نص كلمة الرئيس المشاط في اللقاء الموسع بمحافظة ذمار
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله رب المستضعفين، الحمد لله رب اليمن وفلسطين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد -صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين..
الأخوة الأجلاء، في قيادة السلطة المحلية والمكتب التنفيذي، الأخوة العلماء والمشايخ، وأعضاء مجالس الدولة المركزية، الأخوة الشخصيات الاجتماعية والمشايخ والأعيان، الحاضرون جميعاً، أبناء محافظة ذمار جميعاً، أبناء شعبنا اليمني جميعاً، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نتشرف اليوم بزيارتكم هنا في محافظة ذمار، التي نحن نعتبرها محافظة التضحية، ومحافظة الوفاء، نحن في قيادة الجيش أعتقد أن الرقم الأكبر لمحافظة ذمار في ذودها عن حمى هذا الوطن حتى إنها كادت أن تنافس محافظة صعدة، كادت أن تتفوق على جميع الجبهات بما تقدمه من بذل وعطاء وتضحية بخيرة رجالها، وبإمدادها الروحي والمادي والمعنوي على امتداد جميع الجبهات.
فمن هنا، أتوجّه بالتحية لكل أقارب الشهداء، لكل أمهات الشهداء، لكل أباء الشهداء فرداً، فردا، فالتضحيات جسام، التي قدمها أبناء شعبنا، وفي مقدمتهم أبناء محافظة ذمار في قربان الحرية والاستقلال، حتى نعيش العيش الكريم والحر دون وصاية..
أنا أشكركم يا أبناء محافظة ذمار الأبية على دوركم الكبير والفعال، الذي لن ننساه في دعم الجبهات طوال فترة العدوان، سواء بالرجال أو بالمال، أو بكل ما أوتيتم، فالزخم الكبير، الزخم الكبير في جميع الجبهات من أبناء ذمار، يجعلنا أن نعول عليكم أيها الشرفاء والأحرار في مواصلة الصمود، ودعم الجبهات حتى تطهير بلدنا من دنس الاحتلال..
الشكر للآباء الكرام الأجلاء في هذا المجتمع الكريم والمعطاء، الذي كان ولا زال ظهراً وعوناً لأبنائه في عموم الجبهات.. أنتم أحفاد الأنصار، أنتم أحفاد المضحين، حيث كانت التضحية في أول يوم في التاريخ أسرة ياسر، أسر عمار.. فأنتم أحفاد عمار، وأحفاد ياسر، أحفاد التضحية، الذين بذلوا وضحوا مع رسول الله، ومع رسالة الإسلام من اليوم الأول، أحفاد عمار وياسر يواصلون نفس المسار، الذي واصله آباؤكم وأجدادكم من الأنصار مع رسول الله، وفي بداية رسالة الإسلام بنفس السلوك، نواصل وقفة رجل واحد ضد أي محاولة لإضعاف هذا الصمود وقوة الموقف، هذا الذي أرجوه منكم.
أنا هنا أقول لكم معكم الأخ المجاهد محافظ المحافظة، والأخ قائد المنطقة من خيرة رجالات اليمن، أرجوا منكم أن تتعاونوا معهم في بناء هذه المحافظة، نحن اليوم وضعنا حجر الأساس لمشاريع متنوعة في محافظة ذمار؛ بما يقدر بـ6 مليارات يمني وسبعمائة مليون ريال. وبعشرة ملايين دولار وخمسمائة ألف دولار مشاريع إضافية لأبناء ذمار،
أنا أشكركم على تقديم النموذج الناجح في المبادرات، أنا أعتقد أن النموذج الناجح والأول فيما يتعلق بموضوع بداية المبادرات كان النموذج الناجح هو في محافظة ذمار، كانت هذه المبادرة هي مبادرة ملهمة لنا جميعاً، مبادرة ناجحة وملهمة، وعممناها على بقية محافظات الجمهورية اليمنية، بالتالي لكم شرف المبادرة، سواء على المستوى العسكري، أو على المستوى المدني، فيجب علينا جميعاً أن نبني مجتمعنا بسرعة، وأن لا نترك مجالا لكل من يريد تفكيك أو تفتيت وحدة الموقف، وأن نعمد جميعاً إلى كل عوامل القوة والبناء؛ فالمؤامرة -أيها الأخوة، أيها الأحرار، يا أحفاد الأنصار، يا أحفاد ياسر وعمار- المؤامرة على أمتنا الإسلامية كبيرة، تستدعي منا سرعة البناء، ورص الصفوف ووحدة الموقف..
فالمؤامرة علينا كبيرة، سواء كأمة يمنية مجاهدة، أو كأمة مسلمة، فالكل مستهدف، كلنا شاهد ما يدمي القلب، ما يجري في فلسطين، وأخرها جريمة مستشفى المعمداني الجريمة الوقحة والوحشية التي تعبّر عن السلوك الإجرامي لهذا الكيان الغاصب والمحتل، ومن يقف وراءه، ويتبنى هذا الإجرام له أمريكا الشيطان الأكبر.
