تساءل مقال في مجلة فورين أفيرز الأميركية عن الأسباب التي تحتم على واشنطن العمل على كبح جماح "الحملة العسكرية" التي تشنها إسرائيل حاليا في قطاع غزة، والمحافظة على الطريق المؤدية إلى السلام.

ومع أن كاتب المقال -وهو الدبلوماسي الأميركي ريتشارد هاس- يبدي تفهما لرغبة إسرائيل في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قضاء مبرما، إلا أن السعي لتحقيق هذا الهدف لا يعني أنه الأسلوب الأمثل أو المستحسن.

ويستطرد قائلا إن استراتيجية إسرائيل الواضحة معيبة من حيث الغايات والوسائل.

ويصف حماس بأنها شبكة وحركة وأيديولوجية بقدر ما هي منظمة، موضحا أنه بالإمكان قتل قيادتها، لكن الكيان أو ما يشابهه سيظل قائما، وأن ثمة ما يدل على أن إسرائيل تتأهب لغزو بري واسع النطاق، مما يضع واشنطن في موقف صعب، طبقا لهاس الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن.


الانتقام

ويقول إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محقّة في دعم ما يسميه حق إسرائيل في الانتقام، لكن لا يزال يتعين عليها أن تحاول صياغة الكيفية التي ستبدو بها عملية "الانتقام".

ولا تستطيع الولايات المتحدة -برأيه- إجبار إسرائيل على التخلي عن القيام بغزو بري كبير أو تقليصه بعد وقت قصير من شنه، لكن يمكن، بل ينبغي، لصناع السياسة الأميركية المحاولة.

وتتوقف حجة الولايات المتحدة لصياغة رد إسرائيلي على الأزمة وتداعياتها ليس على مدى جودة النصيحة -"وإن كانت قاسية"- فحسب، بل على ما يدين به الأصدقاء لبعضهم بعضا.

ويؤكد الدبلوماسي الأميركي أن للولايات المتحدة مصالح في منطقة الشرق الأوسط وما وراءها، والتي لن يخدمها أي غزو واحتلال إسرائيلي لغزة، ولا السياسات الإسرائيلية الطويلة المدى التي لا تعطي أملا للفلسطينيين الذين ينبذون العنف، على حد قوله.

صحيح أن مثل هذه الأهداف لن تفضي إلى محادثات وسياسات سهلة، إلا أن البديل -وهو حرب أوسع نطاقا واستمرار الوضع الراهن غير المستدام إلى أجل غير مسمى- سيكون "أصعب وأشد خطورة بكثير".


مخاطر الهجوم البري

ويحذر هاس من أن محاولة القضاء على حماس تتطلب هجوما هائلا في بيئة حضرية مكتظة بالسكان، مما سيكون مكلّفا لإسرائيل من حيث إنه سيؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين، الأمر الذي سيولِّد دعما لحماس بين الفلسطينيين.

ثم إن استخدام القوة الماحقة ضد غزة سيثير بدوره احتجاجات دولية، وسيعطل التطبيع مع الحكومات العربية، وسيوقف علاقات إسرائيل القائمة مع جيرانها العرب أو ربما يؤدي لإلغائها، حسب اعتقاد كاتب المقال.

وحتى لو تمكنت إسرائيل من سحق حماس، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ يتساءل الدبلوماسي الأميركي الذي يؤكد أنه لا توجد سلطة بديلة متاحة لتحلّ محلها، مضيفا أن السلطة الوطنية الفلسطينية تفتقر إلى الشرعية والقدرة والمكانة في غزة.

وليس هناك حكومة عربية مستعدة للتدخل وتحمل المسؤولية نيابة عن قطاع غزة، حسب تقدير الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية.


بديل الغزو البري

وهناك -في نظر هاس- خيار آخر يتمثل في تجنب غزو واحتلال غزة، والاستعاضة عنه بتوجيه ضربات تستهدف قادة حماس ومقاتليها، وما سينجم عنها من النيل من قدرات حماس العسكرية.

وعلى إسرائيل -والرأي لا يزال للكاتب- أن تعيد بناء قدراتها العسكرية على طول حدودها مع قطاع غزة حتى يتسنى لها استعادة قوة الردع والتقليل من احتمال شن هجمات "إرهابية" في المستقبل.

