عربي21:
2025-10-13@04:50:00 GMT

تاريخ الكراهية الغربية للشعب الفلسطيني

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

لقد حشدت الحرب الفلسطينية الإسرائيلية القائمة دعما غربيا هائلا للإسرائيليين اليهود، مقرونا بدعوات للإبادة الجماعية لـ"القضاء" على الفلسطينيين صدرت من مختلف ألوان الطيف السياسي الغربي. حتى تلك الأصوات المتعاطفة مع الفلسطينيين لم تتوان عن إدانة انتفاضتهم ضد حراس السجن الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وسارعت إلى تبني الدعاية الإسرائيلية، بما في ذلك أكذوبة قطع رؤوس الأطفال والاغتصاب المزعوم، والتي دحضتها منذ ذلك الحين ذات وسائل الإعلام الغربية التي روجتها، بما في ذلك شبكة سي إن إن وصحيفة لوس أنجلوس تايمز، صاحبتا السبق في نشر هذه الافتراءات أصلا.

وقد تسببت حملة الكراهية الغربية العمياء للفلسطينيين وعشق إسرائيل اللا محدود في صدمة عند أغلب العرب، بمن فيهم أولئك الذين لطالما اعتبروا الغرب العدو الرئيس للشعب الفلسطيني.

لقد ظهر في العقود الأربعة الماضية تصور قوي بين المثقفين العرب الليبراليين والمؤيدين للغرب ورجال الأعمال والنخب السياسية بأن آراء الليبراليين الغربيين، وحتى بعض المحافظين منهم، تجاه الفلسطينيين قد تغيرت وأصبحت أقل عدائية. وهي القضية التي أمضيت الجزء الأكبر من العقود الثلاثة الماضية أقدم الحجة تلو الأخرى في كتاباتي لأبيّن زيفها ووهنها، وأن هذا التغيير في النظرة الغربية للفلسطينيين لم يزد عن كونه تعاطفا آنيا معهم كضحايا للمذابح فحسب، وبأنه لم يترجم مطلقا إلى دعم غربي لحق الفلسطينيين في مقاومة مستعمريهم الساديين، وبأن أي تعاطف مع الفلسطينيين كان مصحوبا دوما بالدعم الغربي اللا محدود لإسرائيل بغض النظر عن عدد الفلسطينيين الذين تقتلهم.

ظهر في العقود الأربعة الماضية تصور قوي بين المثقفين العرب الليبراليين والمؤيدين للغرب ورجال الأعمال والنخب السياسية بأن آراء الليبراليين الغربيين، وحتى بعض المحافظين منهم، تجاه الفلسطينيين قد تغيرت وأصبحت أقل عدائية. وهي القضية التي أمضيت الجزء الأكبر من العقود الثلاثة الماضية أقدم الحجة تلو الأخرى في كتاباتي لأبيّن زيفها ووهنها، وأن هذا التغيير في النظرة الغربية للفلسطينيين لم يزد عن كونه تعاطفا آنيا معهم كضحايا للمذابح فحسب، وبأنه لم يترجم مطلقا إلى دعم غربي لحق الفلسطينيين في مقاومة مستعمريهم
إن احتقار الغرب الأبيض للشعب الفلسطيني هو تقليد قديم راسخ يعود إلى القرن التاسع عشر، عندما قاوم الفلسطينيون المستوطنين المتعصبين البروتستانت الإنجيليين الأمريكيين والبريطانيين والألمان البيض الذين سعوا إلى إنشاء مستعمرات في فلسطين، وعندما رعى البريطانيون مشروعا لاعتناق اليهود الأوروبيين الديانة البروتستانتية وإرسالهم إلى فلسطين لاستعمارها.

