تخريجة الاعتداء على المدنيّين
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
تخريجة الاعتداء على المدنيّين
ساسة الغرب دمروا وشوهوا صورة ذلك الغرب، وقلبوه إلى غرب قبيح انتهازي صهيوني حتى النخاع.
دوائر الغرب الاستعمارية والاستخباراتية تنجح من جديد في مهزلة التلاعب بالألفاظ التي برعت فيها عبر القرون.
ليس المستوطنون المحيطون بغزة مدنيين، إنهم جزء من جيوش المرتزقة الذين عبثوا بفلسطين منذ عشرات السنين.
من يقود تلك الحملة الجائرة ويجيش القوى الإعلامية الصهيونية وأنصارها من الانتهازيين لطمس الحقائق، لجعل المجرم القاتل ضحية والضحية هي المجرم؟
* * *
ها أن دوائر الغرب الاستعمارية والاستخباراتية تنجح من جديد في مهزلة التلاعب بالألفاظ التي برعت فيها عبر القرون. فهي تصف رد الفعل الفلسطيني تجاه عقود من الإذلال والحصار، وسرقة الأرض وما عليها، وتهجير ملايين الفلسطينيين خارج أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم… تصف ذلك باعتداء إرهابي ضد مدنيين عزل.
فهل حقاً أن الجيوش الجرارة من الذين جاءت بهم الحركة الصهيونية العالمية، بمباركة ومعاونة مالية وتسليحية من بعض دول الغرب الاستعماري، يقتحمون البيت الفلسطيني ويقيمون المستعمرات المدججة بالسلاح، يحاصرون، مثلا، غزة سنة بعد سنة، ويمنعون عن أهل البيت الماء والغذاء والدواء والكهرباء متى شاؤوا وكيفما شاؤوا.
ويمنعون التعليم عن أولاد البيت، أحياناً كعقاب وأحياناً كنكاية، ويأخذون الأرض الزراعية المحيطة بغزة ويحرثونها والبنادق فوق أكتافهم، أو يستعبدون أهل غزة ليقوموا بحرث أرضهم كعبيد مطأطئي الرؤوس من أجل لقمة عيش مذلة… هل هؤلاء حقاً يمكن وصفهم، زوراً وبهتاناً، وكذباً ونفاقاً، وتلاعباً حقيراً بالألفاظ، بأنهم مدنيّون عزّل؟
ومن يقود تلك الحملة الجائرة ويجيش كل القوى الإعلامية الصهيونية وأنصارها من الانتهازيين لطمس الحقائق، لجعل المجرم القاتل ضحية والضحية المتهالكة هي المجرم؟
إنها الولايات المتحدة التي يعطي دستورها الحق لصاحب كل بيت أن لا يسمح لأي متطفل حتى بالمرور في أرض بيته أو أو أملاكه، بل والحق في أن يحذره مرة واحدة، فإذا لم يستجب ويخرج من أرضه يطلق عليه النار من بندقيته ويرديه قتيلاً.
هناك يعتبرون الدفاع عن ملكية صغيرة في شكل بيت أو مزرعة وقتل حتى من يجرؤ على أن يدخلها بالغلط هو حق دستوري مشروع، وهنا في فلسطين يعتبرون مقاومة سرقة وطن بكامله إرهاباً ضد مدنيّين.
لكن هل هناك غرابة في ذلك؟ ألم يعتبر المجتمع الأمريكي في ما مضى راعي البقر الكاوبوي، الذي يذهب إلى الغرب الأمريكي، ويخرج الهندي الأحمر من أرضه تحت تهديد السلاح بطلاً مغواراً؟
بل ويعتبر قادة ذلك المجتمع أن ذلك ما هو إلا استجابة لأوامر المسيح بتطهير أمركيا من الهنود الكفار ليحل محلهم المؤمنون الغزاة الأنكلو سكسون؟
ألم تتهم الهندي الأحمر بالإجرام والتوحش والإرهاب، إذا تجرأ ودافع عن أرضه وعرضه؟ والأمر نفسه ينطبق على ما فعله المستعمرون المستوطنون الفرنسيون في المغرب العربي.. فدفاع أصحاب البلاد كان يعتبر اعتداءً على مدنيين مسالمين (حتى ولو كانوا مدججين بالسلاح ومن القتلة وحثالات الأرض).