أنا أقول من هنا من محافظة الصمود والتضحية والوفاء والرجولة والكرم والشهامة: أيها الصهاينة الأوغاد إذا أنتم تتخيلون أنكم بهذه الجرائم ستحققون شيئا فأنتم واهمون، والله لن تحققوا بمثل هذه الجرائم إلا الهزيمة، وأن الهزيمة تنتظركم، وإن طال الوقت، أنتم بهذه الجرائم تمثلون الوجه القبيح والوجه الأسود القذر للكيان الصهيوني العالمي، الذي يدير أمريكا، ويدير إسرائيل، إسرائيل الآن هي من تدير أمريكا، كل الجرائم الإسرائيلية تتحملها الإدارة الأمريكية؛ باعتبارها المغذي والمساعد والمعاون، لكن -للأسف الشديد- يقابل هذا خنوع عربي ليس شعبياً رسمياً، الخنوع العربي يقابل الموقف والتحدي الأمريكي، عندما يأتي وزير الخارجية الأمريكي إلى تل أبيب ويصرح من هناك بأنه أتى ليس كوزير خارجية أمريكي بل لأنه يهودي؛ لماذا تطأطئون رؤوسكم بالتراب بعد هذا التصريح.
ماذا تنتظرون -يا حكام العرب- بعد هذا الموقف الخنوع، أنا هنا لا أتقدم بشجب، ولا بإدانة، فالشجب والإدانة ليس الموقف المشرف بعد هذه الجرائم التي حصلت في غزة، آخرها مستشفى المعمداني، لا يشرف المجتمع الدولي الخانع للصهيونية العالمية، هذه جريمة حرب بكل ما تعنيه الكلمة، القانون الإنساني الدولي يصنف هذه جريمة حرب، أين محكمة لاهاي، محكمة لاهاي الآن أصبحت محكمة أمريكا وبريطانيا، وكل الدول الخمس، التي تعيث في هذا العالم الفساد، وتصنف القانون الدولي على ما يروق لها، هذه جريمة حرب دولية مكتملة الأركان، فأين محكمة الجنايات الدولية لا توجد.
الحكام العرب؛ من هنا من حاضرة العروبة اليمن أدعو حكام العرب تعالوا ليكون لنا موقف يكتبه التاريخ، وإلا فسيلعنكم التاريخ، إذا لم نتحرك الآن ويكون لنا موقف، أنا متأكد أننا نستطيع أن نصل إلى موقف نركع هذا العدو الإسرائيلي، وإن وقفت معه أمريكا سيركع، إذا توحدت مواقفنا، ويكون لنا موقف موحد، إذا لم تتحركوا الآن ستبقون خانعين، لكنني أقول ستخرج عليكم شعوبكم؛ لأنها لا زالت شعوبا حرة وأبية، وستلفظكم، وستعريكم، وستكشف زيف انتماءكم، أنكم لا تنتمون إليها كأمم بل تنتمون إلى من وضعكم على هذه الكراسي. للعدو الصهيوني المتغطرس أنا أقول لك: لا تفرح بأي جريمة، كل جريمة ترتكبها ستجرف على نفسك طوفانا وطوفانا وألف طوفان، جرائمك لن توقف هذا المد وهذا الطوفان أبداً بل ستزيده أيضا، وأنا واثق من ذلك..
لأهلنا في فلسطين، أكرر وأقول -كما كررت وقلت في الأيام الماضية- لا تهنوا ولا تحزنوا فدماؤكم هي دماؤنا، ولن تذهب هدراً -بإذن الله- كل تضحياتكم، وأنا أعتقد بل وأجزم أن هذه الجرائم، وهذه الأحداث، التي جرت في الأيام الأخيرة، ستجر المنطقة إلى حرب إقليمية، الشعوب العربية، الشعب العربي المسلم، لن يسكت أمام هذه الجرائم.
يجب أن نلهب في أنفسنا الحماس، وروحية المسلم العربي، ذلك الذي كان يغار على عقل بعير، ويقوم بالحرب أربعة عقود على شأن عقل بعير؛ لأنه عربي قبل أن يكون مسلما عربيا يرفض الذل ويأبى الضيم، الآن كعرب وكمسلمين يجب أن نذكي في أنفسنا روح الثورة، وروح الحرية، وروح المواجهة، وروح الجهاد، وروح الاستبسال، وإلا فإن المصير الذي نشاهده الآن والمجازر، التي نشاهدها على شاشات التلفزة، ستعمم في كل عاصمة وفي كل بلد..
إذا لم نتحرك من الآن ونذكي في أنفسنا روح الثورات، وروح التحرك، ندعو إلى المظاهرات في كل المدن، ندعوا إلى المسيرات في كل المدن، الكل يخرج، الكل يتحرك ليكون لنا موقف، ندعو للتضرع لأبناء فلسطين، الكل يتحرك، الكل يساهم في هذه المعركة، من لا يساهم فيها، من يسكت فيها فهو بسكوته وبتواطؤه مشارك مع الصهيونية العالمية في قتل أهلنا في غزة.
