ألمانيا: ما جديد خطة تسريع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين؟
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
الحكومة الالمانية تعتزم زيادة وتيرة ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم
تمثل زيادة أعداد المهاجرين واللاجئين وانخفاض عدد عمليات الترحيل مشكلة سياسية رئيسية في ألمانيا، حيث استفادت الأحزاب الشعبوية اليمينية من المشاعر المعادية للمهاجرين. على ضوء ذلك أعلن المستشار أولاف شولتس عن سياسة لجوء أكثر صرامة ستعتمدها حكومته، وقد تحدث عن ذلك في مقابلة مع مجلة شبيغل الألمانية، حيث قال: "يجب أن نقوم أخيرًا بترحيل من ليس لديهم حق الإقامة في ألمانيا على نطاق واسع".
وتريد وزيرة الداخلية نانسي فيزر المنتمية لحزب المستشار، تنفيذ هذا الوعد إذ قدمت مشروع قانون تمت الموافقة عليه من قبل المجلس الوزاري الاتحادي. وقالت فيزر للصحفيين في برلين يوم الأربعاء إن إصلاح إجراءات الترحيل ليست سوى خطوة في سلسلة من خطوات ستشهدها سياسة الهجرة، وأضافت: " نضمن بانه يجب على الأشخاص الذين ليس لديهم حق الإقامة مغادرة بلادنا بسرعة أكبر. وبهذه الطريقة، نحن نعزز دعم المجتمع لاستقبال اللاجئين في ألمانيا".
وأشارت الوزيرة الاتحادية إلى أن الإجراءات المشددة التي تضمن عودة المزيد من الأشخاص بسرعة تعتبر ضرورية حتى تستوفي ألمانيا مسؤوليتها الإنسانية تجاه من يحتاجون إلى الحماية من الحروب والإرهاب. وقالت: " من أجل حماية الحقوق الأساسية للجوء، يجب علينا التقليل بشكل كبير من الهجرة غير النظامية".
وزيرة الداخلية نانسي فيزر والمستشار أولاف شولتس يتفقان على تسريع عمليات الترحيل، هل ينجحان في خطتهما؟
قواعد جديدة لعمليات الترحيل
يوفر مشروع قانون فيزر مزيدًا من الصلاحيات للسلطات لتنفيذ عمليات الترحيل، خاصة بالنسبة للمجرمين وتجار البشر. وفيما يلي أهم نقاط المشروع:
1- لن يتم إخطار الأفراد مسبقًا بقرب ترحيلهم، باستثناء العائلات التي تمتلك أطفالًا صغارًا.
2- في الحالات التي يعيش فيها الشخص المعني في مساكن مشتركة، سيسمح للشرطة بدخول وتفتيش الغرف بخلاف غرفة النوم الخاصة بالفرد. وفقًا للسلطات، غالبًا ما قام الأشخاص بتفادي عمليات الترحيل من خلال الاختباء في المساكن المشتركة.
3- إذا لم يكن الشخص المعني يمتلك جواز سفر، ستكون للسلطات صلاحية تفتيش هواتفهم الجوالة الخاصة أو الخزائن الخاصة بهم لتحديد هويتهم.
4- سيتم تمديد الفترة القصوى للاحتجاز قبل الترحيل من 10 إلى 28 يومًا لمنح السلطات وقتًا أطول للتحضير لعمليات الترحيل.
5- يمكن ترحيل أعضاء الجماعات الإجرامية المنظمة في ألمانيا، بغض النظر عمّا إذا كانوا قد أدينوا بجريمة.
ارتفاع أعداد اللاجئين بألمانيا
استقبلت ألمانيا مؤخراً أكثر من مليون شخص يبحثون عن حماية من الحرب التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم نحو 244.000 شخصًا من دول أخرى بطلب للجوء العام الماضي؛ ويُتوقع أن يرتفع العدد هذا العام إلى 300.000 شخص.
غيرالد كناوس، الباحث في شؤون الهجرة
ولكن حتى الأشخاص الذين ليس لديهم أسباب للجوء السياسي أو للحصول على وضع اللاجئ يصعب في كثير من الأحيان ترحيلهم إذا لم تكن هناك دولة مستعدة لاستقبالهم، أو إذا كانت بلادهم الأصلية منطقة حرب، أو إذا كانوا يعانون من مشاكل صحية خطيرة لا يمكن علاجها في بلدانهم الأصلية. كما أن بعض الأشخاص لا يمكن تعقبهم بواسطة السلطات. ويندرج أكثر من 200.000 شخص تحت إحدى هذه الفئات.
ووفقًا لوزارة الداخلية الألمانية، فإنه بحلول نهاية سبتمبر/أيلول، كان هناك حوالي 255.000 شخص يعيشون في ألمانيا ممن يجب عليهم مغادرة البلاد، ومن بينهم حوالي 205.000 شخص يحملون وضعية "منع الترحيل" (أو ما يُسمى "دولدونغ" بالألمانية)، مما يعني أنهم بصورة نظرية ملزمون بمغادرة البلاد ولكن لا يمكن ترحيلهم.
