لجريدة عمان:
2025-06-25@03:45:56 GMT

يون فوسه... أرق الحب

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

يون فوسه... أرق الحب

لا يسعني أن أقول، مع هذا الكتاب الثاني الذي قرأته مؤخرا لــ يون فوسه، حائز جائزة نوبل للآداب هذا العام، إلا أنه صاحب تجربة كتابية فعلية تستحق أن نطلع عليها. ثمة كتابة مختلفة، عن العديد من الكتّاب الأوروبيين الذين اكتشفناهم في هذه السنين الأخيرة. سأحيل سبب ذلك ــ ولو جزافا ــ إلى هذه البيئة الشمالية (الإسكندنافية) التي تلعب هذا الدور في رسم هذا الإطار الذي تتواجه فيه «البرودة» و«الحرارة» في الوقت عينه، لتدخلا في صراع ومواجهة عنيفة كي تتقاتلا إلى أجل غير مسمى، لتقدما لنا في النهاية، لوحة جميلة، تستحق أن نقف أمامها ونتأملها.

كغالبية نصوصه، إلا في ما ندر (وفق ما قرأنا عنه)، يأتي نص «أرق» (بترجمة فرنسية عن منشورات «سيرسيه») في صفحات قليلة أيضا (92 صفحة)، ليرسم لنا الكاتب من خلاله عالما من الحبّ النقي والواضح بين شخصين، بين فتاة وشاب، يبحثان ذات يوم عن مكان يبيتان فيه، بعد أن وصلا إلى إحدى القرى، وبخاصة أنها كانت على وشك أن تلد الطفل الذي تحمله في أحشائها. عبر كلمات قليلة جدا، نجدهما يُعبران عن هذا الضيق الشديد الذي يغمرهما، الذي يغمر هذين الكائنين اللذين يواجهان بمفردهما عالما عدائيا، أينما انتقلا. لذا تبدو الحوارات القليلة التي تطل برأسها فوق الصفحات، وهي حوارات ذات جمل تتألف من كلمات قليلة بدورها، ليأتي الرد عليها، في بعض الأحيان بكلمة «نعم»، وفي أغلب الأوقات بالصمت. كأنه لم يعد أمام الكائن البشري أي شيء ليقوله. لكنه الصمت الذي يكمن وراء هذه القوة التي تجعلهما متماسكين، وهي القوة التي تخلق هذا الاندماج بينهما بشكل جسدي وعقلي وروحي.

في برد هذه المناظر الطبيعية الشمالية، وحيث المطر الخريفي يخترق، ويبلّل هاتين الشخصيتين الرئيسيتين كما يُشعر القارئ بالجليد ــ جليد العواطف والأفكار والحياة برمتها ــ يتبختر الناس الذين يغلقون أبوابهم في وجه هذين الشابين الغريبين. شابان طردا من منزليهما بسبب «ازدراء بغيض» من عائلتين لا تفهمهما. لكنهما موجودان من أجل بعضهما البعض، إنهما يشكلان ملجأ لبعضهما البعض، يدفئان بعضهما البعض، كل واحد في انعكاس الآخر، في اقتضاب الآخر، لذا نجد أن كلا منهما يردد صدى الآخر، صدى ثقتهما، صدى أملهما.

وعلى الرغم من كلّ شيء، على الرغم من أننا نعلم منذ بداية الكتاب أننا أمام لصة وقاتل، إلا أننا نشعر بأمل متقد في داخلنا بأنهما سيفلتان من العقاب. لأنهما إن لم يكونا بريئين فإنهما يتصرفان، هو ببراءة الرجل الأول، وهي ببراءة المرأة الأولى. لقد تم طردهما دون تفكير، من جنتهما التافهة، وهما يهيمان على وجهيهما. إن شرودهما ليس عقوبة على أية جريمة، بل على العكس تماما، فهو حكم الهيام الظالم الذي سيقودهما حتما إلى ارتكاب الجرائم دون أي إصرار مسبق. جرائم الأبرياء، الأبرياء ذوي النفوس الطاهرة والأفعال المؤسفة. أولئك الذين لا يستطيعون أن يكونوا أبرياء هم أولئك الذين يطاردونهما، أولئك الذين يصدونهما، أولئك الذين يغلقون الباب في وجهيهما، أتباع ثقافة جامدة حيث المظاهر هي القانون، لمجتمع أناني وبارد، تقشعر له الأبدان مثل شتاء الشمال.

تبدو، نوفيلا «أرق» قصة مثيرة مليئة بأصداء الحكاية التوراتية. قصة حب (ولا غضاضة في أن نصفها بالرائعة) تحمل الكثير من الأصداء الرهيبة؛ زوجان يسيران في الشوارع. غريبان وصلا لتوهما إلى المدينة. كل ما يملكه الواحد منهما يتناسب مع الآخر. كانا صغيرين وهي حامل سوف تلد قريبا. ليس لديهما أي ملجأ للبقاء فيه. لا أحد يريد الترحيب بهما في هذا الجو البارد والماطر.

في هذا الإطار العام الذي يلفه الضباب، ثمة بعض الأحداث التي تجري والتي تعتبر أحداثًا مهمة في حياة الزوجين الشابين. ولكن، يختفي ذلك كله أمام القارئ فجأة. شيء حدث للتو. لا ينتبه القارئ له، لكنه يولد تنافرا نفهمه من خلال الإشارة إلى هذه الاهتزازات في رأس الشاب. وحين نجدها تحدث مرة أخرى نفهم أن شيئا ما قد ينكسر بينهما. لمحة بسيطة (اهتزاز الرأس) تولد تأثيرا مذهلا في قلب هذه الحكاية. إذ إنه يحمل علامة الكاتب الذي يتقن فنه. وما لم يُقل يجعلنا نخمن قصة أخرى: رواية الحب المؤثرة لشابين فاسقين التي أصبحت فجأة مشوبة بظلام لا نلمحه.

هذا الظلام يأتي على شكل نهاية مفتوحة. ربما هنا ما يجعل القارئ يميل على هذا النص. ربما النهاية تكمن في الأكل بولادة الطفل. ومع ذلك هل هي نهاية مفتوحة حقا حين نعرف أن المؤلف، بعد سنوات من نشره هذا النص، كتب تكملة له بعنوان «أحلام أولاف»، ثم تكملة ثانية بعنوان «عند حلول الظلام»، ليصوغ بذلك ثلاثية، لا بدّ أن تجعلني أغوص بها قريبا جدا.

ما يرويه لنا فوسه قصة جميلة ومؤثرة عن الحب: عن حب صبور، بلا كبرياء أو غيرة أو تفاخر. وما لا يُقال لنا، هو شيء أكثر قتامة، وأكثر إزعاجًا بكثير. مثل شيء نعترف به بصعوبة ولكن لا يمكننا قبوله. في ومضتين شريرتين، يتم توجيه القارئ إلى فهم ما لم يتم إظهاره أو شرحه: إن حب أليدا وآسلي، وسعيهما من أجل حياة أفضل، هو أيضًا حامل للموت معه. لا شك أن كتابا كهذا يستحق أن يقرأ لأنه ببساطة جميل للغاية، يائس ومؤلم، يتسم بالتواضع وبلحظات صغيرة من السعادة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أولئک الذین

إقرأ أيضاً:

البندقية تُخفي السرّ الأكبر..تفاصيل خطط زفاف جيف بيزوس في مدينة الحب العائمة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يواجه حفل زفاف مؤسس "أمازون" جيف بيزوس ومذيعة الأخبار السابقة لورين سانشيز في مدينة البندقية بإيطاليا تهديدات باحتجاجات قد تعطل الحدث، مما يجعله من أكثر المناسبات التي تُراقب بشدة في المدينة. ومن المتوقع أن يكون الزفاف فخمًا ويكلف ملايين الدولارات.

يلتزم المتحدثون باسم الثنائي الصمت، إذ ذكر أحد الضيوف لـ CNN أنه وقّع اتفاقية عدم إفشاء، لكن تستمر الشائعات حول تفاصيل الحفل المتوقع هذا الأسبوع.

في حانة "هاريز بار"، يأمل النُدُل أن يتوقف بعض المدعوين الـ200، من المشاهير وكبار الشخصيات، لتذوّق كوكتيل "بيليني" الشهير. ولا يُعرف بعد ما إذا كان بيزوس سيحضر وصيفيه اللذين لم يُعلن عن اسميهما بعد، كما فعل جورج كلوني عندما تزوج أمل علم الدين عام 2014. وصرح أحد النُدُل لشبكة CNN: "نأمل ذلك. لا يمكننا الكشف عن هوية أي شخص قام بالحجز. نحمي خصوصية جميع ضيوفنا، وليس فقط المليارديرات".

ضيوف من هوليوود وحلويات محلية

ينظّم الحفل الثنائي الإيطالي "لانزا وباوتشينا"، وكانا قد اشتهرا بتحويل القناة الكبرى في البندقية إلى سجادة حمراء في حفل زفاف جورج وأمل كلوني. 

رأى المحتجون، أن البندقية لا تتسع لزفاف بيزوس، فيما أكّدت الجهة المنظمة احترامها للمدينة وتحدياتها كونها من أكثر الوجهات ازدحامًا في أوروبا. 

وأوضحت في بيان: "الشائعات التي تتحدث عن السيطرة على المدينة خاطئة تمامًا وتتعارض مع أهدافنا". 

جورج كلوني وأمل علم الدين في حفل زفافهما بمدينة البندقية عام 2014Credit: Robino Salvatore/Getty Images

يعتمد الثنائي على نحو 80% من الموردين المحليين، منهم مخبز "روزا سالفا"، أقدم محل حلويات في البندقية، الذي كُلف بإعداد نحو 200 حقيبة من الهدايا. كما أكد مصمم الزجاج الشهير "Laguna B" مشاركته في تصميم هدايا خاصة، من دون كشف التفاصيل.