أنا أقول هذا لأنني أعرف أن الإسرائيلي لن يتوقف هو يُوقَف، مش يتوقف، هذا أرعن، هذا أخرس، يقصف كان في الماضي -أنتم تتذكرون- يقصف والقمة العربية منعقدة، لذلك هو لن يتوقف بل سيوقف إذا وقف رجال العرب والإسلام موقفا واحدا، وتحرك الجميع، وكل تحرك بمسؤوليته، سيتوقف هذا، وسيرعوي هذا الأحمق عندما يعرف أنه سيدفع ثمن إجرامه، وأن الدم الفلسطيني هو دم عربي ودم مسلم، سيدفع الثمن، سيتوقف وسيرعوي، وعملية طوفان الأقصى هي عملية ملهمة، وتوصلنا إلى قناعة أن هذا الكيان الغاصب الوقح القذر سيزول - بإذن الله سبحانه وتعالى.
فلا تطبيع مع محتل، وأنا قلت بالأمس لحل هذه القضية: ارحلوا من حيث أتيتم بهؤلاء القطعان، مش الحل تهجير أبناء فلسطين من بلدهم من حقهم، لا عود بالقطعان الذين أتيت بهم من أوروبا، ومن أمريكا، عود بهم إلى مناطقهم والقضية منتهية، ما في أي جديد..
بالتالي لا تطبيع، يجب علينا كشعوب عربية مسلمة أن نلعن وأن نجرم كل من يسعى للتطبيع في هذه المنطقة، فلا تطبيع مع محتل، التطبيع هو شرعنة لبقاء إسرائيل وإسرائيل زائلة لا محالة بنص القرآن الكريم، الإسرائيلي زائل بنص القرآن، التطبيع عكس هذه السنة، لذلك الأفضل لكم، والأشرف لكم -يا معشر المطبعين- أن تقولوا إن فلسطين سنام العروبة، فلسطين سنام الإسلام، وستظل فلسطين سنام العروبة، وإن تخاذلتم وطبعتم. الجرائم، التي وقعت وآخرها جريمة الأمس مستشفى المعمداني،
أنا أقول: ليست غريبة على الكيان الصهيوني، ككيان، هذا قاتل للأنبياء منذ أن نشأ التاريخ، قتلة أنبياء مجرمين، القرآن الكريم وصفهم لنا وصفاً كاملاً بأنهم قتله، بأنهم مجرمون، الغريب والأسوأ أيها العرب والمسلمون هو المواقف المخزية، التي لا تكاد تذكر من حكوماتكم المطبعة مع هذا الكيان الإسرائيلي، الموقف مش غريب من الإسرائيلي يفعل الإجرام، والكل مستوعب بأنه مجرم، لكن المواقف المخزية من زعمائكم هي الموقف الذي هو مستغرب، هل أصبحتم منهم، هل لم تعودوا من شعوبكم، أصبحتم أنتم من الإسرائيلي والصهيوني لم تعودوا تمثلون شعوبكم، ربما هذا هو الواقع،
اليوم يطالعنا في الأخبار زيارة يومية (الشر) للمنطقة، زيارة بايدن زعيم الشواذ، أنا أقول في مستهل هذه الزيارة الشواذ محلهم السجون، والحدود، والآداب، ليس محلهم الترحيب عندنا في العرب والإسلام.
في الأخير، أقول لكم من هنا -يا أبناء فلسطين-: "مهما كان الخذلان العالمي، ومهما كان الخذلان العربي، فإننا في شعب الإيمان والحكمة أقسم لكم أنه مهما كان ذلك الخذلان والمواقف المخزية أننا سنكون أوفياء مع فلسطين الإسلام، وفلسطين العروبة، وفاء جبري ذمار لمبادئه ولمسيرته ولقائده. الرحمة والخلود للشهداء، والخزي والعار والذل والشنار على المطبعين، النصر لشعب اليمن، وشعب فلسطين..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: محافظة ذمار هذه الجرائم لنا موقف أنا أقول من هنا
إقرأ أيضاً:
كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية
على الأغلب، كان أفراد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتوقّعون أن يهاجمهم اليسار الأميركي، الذي هاجم سلفه الرئيس السابق جو بايدن، على موقفهم الداعم لدولة الاحتلال أثناء حرب الإبادة على قطاع غزة، لكن لعل ما لم يتوقعوه هو الضغط الهائل الذي مارسته مجموعة من أبرز المؤثرين والإعلاميين اليمينيين المحافظين في البلاد ضد ممارسات دولة الاحتلال والانحياز الأميركي الأعمى لها.
وواحدة من أبرز هؤلاء الإعلاميين التي لم تدخِر جُهدا في الهجوم على دولة الاحتلال وعلى السياسة الأميركية تجاهها هي كانديس أوينز، الإعلامية اليمينية المسيحية المحافظة، التي اشتهرت بمقولتها: "الله سينتقم من كل مَن يدافع عن ما ترتكبه إسرائيل في غزة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماركس يغزو نيويورك.. الثروة ملك إيلون ماسك وممداني يملك الشارعlist 2 of 2هل أصبح تيك توك في قبضة إسرائيل بعدما استحوذ عليه الملياردير الغامض؟end of listإن هذا الاتجاه غير المألوف الذي جسَّدته كانديس وأمثالها في صفوف اليمين الأميركي المحافظ، ومخالفتهم موقف اليمين المُعتاد من دولة الاحتلال، قد مثل ضغطا جديدا من نوعه على الإدارة الأميركية في الفترة الأخيرة من الحرب، خاصة أن الضغط استهدف القاعدة الانتخابية لترامب، وكان مبنيا على حجج مُقنعة للمواطن الأميركي المحافظ المتديّن الذي تعتمد الإدارة الأميركية على صوته.
