الدباغ: أحتقر أنستغراموزات تونس.. خيّرن المال على الدفاع عن فلسطين
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
أكدت الانستغراموز مريم الدباغ في برنامج ''نجوم'' اليوم السبت 14 أكتوبر 2023 أنها ضد من يرفض مساندة فلسطين ولا يمكنها أن تكون محايدة في هذه المسألة، مضيفة "أرفض أن أكون جبانة تخشى رفع علم فلسطين حتى لا يُغلق حسابها على أنستغرام وبالتالي تخسر بعض المستشهرين.. أنا أحتقر من يخيّر كسب القليل من المال على حساب دموع ودماء الأطفال الأبرياء والأمهات".
تابعت " قطعت كل علاقاتي مع الانستغراموزات في تونس ولن أتعامل معهنّ مستقبلا لأنهن أثبتن أنهن جاهلات بما يحدث في العالم ولا يستطعن تأجيل الركض وراء المال" حسب تعبيرها.
وعن الانتقادات الموجهة لها حول وشم مسدس إسرائيلي الصنع على ذراعها، أوضحت مريم الدباغ أنّ الوشم يعود لسنوات عديدة ماضية وهو يرمز للمسدس المفضل لديها الذي استعملته عند تدربها في صفوف الجيش البريطاني ولا علاقة له بدولة الاحتلال، وفق تعبيرها.
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
احذر من جاهل حفظ سطرين وفقير جمع قرشين
سلطان بن ناصر القاسمي
تلتقي في هذه الحياة بأنواعٍ شتى من الخلق، وتجتمع مع مختلف البشر، وتحاور العديد من المثقفين والعلماء، فتكتسب منهم معرفةً واسعة وتجارب ثرية. غير أنك قد تجد في بعض المجالس من يدّعي المعرفة ويرفع صوته دفاعًا عن رأي لا يقوم على علم، بل يتدخّل في حديثٍ لا يعنيه، وكأنَّ الصدفة وحدها هي التي جمعته بمن يتحاورون.
وحقيقةً، ما جعلني أتأمل في هذه المقولة القديمة "احذر من جاهلٍ حفظ سطرين وفقيرٍ جمع قرشين" موقفٌ مرّ بي ذات يوم خلال لقاءٍ ثقافيٍ جمع عددًا من المتحدثين من خلفيات مختلفة. كان الحوار يدور حول قضية فكرية تحتاج إلى عمقٍ ومعرفة، وبينما كانت النقاشات تسير في مسارٍ راقٍ ومنطقي، تدخّل أحد الحاضرين باندفاعٍ ظاهر، وبدأ يُلقي أحكامًا قاطعة في موضوع لا يفقه منه سوى عناوين سطحية قرأها عرضًا. وحين سُئل عن مصدر معلوماته أو تجربته، لم يكن لديه سوى إجاباتٍ عامة لا تصمد أمام أي نقاش. عندها أدركت أن الجدال مع الجاهل مضيعة للعقل والوقت، وأن من الحكمة أن تُغلق باب الحوار قبل أن تُسحب إلى متاهته.
إن مثل هذه الشخصيات تذكّرنا بخطورة من يملك قليلًا من العلم ويظن أنه امتلك الكثير، فيتعالى على الآخرين ويخشى التعلّم منهم. فهو شخص حديث النعمة في العلم، يظن أن ما يحمله من فتات المعرفة كافٍ لأن يجعله عالمًا أو ناقدًا، بينما في الحقيقة جهله أعمق مما يظن. والمعنى العام لهذه العبارة يحذّر من هذا النوع من الناس الذي يصبح متكبرًا ومتعاليًا، معتقدًا أنه بلغ الغاية. فالجهل المقترن بالغرور يولّد شعورًا زائفًا بالفوقية، يدفع صاحبه إلى الاعتقاد بأنه يمتلك كل الإجابات، فيتحدث في كل شأنٍ ويظن نفسه خبيرًا في كل مجال.
