ما سبب احتلال إسرائيل للضفة الغربية حتى الآن؟
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
ألقى تقرير إخباري الضوء على سبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، ما جعل هذه القضية من أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي.
تاريخ هذه النزاعات معقد ومشحون بالتوترات والعنف، بحسب شبكة بي بي سي البريطانية، إذ تتجدد دورياً وترمي بثقلها على الساحة الدولية، وفي هذه الأثناء ومنذ بدء الرد الإسرائيلي على عملية حركة حماس واندلاع حرب غزة، تصاعد العنف في عموم الضفة الغربية.
احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد حرب عام 1967، وعلى الرغم من انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005 الذي تسيطر عليه حماس، إلا أن إسرائيل أبقت على قوات عسكرية في مدن وقرى الضفة الغربية وزادت من عمليات الاستيطان، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية تتمتع بعلاقات دبلوماسية وأمنية توصف بالجيدة مع إسرائيل.
ويبدو أن علاقات السلطة لم تتمكن من الوصول لتفاهمات مع السلطات الإسرائيلية حول إنهاء وجود القوات العسكرية الإسرائيلية وتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، ما يضع شعبيتها على المحك في الأوساط الفلسطينية، وهو ما يعني العمل بمبدأ "السلاح في مواجهة إسرائيل" الذي تتبناه فصائل مثل حماس والجهاد وغيرهما.
رفض للاحتلالوترفض قرارات الأمم المتحدة الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية وتصفه بالاحتلال، وقامت دول عديدة بمنع استيراد المنتجات التي تأتي من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
تقدر الإحصاءات الرسمية الفلسطينية عدد سكان الضفة الغربية بحوالي 3 مليون و225 ألف نسمة.. ولا تختلف التقديرات عما تشير إليه منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية غير الحكومية -تطالب بحل الدولتين- بوجود أكثر من 3 ملايين و280 ألف نسمة، يشكل الفلسطينيون أكثر من 86% من سكانها، مقابل 14% من إسرائيليين يعيشون في المستوطنات الموجودة في مختلف مناطق ومدن الضفة الغربية، هذا دون احتساب القدس الشرقية، التي يقطنها أكثر من 230 ألف إسرائيلي.
ويقول مراقب المستوطنات في منظمة السلام الآن، يونتان مزراحي، إن انتشار الاستيطان يُعد "حجر عثرة أمام التوصل إلى حل سياسي" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مشيراً إلى أن الاستيطان ليس العثرة الوحيدة أمام عملية السلام، ويضيف مزراحي أن ما يقرب من 300 مستوطنة وبؤرة استيطانية موجودة حالياً في الضفة الغربية.
وأشار مزراحي إلى أنه "من حق الفلسطينيين العيش على أراضيهم الخاصة ضمن دولتهم بجوار دولة إسرائيل"، مبيناً أن "إقامة المستوطنات على أراض محتلة في الأساس هو ما يؤجج الوضع الخطير الموجود حالياً".
اعتدءات على الفلسطينيينويسكن الإسرائيليون في مستوطنات بنيت على الأراضي الفلسطينية، تم احتلالها عام 1967، وتعتبر المستوطنات مخالفة للقانون الدولي، حسب قرارات الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف.
وتعتبر محكمة العدل الدولية بأن جميع المستوطنات في الضفة الغربية غير قانونية، كما تؤثر هذه المستوطنات على الحياة اليومية للفلسطينيين، حيث يرتكب المستوطنون العديد من الاعتداءات على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم حسبما تعلن وزارة الصحة الفلسطينية، وفي آخر هذه الحوادث قُتل فلسطيني على يد مستوطن خلال توجه الفلسطيني إلى قطف الزيتون في بلدته في مدينة نابلس.
وتقدر مساحة الضفة الغربية المحتلة بعد اتفاقية أوسلو بـ 5860 كيلومتراً، ولكن بوجود المستوطنات والجدار العازل تقلصت مساحتها بنحو 50% وفق أرقام وكالة الانباء الفلسطينية.
كما عزل الجدار 13 تجمعاً سكانياً يقطنه 11700 فلسطيني، تنحصر حركتهم في المنطقة ما بين الخط الأخضر (حدود 1967) والجدار، وكانت محكمة العدل الدولية في لاهاي، أقرت في 2004، بعدم قانونية الجدار العازل، وطالبت إسرائيل بوقف البناء فيه.
هل السلام ممكن؟تقول عضوة حركة فتح، رئيسة وحدة الديمقراطية وحقوق الإنسان في وزارة الداخلية الفلسطينية، هيثم عرار، إن الحديث عن طاولة مفاوضات "في ظل الهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين، والتنكيل بالأسرى، والاقتحامات المتواصلة لمدن وقرى الضفة الغربية، لا يبدو منطقياً"، مطالبة إسرائيل بتقديم تنازلات جدية إذا أرادت السلام.