كان نقد كانديس ورفاقها يرتكز على فكرة أن سياسة ترامب تجاه دولة الاحتلال مناقضة لشعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، فضلا عن أن خطابها يركّز على استثارة النزعة الوطنية الأميركية بالتركيز حول فكرة انصياع الولايات المتحدة الدائم للمصالح الإسرائيلية حتى حين تخالف تلك المصالح الأولويات الأميركية.
وتهاجم كانديس الفكرة القائلة إن الولايات المتحدة تحتاج لدولة الاحتلال، وتؤكد على حقيقة أن الولايات المتحدة كانت موجودة وفاعلة وقوية قبل حتى أن تتأسس دولة الاحتلال بفترة طويلة.
ليس هذا فحسب، بل إن كانديس قد وجَّهت قطاعا من الرأي العام الأميركي اليميني بعد مقتل تشارلي كيرك نحو اتجاه جديد للغاية حين أشعلت الجدل بقولها في برنامجها إن بيل أكمان، وهو من أبرز مؤيدي حملة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، وفي الوقت نفسه من أبرز مؤيدي دولة الاحتلال الإسرائيلي، قد هدَّد كيرك بعد أن وجد أنه على وشك تغيير آرائه بشأن ما يحدث في غزة وبشأن تأييده المطلق لدولة الاحتلال في ما سبق.
إعلانوحسب بليك نيف، وهو الرجل الذي أنتج العديد من أعمال تشارلي كيرك، فإن الهجمات التي شنتها كانديس على اليمينيين من أصدقاء كيرك، الذين اتهمتهم بمحاولة التأثير عليه وتهديده قبل اغتياله، قد عرَّضت هؤلاء الأشخاص لمضايقات جمَّة نظرا لأن قطاعا كبيرا من الجمهور تأثر برواية كانديس عن الأحداث.
ما قصة كانديس أوينز إذن، التي وصفتها صحيفة الإندبندنت بكونها من أخطر النساء وأكثرهن تأثيرا على الإنترنت، والتي تُعَد واحدة من أبرز وأشهر الصحفيين اليمينيين المستقلين في الولايات المتحدة، بعد أن وصلت شهرتها إلى العالمية، ولعبت دورا هاما على المستوى الثقافي في الخندق المُعادي لدولة الاحتلال في الإعلام الغربي مؤخرا؟
بدأت حياة كانديس أوينز بداية مختلفة عمَّا وصلت إليه الآن من قناعات، فقد كان سبب شهرتها في البداية مناقضا لقواعد شهرتها الحالية للمفارقة. ففي حين تشتهر كانديس اليوم برفضها عقلية الضحية التي يعيش بها قطاع عريض من أصحاب البشرة السوداء والنساء في الولايات المتحدة من وجهة نظرها، كان سبب شهرتها الأوّلي في الواقع كونها ضحية.
ففي عام 2007، حينما كانت كانديس أوينز طالبة في مدرسة ستامفورد الثانوية وتبلغ من العمر 17 عاما، تحوَّلت إلى حديث الصحف الأميركية بسبب شكواها المتعلقة بتلقيها رسائل صوتية تحتوي على خطاب كراهية عنصرية وتهديدات بالقتل من مجموعة شباب، كان من بينهم ابن رئيس البلدية في المنطقة.
وقد استطاعت عائلة أوينز آنذاك أن تتلقى 37 ألفا و500 دولار من الإدارة التعليمية التي تتبع لها مدرستها للتسوية بعد أن تقدمت العائلة بشكوى للجمعية الوطنية للنهوض بالمُلوَّنين ضد الإدارة التعليمية في ستامفورد بدعوى أنها قصَّرت في حمايتها وفي استجابتها لحالتها بعد تعرُّضها لتلك الحادثة.
بعد أن تركت كانديس دراستها الجامعية وواصلت تعليمها لنفسها، تدرَّبت في مجلة "فوغ"، ثم عملت في شركة استثمار بمدينة نيويورك، وبحلول عام 2015 تمكَّنت كانديس أيضا من إنشاء وكالة تسويق تُدعى "180 درجة"، وقد كانت هناك مُدوَّنة تابعة لتلك الوكالة تكتب فيها كانديس مقالات معادية بشدة لليمين وللأفكار المحافظة، إلى درجة أنها كانت تسخر على نحو جنسي من الرمز اليميني الصاعد آنذاك دونالد ترامب.
حتى هذا التوقيت كانت كانديس على طريقها لتصبح ناشطة في تيار اليسار الليبرالي الديمقراطي، خاصة أنها هي نفسها امرأة سوداء تعرضت لخطاب الكراهية العنصري، ومن ثمَّ عُدَّت قصتها تجسيدا لفكرة "سياسات الضحية" التي كان يُروِّج لها اليسار الليبرالي الأميركي في هذا التوقيت، والتي تعني التركيز على الفئات المستضعفة مثل النساء وأصحاب البشرة السوداء ومحاولة تمكينهم وإعطائهم امتيازات تحصنهم في مجتمع يتعرضون فيه للتهميش والاضطهاد، حسب الخطاب السائد آنذاك.
ولكن بحلول منتصف العقد الثاني من القرن تعرّضت كانديس لحادثة غيَّرت مسار حياتها، فقد أعلنت عن منصة لمكافحة التنمر اسمها "سوشيال أوتوبسي"، كان هدفها فضح المتحرشين والمتنمرين على الإنترنت بجمع منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وربطها بالهويات الحقيقية لمَن كتبها بما في ذلك عناوينهم وأسماؤهم ومدارسهم، لتُفاجأ كانديس آنذاك بسيل من النقد اللاذع من المنتمين للتيار الليبرالي واليساري والنسوي نفسه، الذي رأى قطاع منه في مشروعها استنساخا لتكتيكات المتحرشين والمتنمرين أنفسهم، وأن مثل هده المنصة قد تُعرِّض النساء والمُلوَّنين والمنتمين لمجتمع الميم أنفسهم لأزمات كبيرة.
إعلاناعتبرت كانديس أن الهجمة على مشروعها كشفت لها حقيقة التيار التقدُّمي، وأنه تيار منافق من وجهة نظرها، كما وصفت ما مرَّت به بعد ذلك قائلة: "لقد أصبحتُ محافظة بين عشية وضحاها، إذ أدركتُ أن الليبراليين هم العنصريون والمتنمرون الحقيقيون".
وفيما بعد، أنشأت كانديس عام 2017 قناة على يوتيوب بعنوان "حبة حمراء سوداء"، وتعبير الحبة الحمراء هو تعبير مُستقى من فيلم "الماتريكس"، ويعني اختيار حبة معرفة الحقيقة المُرَّة التي يخفيها المجتمع. وقد بدأت في نشر مقاطع تُروِّج فيها للأفكار المحافظة، وتقول إن مشاكل السود الحقيقية تكمُن في ثقافتهم وأفعالهم هم، وليس في الاضطهاد الهيكلي المستمر من البيض.
وبدأت كانديس تستخدم الإحصاءات والبيانات لتدلل على ذلك، داعية المجتمع الأسود في الولايات المتحدة الأميركية أن يتخلى عن ثقافة الضحية التي ينشرها بينه الديمقراطيون والتقدُّميون، وأن يتيقَّظ لحقيقة أن الأغلبية المطلقة التي تتجاوز 90% من ضحايا العنف من السود يحدث لهم ذلك في جرائم يرتكبها سود مثلهم، وأن نسب الآباء الذين يتركون أسرهم ويتخلون عن أبنائهم تتعلق بما يفعله السود أنفسهم في بعضهم البعض، وليس لها علاقة باضطهاد البيض لهم، على حد وصفها.
اكتسبت مقاطع كانديس المناهضة للأفكار التقدمية والنسوية وسياسات الهوية والضحية متابعين كُثرا في وقت تمتعت فيه تلك الأفكار بسطوة كبيرة، وكانت مناهضتها فعلا جريئا في حينه ومحفوفا بالمخاطر. ولكن ما أكسب كانديس القدرة على الاستمرارية واجتذاب المزيد من المتابعين هو قدرتها الكبيرة على المناظرة واستخدام البيانات والبراهين لإثبات قوة حُجتها.
بحلول نهاية عام 2017، أصبحت كانديس مديرا للمشاركة الحضارية بمنظمة "نقطة تحوُّل الولايات المتحدة الأميركية"، تلك المنظمة الشهيرة التي ارتبطت باسم مؤسسها تشارلي كيرك وكانت تنظم فعاليات للمحافظين واليمينيين في الولايات المتحدة، ثم أصبحت مديرة الاتصالات بالمنظمة. وفي حين التقى تشارلي كيرك بكانديس للمرة الأولى في مؤتمر لليمينيين المحافظين بفلوريدا في ذلك العام، قال إنه بعد 30 ثانية من رؤيتها على المسرح قال لنفسه إنه لم يرَ موهبة مثلها طوال سنوات عمله في السياسة، ومن ثم سرعان ما وظَّفها.
كانت كانديس تتحول بسرعة رهيبة من فتاة اشتهرت في بداية حياتها بسبب تعرضها لحادثة تنمر عنصري إلى ناشطة ذات جماهيرية واسعة بين المحافظين والأميركيين من أصحاب البشرة البيضاء، ومناهضة لحركة "حياة السود مُهِمة" (Black Lives Matter) بوصفها حركة تُرسِّخ نظرة غير واقعية للسود على أنهم ضحايا.
صارت كانديس أيضا صحفية بارزة ذات علاقة ناشئة قوية بالرئيس الأميركي ترامب الذي اعتبرته أفضل رئيس للسود في الولايات المتحدة، وكان ترامب قد وصفها بأنها امرأة ذكية، ولعل أهم ما عزز الصلة بين كانديس وجموع كبيرة من الجمهور الأميركي هو دفاعها عن قِيم الأسرة المسيحية وهجومها العنيف على النسوية في وقت رأى فيه كثير من الرجال الأميركيين البيض أنفسهم مظلومين ولا صوت لهم في الخطاب الإعلامي السائد.
باختصار، وفي وقت التف فيه مجتمع السود حول الأفكار التقدمية والديمقراطية، حاولت كانديس أن تقود ثورة سوداء في المجتمع الأسود نفسه، بقولها إن اليسار يحاول دوما أن يُقنِع السود بأكاذيب من وجهة نظرها، وهي أكاذيب تؤدي في النهاية إلى ترسيخ عقلية الضحية واختلاق الأعذار بدلا من الفعل والمبادرة لتغيير الواقع، فبدلا من أن يبدأ الرجل الأسود والمرأة السوداء في محاولة استغلال إمكاناتهم للوصول للنجاح وللأسرة المستقرة، يغرقون دوما في فخ التفكير في الماضي والعنصرية المُمنهَجة وما إلى ذلك، وحينها يتوقف السود عن النظر للمشاكل المتعلقة بالثقافة السائدة بينهم التي تؤدي لاستمرار الفقر.
إعلانبدأت كانديس تتبنى أيضا خطابا مثيرا للجدل بقولها إنه إن كانت هناك عنصرية، فهي ضد البيض وليس السود، فإذا قال أي أبيض شيئا، حتى لو كان عاديا، لكن يمكن أن يُشم منه رائحة العنصرية، فحينها سيتعرض لثقافة الإلغاء ويتم إقصاؤه، في حين أن الشخص الأسود يمتلك حرية أكبر خلال هذا العصر في التعبير عن نفسه وعن آرائه.
باختصار بَنَت كانديس أفكارها، ليس بإنكار وجود حالات عنصرية على المستوى الفردي ضد السود في الولايات المتحدة، ولكن بإنكارها أن يكون هناك حجاب غير مرئي يمنع السود من النجاح الفردي كما يدعي اليسار من وجهة نظرها، وأنه لربما كان حقيقيا في الماضي، لكنه منذ سنوات طويلة لم يعد كذلك، وأن المجتمع الأسود يجب أن يتبنَّى الآن فكرة المسؤولية الشخصية والتحلّي بأخلاقيات عمل أفضل واتباع نهج أكثر انضباطا في الحياة والتمسُّك بقِيم الأسرة وعدم إنجاب أطفال قبل الزواج، كي يُغيِّر واقعه الاقتصادي والاجتماعي دون الدخول في ماراثون الاضطهاد الذي يريد اليسار أن يُدخِل فيه الجميع، وأن يلعب فيه أفراد المجتمع دور الضحية إلى ما لا نهاية.
يقول الكثيرون من منتقدي كانديس أيضا إنها كانت تروّج لنظريات المؤامرة، وحسب صحيفة لوموند الفرنسية فإنها "مؤيدة قوية لبعضٍ من أغرب نظريات المؤامرة" مثل تشكيكها في وصول الأميركيين إلى القمر، وتشكيكها في أرقام الوفيات الناجمة عن جائحة كورونا عام 2020، فضلا عن رفضها للقاحات والتطعيم، واتهامها النشطاء من أقصى اليسار الراديكالي بمهاجمة شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي الأميركي برسائل مفخخة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهو أمر ثبت بعد ذلك من تحقيقات الشرطة أنه كان بفعل عضو من الحزب الجمهوري نفسه ومؤيد لترامب.
يُضاف إلى ذلك العاصفة العالمية التي أثارتها مؤخرا بسلسلة حلقاتها التي حاولت أن تبرهن فيها على أن زوجة الرئيس الفرنسي ماكرون رجل بيولوجيا وليست امرأة، وقد راهنت بتاريخها الصحافي كله وفق كلماتها على أن تلك هي الحقيقة التي لا يستطيع ماكرون الرد على أدلتها. ونتيجة لذلك رفع إيمانويل وبريجيت ماكرون في يوليو/تموز 2025 دعوى تشهير في ولاية ديلاوير الأميركية تحتوي على 22 تهمة ضد كانديس، والتهمة الرئيسية كانت أن كانديس قد نشرت عمدا بيانات "كاذبة وتشهيرية" ضدهما لتحقيق الربح.
ورغم وصفها المتكرر بأنها مُروِّجة لنظريات المؤامرة، فإن كانديس ترد على ذلك دائما بأنها تسائل الرواية الرسمية، وأن هذا حقها كصحافية ما دامت تقوم بذلك من خلال المنهج العلمي وباتباع الأدلة، والواقع أنه سواء كانت كانديس بالنسبة للبعض مُروِّجة لنظريات المؤامرة أم لا فهي لا تفعل ذلك على النحو التقليدي لهذه الكلمة، وإنما ما تفعله عادة هو تتبع النواقص والفجوات في الرواية الرسمية ومحاولة إبراز تلك الفجوات.
فلسطين مفترق طرقمنذ اندلاع طوفان الأقصى ومن بعده بداية حرب الإبادة التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، اتخذت كانديس أوينز موقفا مناقضا لموقف الأغلبية الساحقة من اليمين الأميركي خصوصا، والغربي عموما، إذ وقفت بوضوح إلى جانب غزة وانتقدت دولة الاحتلال بنبرة جريئة وغير معهودة حتى على اليسار الأميركي.