وبحسب البيانات، فإنه بحلول نهاية سبتمبر، تم إعادة نحو 12.000 شخص إلى بلدانهم الأصلية. وترغب فيزر الآن في تسريع وتيرة عمليات الترحيل، وقالت: "على الأشخاص الذين ليس لديهم حق الإقامة في ألمانيا أن يغادروا بلادنا".
المعارضة الحزبية توافق
سيحتاج المشروع إلى موافقة البرلمان الاتحادي، البوندستاغ. وقد أبدى الحزب المعارض الرئيسي، حزب الديمقراطيين المسيحيين المحافظين، يمين الوسط (CDU)، موافقته، معتبرًا المشروع خطوة صغيرة أولى في الاتجاه الصحيح.
ووصفت زعيمة المجموعة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف (AfD)، أليس فايدل، مشروع وزير الداخلية بأنه نسخة عن مطالب حزبها وقالت: "بدافع الذعر المطلق ، يتم الآن تبني مطالب حزب البديل من أجل ألمانيا AfD" ، حسب قولها.
ووجدت هذه الخطط ردود أفعال مختلفة داخل التحالف الحاكم، ولا سيما داخل حزب الخضر، إذ قالت عضوة الحزب في البرلمان، فيليز بولات: "من وجهة نظرنا، فإن هذا يعتبر تعدياً هائلاً على الحقوق الأساسية"، مضيفة أن "تشديد حق الترحيل سيتم بشكل غير متناسب وشديد للغاية."
عناصر من الشرطة الالمانية يرافقون لاجئا أفغانيا أثناء ترحيله
وانتقدت منظمات لحقوق الإنسان تمديد فترة الاحتجاز ووصفتها بأنها غير إنسانية. وقالت منظمة "برو آزيل Pro Asyl" غير الحكومية إن الإصابات الجسدية وحالات الانتحار أصبحت أكثر احتمالاً في "مراكز احتجاز الترحيل". وأعربت منظمة "أرض الإنسان Terre des Hommes" عن مخاوفها من الأمر قائلة: "يتعرض الأطفال والشبان للتهديد بسبب تشديد القانون المخطط له مما يجبرهم على العيش في خوف دائم من الترحيل."
وأعرب خبير الهجرة جيرالد كناوس عن تشائمه بشأن إمكانية ترحيل العديد من طالبي اللجوء المرفوضين ممن يحملون وضعية "منع الترحيل" وقال لشبكة دي دبليو: "فكرة أنه بإمكانك إخراج هؤلاء الأشخاص، بعضهم قد عاش هنا لسنوات، خارج ألمانيا ونقلهم إلى بلدان أخرى عن طريق الترحيل هي فكرة وهمية".
ويعتقد كناوس أن الإجراءات المخطط لها تعتبر منطقية في المبدأ، "لكن الالتزام باتفاقيات الهجرة أهم بكثير"، مشيرًا إلى ضرورة التعاون مع الدول التي تعيد مواطنيها الذين يجب عليهم مغادرة ألمانيا.
وبسبب الزيادة في أعداد اللاجئين، أعلن المستشار شولتس أنه سيتم إبرام اتفاقيات مع عدة دول لاستعادة مواطنيها: "سنبرم اتفاقيات مع الدول التي يأتي منها اللاجئون الذين لا يمكن لهم البقاء هنا". وتجري ألمانيا مفاوضات مع جورجيا ومولدوفا وكينيا وأوزبكستان وقرغيزستان بهذا الخصوص. ومع ذلك، فإن هناك عدة دول غير مستعدة لاستقبال مواطنيها، وفقًا لـكناوس، مشيراً إلى نيجيريا وزامبيا والعراق كأمثلة.
لذلك، فإن القواعد الأكثر صرامة المخطط لتطبيقها بشأن الترحيل تعد مرحلة أولى فقط ولذلك لن تكون فعّالة. وقال كناوس : "إذا كان الهدف هو تقليل الهجرة غير النظامية إلى ألمانيا، فإنه يمكن أن يُشكك الشخص في نجاح هذه الخطوة لأسباب كثيرة."