وقد تبنى الصهاينة اليهود في أواخر القرن التاسع عشر وما بعده نفس هذا الازدراء تجاه الشعب الفلسطيني الذي سعوا إلى هزيمته وقتله وتشريده لتحقيق مشروعهم المتمثل في الاستعمار الاستيطاني للبلاد. وقد كان وعد بلفور البريطاني وعصبة الأمم، التي تبنت وعد بلفور بعد الحرب العالمية الأولى، قد اعتبرا الشعب الفلسطيني في أحسن الأحوال مصدر إزعاج وفي أسوئها قابلا للتخلص منه لغرض تأمين نقل اليهود الأوروبيين من أوروبا إلى فلسطين كمستعمرين.

وكان الازدراء العنصري الأوروبي والأمريكي للفلسطينيين قد نشأ كجزء من المواقف الاستعمارية البيضاء التقليدية تجاه الشعوب غير البيضاء قبل الحرب العالمية الثانية، فبعد الحرب العالمية الثانية وفي أعقاب الإبادة الجماعية المسيحية الأوروبية لليهود الأوروبيين، أصر الغرب المسيحي وحلفاؤه اليهود الصهاينة على أن الفلسطينيين هم من يجب أن يدفعوا فاتورة جرائم أوروبا المسيحية بتسليم وطنهم للصهاينة الغزاة.

وبعد أن طرد الصهاينة غالبية الفلسطينيين في عام 1948 من وطنهم، لم يعد الفلسطينيون الذين أمكن التخلص منهم يُعتبرون أكثر من "مشكلة اللاجئين العرب"، كما بدأت قرارات الأمم المتحدة بالإشارة إليهم، ومن ثم تم نسيانهم وإلقاؤهم في مزبلة التاريخ. لكن رغم ذلك، بدا أن وضع الفلسطينيين قد تغير على مدى العقود التالية وأن ديناميكية جديدة قد اخترقت المفاهيم الجامدة عن الفلسطينيين في الولايات المتحدة وأوروبا. فقد بدأ المعلقون وصانعو السياسات من مختلف ألوان الطيف السياسي الغربي في التعبير عن وجهات نظر تجاه الفلسطينيين لم يعبروا عنها من قبل.

لم تأت هذه التغييرات في توصيف الفلسطينيين في الغرب نتيجة إعادة ضبط الـ(لا)أخلاقيات الغربية، بل نتيجة الأحداث التي نقلت الشعب الفلسطيني إلى واجهة السياسة العالمية منذ منتصف الستينيات، وذلك بعد أن ظن الغرب أنه كان قد تخلص منهم نهائيا بعد عام 1948. وقد جاءت هذه التغييرات في الواقع نتيجة لثلاثة عوامل، بما فيها صعود حركة التحرير الفلسطينية التي بدأت بمهاجمة النظام الاستعماري الإسرائيلي للحصول على الاستقلال، والغزو الإسرائيلي الوحشي للبنان عام 1982 والمجازر التي تلته، والانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993). فقد شكّل كل حدث من هذه الأحداث نقطة تحول في وضع الفلسطينيين في الغرب.

فإذا كان الفلسطينيون قد أخفقوا في الظهور على الرادار الأخلاقي للغرب طوال العقدين اللذين أعقبا تخلص الغرب وإسرائيل منهم في عام 1948، فقد أدت العمليات الفدائية الفلسطينية المناهضة للاستعمار بين عامي 1968 و1981 إلى إيقاظ مشاعر الازدراء الغربية تجاه الفلسطينيين وإدانتهم بوصفهم إرهابيين وبرابرة، أو حتى كـ"حيوانات" تهاجم إسرائيل المسالمة، التي كانت ولا تزال تعتبر امتدادا للغرب الاستعماري.