نتيجة لذلك، خسرت كانديس وظيفتها بموقع "ديلي واير"، إذ أعلن جيريمي بورينغ، الرئيس التنفيذي للموقع، على منصة "إكس" بعد مرور أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية أن "ديلي واير" وأوينز قد أنهيا علاقتهما، وسرعان ما أكدت كانديس الأمر نفسه، وقد حدث ذلك في أعقاب الخلافات الكبيرة بينها وبين الناشط اليميني الأشهر في الولايات المتحدة بن شابيرو في ما يخص تأييد دولة الاحتلال، وهو أيضا من مؤسسي "ديلي واير"، وهي خلافات وصلت إلى حد النزاع العلني على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مواقف كانديس المؤيدة لفلسطين والمنتقدة بشدة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
باعتبارها مسيحية مُتديِّنة وذات صوت مسموع لدى المسيحيين المحافظين الأميركيين، فقد لعبت كانديس دورا كبيرا في تفكيك المقولات المسيحية الصهيونية والهجوم على الأفكار التي تقول إن المسيحيين مأمورون من الكتاب المقدس بدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولم تدخر كانديس جهدا في التأكيد على أن الموقف المسيحي الحقيقي ينبغي ألا يكون داعما لانتهاكات دولة الاحتلال التي تقتل الأطفال وترتكب أفعالا شيطانية مند نشأتها، على حد وصفها.
إعلانكانت كانديس من أول مَن لفتوا الانتباه في الإعلام الأميركي إلى حقيقة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يهجم على الكنائس في فلسطين ويقتل المسيحيين في غزة تماما مثلما يقتل المسلمين والأطفال في القطاع، كما أنها من أوائل مَن وصفوا ما يحدث في القطاع بالهولوكوست، وأكدت أنها مع هذا الكم من جثث الأطفال المحترقة التي تراها يوميا فإنها تعتقد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ترتكب هولوكوست عن عمد.
إن هجوم كانديس أوينز المستمر على دولة الاحتلال منذ بداية حرب الإبادة لم يتسبَّب فقط في فقدانها عملَها، لكنّه منحها لقب المعادية للسامية من قِبل إعلام دولة الاحتلال ومؤيديها، وفي عام 2024 منحت منظمة "أوقفوا معاداة السامية"، وهي منظمة يهودية ممولة من القطاع الخاص، لقب "مُعادِية السامية للعام" لكانديس.
ولكن من جهة أخرى، اكتسبت كانديس شعبية كبيرة سواء في الولايات المتحدة والعالم الغربي بسبب موقفها الراسخ منذ انطلاق حرب الإبادة المتعلق بانتقاد وفضح انتهاكات دولة الاحتلال ومُساءلة السلطة الأميركية وانتقادها اللاذع، وقد شدَّدت كانديس على كشف التناقض بين خطاب السلطة الذي يرفع شعار "أميركا أولا"، وعلى المواقف الحقيقية التي انتهجتها إدارة ترامب، التي فضَّلت -من وجهة نظرها- المصالح الإسرائيلية على المصالح الأميركية ذاتها.
ويكفي القول إنه منذ انفصالها عن منصة دايلي واير وصناعة مشروعها الخاص المتمثل في البودكاست الذي يحمل اسمها، كان نجاحها مذهلا، حسب وصف صحيفة الإندبندنت البريطانية، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2025، تصدَّر برنامجها قائمة البرامج الأكثر مشاهدة على مختلف المنصات من حيث عدد مرات التحميل والمشاهدات لكل حلقة، بمتوسط 3.5 ملايين تحميل تقريبا لكل حلقة.
وحسب منصة فورتشن الأميركية، فإن نجاح كل حلقة من حلقات كانديس كان استثنائيا، وتضم قناتها حاليا على يوتيوب 5.58 ملايين مشترك، وحصدت أكثر من 1.1 مليار مشاهدة، بمعدل يتراوح بين 500 ألف ومليوني مشاهدة لكل مقطع.
وفي هذا العام وحده حصدت كانديس مشاهدات تصل إلى 617 مليون مشاهدة، بينما يتابع كانديس حوالي 7 ملايين شخص على منصة "إكس"، وأكثر من 5 ملايين على منصة إنستغرام، ويحظى برنامج كانديس بأعلى كثافة إعلانية بين 8 محطات إذاعية محافظة رئيسية في الولايات المتحدة، وقد احتوت أكثر من 90% من حلقات برنامجها على إعلانات تتلوها، ولديها نحو 60 راعيا متناوبا، من بينهم أسماء بارزة في عالم الإعلانات.
من مُلهمة لإرهابي يُهاجِم المسلمين إلى مدافعة عنهمفي 15 مارس/آذار 2019 خرج الشاب الأسترالي برينتون تارانت من منزله وهو ينوي قتل أكبر عدد يستطيع أن يقتله من المسلمين، ومن ثم حمل معه بنادق نصف آلية عسكرية الطراز، وذهب إلى مسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلاند، واقتحمهما وقتل 51 شخصا، وهي مذبحة هزَّت العالم آنذاك، خاصة أن الإرهابي بثَّ الحادث بأكمله على موقع فيسبوك مباشرة عبر كاميرا مثبَّتة على قبعة يرتديها، كما نشر الشاب الأسترالي بيانا مطولا من 74 صفحة يُشجع فيه على الإرهاب ضد المسلمين.