والأمر نفسه فعله الاستعمار الإنكليزي في الهند: يسرق وينهب ويذل، حتى إذا ما تجرأ غاندي على المقاومة اعتبره إرهابياً في ثوب رجل كاهن. والواقع أن هذا العالم، وعلى الأخص العرب والمسلمين، قد ملّ وهو يرى الغرب الاستعماري يتعامل معه كما تتعامل بائعة الهوى مع محيطها.
فأمام مرآتها أنواع من المكياجات. فإن أرادت الذهاب إلى حانة لتغوي وضعت مكياجاً معيناً. وإن أرادت أن تتظاهر بامتلاكها العفة وتذهب يوم الأحد للكنيسة وضعت مكياجاً آخر. وهكذا هناك مكياج أمام مرآتها لألف موقف. لا يوجد خجل ولا ضمير ولا قيم. هناك فقط لذة الإغواء والابتزاز والنفاق.
والآن، ونحن نرى رئيس دولة مخرّف، ورئيس وزراء دولة لم يقرأ تاريخ البلاد التي جاء منها حتى يبقى انتهازياً مقبولاً في البلاد التي هاجر إليها، ورئيس دولة لا تهمه حتى مشاعر الملايين ممن أصولهم مغربية إسلامية، نرى هؤلاء يذهبون ليقبّلوا وجنة المجرم ويذرفوا دموع الكذب والنفاق ويتحسروا على موت من يدعون بأنهم من المدنيين العزل من المستوطنين السارقين لأرض غيرهم، الحاملين لأفتك الأسلحة، المذلين لكل ذرة في فلسطين.. يتحسرون على أولئك، ولكنهم لا يذكرون ولا بكلمة تعاطف واحدة الضحية الحقيقية، ولا يرف لهم جفن لبكاء ما بقي من نتف جثث أطفال غزة.
لا، ليس كل المستوطنين المحيطون بغزة، مدنيين، إنهم جزء من جيوش المرتزقة الذين عبثوا بفلسطين منذ عشرات السنين. وإذا كنتم، يا رؤساء الغرب، لا تعرفون الفرق بين المدني المسالم والمستوطن المعتدي فارجعوا إلى مفكريكم عبر تاريخكم الطويل. ولكن لا ترجعوا إلى أمثال مكيافيلي، بل إقرأو ما كتبه أمثال برتراند رسل وشومسكي وغيرهم من أحرار الغرب غير الاستعماري، بمن فيهم الكثير من الأحرار اليهود الرائعين.
يوجع قلبنا أن نتحدث هكذا عن ثقافة غربية رائعة، تعلمنا منها الكثير. لكن بعضاً من ساسة الغرب دمروا تلك الصورة وشوهوا صورة ذلك الغرب الجميل، وقلبوه إلى غرب قبيح انتهازي صهيوني حتى النخاع.
*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، مفكر قومي عربي
المصدر | الشروقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الغرب الضحية المجرم الاستعمار الغربي المدنيون الهنود الحمر
إقرأ أيضاً:
بسبب خلافات أسرية.. الاعتداء على شخص بالشرقية من أسرة زوجته
كشفت الأجهزة الأمنية ملابسات منشور تم تداوله بمواقع التواصل الإجتماعى إدعى خلاله أحد الأشخاص من قيام آخرين بالتعدى عليه بالسب والضرب وتهديده بإلحاق الأذى به بالشرقية.
بالفحص تبين أنه بتاريخ 17 سبتمبر الماضى تبلغ لمركز شرطة الزقازيق بالشرقية من (عاطل "له معلومات جنائية"- مقيم بدائرة المركز) بتضرره من قيام كلٍ من (شقيق زوجته وشقيقته وزوجها – مقيمون بذات الدائرة) بالتعدى عليه بالسب والضرب وقيامهم بممارسة أعمال البلطجة وتهديده بالخطف والإعتداء عليه، بسبب خلافات أسرية بينهم.
وبمناقشة المشكو فى حقهم نفوا ما نُسب إليهم ، وإتهموا الشاكى بالتشهير بهم عبر مواقع التواصل الإجتماعى لإجبار زوجته على التنازل عن حكم قضائى صادر لصالحها ضده ، وتبين عدم صحة ما ورد بالشكوى.
وبمواجهة الشاكى بما أسفر عنه الفحص من إدعائه الكاذب ، أقر به وعلل ذلك لإهتمام المسئولين بشكواه، تم إتخاذ الإجراءات القانونية.
وعلى صعيد آخر لقى شخص مصرعه وأصيب نحو ٣ آخرين في حادث تسريب ماسورة غاز داخل شقة سكنية بعقار في مدينة العمال في إمبابة شمال الجيزة.
تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة إخطارا من غرفة عمليات النجدة تضمن ورود بلاغ من الأهالي أفاد تسريب ماسورة غاز في شقة سكنية بمدينة العمال.
على الفور انتقلت أجهزة أمن الجيزة مصحوبة بسيارات الحماية المدنية والإسعاف لموقع الحادث وتبين وفاة شخص وإصابة ٤ في الحادث وانهيار سقف الشقة.
كما شهدت قرية الصفاصيف التابعة لمركز دمنهور بمحافظة البحيرة، جريمة قتل بشعة راح ضحيتها تاجر ماشية يبلغ من العمر 62 عامًا، فيما أُصيب نجله بإصابات بالغة نقل على إثرها إلى مستشفى دمنهور التعليمي في حالة حرجة، وذلك على خلفية خصومة سابقة بين أسرتين بالقرية.
تلقى اللواء محمد عمارة مدير أمن البحيرة، إخطارًا من شرطة النجدة يفيد بوقوع جريمة قتل ووجود مصاب بناحية عزبة شرف الدين التابعة لقرية الصفاصيف، وانتقلت الأجهزة الأمنية على الفور إلى موقع البلاغ.
وبالفحص، تبين أن الجثمان يعود للمجني عليه مسعد ح ش ال 62 عامًا، تاجر ماشية، فيما عُثر على نجله محمد مسعد ال 33 عامًا مصابًا بجروح قطعية متعددة في الرأس والوجه وكسور بالأطراف، مما حال دون استجوابه.
وأكدت التحريات الأولية وشهادة عدد من الأهالي أن وراء ارتكاب الواقعة شخصًا يُدعى نبيل ص ال، مزارع، بالاشتراك مع أبنائه الثلاثة، وجميعهم مقيمون بقرية "ميل".
حيث تربص المتهمون بالمجني عليه ونجله أثناء عودتهما إلى منزلهما، واعتدوا عليهما باستخدام الشوم والأسلحة البيضاء، مما أسفر عن وفاة الأب في الحال بينما تركوا الابن غارقًا في دمائه قبل أن يفروا هاربين.
وكشفت التحريات أن هناك خصومة قديمة بين الطرفين، كانت محل محاولات صلح لم تكتمل، ما دفع المتهم وأبنائه للانتقام من المجني عليه فور مشاهدته على الطريق.
وتم إخطار نيابة مركز دمنهور التي انتقلت إلى موقع الحادث لمناظرة الجثمان وبدء التحقيقات، فيما تواصل الأجهزة الأمنية شن حملات مكثفة لضبط المتهم وأبنائه الثلاثة الهاربين، وتقديمهم للعدالة.