ولكن بعد مذبحة صبرا وشاتيلا في أيلول/ سبتمبر 1982، تنوعت وجهات نظر المعلقين السياسيين الغربيين تجاه الفلسطينيين، وتراوحت ما بين من النقد المعادي والنقد والودي. وبدت المستويات المتباينة من العداء والود وكأنها تعكس اختلافات جوهرية فيما بين الطرفين، في حين أنهما في الواقع كانا يتشاركان في نفس الافتراضات الأساسية. فعلى سبيل المثال، عارض النقاد المعادون، مثل المعلق السياسي الأمريكي المحافظ جورج ويل، إقامة دولة فلسطينية وحق تقرير المصير للفلسطينيين، ودافعوا بشدة عما اعتبروه المصالح الإسرائيلية. ولكن، مع ذلك، فقد تمكن ويل من حشد بعض كلمات التعاطف مع الفلسطينيين بعد المذابح: "لقد أصبح لدى الفلسطينيين الآن مذبحة كمذبحة بابي يار، أو مذبحة ليديسي. لقد غيّرت مذبحة بيروت علم الجبر الأخلاقي للشرق الأوسط، ما أدى إلى إنتاج تناسق جديد للمعاناة" بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي كانت غير مسلحة إلى حد كبير، بدا المعلقون الغربيون متناقضين. فبينما أظهروا بعض التعاطف مع شعب أعزل يحارب الاستعمار، إلا أن سيف الإدانة كان جاهزا للإشهار كلما تعرّض جنود الاستعمار الإسرائيليين للخطر. وقد احتل الراحل أنتوني لويس، وكان في حينها كاتب عمود ليبراليا مرموقا في صحيفة نيويورك تايمز، الطرف المقابل من الطيف السياسي من جورج ويل، وقد قدم دعما مشروطا للحقوق الفلسطينية أثناء الانتفاضة.

فعلى الرغم من اعتراف لويس ببعض الحقوق الفلسطينية، إلا أنه قد طالب ياسر عرفات في عام 1990 بإدانة الهجوم الانتقامي الذي شنته جبهة التحرير الفلسطينية، وهي منظمة عضو في منظمة التحرير الفلسطينية، على شواطئ إسرائيل بالقرب من تل أبيب، والذي لم يسفر عن أي خسائر في صفوف الإسرائيليين، في حين لم  يقدم لويس مطلبا مماثلا لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير في أعقاب المذبحة التي ارتكبها مسلح إسرائيلي بحق 7 عمال فلسطينيين من غزة كانوا يقفون في محطة للحافلات في مستوطنة ريشون لتسيون قبل بضعة أيام من عملية جبهة التحرير، ولا بشأن ما تلا ذلك من مقتل 19 فلسطينيا، من بينهم طفل في الرابعة عشرة من عمره، وإصابة 700 آخرين برصاص جيش الاحتلال في الضفة الغربية.

ولعل الفارق الوحيد الواضح بين وجهة نظر لويس وغلاة مؤيدي إسرائيل إنما يتعلق بالقضية المتمثلة في تعرض الفلسطينيين للإيذاء الجسدي.. القتل والإصابات، والترحيل، والاعتقال، والتعذيب. فقد كان لويس يدعم الفلسطينيين بقدر ما كان الفلسطينيون ضحايا جسديين سلبيين، وأهدافا للعنف الإسرائيلي. لكن لم يتجاوز دعمه هذا الحد كثيرا، فعندما تولى الفلسطينيون دورا إيجابيا فاعلا، كانت الإدانة حاضرة، كما لو أنه قد جن جنونه بأن المفعول به قد تحول إلى فاعل. ولهذا السبب، عندما قاوم الفلسطينيون آنذاك أو يقاومون اليوم، يتم تصنيفهم على أنهم "همجيون" و"أشرار".