كان هذا الحادث أسوء حادث إطلاق نار جماعي في تاريخ نيوزيلاندا، ومع ذلك فإن القاضي الذي حاكم برينتون تارانت لاحظ أنه لم يظهر أي ندم أو تأنيب ضمير تجاه ما فعله.
وللمفارقة فإن السبب الكبير في ثبات الإرهابي وقتها، واقتناعه بأن ما اقترفه صواب، كان تأثره بأفكار المعلقة المحافظة الأميركية كانديس أوينز كما أوَّلها، إذ قال إن أفكارها كانت مذهلة بالنسبة له وإنها دفعته للجنوح نحو استخدام العنف بدلا من الخنوع والاستسلام أمام مدِّ الأفكار التقدُّمية من جهة وتزايد أعداد المسلمين في الغرب من جهة أخرى.
توجَّهت سهام النقد بشدة تجاه كانديس بعدئذ، وهُوجم محتواها الذي ألهم مُنفّذ العمل الإرهابي، لكن كانديس دافعت عن نفسها حينها قائلة إن ربط اسمها بمنفذ العملية أمر مضحك ومجرد هراء لأنها لم تكتب أي محتوى عن الإسلام. لكن حسب موقع بيزنس إنسايدر، فإن كانديس كانت بالفعل قد كتبت قبل الحادثة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تعبّر فيها عن الخوف من أن أوروبا ستصبح قارة مسلمة بحلول منتصف القرن الحالي وفقا لمعدل المواليد القائم الآن، ومن ثم سيُطبِّق المسلمون فيها الشريعة الإسلامية.
ورغم أن أوينز حينها لم تكن قد كتبت كثيرا عن الإسلام والمسلمين بالفعل حتى ذلك الوقت، فإنها ألهمت مُنفِّذ العملية على الأرجح من خلال فلسفة خطابها التي تنطلق من فكرة أن الأغلبية البيضاء المسيحية في الغرب مُهدَّدة بالمؤامرات كي تتضاءل، وأنها تعاني من مظلمة حقيقية.
بيد أن الصورة اختلفت على مدار السنوات اللاحقة، إذ بدأت كانديس تكتسب شعبية متصاعدة بين المسلمين، ليس فقط بسبب موقفها الحاسم من القضية الفلسطينية، وإنما أيضا بسبب تعليقاتها حول الإسلام والمسلمين.
في لقائها مع المؤثر الأميركي البريطاني الشهير المحسوب على اليمين أندرو تيت بعد إشهار إسلامه، ورغم أن كانديس قد عبَّرت عن حزنها من أن أندرو لم يتمسك بالمسيحية، تحدَّثت كانديس بأدب شديد واحترمت اختياره، كما أكدت على كونها لا تعرف شيئا عن الإسلام يؤهلها كي تجادله في اختياره.
وكانت تلك اللهجة "المتواضعة" في الحديث عن الإسلام غير شائعة بين أبناء أقصى اليمين، الذين عادة ما يسارعون لإلقاء الاتهامات للإسلام ولا يعترفون بأنهم يفتقرون للمعرفة الكافية حوله.
في حوار لها في بداية العام الماضي استخدمت كانديس لهجة تجاه المسلمين يندر للغاية أن يستخدمها من ينتمي لليمين في الدول الغربية، فقد أرادت أن تضرب مثالا حول التحكُّم في عقول الأميركيين بواسطة البروباغندا، ولم تجد أفضل مما حدث بالولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي جعلت الناس آنذاك تشعر بالخوف من المسلمين.
وقالت كانديس إنها لا تتخيل كيف كانت حياة مسلمي الولايات المتحدة في هذا التوقيت حين كانت كل وسائل الإعلام والنظام التعليمي يضخان في عقول الأميركيين أن كل مسلم إرهابي، ثم عقَّبت كانديس بقولها إنها تريد قبل كل شيء أن تتأسَّف بالنيابة عن الولايات المتحدة لكل المسلمين الذين نشؤوا في تلك الفترة داخل الولايات المتحدة، على الطريقة التي عُوملوا بها حينها.
وأكدت كانديس في هذا الحوار أيضا على أن غسيل المخ تجاه المسلمين الذي جرى على نطاق واسع في مطلع الألفية، كان يهدف إلى التغطية على الجرائم التي ارتُكبت بعد ذلك في حق المسلمين، حيث قتلت الولايات المتحدة مليون مدني عراقي بعد أن ادعت كذبا وجود أسلحة دمار شامل في العراق.
وتقول كانديس إن تلك البروباغندا التي وُجِّهَت ضد الإسلام والمسلمين حينئذٍ كانت محاولة لتمهيد العقل الأميركي كي يُطبِّع مع فكرة قصف المسلمين وقتلهم، وأن يتمرن على ألا يشعر بأي شيء تجاه المسلمين حين يموتون. وقد أبدت كانديس انزعاجها الشديد، باعتبارها امرأة مسيحية متدينة، من أنها سمحت للبروباغندا وللنظام التعليمي في الولايات المتحدة أن يُعلِّمها ألا تهتم بحياة الإنسان المسلم.