وتضيف السيدة هيثم، لبي بي سي، أن طاولة المفاوضات بحاجة إلى إظهار نوايا حسنة من قبل الجانب الإسرائيلي، "أولها تجميد الاستيطان الذي زاد في الضفة الغربية، منذ اتفاقية أوسلو عام 1993 بشكل كبير، حيث كان هناك أقل من 100 ألف مستوطن فقط، بينما اليوم يوجد زهاء 750 ألف مستوطن" ووصفت الضفة الغربية بأنها "سجن كبير" للفلسطينيين جراء الإجراءات الاسرائيلية.
وأشارت السيدة هيثم أن حركة فتح "تبذل جهوداً مضنية لإقناع الشباب الفلسطيني بالحل السياسي والسلمي مع إسرائيل، لكن هذه الجهود تتبدد عندما تقوم إسرائيل بمنع الشباب من الذهاب إلى الجامعات، أو عندما تقتلهم أو تعتقلهم".
تشير التقارير إلى ارتفاع عدد المسلحين في الضفة الغربية من بضع عشرات إلى مئات ينتمون لتنظيمات مختلفة.
وبينت السيدة هيثم أن الجميع في الضفة الغربية مدركون أن التصرفات الإسرائيلية تؤدي بالفلسطينيين إلى "تبديل الحل السلمي بالحل العسكري"، مؤكدة أن هذه نتيجة طبيعية أمام "تعنت الحكومة الإسرائيلية بقراراتها الأحادية".
وأعربت السيدة هيثم، عن قناعتها بقدرة السلطة الفلسطينية على "أخذ زمام الأمور في الضفة الغربية بشكل كامل وعادل إذا ما انسحبت إسرائيل من الضفة، وأُعلنت دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وقابلة أن توفر حياة كريمة للفلسطينيين".
مسيّرة إسرائيلية تقتل 3 فلسطينيين في #الضفة_الغربية https://t.co/nFL7m9e18d
— 24.ae (@20fourMedia) October 25, 2023 قلق أممي دائموأفادت الصحافية المعتمدة في الأمم المتحدة، دينا أبي صعب، أن الأمم المتحدة تصف الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية بـ "الدولة القائمة بالاحتلال"، وبينت أن الضفة الغربية "تحت حصار اقتصادي وإنساني قاس"، وقالت إن إسرائيل "تحاول الضغط على الفلسطينيين لإيصالهم لحالة من الضيق للبحث عن فرص حياتية أفضل مثل التعليم والرفاهية في بلاد أخرى".
وأشارت أن القلق الأممي يتعلق أيضاً "بعنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين المتمثل بالقتل والحرق ومصادرة الأراضي، تحت غطاء أمني وسياسي من الحكومة الاسرائيلية"، مشيرة إلى أن غياب محاسبة هؤلاء المستوطنين "يزيد من حنق الفلسطينيين ومشاعر الكره بين الطرفين"، وشددت على أن القلق الأممي يمتد إلى أن "تكرر إسرائيل سيناريو حصار غزة"، وبينت أن الضفة الغربية "عملياً محاصرة".
أكثر من 300 مستوطن يقتحمون #المسجد_الأقصى https://t.co/eGFQ5tRstx
— 24.ae (@20fourMedia) October 4, 2023المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الضفة الغربية فلسطين فی الضفة الغربیة على الفلسطینیین الأمم المتحدة أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يحوّل بلدة سنجل في الضفة إلى سجن كبير
يشق سياج معدني بارتفاع خمسة أمتار الحافة الشرقية لبلدة سنجل الفلسطينية الواقعة في الضفة الغربية المحتلة، حيث أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي جميع الطرق المؤدية إليها عبر بوابات فولاذية ثقيلة وحواجز، باستثناء طريق واحد يخضع لحراسة مشددة من جنود إسرائيليين.
قال موسى شبانة (52 عامًا)، وهو أب لسبعة أطفال، بينما كان يراقب العمال يقيمون السياج وسط مشتل كان مصدر رزقه الوحيد: "سنجل الآن سجن كبير.. بالطبع، نحن الآن ممنوعون من الذهاب إلى المشتل. جميع الأشجار التي كنت أملكها أُحرقت وفُقدت. في النهاية، قطعوا سبل عيشنا".
لطالما اعتاد نحو 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية على الجدران ونقاط التفتيش التي أقامتها قوات الاحتلال، لكن كثيرين يقولون إن الحصار ازداد شدة منذ بداية الحرب ضد قطاع غزة، إذ تحولت القرى والبلدات إلى مناطق مغلقة.
