية، يدعو إلى "تبادل أسرى، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، والسماح بدخول جميع المساعدات إلى غزة، وإعادة إعمار القطاع من دون هجرة قسرية"، وذلك بعد وقف الحرب.

وتطرق نعيم إلى انفتاح حماس على التخلي عن حكم غزة، قائلا: "أبلغنا الأميركيين أيضا أننا مستعدون مجددا لتسليم الحكم فورا إذا وصلنا إلى نهاية لهذه الحرب".

وأضاف أن حماس "قبلت مقترح السلام المصري، الذي يتحدث عن تشكيل هيئة فلسطينية مستقلة وغير تابعة سياسيا لإدارة قطاع غزة".

وجاء موقف حماس في وقت تتزايد بيه الضغوط على نتنياهو، لا سيما في ظل الانتقادات الدولية المتزايدة للحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع ومنعها إدخال أي مساعدات منذ حوالي شهرين، وتفاقم الأوضاع الإنسانية لمئات الآلاف من سكان القطاع، وسط تحذيرات من حدوث مجاعة وشيكة.

مقالات مشابهة

  • هاتفك اختفى أو سُرق؟: بهذه الحيل الذكية يمكنك تحديد موقعه خلال دقائق
  • بدء العد التنازلي لـ"هجوم شامل" على غزة.. و"نافذة ضيقة" للحوار
  • بدء العد التنازلي لـ"هجوم شامل" على غزة.. ونافذة ضيقة للحوار
  • إغلاق موقع عشوائي لذبح الدجاج في بوادي جدة
  • أحمد موسى: الشرع وافق على التطبيع مع إسرائيل بعد لقاء ترامب
  • ترامب يقول إن الشرع أبدى تجاوبا حيال مسألة التطبيع مع إسرائيل
  • ترامب والشرع ..التطبيع مع إسرائيل خطوة في صالح الاستقرار الإقليمي
  • ترامب يطلب من الشرع الانضمام إلى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل
  • ترامب: السعودية ستطبع مع إسرائيل في الوقت الذي تراه مناسبا
  • متى تُعلن السعودية التطبيع مع إسرائيل؟.. ترامب يُجيب