بدا هذا التناقض الغربي في التعامل مع الفلسطينيين، في نظر العديد من الفلسطينيين والعرب، رغم ضآلته وتواضع تعاطفه، بمثابة تحول واعد. وشعر المثقفون ورجال الأعمال والنخب السياسية الليبرالية الفلسطينية بأن هذا التناقض من شأنه أن يساعد في دفع النضال الفلسطيني إلى الأمام. لكن المشكلة في هذا الحماس الفلسطيني الليبرالي غير المبرر تكمن في عدم إدراك طبيعة هذا التناقض الغربي
هنا نبدأ في فهم تطور المواقف الغربية تجاه الفلسطينيين بعد عام 1948: بدءا من الازدراء التام والرفض في الفترة 1948-1968، والانتقال إلى الإدانة والعداء الشديد في الفترة 1968-1981، وإظهار بعض التعاطف مع الفلسطينيين كضحايا المجازر في الفترة 1982-1987، وأخيرا التعاطف والإدانة المتذبذبة في الفترة 1987-1993. أما في فترة ما بعد عام 1993، فقد غدا الموقف الغربي المتذبذب والمتناقض ما بين التعاطف والإدانة هو السائد.

بدا هذا التناقض الغربي في التعامل مع الفلسطينيين، في نظر العديد من الفلسطينيين والعرب، رغم ضآلته وتواضع تعاطفه، بمثابة تحول واعد. وشعر المثقفون ورجال الأعمال والنخب السياسية الليبرالية الفلسطينية بأن هذا التناقض من شأنه أن يساعد في دفع النضال الفلسطيني إلى الأمام.

لكن المشكلة في هذ الحماس الفلسطيني الليبرالي غير المبرر تكمن في عدم إدراك طبيعة هذا التناقض الغربي. ذلك أن القناعات الأساسية التي تحكم موقع الفلسطينيين في بوتقة الأخلاق الغربية ليست مستمدة مما يفعله الفلسطينيون أو لا يفعلونه، بل من طبيعة علاقة الفلسطينيين باليهود الأوروبيين.


إن مكانة اليهود الأوروبيين في الغرب هي التي تحكم كيفية رؤية الغربيين لليهود فيما يتعلق بفلسطين، وكيف يُنظر إلى اليهود الأوروبيين في العالم العربي، وخاصة من قبل الفلسطينيين. ففي حين يتم تصوير اليهود الأوروبيين في الغرب كلاجئين فارين من النازية والأهوال اللاحقة في أوروبا ما بعد المحرقة، وناجين من حرب الإبادة، وضحايا الالتزامات البريطانية تجاه العرب، فإن نظرة الفلسطينيين لليهود الأوروبيين نابعة من تجاربهم المباشرة. فبالنسبة إلى الفلسطينيين، لم يصل اليهود الأوروبيون كلاجئين، بل كغزاة، هدفهم الوحيد هو الاستيلاء على فلسطين بأي وسيلة ممكنة لتحقيق التطلعات الاستعمارية الصهيونية، التي بدأت قبل نصف قرن من صعود هتلر إلى السلطة. ولهذا السبب ينظر الفلسطينيون إلى اليهود الأوروبيين ليس باعتبارهم لاجئين عاجزين، بل كمستعمِرين مسلحين يرتكبون المجازر. هذا بالضبط ما أراد إدوارد سعيد أن ينقله في مقالته الكلاسيكية "الصهيونية من وجهة نظر ضحاياها".

وفي حين أن الكثير من العنف الإسرائيلي "يُفسَّر" في الغرب بوضع اليهود الأوروبيين قبل إقامة إسرائيل، فإن المقاومة الفلسطينية يُنظر إليها أيضا من خلال نفس وضع هؤلاء اليهود أنفسهم، وليس من خلال تاريخ الغزو الاستعماري الصهيوني لوطن الفلسطينيين. ويتم تقديم جرائم إسرائيل على أنها نابعة من وضع اليهود الذين وصلوا إلى شواطئ فلسطين بعد فرارهم من النظام النازي والمحرقة، ليواجهوا حملة عنيفة أخرى "معادية للسامية"، هذه المرة من قبل الفلسطينيين وغيرهم من عرب دول الجوار، الذين كانوا عازمين على طردهم من ملجئهم الأخير والوحيد. ومن ثم فإن العنف الذي تمارسه إسرائيل، مهما كان مؤسفا في بعض الأحيان، يُنظر إليه في واقع الأمر باعتباره دائما دفاعا عن النفس بطبيعته.