وهذا ما يُعرف في علم النفس المعاصر بظاهرة "قمة الغباء الواثق"، وهي نتيجة لغياب الوعي بالذات وعدم إدراك حدود المعرفة الحقيقية. فيتصرف صاحبها وكأنه العارف بكل شيء، بينما يفتقد القدرة على التقييم الموضوعي، فيقع في الخطأ تلو الآخر. وخطر هذا النوع يكمن في تضليل الناس من خلال حديثه في أمور لا يدركها حقًّا، فيفتنهم بجرأته ويصرفهم عن الحقيقة، كما أنه يرفض سماع الرأي الصحيح ويتعالى على المتعلمين. إنهم في الواقع أشدّ خطرًا من الجاهل الذي يعترف بجهله، لأنهم يظنون أنهم علماء وهم لا يملكون إلا ظلال العلم، وهؤلاء هم ما يُعرفون بـ"الجاهل المركّب"؛ يجهلون ويجهلون أنهم يجهلون.
وهنا تتجلّى الحكمة في التمييز بين من يسعى إلى المعرفة ليفهم، وبين من يتظاهر بها ليعلو فالعلم لا يرفع من لم يتأدب به، ولا ينفع من لم يتواضع له، لأن المعرفة الحقة تُثمر خشوعًا لا غرورًا، وتمنح صاحبها اتزانًا لا جدالًا.
أما الشطر الآخر من المقولة فيحمل تحذيرًا مختلفًا: "احذر من فقيرٍ جمع قرشين". فهو يشير إلى من كان ذا حالٍ بسيط، ثم امتلك مالًا جعله يتحوّل فجأة من شخصيةٍ عادية إلى شخصيةٍ اعتبارية في المجتمع، فيتوهّم أن المال وحده كفيلٌ بأن يصنع له المكانة. فتجده لا يحبّ تذكّر ماضيه الذي كان فيه محتاجًا، بل يراوغ ويتنصل من علاقاته القديمة، باحثًا عن صداقات جديدة تمجّده وترفع من قدره.
مثل هؤلاء يظهرون في المجتمع بشكلٍ متكرر، وتنعكس تصرفاتهم على محيطهم، متأثرين بعوامل كثيرة كالوضع الاقتصادي والمستوى الثقافي والتغير الاجتماعي. وتراهم يلهثون خلف المظاهر، يشترون الحاجيات الفاخرة والسلع الباهظة ولو أغرقوا أنفسهم في الديون، وكل ذلك من أجل التفاخر والتباهي. يريدون أن يُقال عنهم إنهم أثرياء أو أصحاب نفوذ، حتى وإن كانت حقيقتهم أبعد ما تكون عن ذلك.
وتجد أحدهم كثير الكذب والمراوغة، يستعبد من يعمل لديه، ولا يهتم إلا بجمع المال والوصول إلى الثراء دون اعتبار للقيم المجتمعية أو الإنسانية. ولو أن هؤلاء استخدموا ما لديهم من مالٍ في خدمة الناس، لكان أثرهم طيبًا، ولساهموا في بناء مجتمعٍ متراحمٍ متعاون، ولكنهم بدّلوا نعمة الرزق كِبرًا وغرورًا، فخسرت أرواحهم قبل أن تفقد أموالهم قيمتها.
إن المال إذا لم يُستخدم في الخير صار نقمةً لا نعمة، وإن الغنى إذا أورث التفاخر فقد صاحبه معناه. فالقيمة الحقيقية ليست في كمّ ما تملك، بل في أثر ما تمنح. ولو أن حديثي النعمة تذكروا أن المال زائل، وأن القيمة في البذل لا التفاخر، لكان المجتمع أرقى وأجمل.
وهنا نستحضر قول الإمام عليّ بن أبي طالب - كرّم الله وجهه: "ما جادلتُ جاهلًا إلا غلبني، وما جادلتُ عالمًا إلا غلبته".
فالعالم يجادل بعقلٍ منضبطٍ وروحٍ متواضعة، أما الجاهل فيجادل بجهله فلا يُرجى من حديثه فائدة. ومن هنا كان التواضع خلقًا عظيمًا يحثّ عليه الإسلام، فهو يُحسّن العلاقات بين الناس، ويجعل الإنسان محبوبًا قريبًا من الله. قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63].
تصف هذه الآية عباد الرحمن بأنهم يمشون على الأرض بسكينةٍ وتواضع، ويتجنبون الجدال العقيم مع الجاهلين، لأنَّ الحكمة في الصمت أحيانًا أبلغ من الكلام، ولأنَّ التواضع زينة العالم، والصبر صفة العاقل، والإحسان هو ما يخلّد الأثر الطيب بين الناس.
رابط مختصر