ولعل القيام بعملية عسكرية مطولة وكبيرة قد يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية أوسع يشعل شرارتها إما قرار من حزب الله اللبناني بإطلاق صواريخ على إسرائيل، وإما اندلاع "أعمال عنف" عفوية في الضفة الغربية.

وينبغي أن تحدو الولايات المتحدة وإسرائيل كلتيهما الرغبة في تجنب أي نتيجة تفضي إلى وضع تل أبيب تحت الضغط لإرغامها على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفقا لمقال فورين أفيرز.

فإذا انقشع غبار الحرب، فستكون هناك حاجة إلى دبلوماسية أميركية مستدامة، بغية "إنعاش" حل الدولتين، كما يشرح هاس.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار مع حماس

(CNN)-- قبلت إسرائيل الاقتراح الجديد لوقف إطلاق النار مع حماس، الذي قدمه المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، وفقًا لمسؤول إسرائيلي أوضح لـCNN أن الاقتراح يدعو إلى إطلاق سراح 10 أسرى أحياء و18 رهينة متوفين، بالإضافة إلى هدنة لمدة 60 يومًا.

ولم يقدم المسؤول أي تفاصيل حول بدء المفاوضات لإنهاء الحرب بشكل دائم، وهو مطلب رئيسي لحماس رفضته إسرائيل.

وأضاف المسؤول أن حماس ستوافق على إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، كما هو موضح في الاقتراح الأمريكي، لكنهم يريدون ضمانات من الولايات المتحدة باستمرار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار الدائم وعدم استئناف القتال بعد 60 يومًا.

في غضون ذلك، قالت حماس إن الإطار الأخير للاتفاق الذي جاء من إسرائيل "لا يستجيب لأي من مطالب شعبنا، وفي مقدمتها وقف الحرب والمجاعة"، وفقًا لباسم نعيم، عضو المكتب السياسي للحركة، الذي قال بتدوينة على منصة فيسبوك: "مع ذلك، تدرس قيادة الحركة، بكل مسؤولية وطنية، الرد على الاقتراح، في ضوء الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا".

وردت حماس على اقتراح ويتكوف الأخير بثلاث نقاط مضادة، وفقًا لمسؤول رفيع في حماس، إذ تريد الحركة أن تُقدّم المساعدات الإنسانية عبر قنوات الأمم المتحدة، وتريد من الجيش الإسرائيلي الانسحاب إلى المواقع التي احتلّها في 2 مارس/ آذار من هذا العام، قبل أن تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية.

ووفقًا لمنتدى عائلات الرهائن والمفقودين، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عائلات الرهائن في وقت سابق من اليوم بقبوله اقتراح ويتكوف.

وخلال إحاطتها الإعلامية، الخميس، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن "المبعوث الخاص ويتكوف والرئيس قدّما اقتراحًا لوقف إطلاق النار إلى حماس، حظي بدعم إسرائيل"، وأن المناقشات جارية، مضيفة: "نأمل أن يتمّ وقف إطلاق النار في غزة حتى نتمكن من إعادة جميع الرهائن إلى ديارهم، وقد كان ذلك أولوية لهذه الإدارة منذ البداية".

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي أمريكي سابق: 50% نسبة نجاح المفاوضات بين حماس وإسرائيل للوصول إلى اتفاق
  • دبلوماسي أوروبي يهدد بتصعيد الضغط على إسرائيل
  • دبلوماسي سوري: زيارة المبعوث الأميركي لدمشق تشير إلى مساعي واشنطن للمصالحة مع العالم السني
  • "حماس" تتلقى رداً إسرائيلياً على مقترح أميركي بشأن غزة وتراجعه
  • حماس تتلقى ردا إسرائيليا على مقترح أميركي بشأن غزة وتراجعه
  • مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار مع حماس
  • عن المقترح الأميركي.. حماس: لا يستجيب لمطالبنا
  • إسرائيل توافق وحماس تدرس المقترح الأميركي حول غزة
  • اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركية
  • الولايات المتحدة تقترب من وقف إطلاق النار في غزة