وفي السياق نفسه، يتم تفسير المقاومة الفلسطينية، السلمية أو العنيفة، والتي كانت ولا تزال دائما دفاعا عن النفس ضد المستعمرين الغزاة الأجانب، على أنها جزء من حملة "معادية للسامية" ضد اللاجئين اليهود وليس مقاومة للمستعمرين الصهاينة. ما يعنيه هذا هو أنه في حين أن بعض الغربيين قد يتعاطفون مع الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للقمع الإسرائيلي، فإنهم لا يتعاطفون مع أي شكل من أشكال المقاومة التي يتبناها الفلسطينيون التي يمكن أن تنجح في الإطاحة بالنظام الاستعماري والعنصري الإسرائيلي.

لقد أدى الزلزال الأخير الذي أحدثته عملية المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى" إلى رِدة الغربيين من جميع المشارب السياسية إلى موقفهم الأساس، وهو الإدانة الصريحة لمقاومة الفلسطينيين من أهل البلاد ودعم مستعمريهم الأوروبيين الذين تم تصويرهم كضحايا، ليس لمقاومة السكان الأصليين الذين أخضعهم الصهاينة لنظام عنصري استعماري على الأقل منذ عام 1948، ولكن لعنف آخر على نمط المحرقة من قبل معادين للسامية يكرهون اليهود كيهود، على غرار النازيين.

والحقيقة أن المؤرخ الفلسطيني يزيد الصايغ المناهض لحماس، والذي كان قد وصف في كتابه عن تاريخ منظمة التحرير عمليات المقاومة التي قامت بها منظمة التحرير في الستينيات والسبعينيات بـ"الإرهابية" (حذف الناشر العربي وصف "الإرهابية" من الترجمة العربية للكتاب)، قد شارك في هذا الخطاب الغربي مؤخرا، إلى الحد الذي جعله يشبّه هجوم حماس الأخير، بحسب المجلة البريطانية الليبرالية "لندن ريفيو أوف بوكس"، بالمذبحة النازية بحق اليهود في عام 1938 المعروفة بـ"ليلة تحطيم الزجاج".

لا يرجع هذا الدعم الغربي لإسرائيل إلى الشعور بالرعب إزاء القتل المؤسف والمرعب دائما للمدنيين، بل لأن المدنيين الذين قضوا هم يهود إسرائيليون. ولم يسبق أن كان ثمة تعبير مماثل عن الرعب إزاء القتل الإسرائيلي المتعمد لعشرات الآلاف من الفلسطينيين وغيرهم من العرب. ويجادل الكثيرون اليوم بوجوب الانتقام من هذه الوقاحة "الإجرامية" من جانب المقاومة الفلسطينية عبر قصف جميع الفلسطينيين في غزة بالقنابل تماما كما تم قصف مدينة درزدن الألمانية في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتحميل جميع الفلسطينيين المسؤولية عن جرأتهم على مقاومة إسرائيل، كما أكد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.

يجادل الكثيرون اليوم بوجوب الانتقام من هذه الوقاحة "الإجرامية" من جانب المقاومة الفلسطينية عبر قصف جميع الفلسطينيين في غزة بالقنابل تماما كما تم قصف مدينة درزدن الألمانية في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتحميل جميع الفلسطينيين المسؤولية عن جرأتهم على مقاومة إسرائيل
في ضوء هذا التاريخ المشحون بالكراهية الغربية للشعب الفلسطيني فليس هناك ما يمكنه أن يشكل صدمة لأي شخص في العالم العربي. فقد ظلّ هذا التعصب والبغض الغربيان ثابتيْن منذ القرن التاسع عشر، أما أولئك العرب الذين أصيبوا بالصدمة فقد أساؤوا فهم بعض التعاطف الغربي مع الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للمذابح على أنه دعم للمقاومة الفلسطينية وللتحرير. كما أخفقوا في فهم أن أغلب الليبراليين الغربيين الذين يتعاطفون مع محنة الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للقمع الإسرائيلي نادرا ما يدافعون عن حقهم في الإطاحة بالنظام الاستعماري العنصري الذي أسسته إسرائيل منذ عام 1948. أما أولئك القلائل الذين يدافعون عن هذا الحق فإنهم يطالبون الفلسطينيين بالإطاحة بالفصل العنصري الاستعماري بالوسائل "السلمية"، ربما عن طريق إلقاء الزهور على الدبابات الإسرائيلية أو كتابة رسائل إلى الأمم المتحدة.

