جرائم تستهدف الحياة وتجد من يبررها
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
عاصرت منذ أن عملت كمحرر صحفي في القِسم السِّياسي بهذه الجريدة الغرَّاء (الوطن) العديد من الحروب في منطقتنا وغيرها من مناطق العالَم المشتعلة، ورغم ما رأيت من مآسٍ عَبْرَ وكالات الأنباء العالَميَّة أثناء تلك الحروب وما شاهدته من مشاهد بشعة، لكن يظلُّ ما تمارسه دَولة الاحتلال الصهيونيِّ من اعتداءات متكررة غاشمة على قِطاع غزَّة المحاصر، هي الأكثر دمويَّة في التاريخ الإنساني الحديث، من وجهة نظري المتواضعة.
ورغم أنَّ تاريخ الكيان الصهيوني يكتظُّ بالمذابح والجرائم منذ إعلان قيامه على أنقاض فلسطين، إلَّا أنَّ ما يرتكبه ضدَّ سكَّان غزَّة من جرائم فاق كُلَّ تصوُّر، ففي العدوان الجاري، وحتَّى كتابة هذه الكلمات، أسقطت تلك الدَّولة الإرهابيَّة أكثر من 2726 شهيدًا أغلبيَّتهم من الأطفال والنِّساء، بَيْنَما وصل عدد الجرحى إلى 9600، فيما ارتفع عدد الشهداء في الضفَّة إلى 56 والجرحى إلى أكثر من 1200، بحسب الأرقام المعلنة من وزارة الصحَّة الفلسطينيَّة، والتي تزداد كُلَّ دقيقة دُونَ مبالغة. فقَدْ بلغ الإجرام الصهيوني مداه، ولا يزال البعض يدافع عمَّا أسموه «حقَّ هذا الكيان الغاصب في الدفاع عن نَفْسِه»، فهل شطْبُ أكثر من 50 عائلة فلسطينيَّة من سجلِّ الأحياء جرَّاء ارتكاب الاحتلال مجازر بقصف البيوت على رؤوس ساكنيها، يُعدُّ دفاعًا عن النَّفْس؟
إنَّه سؤال يفرضه الواقع المرير الذي نحياه جميعًا، ويجِبُ على كُلِّ مَنْ له ضمير حيٌّ من سكَّان الكوكب توفير إجابة له. وعلى المتبجَّحين الغربيِّين من حُماة هذا الكيان الإرهابي، الذين سارعوا بإرسال الأساطيل والذخائر، أن يجدوا مبررًا لِمَا ترتكبه قوَّات الاحتلال من جرائم ضدَّ المَدنيِّين العُزَّل، شيوخًا وأطفالًا ونساء، برغم أنَّهم يعترفون بأنَّ الوضع الإنساني في غزَّة يتدهور بسرعة كبيرة، وينادون بضرورة توفير المساعدات الإنسانيَّة للمَدنيِّين، والعمل على منع خسارة المزيد من الأرواح البريئة، على الرغم من أنَّهم هُمْ مَنْ يحمون الكيان الصهيوني ويمنعون بما يملكون من (فيتو)، محاسبته على ما ارتكب من جرائم متواصلة ضدَّ الإنسانيَّة.
ولعلَّ هذا التغاضي عن محاسبة دَولة الاحتلال كان بمثابة الضوء الأخضر لترتكبَ المزيد من الجرائم، التي صنعت دائرة العنف التي نشهدها الآن، والتي تحققت بفعل الجرائم التي ارتكبها وقطعان مستوطنيها ضدَّ الشَّعب الفلسطيني في القِطاع والضفَّة الغربيَّة المحتلَّة بما فيها القدس الشرقيَّة، والذي خلَّف حتَّى الآن نزوح نَحْوِ مليون فلسطيني من قِطاع غزَّة خلال الأسبوع الأوَّل من عدوان الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما أعلنت وكالة الأُمم المُتَّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيِّين «أونروا»، وسط غياب كامل للمستلزمات الأساسيَّة للحياة من ماء وكهرباء وغذاء، وهو ما يُعدُّ جريمة كاملة الأركان ضدَّ الإنسانيَّة، لا بُدَّ أن يحاسبَ مرتكبوها أمام المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة، بدلًا من تبريرٍ مخجلٍ يعطي الفرصة لارتكاب مزيدٍ من الجرائم.
إبراهيم بدوي
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
غوتيريش: الوضع الإنساني في قطاع غزة كارثي
غزة - صفا
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الوضع الإنساني في قطاع غزة كارثي، مؤكدا أن أكثر من 80% من المباني السكنية والعامة دُمّرت أو تضررت بشكل بالغ.
وقال غوتيريش، في تقرير صادر عن الأمم المتحدة، إن الغارات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة ما زالت تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من المدنيين وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق إزاء هشاشة الوضع الأمني واستمرار أعمال العنف التي تهدد اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن تحسّن دخول المواد الغذائية إلى القطاع لم ينعكس بشكل كافٍ على الأوضاع المعيشية، لافتا إلى أن مصادر البروتين الأساسية لا تزال بعيدة عن متناول معظم السكان.
وشدد الأمين العام على ضرورة ضمان المساءلة الكاملة عن أي "جرائم فظيعة أو انتهاكات جسيمة للقانون الدولي"، مؤكدا أن غياب المحاسبة يقوّض فرص تحقيق العدالة والاستقرار.
ومع دخول فصل الشتاء، يعيش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة ظروفا مأساوية، حيث تنعدم مقومات الحياة الأساسية داخل الخيام، وسط استمرار جيش الاحتلال في منع إدخال المنازل المتنقلة والمستلزمات الضرورية لتجهيز أماكن الإيواء.
وينص اتفاق "وقف إطلاق النار" الساري منذ 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، على إدخال مساعدات إلى قطاع غزة تقدّر بـ600 شاحنة يوميا، لكنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بالاتفاق، ويسمح فقط بدخول 200 شاحنة في اليوم على الأكثر.