من جهته، أبدى رئيس إقليم فينيتو، لوكا زايا، ثقته في قدرة المدينة على استيعاب الحدث، قائلاً: "هذه مدينة تستقبل 150 ألف شخص يوميًا. جورج كلوني، وسلمى حايك، وألكسندر أرنو، وغيرهم ممن تزوّجوا هنا". 

رغم عدم إعلان قائمة المدعوين، فإن حفل توديع العزوبية الذي أقامته سانشيز في باريس الشهر الماضي قدّم بعض التلميحات، حيث شاركت كيم كارداشيان، وكريس جينر، وكايتي بيري، وإيفا لونغوريا، في جولة بحرية بنهر السين. 

أما فستان الزفاف، فستبقيه سانشيز سريًا حتى يوم الحفل. لكن من المعروف أنها من المخلصات لدار الأزياء  Dolce & Gabbana. وهناك ترجيحات بأن دار الأزياء Oscar de la Renta قد تكون أيضًا من بين الخيارات، خصوصًا بعد أن ارتدت سانشيز فستانًا خاصًا من تصميمها في أول ظهور لها في عام 2024

.

الصورة تظهر الثنائي في حفل ميت غالا في مايو 2024، حيث ظهرت سانشيز لأول مرة بفستان من تصميم أوسكار دي لا رنتا.Credit: Kevin Mazur/MG24/Getty Images for The Met Museum/Vogue التجهيزات اللوجستية

يُعتقد أنه تم حجز نحو 30 من أفخم القوارب المائية، بينما أكدت جمعية قوارب الجندول جاهزيتها الكاملة للحدث.

أما يخت بيزوس الفاخر "Koru" الذي تبلغ قيمته 500 مليون دولار، ويُرافقه اليخت الأصغر "L’Abeona"، فكلاهما في البحر الأدرياتيكي.

يختا بيزوس قبالة ساحل بورتوفينو في إيطاليا عام 2023.Credit: Robino Salvatore/Getty Images

أًغلق المجال الجوي للبندقية أمام الطائرات المسيّرة والطيران غير المصرح به، لكن مصادر أكدت منح تصاريح خاصة لطائرات هليكوبتر لأسباب أمنية، خصوصًا لرؤساء الدول. ويضم مطار ماركو بولو منطقة خاصة تسهّل وصول النجوم والمشاهير إلى المدينة عبر قوارب الأجرة المائية من دون ملاحظة أحد.

خطط مرنة ومواقع متعددة

يبقى موعد الزفاف، وهو من أكثر التفاصيل سرية، غير مؤكد، ويبدو أن الثنائي يُبقي الجميع في حالة ترقّب، إذ قال مصدر في بلدية البندقية إن منظّمي الحفل حجزوا عدة مواقع على مدار أيام.

من المتوقع استخدام عدد محدود من الفنادق لاستضافة الضيوف وإقامة بعض الفعاليات. 

أما أبرز المواقع المحتملة فتضم مؤسسة تشيني على جزيرة سان جورجيو مادجوري، التي استضافت مناسبات كبرى مثل قمم G7، وتتميّز بحدائقها وأديرتها المقابلة لساحة سان ماركو. وقد لوحظت أعمال بناء في منتصف يونيو/حزيران بدت وكأنها تحضيرات لحفل زفاف أو حتى حفل موسيقي.

جندول أمام جزيرة سان جورجيو مادجوري يوم الأحد قبيل حفل زفاف بيزوس وسانشيز.Credit: Yara Nardi/Reuters

كما ورد اسم فندق أمان، وهو المكان ذاته الذي تزوّج فيه جورج وأمل كلوني، كموقع محتمل. وكذلك مستودع أسلحة يعود إلى القرن السادس عشر يُعرف باسم "سكولا غراندي ديلا ميزيريكورديا".

أمريكاإيطاليامشاهيرنجوم هوليوودنشر الثلاثاء، 24 يونيو / حزيران 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • البندقية تُخفي السرّ الأكبر..تفاصيل خطط زفاف جيف بيزوس في مدينة الحب العائمة
  • سلمى أبو ضيف: كنت دائما أشعر بالخوف من والدي أكثر من الحب
  • ملك الصبا.. إحياء ذكرى رحيل القارئ أبو العينين شعيشع بكفر الشيخ | صور
  • أحمد الفيشاوي ومعتصم النهار وسوسن بدر في فيلم حين يكتب الحب
  • التصوير قريبا.. الفيشاوي والنهار وسوسن بدر في فيلم حين يكتب الحب
  • المحبة والزلّة
  • لماذا تتفاقم أعراض الصداع النصفي عند المرضى الذين لا ينامون جيدا؟
  • نادي سالزبورغ : ‏تحية لجماهير النصر و الأهلي الذين يدعموننا اليوم
  • فتاة تفضح قسوة الآباء النرجسيين: حب مشروط وتحطيم للاستقلالية .. فيديو
  • وزير الإسكان: تخصيص قطع أراضٍ للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بقرعتين بالعبور الجديدة