لقد كان التعبير عن التعاطف من قبل هؤلاء الغربيين، على أقصى تقدير، يأمل في تخفيف القمع الذي يعتقدون أن الفلسطينيين يجب أن يتحملوه بنبل كضحايا للعنف الاستعماري الإسرائيلي المتواصل لكن دون قيامهم بتهديد إسرائيل بأي شكل من أشكال العنف. وفي اللحظة التي قام فيها الفلسطينيون بذلك في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تبدد التعاطف كله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية اليهود الغربي الكراهية فلسطين الغرب معاناة اليهود الكراهية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب العالمیة الثانیة المقاومة الفلسطینیة تجاه الفلسطینیین جمیع الفلسطینیین للشعب الفلسطینی مع الفلسطینیین الفلسطینیین فی فی الفترة فی الغرب على أنه من قبل فی عام عام 1948 فی حین على أن

إقرأ أيضاً:

د. آية الهنداوي تكتب: سلام على الورق وعداء في الميدان ..كيف يرانا اليهود حقاً ؟

منذ فجر التاريخ واليهود لا يرون في غيرهم إلا أدوات لخدمتهم أو أعداء يجب سحقهم. هذه ليست مبالغة ولا إنفعالًا عاطفيًا، بل حقيقة راسخة في نصوصهم المقدسة وفي وجدانهم الجمعي الذي تشكل على أساس "شعب الله المختار" و"الأمم النجسة" التي لا تستحق الحياة.

اليهودي – وفقًا للعقيدة التلمودية – لا يرى في العربي أو المسلم إنسانًا كاملًا، بل كائنًا أدنى خُلق لخدمة الإسرائيلي.

وفي تلمودهم يرد  بوضوح هذا النص : "إن أرواح غير اليهود هي أرواح حيوانية في أجساد بشرية"، وهذه العبارة  اختصرت كيف يرى اليهود الآخر بأنه لا قيمة له إلا بقدر ما يقدم لإسرائيل من مصلحة أو مال أو حماية.

هذه العقلية المتعالية هي التي صنعت كل حروبهم وكل خياناتهم وكل تحالفاتهم القذرة مع قوى الاستعمار والمال. 
هم لا يعيشون إلا على تمزيق غيرهم ولا يقيمون دولتهم إلا على أنقاض الآخرين. 
من بابل إلى روما، ومن الأندلس إلى القدس، ومن سايكس–بيكو إلى غزة كان اليهود دومًا في صف النار يصنعون الفتن ثم يبكون على رمادها.

فهم يرون في العربي تهديدًا أبديًا وفي المسلم عدوًا وجوديًا وفي الأمة العربية جثة يجب أن تُنهب لا تُبعث.

فالإعلام الإسرائيلي والمناهج الإسرائيلية وحتى خطاب الحاخامات في الكنيس كلها تكرّس صورة العربي "المتوحش"، "الكاذب"، "البدائي" الذي لا يفهم إلا لغة القوة. ولهذا لا يتحدثون معنا إلا بالصواريخ ولا يفاوضون إلا على دمائنا.

إسرائيل التي تتغنى بالديمقراطية ترى في الفلسطيني إرهابيًا حتى وهو يحمل مفتاح بيته وتصف الطفل الذي يرشق حجارة على دبابة بأنه خطر وجودي على "دولة الأمن".

إنهم يكرهوننا لأننا نذكرهم بما حاولوا محوه بأننا أصحاب الأرض، وأنهم مجرد عابرين لصوص في التاريخ.

كما أن العداء اليهودي للعرب ليس وليد السياسة الحديثة، بل هو متجذر في اللاهوت العبري نفسه. ففي سفر التثنية نجد هذا النص التوراتي: "وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تُبقِ منها نسمة حية، بل حرمها تحريمًا" (تثنية 20:16). هذا النص الدموي هو الأساس الذي يبرر كل مذبحة، من دير ياسين إلى جنين، ومن قانا إلى غزة.

فهم يعتقدون أن الله منحهم الأرض ومنحنا نحن الموت. لهذا لا يترددون في القتل لأنهم يرونه تنفيذًا لوصية إلهية، لا جريمة حرب.


في كل مرة تشتعل فيها الحرب على أرض فلسطين تتجلى الحقيقة التي يحاول العالم الغربي تغطيتها بابتسامات الدبلوماسية وبيانات “السلام” إسرائيل لا ترى في العرب شركاء، بل خصومًا أزليين.
ومهما تحدّث قادتها عن “التعايش” و“الإتفاقات التاريخية”، فإن نظرتهم إلى المجتمع العربي لا تزال أسيرة الغطرسة القديمة نفسها — نظرة من يعتبر نفسه “الأعلى” حضاريًا وعرقيًا ودينيًا، ومن يرى في العربي مجرد خطر أمني أو رقم على هامش الخريطة.

من يتتبع الخطاب الإعلامي والسياسي في تل أبيب اليوم يدرك أن “السلام” الذي يتغنون به ليس أكثر من قناع سياسي يُستخدم حين تكون البنادق صامتة. أما حين تبدأ الصواريخ في غزة أو الخليل فإن الخطاب ذاته يكشف وجهه الحقيقي من دعوات للإنتقام وتحقير للفلسطيني وشيطنة للعربي، وتجريد كامل من الإنسانية لكل من يقف في صف المظلوم.

والأدهى من ذلك أن العقل الغربي الذي يدّعي الحضارة يصفق لهم ، بينما نحن نُدان حين ندافع عن أنفسنا.

ومن خلال هذا السياق أؤكد وبشدة أن إسرائيل ليست دولة طبيعية، بل مشروع كراهية منظم يربّي أبناءه على أن العرب "أدنى"، والمسلم "عدو"، والمسيحي "كافر"، وكل ما سوى اليهود "وسيلة لا غاية".
لذلك، حين تبتسم لنا تل أبيب في إتفاق تطبيع فإنها لا ترى فينا سوى فرصة جديدة للإبتزاز لا شريكًا في السلام.

من يعرف كيف يرانا اليهود يدرك أن الصراع معهم ليس على أرض فقط، بل على الوجود نفسه.
نحن بالنسبة لهم خطيئة يجب محوها من التاريخ، وهم بالنسبة لنا سرطان يجب أن يُستأصل من الجسد العربي.
هذه هي الحقيقة التي يجب أن تُقال بوضوح لا سلام مع من يري فيك عبداً
ولا أمان مع من يعتبر دمك قربانًا لطموحاته الدينية والسياسية.

ومن يراقب الخطاب اليهودي في السنوات الأخيرة سواء في الإعلام العبري أو في تصريحات قادتهم يدرك بوضوح أن نظرتهم إلى العرب لم تتغيّر رغم كل ما يرفعونه من شعارات عن“السلام”و”التعايش”. 
فخلف الوجوه المبتسمة والدعوات الزائفة إلى السلام تختبئ عقلية توراتية قديمة لا ترى في العربي سوى عدوٍّ ينبغي إخضاعه أو محوه من الوجود.

اليهود اليوم لا ينظرون إلى المجتمع العربي كشريك في الإنسانية، بل كأداة يجب السيطرة عليها، وكجغرافيا ينبغي إعادة تشكيلها لتخدم المشروع الإسرائيلي، وكل حديثهم عن “السلام” ما هو إلا مسرحية سياسية متقنة الإخراج هدفها كسب الوقت وتهدئة الرأي العام العالمي، وإستكمال بناء دولتهم العنصرية على أنقاض الشعب الفلسطيني.
إنهم يتحدثون عن السلام بألسنتهم بينما تفضحهم أفعالهم في غزة والقدس، في الضفة والجنوب اللبناني. سلامهم لا يعني إنهاء الحروب، بل تثبيت الإحتلال وشرعنة القتل، وفرض الهيمنة باسم "الأمن الإسرائيلي".

في أعينهم، العربي ليس إنسانًا مساوياً في الكرامة أو الحقوق، بل خطرٌ يجب ترويضه، ووجودٌ يجب تحجيمه. 
حتى دعاة السلام منهم لا يتحدثون عن المساواة، بل عن “تطبيعٍ” يكرّس التفوق اليهودي ويُبقي العربي تابعًا، خانعًا، مسلوب الإرادة.
إنهم يقدّمون أنفسهم للعالم كضحايا دائمين، بينما يمارسون كل أشكال القهر والتوسع ضد من حولهم. ومن يرفض الخضوع لمنطقهم يُصنّفونه إرهابيًّا وعدوًّا للسلام!


وأؤكد أيضاً أن من يقرأ التاريخ بعينٍ صادقة لا يخدعه بريق الشعارات ولا يخدّره حديث "السلام" المنمّق.
فاليهود منذ القدم  وحتى يومنا هذا لم يعرفوا معنى السلام إلا إذا كان غطاءً لمطامعهم، وستارًا يخدعون به العالم ليواصلوا سرقة الأرض وسفك الدماء باسم “الحق الإلهي”.
إنّ ما يحدث اليوم في فلسطين ليس حربًا دفاعية كما يزعمون، بل إستكمالٌ لحربٍ قديمة ضدّ كل ما هو عربيٍّ ومسلم.
حربٍ يشنّها فكرٌ توراتيٌّ مغلّف بالدبلوماسية الزائفة. فبينما تُمدّ لهم الأيدي بالسلام، يُشهرون الخناجر في الظهور، وبينما يرفعون شعارات التعايش يُجهّزون الدبابات والطائرات لدفن التعايش تحت الركام.

وختاماً ، لقد آن للعرب أن يدركوا أنّ “السلام الإسرائيلي” ليس سوى هدنة مؤقتة بانتظار فرصة جديدة للإنقضاض. 
فاليهود لا يرون فينا شركاءَ في إنسانيةٍ واحدة، بل عوائقَ في طريق "الوعد الإلهي" المزعوم. 
ومن لا يقرأ النوايا من بين سطور التاريخ سيظلّ ضحيةً للسلام الكاذب الذي تُخفي وراءه إسرائيل خنجرها المسموم.

طباعة شارك فجر التاريخ اليهود إسرائيل

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: عدد الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل تراجع إلى 1718
  • السفير محمد حجازي: مصر تتعامل مع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية كـوحدة جغرافية واحدة تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية
  • د. آية الهنداوي تكتب: سلام على الورق وعداء في الميدان ..كيف يرانا اليهود حقاً ؟
  • منظمة التحرير الفلسطينية دانت الهجوم الإسرائيلي على المصيلح
  • الكشف النهائي للأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم يضم 195 أسيرا محكوما بالمؤبد
  • بدء نقل الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم من سجون إسرائيل
  • إلهام شاهين تشيد بحكمة السيسي ودعم مصر للقضية الفلسطينية
  • رصاص وقنابل غاز.. إصابة عشرات الفلسطينيين باقتحام الضفة الغربية
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: وقف الحرب بداية جيدة.. ونوجّه الشكر لمصر التي أنقذت الدم الفلسطيني
  • محافظة إب تشهد 346 مسيرة حاشدة دعمًا للشعب الفلسطيني وإحياءً لمعركة “طوفان الأقصى”