ويُعد السياج حول سنجل مثالًا واضحًا على هذه السياسة التي يعتبر جيش الاحتلال إنها تهدف إلى "حماية طريق رام الله – نابلس السريع القريب"، بحسب ما ذكر تقرير لوكالة "رويترز".
وجاء في بيان للجيش: "في ضوء الحوادث المتكررة في هذه المنطقة، تقرر إقامة سياج لمنع إلقاء الحجارة على الطريق وتكرار الإخلال بالنظام العام، وبالتالي ضمان أمن المدنيين". وأضاف البيان أن السكان ما زال بإمكانهم الدخول والخروج عبر المدخل الوحيد، معتبرًا ذلك بمثابة "وصول حر".
عزل السكان
يضطر سكان سنجل الآن للسير أو القيادة عبر طرق ضيقة ومتعرجة للوصول إلى نقطة الدخول الوحيدة. وأغلقت بعض الطرق الداخلية بحيث بات على الأهالي عبور مسافات طويلة للوصول إلى سياراتهم المتوقفة على الجانب الآخر.
وقال بهاء فقاع، نائب رئيس البلدية، إن 8 آلاف نسمة أصبحوا محاصرين داخل مساحة لا تتجاوز عشرة أفدنة، معزولين عن ألفي فدان من الأراضي التي يملكونها. وأضاف: "هذه هي السياسة التي يتبعها جيش الاحتلال لترهيب الناس وكسر إرادة الشعب الفلسطيني".
وتعتبر "إسرائيل" أن الحواجز ضرورية لحماية المستوطنين اليهود الذين انتقلوا للعيش في الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967.
وقال إسرائيل غانتس، رئيس مجلس بنيامين الإقليمي الذي يشرف على 47 مستوطنة إسرائيلية في المنطقة التي تقع فيها سنجل: "إن رفع القيود المفروضة على العرب الفلسطينيين على نحو مطلق سيشجع على القتل الجماعي لليهود"، متهماً سكان البلدة بإلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف لمجرد أن المارة يهود.
ويعيش الآن نحو 700 ألف إسرائيلي في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وتعتبر معظم دول العالم هذه المستوطنات انتهاكًا لاتفاقيات جنيف التي تحظر نقل السكان إلى أراضٍ محتلة، في حين تقول "إسرائيل" إنها قانونية ومبررة بسبب الروابط التاريخية والدينية.
وبعد عقود من الحديث عن قيام دولة فلسطينية، تضم الحكومة اليمينية الحالية في "إسرائيل" نشطاء استيطان يعلنون صراحة نيتهم ضم الضفة الغربية بأكملها.
تشديد القيود
عززت إسرائيل وجودها العسكري في الضفة الغربية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والحرب المدمرة في قطاع غزة، وفي ليلة واحدة أغلقت الطرق بأكوام التراب والصخور، ثم نصبت بوابات معدنية ثقيلة، عادةً باللون الأصفر أو البرتقالي، على مداخل القرى الفلسطينية.
كما أقام الجيش نقاط تفتيش دائمة جديدة، إضافة إلى "حواجز متنقلة" تظهر فجأة وبدون إنذار.
وقالت سناء علوان (52 عامًا)، وهي مدربة شخصية تقيم في سنجل، إن الطريق إلى رام الله كان يستغرق 20 دقيقة بالسيارة، لكنه الآن قد يصل إلى ثلاث ساعات في الاتجاه الواحد، دون أي ضمانة لعدم البقاء عالقة لساعات عند نقاط التفتيش. وأضافت: "نصف حياتنا على الطرق".
قال محمد جاموس (34 عامًا)، المقيم في رام الله، إنه كان يزور عائلته في أريحا أسبوعيًا، لكن مع طول الطريق صار لا يستطيع زيارتهم إلا مرة واحدة في الشهر.
واعتبر جيش الاحتلال إن قواته تعمل في "واقع أمني معقد"، وإنها تضطر لتغيير مواقع نقاط التفتيش باستمرار لمراقبة الحركة والتصدي للتهديدات.
لكن مسؤولين في السلطة الفلسطينية التي تمارس حكمًا ذاتيًا محدودًا يتهمون "إسرائيل" باستخدام هذه الإجراءات لخنق الاقتصاد وكسر إرادة الناس، ويحذرون من أن ذلك قد يدفع المزيد من الشباب إلى التعاطف مع المسلحين.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الشهر الماضي: "إنهم يبذلون قصارى جهدهم لجعل الحياة صعبة للغاية على شعبنا".