فولكر فيتينغ/ع.ح
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: ترحيل اللاجئين الحكومة الألمانية المستشار الألماني أولاف شولتس الهجرة غير النظامية وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أوروبا ترحيل اللاجئين الحكومة الألمانية المستشار الألماني أولاف شولتس الهجرة غير النظامية وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أوروبا فی ألمانیا لیس لدیهم لا یمکن
إقرأ أيضاً:
النمسا ترحل رجلًا سوريًا إلى بلاده لأول مرة منذ 15 عامًا
رحّلت النمسا لأول مرة منذ 15 عامًا لاجئًا سوريًا مدانًا بجرائم جنائية إلى بلاده بعد سحب وضعه كلاجئ، في خطوة تعكس تشدد أوروبا المتزايد تجاه المهاجرين، بالتزامن مع دعوات ألمانية ودنماركية لإعادة المجرمين من اللاجئين وتسريع ترحيلهم، وسط انتقادات حقوقية تحذّر من انتهاك حقوق طالبي اللجوء. اعلان
قامت النمسا بترحيل مواطن سوري مدان بجرائم جنائية إلى سوريا، في أول عملية ترحيل مباشرة منذ سقوط نظام بشار الأسد، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية النمساوية.
وقال وزير الداخلية، غيرهارد كارنر، في بيان: “عملية الترحيل التي نفذت اليوم جزء من سياسة لجوء صارمة وعادلة في الوقت نفسه”. وأوضح متحدث باسم الوزارة لوكالة فرانس برس أن هذه أول مرة منذ نحو 15 عامًا يُعاد فيها لاجئ سوري مباشرة إلى وطنه.
وكان الرجل البالغ 32 عامًا قد حصل على حق اللجوء في النمسا عام 2014، لكنه فقد وضعه كلاجئ في فبراير/شباط 2019 بسبب إدانته بجرائم جنائية، بحسب محاميته روكساندرا ستايكو التي رفضت توضيح طبيعة تلك الجرائم.
ورفضت السلطات طلب لجوء جديد تقدم به في أبريل/نيسان الماضي، فيما كان بانتظار الرد على طعن آخر قبل ترحيله.
منذ الإطاحة ببشار الأسد، دعت عدة حكومات أوروبية إلى إعادة اللاجئين السوريين الذين فرّوا بعد اندلاع الحرب الأهلية التي شردت 12 مليون شخص، بينهم 6 ملايين عبر الحدود.
وتستضيف النمسا نحو 100 ألف سوري، وكانت قد طالبت بعد سقوط النظام بـ“إعادة اللاجئين وترحيلهم إلى سوريا بشكل منظم”.
وفي ألمانيا، كشف وزير الداخلية ألكسندر دوبرينت عن مساعٍ للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية الإسلامية الجديدة يتيح إعادة المدانين جنائيًا من السوريين. وكانت ألمانيا قد استأنفت ترحيل المجرمين المدانين من الأفغان إلى بلادهم في أغسطس/آب الماضي بعد توقف دام 3 سنوات منذ سيطرة طالبان.
Relatedألمانيا تسعى لاتفاقات مباشرة مع طالبان وسوريا بشأن ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوءمحكمة ألمانية تُدين طرد ثلاثة من طالبي اللجوء ووزير الداخلية يردّ: "لن نغيّر نهجنا"سقوط حكومة هولندا بعد انسحاب حزب فيلدرز اليميني المتطرف بسبب خلاف حول سياسة اللجوءبدورها، صرحت رئيسة وزراء الدنمارك، ميته فريدريكسن، الخميس، بأن المهاجرين الذين يرتكبون جرائم خطيرة يجب ترحيلهم من أوروبا، معتبرةً أن نظام اللجوء الحالي “منهار” وأن آثار الهجرة غير المنضبطة واضحة في المجتمعات الأوروبية.
وأضافت: “المهاجرون الذين لا يحترمون قيمنا وطريقتنا في الحياة ليس لهم مكان في أوروبا، ويجب طردهم”، داعيةً إلى حلول جديدة لتقليل تدفق المهاجرين.
يُذكر أن الدنمارك بدأت منذ 2021 إلغاء تصاريح إقامة بعض السوريين بعدما اعتبرت مناطق من سوريا آمنة للعودة.
وبعد نحو عشر سنوات على ذروة أزمة الهجرة عامي 2015 و2016، التي شهدت وصول 1.3 مليون لاجئ إلى أوروبا، تتحرك دول الاتحاد الأوروبي لتشديد قواعد اللجوء والهجرة.
واقترحت المفوضية الأوروبية تسريع إجراءات إعادة من لا يحق لهم البقاء إلى بلدانهم، بما في ذلك إنشاء مراكز ترحيل خارج أوروبا.
وفي مؤتمر صحفي مع رئيسة الوزراء الدنماركية، أعربت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، عن أملها في إحراز تقدم خلال رئاسة الدنمارك الدورية للاتحاد الأوروبي بشأن خطة إعادة المهاجرين وقائمة الدول الآمنة التي ستتيح تسريع البت في طلبات اللجوء وربما رفضها.
لكن 52 منظمة حقوقية، منها العفو الدولية والمجلس الدنماركي للاجئين، حذرت هذا الأسبوع من أن هذه الإجراءات قد “تقوض حق الناس في إجراءات لجوء عادلة وكاملة”، وأعربت عن قلقها من الانتهاكات المحتملة في مراكز الترحيل خارج أوروبا.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة